10_ وحش المستحيل!

صبَغَت قصتي الحقيقية مع معلمة علم النفس حياتي بصبغة الاستهتار وعدم المبالاة بشيء، والابتسام أمام الصعاب، والنوم ملء الجفون حتى لو كان اليوم التالي يوم امتحانات عصيبة!
وشخصية هذه المعلمة أفهم أنها أرادت الأذى والانتقام، ولكن شخصية أستاذ اللغة العربية لم أفهمها ولا أحد فهمها أصلًا، بل حتى هو نفسه شخصيًا لا يفهم نفسه!
كان الأخ أستاذًا مستحيلًا بمعنى الكلمة، فلا يعجبه شيء، وكل الإجابات في هذه الكرة الأرضية، لا لدينا نحن وحدنا كطلاب، هي إجابات خاطئة تمامًا، حتى لو كان قائلها سيبويه أو الكسائي شخصيًا!
وحينما أصف أستاذي هذا بأنه أستاذ مستحيل، فهذا لأنه بشحمه ولحمه لا يعرف ما هي الإجابة الصحيحة، ولنقل مثلًا تم طرح جملة بسيطة، على غرار: (اشترى أخي لعبةً)، وكان المطلوب إعراب (لعبةً)، فإن الأستاذ يرفض أنها (مفعول به) ويعتبر ذلك إعراب (الجهلة أمثالنا)! وهنا يتم اختراع إجابات في الإعراب، تشمل علوم النحو بأكمله (مفعول معه، مفعول مطلق، تمييز، حال، مفعول لأجله، مضاف إليه...) والأستاذ يرفض كل هذه الإجابات (الجاهلة)، ثم يأتي دوره ليخبرنا بالإعراب (الراقي)، وإذ به يحكي لنا أنه حينما تزوج، وفي صباح عرسه، أعدت له امرأته طعامًا لذيذًا جدًا جدًا، من اللحم المشوي، وبعد انتهائه من تناول الطعام، سألها ما هذا اللحم؟ فأخبرته بأنه لحم حية مشوية!
طبعًا لم أجد في كتب النحو والبلاغة والعروض والصرف والأدب، كلمة واحدة، إعرابها (حية مشوية) ولا حتى (مقلية) أو (مسلوقة)، أبعد الله عنا كل هذه الأصناف التعيسة!
ولم يكن هذا هو الرد الوحيد منه إذا ما وجد نفسه محاصرًا لا يعرف الإجابات، سواء في الإعراب أو حتى في أسئلة تحليل النص، إذ كان يتحفنا بإجابة تحليلية نادرة، ومفادها أنه يعرف مذيعة تلفزيون كانت تظهر على الشاشة أربع مرات، بأربع فساتين مختلفة، ولكن، يا لبراعتها النادرة! كانت (تخدع) الجماهير المتابعة، فلم يكن لديها سوى فستان واحد، لكنه تلبسه على أربعة أوجه! (هل يمكن ذلك فعلًا؟ لا أعلم ولا أتوقع ولا أتخيل! ولكن ليس هنا السؤال، بل إن هذه المسكينة لم يكن لديها سوى هذا الفستان اليتيم، وبالتالي ألم ينتبه المتابعون إلى أنها ترتدي يوميًا الفساتين الوهمية الأربعة هذه؟ أم أنها كانت تلجأ إلى علب الدهان المتنوعة مثلًا، لتتابع الخداع)؟!
ولا يعني هذا أن الأستاذ لم يكن يتكرم علينا بالإعراب! محاولته التهرب بقصة الحية المشوية والفساتين الوهمية كانت في أسئلة التحليل، وفي أسئلة الإعراب حينما يحاول أن يرينا أننا جاهلون لا نفهم شيئًا، ولكنه كان يقتحم عالم النحو بمنتهى (البراعة)، ليخبرنا أن هذه الكلمة إعرابها (مبتدأ مبني على الضمة في محل نصب مفعول به) وتلك الكلمة (مفعول معه مبني على الفتحة الظاهرة على آخره في محل رفع مبتدأ)، وما إلى ذلك الهراء والتخريف... وللعلم فإن مدير دار المعلمين تقدم بشكوى، وأتت الموافقة على إلغاء التعاقد مع الأستاذ المذكور مع نهاية الفصل الأول، ولكن الأستاذ أتى بواسطاته، ليتابع التعاقد في الفصلين الثاني والثالث، بل ويستلم مادة ثانية إضافة إلى مادة اللغة العربية!
وزاد قلمي حِدَّةً وسخرية لاذعة من الأساتذة، ومن الهيئة التعليمية بالكامل، وكم من صديق لي اتسعت عيناه ذهولًا، وهو ينظر إليَّ غير مصدق، هاتفًا باستنكار: (هل أنت حقيقة من كتب هذا؟ هل أنت متأكد أنك أتيت إلى دار المعلمين لتصبح أستاذًا؟ لقد بهدلت الأساتذة يا رجل)!
ولكني لم أبالِ بشيء من ذلك، فلقد كان لي جمهوري الكبير من هؤلاء الزملاء، ثم اتسع ليشمل أساتذتي في دار المعلمين، ومن بينهم أستاذ اللغة العربية نفسه (والحمد لله أنني لم أكن قد سجلت إحدى مواقفه في قصصي هازئًا به وقتها)!
ببساطة (صادر) هذا الأستاذ مني دفتر القصص، دخل حينما كان صديقي يعيده إليَّ، فسأل هل هذا دفتر المادة؟ وتبرع صديقي لإخباره بأنه دفتر قصص يكتبها عمر، فأخذ الدفتر وفتحه، وأخذ يقرأ بعض الوقت، ثم قال لي متحمسًا: (سآخذ الدفتر، لأقرأ قصصك على مهل، وأرجعه إليك بعد ذلك)، كان هذا في العام 2001، وطبعًا لم يَعُد الدفتر إلى مكانه بين دفاتري وكتبي، ولم يكذب الأستاذ ويقدم إليَّ الوعود، بل أخبرني بصراحة تامة أنه قرأ كل القصص فيه، وأنه يوميًا يعيد قراءة قصتين أو ثلاث قبل النوم، حتى ينتهي الدفتر، فيرجع إلى قراءتها مرة ثالثة ورابعة وخامسة، ولا يسأم منها، بل إنه لم يَعُد يستطيع النوم، ما لم يقرأ هذه القصص!
(يبدو أنني كنتُ مخطئًا إذ كتبتُ في الصفحة الأولى: قصص ساخرة بقلمي عمر قزيحة)، ولم أكتب (حكايات جدتي) أو (حكايات ما قبل النوم)!
وعاد قلمي ينساب بقوة لأعيد إنتاج كل القصص التي تمت مصادرتها، وإذ طلب مني أستاذ آخر أن يقرأ أخذت أنسخها له على دفتر ثالث، خوفًا من عملية مصادرة أخرى، ولكنه لم يصادرها، بل كتب ملحوظات توجيهية لبعض منها، وأثنى عليها جميعًا، وطلب المزيد، ووجدتُ نفسي أكتب المزيد والمزيد، بحماسة شديدة، ليثني عليها كذلك، ويعتذر لأنه لم يستطع كتابة تقييم إيجابي لكل قصة بقصتها، بسبب ضغوط العمل مع اقتراب الامتحانات.
وأستاذة ثالثة طلبت مني أن أعطيها دفتري لتقرأ قصصي، وكان أن أشادت بتنوع اتجاهاتي القصصية، أسريًا واجتماعيًا، وبتوجهها إلى الأطفال والشباب والكبار على حد سواء، وكل ذلك يملأني فخرًا بنفسي (بكل تواضع طبعًا)
وما زال أستاذ اللغة العربية (يتحفنا) بالمزيد، وقبل أن أسأل نفسي ما الذي أثار إعجابه الشديد بقصصي، وهو الذي لا يعجبه شيء، إذ به يخبرني بأن أكثر قصصي تأثيرًا في نفسه، قصة الجرذ،
وأنا نفسي لا أستطيع قراءتها بأكملها دفعة واحدة!
تلك القصة فيها مشاهد لم أعرف كيف تمكنتُ من كتابتها، ومن هذه المشاهد، أن الأستاذ يفتح البراد في بيته، ليرى جرذًا كبيرًا جالسًا هناك، فيجمد مكانه رعبًا، لتأتي زوجه وتسأله لماذا يحدق في وعاء الكوسا باللبن هكذا! بل إنه يصب الشاي من الإبريق، فيفاجأ بأن ما ينزل من الإبريق ليس شايًا، بل دم... دم الجرذ! (كان الأستاذ قد قتل جرذًا في الصف في وقت سابق)، ولا أعلم هل هذه القصة تؤثر في النفس، أم أنني أنا لا أتأثر بشيء، أم أن الأستاذ يمزح معي؟!
لا، لم يكن الأمر مزاحًا، فالأستاذ أتانا؛ بعد ذلك بفترة؛ بمسابقة الامتحان الفصلي، وقبل أن يوزعها لنا، أخبرنا بصراحة تامة: (اخترتُ لكم هذا النص للامتحان، من وحي قصص عمر، بل من وحي أكثر قصة أعجبتني وأثَّرَت بي في قصص زميلكم عمر)، وإذ بالنص عن الجرذ!
أدركتُ مدى صحة المقولة (الناس أذواق وأهواء)، ولكن بعض التعليقات والردود تثير الغيظ فعلًا، ومن ذلك حينما فتحت قريبة لي دفتر قصصي، بعد أن أخذته من أختي، ما كادت تنظر في أول قصة، حتى ارتفع صوت ال (هيهاهاهااااا)، وأخذت كلماتها ترتجف وتتقطع من القهقهة: (قص..صة... مض...حكة..هيهاها... الولد يلعب نيهاهاها)!!!
يا أختي اقرئي أولًا، ثم اضحكي وأتحفينا بآرائك، أو ابقي صامتة، هذا أفضل لكِ ولنا، فأنا لم أكتب قصصي لمهرجي السيرك ليلقوها على مسامع جماهيرهم، حتى تضحكي بهذه الطريقة من قبل أن تقرئي جملتين على بعضهما، ولكن لا بأس، ردة فعلها هينة إزاء صديق لي طلب مني أن يقرأ، فأعطيته دفتري، وما كاد يفتحه، حتى أخذ يقلب صفحاته بسرعة شديدة، لينهي عشر قصص في أقل من عشر ثوان، ويهز برأسه بعدها، قائلًا بمنتهى (الحكمة): (أسلوبك ينقصه التوجيه الصحيح)!
رددتُ ساخرًا: (نعم، أحسنت، أسلوبي ينقصه التوجيه الصاروخي، الذي يشتغل على البنزين الخالي من الرصاص)! فسألني بارتياب: (ماذا تقصد)؟ ولم أرد سوى بابتسامتي المتهكمة، فهرب من نظراتي إلى دفتري، ينظر فيه، ولكن هذه (الأعجوبة) انتهت بعد ثوان معدودة، إذ هتف، كأنه قد وجد كنزًا: (ها أنت تقلد العلمانيين! لماذا كتبتَ أن السيارة انطلقت على الأوتوستراد؟ يجب أن تقول إنها انطلقت على الطريق العام)! فأجبتُه بأن هناك فارقًا كبيرًا بين اللفظتين، في مفهوم من يقرأ قصصي من أولاد منطقتي، فهم يستخدمون كلمة (الطريق العام) قاصدين بها الطريق البحرية، ويستخدمون كلمة (الأوتوستراد) للطرق المخصصة للسيارات السريعة، ومن يريد الذهاب إلى العاصمة، وهو موضع مرور باصات الركاب.
لم يَبْدُ أنه فهم ما أقول، لكني سألتُه بفضول متهكم: (ما دخل العلمانيين بكلمة الأوتوستراد؟ وما دخل غير العلمانيين بكلمة الطريق العام)؟ فنظر إليَّ ببلاهة، كأنه مصاب بالصمم، ثم طلب إليَّ أن يحتفظ بالدفتر، ليقرأ متمهلًا (الحمد لله، بدأ عقله يتحرك)! ثم يعطيني (توجيهاته) فطلبتُ إليه أن يقرأ، محتفظًا بتوجيهاته هذه لنفسه، لأنها لا تقدم شيئًا لأحد.
وتحول الأمر ناحية أخرى مع رفاقي في دار المعلمين، زميلة لي بدأت بال(نق) فوق رأسي، تريدني أن أكتب قصة (معاناتها) مع زميلتنا التي تأخذها كل يوم إلى السوق لتشتري (بابوجًا)، وتقف تتفرج على البابوج نفسه فترة من الزمن، كأنها قد تحولت إلى هندية تقف أمام تمثال بوذا! وبعدها تمشي من دون أن تشتريه، ويتكرر هذا المشهد كل يوم، فراقت لي الفكرة، وكانت (حكاية بابوج)، لكن بعد استئذان صاحبتها أولًا، بطلة القصة، لأن قلمي ينحو منحى السخرية إن اقتضى الأمر، فأذنت بل وتحمست، وأخذت القصة بعد أن كتبتُها، لتقرأها وترجعها إليَّ كما قالت، ولكنها أخذتها وقرأتها وأبدت رأيها في كل مضامينها، ولم ترجعها! (البابوج هو الحذاء المنزلي لدينا، وفي بعض المناطق البابوج هو الحذاء المنزلي للإناث فحسب).
وربما مزقت الأخت القصة، لأن إخوتها؛ كما اعترفَت لي؛ ضحكوا عليها ضحكًا شديدًا، وهم يقرأون القصة، وقد صغتُ أحداثها على أن البابوج هو المتكلم، وكم سُعِدَ هذا البابوج بنظرات (الانبهار) في عينيها، إذ تحدق به يوميًا، ما لا يراه في عيني زبونة أخرى! وحينما اشترتْه؛ أخيرًا؛ بعد تردد ثلاثة أسابيع (فقط)، أخذت تنظر إليه ب(حنان) فتوقع أنها ستضعه فوق رأسها، ولكنها ألقت به أرضًا من دون رحمة أو شفقة بعظامه! لتضعه في قدميها، لا، بل وإنها رفعت قدمها به لتهوي على الصرصور بضربة قاتلة، جعلت البابوج (يقرف حياته)، وأخذ يغني أشعارًا يرثي بها واقعه الأليم هذا!
طبعًا أعدتُ إنتاج القصة كلها بعد سنوات، لكني فقدتُها في ظروف أخرى سأخبركم بها، أما الآن، فإنني أرجع إلى طلبات كتابة القصص، فهذا صديقي في دار المعلمين، وفي منطقتي قبل دار المعلمين، فاز ورفاقه ببطولة كرة القدم لدورة مخصصة للشباب، وكان فوزهم غريبًا جدًا! إذ لم يستطيعوا تنفيذ تسديدة صائبة واحدة طيلة المباراة، وأُرهِق حارس مرماهم المسكين بالتصدي للعديد من الهجمات والفرص، لكنه لم يستطع المحافظة على نظافة شباكه، فلقد تلقى هدفًا، كان كافيًا لخسارة المباراة، لولا أن قلب هجوم فريق الخصم، سجل في مرمى فريقه وفي الثانية الأخيرة (والأخ لم يسجل أي هدف في كل مباريات البطولة، استيقظ آخر ثانية، وليسجل في شباك فريقه)!
وفي الشوط الإضافي الثاني، يتسبب قلب الهجوم هذا بضربة جزاء، للمسه الكرة في منطقة جزائه بيده من دون سبب، ويسددها لاعب فريق صديقي، بمنتهى الرعونة لتضرب العارضة، وهنا يقفز الحارس بطريقة عجيبة، لتهوي الكرة فوق رأسه، وترتفع في أعلى الشباك! ويحصل صديقي ورفاقه على جائزة البطولة...
لم أكتب قصة هنا، بل جمعتُ ما بين القصة والمقابلة الصحافية، والتقرير الإخباري، بأسلوب لم أكتب بمثله من قبل قط، لأتخذ دور صحافي يجري مقابلة مع الهداف الأحمق، الذي يتكلم مؤثرًا في الجماهير، عن الرحمة والحب والتسامح مع الخصوم، فينسون الكأس ويهتفون بحياته، حياة (وحش المستحيل) الذي رحم كل خصومه وأحبهم، ولم يرض أن يسجل في شباكهم، وبلغت به المحبة مبلغًا يندر أن يصل إليه أحد في الكرة الأرضية، ليفجرها في آخر مباراة ويساعد خصومه مسجلًا في شباك فريقه، مرضيًا جماهيره التي كانت تطلب إليه أن يسجل كل مباراة، وهو يعدها ويخلف بوعده، كما كانت المقابلة مع (أبو قرعة) حارس المرمى الذي حقق تصديًا فذًا وهدفًا دوليًا في وقت واحد، ولكن الهدف سيسجل للاعب الخصم، وبالتالي يبقى تصديه الرائع والرهيب للكرة، عنوانًا وقدوة لكل حراس المرمى في العالم، ووجهتُ كلمة شكر مؤثرة لكلٍّ منهما آخر القصة، وأعطيتها لرفيقي ليراها، ثم أنسخها له، لكنه أخذها، مدعيًا أنها (لم تعجبه) وسيعدل بها قليلًا ويرجعها لي لأنسخها، وكان ضياع القصة هنا، لقد خدعني برأيه هذا القصة أعجبته حتى النخاع، ولكنه؛ يا لتهوره ورعونته؛ نسخ منها عدة نسخ، واتصل ببعض رفاقه في الفريق الساخر، يخبرهم بأن هناك من يهزأ بهم، طالبًا إليهم التوجه إلى المقهى والنظر إلى الجدران، وذهب بعد ذلك يعلقها على الجدران الخارجية في مقهى الضيعة (فعل ذلك نهارًا، والمقهى لا يفتح إلا مساء).
كل هذا لم أعرفه وقتها، لكن مساء، كنت أستعد للخروج، وإذ بصديق عزيز لي يصل، طالبًا إليَّ، وهو لا يكاد يستطيع التقاط أنفاسه لما بذله من العدو، هذا الأخ كان صديقًا مقربًا لي، ويعرف أنني كتبتُ قصة بهذا المضمون، وأخبرني بما حصل، لقد رأى ذلك المخادع يعلق قصتي في القهوة ويتوارى ضاحكًا كالمجانين، ثم رآهم، حضر بعضهم بداية الأمر، ثم اتصلوا برفاقهم، وكانوا يغلون من الغيظ، وأخذوا يهددون كاتب هذه ال(مقابلة صحفية) بالشرب من دمائه، ودق عظامه بأكملها، لو أنهم تمكنوا من معرفة من يكون! (لم يأتِ المسكينان اللذان هزئت بهما في القصة وحدهما، بل الفريق بأكمله، وانفجروا بالصراخ والتهديد لي، ثم نزعوا القصص ومزقوها ألف قطعة وربما أكثر)!
وكم مرة؛ بعد ذلك؛ أسمع خطواتٍ مسرعةً من خلفي، وأنا عائد إلى بيتي، فأبدأ بالركض، خوفًا من أن يكون الأخ الذي كتبتُ له القصة قد اعترف بمن يكون الفاعل!
ولكني تعلمتُ درسًا قاسيًا، ألا أعطي أحدًا من قصصي هذه ما لم يكن معي نسخة أخرى منها، ولكن حتى هذا الدرس لم ينقذ قصصي من الضياع، ولهذا حكاية أخرى، ولكن الخطوة الصحيحة الأولى هي رفض كل طلب كتابة قصة تسخر من الآخرين، حتى لو كانت سخرية من تصرفاتهم أو أحداثهم، لا منهم هم شخصيًا، ليكتب قلمي وفق ما أحب وأهوى فحسب...
وزادت قصصي غزارة وإنتاجًا، وتحولت بها من القصص القصيرة إلى الطويلة والروايات الاجتماعية، والخواطر الأدبية الساخرة، حتى تلقيتُ في العام 2009 ضربة قاسية جدًا، كادت تدفع بي إلى اعتزال عالم الكتابة القصصية بالكامل، وكان أن تلقيتُ بعدها بثلاثة أعوام صدمة أخرى، كادت تدفع بي إلى الاعتزال مجددًا...
تابعوا معنا (الحلقة الأخيرة) إن شاء الله تعالى.