السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حكم الأناشيد المصحوبة بالمؤثرات الصوتية

السؤال : قد كثر في الآونة الأخيرة إصدار بعض الأناشيد المسماة (أناشيد إسلامية) تؤدى بأداء يشبه أداء الأغاني المحرمة، وتكون مصحوبة ببعض المؤثرات الصوتية المشابهة للموسيقى! وتتضمن كلمات غير هادفة. فما حكم أدائها، إصدارها، وسماعها؟ وما الضوابط المعتبرة في الإنشاد؟





الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن هذا اللون من الأناشيد الموصوفة في السؤال أعلاه، لا يصح أن يسمى: (أناشيد إسلامية) بل هي أقرب إلى أن تلحق بالسماع المحرم، ومشابهة الصوفية. فلا يجوز أداؤها على النحو المذكور، ولا سماعها، ولا تداولها.


وأما الضوابط التي تجب مراعاتها في الإنشاد المباح:

أولاً: ألا يعتقد المنشد أن فعله هذا عبادة، فإنه لا يتعبد لله إلا بما شرع. وغاية ما يقال، إذا سلم من المحاذير، أنه مباح.

ثانياً: أن يكون الحامل له عليه طرد السآمة والملل، واستجلاب النشاط، كما يصنع الحرفيون في البناء، والحفر، أو المسافرون لقطع مراحل الطريق، وما شابه ذلك. ولا يكون ديدناً للإنسان يهدر فيه وقته، ويدمن عليه.

ثالثاً: ألا يكون مقصوداً لذاته؛ تنشأ له الفرق وتعقد له الاحتفالات، ويجتمع له الناس.

رابعاً: أن يخلو من آلات الطرب الوترية، والهوائية، وما في حكمها، فإن العبرة بالمخرّجات المسموعة، بقطع النظر عن طريقة إخراجها.

خامساً: ألا يشابه لحون الفساق، وأداء المتميعين؛ بإصدار التأوهات، والهمهمات، وما يسمونه (الموَّالات)، والأصوات الناعمة التي قد تثير الغرائز والشهوات.

سادساً: أن يخلو من الكلمات الفارغة، والمعاني الفاسدة، والهزل المذموم، والكذب، وأن يكون مثيراً للحماس والنشاط، أو الموعظة الصالحة.

وإني لأدعو إخواني من الشباب، وغيرهم، إلى أن يشغلوا أوقاتهم بالنافع المفيد. وأن يأخذوا أنفسهم بالجد والحزم، ولا بأس بالترويح المباح، كما أدعو أصحاب التسجيلات إلى أن يعتنوا بإخراج المواد الإعلامية، والتربوية، المثمرة. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.


أجاب عليه
د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
عضو البحث العلمي بجامعة القصيم

==


السؤال :

ما حكم الأناشيد الإسلامية الخالية من الموسيقي ؟؟

الجواب :

الحمد لله
.جاءت النصوص الصحيحة الصريحة بدلالات متنوعة على إباحة إنشاد الشعر واستماعه ، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام رضوان الله عليهم قد سمعوا الشعر وأنشدوه واستنشدوه من غيرهم ، في سفرهم وحضرهم ، وفي مجالسهم وأعمالهم ، بأصوات فردية كما في إنشاد حسان بن ثابت وعامر بن الأكوع وأنجشة رضي الله عنهم ، وبأصوات جماعية كما في حديث أنس رضي الله عنه في قصة حفر الخندق ، قال :

فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بنا من النصب والجوع قال :

" اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة * فاغفر للأنصار والمهاجرة "

فقالوا مجيبين :

نحن الذين بايعوا محمدا * على الجهاد ما بقينا أبدا

رواه البخاري 3/1043

وفي المجالس أيضا ؛ أخرج ابن أبي شيبة بسند حسن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : " لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منحرفين ولا متماوتين ، كانوا يتناشدون الأشعار في مجالسهم ، وينكرون أمر جاهليتهم ، فإذا أريد أحدهم عن شيء من دينه دارت حماليق عينه " 8/711

فهذه الأدلة تدل على أن الإنشاد جائز ، سواء كان بأصوات فردية أو جماعية ، والنشيد في اللغة العربية : رفع الصوت بالشعر مع تحسين وترقيق .

وهناك ضوابط تراعى في هذا الأمر :

عدم استعمال الآلات والمعازف المحرمة في النشيد .
عدم الإكثار منه وجعله ديدن المسلم وكل وقته ، وتضييع الواجبات والفرائض لأجله .

أن لا يكون بصوت النساء ، وأن لا يشتمل على كلام محرم أو فاحش .

وأن لا يشابه ألحان أهل الفسق والمجون .

وأن يخلو من المؤثرات الصوتية التي تنتج أصواتا مثل أصوات المعازف .

وأن لا يكون ذا لحن يطرب وينتشي به السامع ويفتنه كالذين يسمعون الأغاني ، وهذا كثير في الأناشيد التي ظهرت هذه الأيام ، حتى لم يعد سامعوها يلتفتون إلى ما فيها من المعاني الجليلة لانشغالهم بالطرب والتلذذ باللحن . والله ولي التوفيق .

المراجع : فتح الباري 10/ 553 - 554 - 562 - 563
مصنف ابن أبي شيبة 8/711
القاموس المحيط 411

الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد

السؤال :

هل يجوز سماع الأناشيد الإسلامية مع الآلات الموسيقية ؟
أرجو الإجابة من القرآن والسنة والإجماع .

الجواب:

الحمد لله
قد دلت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على ذم آلات الملاهي والتحذير منها ، وأرشد القرآن إلى أن استعمالها من أسباب الضلال واتخاذ آيات الله هزوا كما قال تعالى : { ومن الناس من يشتري لهوا الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين }

وقد فسر أكثر العلماء لهو الحديث بالأغاني وآلات الطرب وكل صوت يصد عن الحق .
وأخرج الطبري في جامع البيان(15/118-119) وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (33) وابن الجوزي في تلبيس إبليس (232) عن مجاهد في قوله تعالى : { واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا } الإسراء :63،64 قال : هو الغناء والمزامير
وروى الطبري عن الحسن البصري أنه قال : صوته هو الدفوف .

وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/252) :

وهذه الإضافة إضافة تخصيص كما أن إضافة الخيل والرَّجْل إليه كذلك ، فكل متكلم بغير طاعة الله ، ومُصوِّت بِيَراع أو مزمار أو دف حرام أو طبل فذلك صوت الشيطان . انتهى

وروى الترمذي في سننه رقم (1005) من حديث ابن أبي ليلى عن عطاء عن جابر رضي الله عنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن عوف إلى النخل فإذا ابنه إبراهيم يجود بنَفَسه ، فوضعه في حجره ففاضت عيناه ، فقال عبد الرحمن : أتبكي وأنت تنهى عن البكاء ؟ قال: إني لم أنه عن البكاء ، وإنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان وصوت عند مصيبة : خمش وجوه وشق جيوب ورنَّة .. قال الترمذي : هذا الحديث حسن وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/43) والبيهقي في السنن الكبرى (4/69) والطيالسي في المسند رقم (1683) والطحاوي في شرح المعاني (4/29) وحسنه الألباني .

قال النووي : المراد به الغناء والمزامير انظر تحفة الأحوذي (4/88)

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ليكون من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ ( وهو الفرج والمقصود يستحلون الزنا ) والحرير والخمر والمعازف ، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم ، يأتيهم ـ يعني الفقير ـ لحاجة فيقولوا ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ، ويضع العلم ، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة ". رواه البخاري في الصحيح معلقا(10/51) ووصله البيهقي في السنن الكبر (3/272) والطبراني في المعجم الكبير (3/319)وابن حبان في الصحيح (8/265 ـ 266)وصححه ابن الصلاح في علوم الحديث (32)وابن القيم في إغاثة اللهفان (255) وتهذيب السنن (5/270 ـ 272) والحافظ في الفتح (10/51)والألباني في الصحيحة (1/140)

قال الحافظ في الفتح (10/55) والمعازف هي آلات الملاهي ، ونقل القرطبي عن الجوهري أن المعازف الغناء والذي في صحاحه أنها آلات اللهو ، وقيل أصوات الملاهي ، وفي حواشي الدمياطي : المعازف الدفوف وغيرهما مما يضرب به ويطلق على الغناء عزف وعلى كل لعب عزف . انتهى

وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/256) :

ووجه الدلالة منه : أن المعازف هي آلات اللهو كلها ، لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك ، ولو كانت حلالا لما ذمهم على استحلالها ، ولَمَا قرن استحلالها باستحلال الخمر والحِرَ .انتهى
ويستفاد من الحديث تحريم آلات العزف والطرب ، ودلالة الحديث على ذلك من وجوه :

أولا : قوله (يستحلون) فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة فيستحلها أولئك القوم .

ثانيا : قرن المعازف مع المقطوعة حرمته : الزنا والخمر ، ولو لم تكن محرمة ما قرنها معها ودلالة هذا الحديث على تحريم الغناء دلالة قطعية ، ولو لم يَرِد في المعازف حديث ولا آية سوى هذا الحديث لكان كافيا في التحريم وخاصة في نوع الغناء والذي يعرفه الناس اليوم . هذا الغناء الذي مادته ألفاظ الفحش والبذاءة ، وقوامه المعازف المختلفة من موسيقى وقيثارة وطبل ومزمار وعود وقانون وأورج وبيانو وكمنجة ، ومتمماته ومحسناته أصوات المخنثين ونغمات العاهرات . انظر حكم المعازف للألباني ، تصحيح الأخطاء والأوهام الواقعة في فهم أحاديث النبي عليه السلام لرائد صبري(1/176)

قال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (3/423-424) :

والمعازف هي الأغاني وآلات الملاهي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأتي آخر الزمان قوم يستحلونها كما يستحلون الخمر والزنا والحرير وهذا من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم فإن ذلك وقع كله والحديث يدل على تحريمها وذم من استحلها كما يذم من استحل الخمر والزنا والآيات والأحاديث في التحذير من الأغاني وآلات اللهو كثيرة جداً ومن زعم أن الله أباح الأغاني وآلات الملاهي فقد كذب وأتى منكراً عظيماً نسأل الله العافية من طاعة الهوى والشيطان وأعظم من ذلك وأقبح وأشد جريمة من قال إنها مستحبة ولا شك أن هذا من الجهل بالله والجهل بدينه بل من الجرأة على الله والكذب على شريعته وإنما يستحب ضرب الدف في النكاح للنساء خاصة لإعلانه والتمييز بينه وبين السفاح ولا بأس بأغاني النساء فيما بينهن مع الدف إذا كانت تلك الأغاني ليس فيها تشجيع على منكر ولا تثبيط عن واجب ويشترط أن يكون ذلك فما بينهن من غير مخالطة للرجال ولا إعلان يؤذي الجيران ويشق عليهم وما يفعله بعض الناس من إعلان ذلك بواسطة المكبر فهو منكر لما في ذلك من إيذاء المسلمين من الجيران وغيرهم ولا يجوز للنساء في الأعراس ولا غيرها أن يستعملن غير الدف من آلات الطرب كالعود والكمان والرباب وشبه ذلك بل ذلك منكر وإنما الرخصة لهن في استعمال الدف خاصة .

أما الرجال فلا يجوز لهم استعمال شيء من ذلك لا في الأعراس ولا في غيرها وإنما شرع الله للرجال التدرب على آلات الحرب كالرمي وركوب الخيل والمسابقة بها وغير ذلك من أدوات الحرب كالتدرب على استعمال الرماح والدرق والدبابات والطائرات وغير ذلك كالرمي بالمدافع والرشاش والقنابل وكلما يعين على الجهاد في سبيل الله .

قال شيخ الإسلام في الفتاوى (11/569) :

وأعلم أنه لم يكن في عنفوان القرون الثلاثة المفضلة لا بالحجاز ولا بالشام ولا باليمن ولا مصر ولا المغرب ولا العراق ولا خرسان من أهل الدين والصلاح والزهد والعبادة من يجتمع على مثل سماع المكاء والتصدية ولا بدفّ ولا بكفّ ولا بقضيب وإنما أحدث هذا بعد ذلك في أواخر المائة الثانية فلما رآه الأئمة أنكروه . أهـ

أما هذه الأناشيد التي تسمى إسلامية والتي تصحبها الموسيقى فإطلاق هذه التسمية عليها يعطيها شيئا من المشروعية وهي في الحقيقة غناء وموسيقى وتسميتها بالأناشيد الإسلامية هو زور وبهتان ولا يُمكن أن تكون بديلا عن الغناء فلا يجوز أن نتبدّل الخبيث بالخبيث وإنّما نجعل الطّيب مكان الخبيث وسماعها على أنّه إسلامية والتعبّد بذلك يعدّ ابتداعا لم يأذن به الله . نسأل الله السلامة والعافية

وللمزيد انظر تلبيس إبليس(237)والمدخل لابن الحاج(3/109)والأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع للسيوطي (99-وما بعدها)وذم الملاهي لابن أبي الدنيا والإعلام بأن العزف حرام لأبي بكر الجزائري وتنزيه الشريعة عن الأغاني الخليعة وتحريم آلات الطرب للألباني .

الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد