مشكورة أختي على هذا الموضوع وعلى طرحك الجديد والمميز .
فالبكاء - بشكل عام , وكما هو معروف - هو ردة فعل لأمرتلقاه ( حزنا أو فرحاً أو غير ذلك ) ؟, هذا واضح بشكل عام .
لكن أقول /
بحكم أن الحكم بالشيء فرعٌ عن تصوره , و بحكم أن الحكم على الغالب الكثير لا على النادر القليل
فالرجال غالباً قليلوا البكاء بعكس النساء , وفي هذا يكمن تحرير محل الفضية وبيانها (أو محل المشكلة عند البعض) .
وشخصيا أرى أن بكاء الرجل لا عيب فيه إذا كان في محله وكان بصدق , ولا مكان عندنا لدموع التماسيح لأيًّ كان .
بل إن بكائه (بالشروط السابقة) يدل على أنه رجل رحيم عطوف متزن , وهو في كثير من قراراته يُلهم بالصواب , لأن من لا يرحم لا يُرْحم .
وحقيقيةً وإن كنت لست متشائما , في أن مجتمع الرجال متشعب مدلهم , لا يبرع أحد في معاملتهم بسهولة , إلا إذا كان ذكيا نبيها مستفيدا من أخطائه وأخطاء غيره , و السعيد من وعِظَ بغيره .
إذ تتعدد مصالح الرجل وتختلف باختلاف قلوبهم .
واما من يرى أن بكائه يدل على ضعف شخصيته , وأنه لم يؤدي الحق الكامل لمعنى الرجولة :
فهذا الرأي فيه قصور ظاهر , بل أن هذا الرأي دليل على قائله لا دليلاً له .
فدليل قصور هذا الرأي :
أن الشخصية بقوتها وضعفها لا تتكون من اختلاف وتباين الشعور , بل
تتكون من صفات الشخص (الذي هو الرجل) وتعددها.
فالرجل لا يُعدُ قوي الشخصية إلا إذ كان حازما ليِّـنا صادقا نبيها عاملا صبورأ كريما حليما...وهلم جرا
وبضدها تتميز الأشياء .
ولا يتعارض مع ما سبق بكاء الرجل في محله وبقدره , فالضرورة تـُقَـدَر بقدْرها , ولأن الرجل حتما ليس خاليا من المشاعر والأحاسيس , وليس هو منزّه عن البكاء .
وأيضا الدليل على خطأ وبطلان الرأي القائل بأن البكاء فيه ضعف شخصية الرجل فيما يلي :
أولاً : أن هذا الرأي دليل على قائله لا دليلاً له , حيث أن قناعة الشخص بأن البكاء ضعفٌ في الشخصية , هي بحد ذاتها ضعفٌ في الشخصية , وهاجسا نفسييا عائقا , إذ أنه ليس جريئا وصادقا مع نفسه .
وثانيا : أن بكاء الرجل ليس من خوارم المرؤة , ولو كان كذلك لاعتبر شرعا في كثير من الأحكام والقضايا الشرعية , وهذا معرف لمن له اطلاع في الشرع الحكيم
ومن حق الرجل ألا يظهر بكائه , ومن الرجال من تراه صامدا أمام غيره لايبكي لواقعة ما , ولكنه إذا خلا بنفسه يبكي بكاءً حارا.
بذلك ألا يبكي الرجل عندما يفقد أباه أو أمه أو عزيزاً عليه؟ ألا يبكي الرجل عندما يفقد محبوبه. ألم يبك أحدهم حزناً على الأطفال المشردين من الحروب في العراق وأفغانستان ولبنان وفلسطين؟
فالبكاء اصدق تعبير عن المشاعر الإنسانية المختلطة، فدموع العين نافذة تخرج منها كل ما يحتمل في النفس وتعبر عن حزن الإنسان أو سعادته، وتخفف أثقال القلب والصدر، وهي المتنفس الوحيد والصادق لنا..
*************************************
أوخوك : KUDOO
المفضلات