السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالكم أيها الكرام؟
أسأل الله تعالى أن تكونوا بخير جميعا
هذه الرسالة جاءت إلي عبر البريد الإلكتروني عدة مرات للأسف الشديد
وقد كتبت ردا عليها مرة في السابق واحتفظت به وصرت أرسله لمن يرسلها لي في كل مرة
وقد قلت مثل هذه الرسالة ولله الحمد لكني بدأت أستقبلها للتو مرة أخرى ولذلك أحببت أن أضع الرسالة وردي المتواضع من علمي المتواضع في الدين على هذه الرسالة علّي أستطيع الإفادة ولو بالقليل لمن لا يعلم عن مثل ذلك حتى الان
ردي عليها:
إضافة من أختي راجية الفردوس جزاها الله خيرا:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
حقيقة لست أدري كيف أبدأ حيث لم أعتد كتابة المحاورات والمناقشات ولكني وجدت أن الأمر من الأهمية بمكان بحيث لا يمكن السكوت عنه، وما هذا الأمر إلا موضوع الوصية التي كتبت ووزعت وانتشرت بين الناس وقيل انها وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
لقد قرأت الوصية وتوقفت مع نفسي قليلا وانا أتصور رد الفعل الذي سينشأ عن قرائتها خاصة بعد قراءة التهديد والوعيد الشديدين لمن لم يكترث بالرسالة ولم ينشر منها ثلاثين نسخة يوزعها على من يعرف حيث سيبادر كل من قرأ هذه الوصية -إلا من رحم ربي- بإيصال هذه الوصية لكل من يعرف دون تفكير ولو للحظة واحدة بالتأكد مما جاء فيها هل هو صحيح أو مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك حتى لا يحدث له ما حدث لغيره ممن لم يهتم بأمر الرسالة.
ونقف هنا وقفة مع بعضنا ونسأل أنفسنا: لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد حقا أن يوصل لنا مثل هذ الرسالة فلماذا اختار هذا الشخص بعينه -والذي أعتقد انه ما هو إلا من وحي خيال الكاتب وغير موجود أصلا- لكي يبلغه الرسالة دون غيره؟
أوليس الأحرى أن يبلغ رسول الله عليه من الله أفضل الصلوات وأتم التسليم شخصا يعرفه أغلبية الناس بفقهه وأمانته من العلماء المشهورين والذين نحسب أن فيهم من هو أفضل من هذا الرجل لكي يبلغه مثل هذا الأمر وكان حري بنا وقتها أن نصدقه في رؤيته؟
هل ضاقت الدنيا كلها إلا من هذا الرجل -الغير معروف- لكي يخبره الرسول صلى الله عليه وسلم بخبر مهم لهذه الدرجة ويوصيه فيه بأن يبلغه لكل من يعرف وهم بالتالي يبلغونه لمن يعرفونه بل ويشترط عددا معينا من الرسائل حتى لا تصيبهم لعنة تكذيب هذا الخبر؟
وكيف يشرِّع رسول الله عليه الصلاة والسلام أمرا في زمن انتهى فيه التشريع بأن من نشر هذه الوصية حلت له شفاعته يوم القيامة وقد قال تعالى على لسان رسوله المصطفى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) أي أن الرسول قد اكمل لنا الدين الذي يصلح لكل زمان ومكان قبل مماته ولم ينس منه شيئا فكيف يتذكر الآن شيئا بمثل هذه الأهمية نسي إخبارنا به وهو أن من نشر الوصية حلت له شفاعته يوم القيامة على الرغم من اعتيادنا بأن رسول الله عليه السلام دائما ما كان يخبرنا في أحاديثه عن أحداث مهمة ستحدث في ازمنة لاحقة وكان يرشدنا كيف يكون موقفنا منها فهل يعقل ان يغفل عن تذكر هذا الأمر ثم يتذكره الان حاشاه؟
ان الرسول صلى الله عليه وسلم يوحى اليه من ربه عن طريق امين الوحي جبريل عليه السلام ولذلك فإنه يبلغ عن ربه عز وجل الأوامر والنواهي ولذلك فعندما يقول بأنه قد أتم هذا الدين فهذا معناه أنه قد أتمه بالفعل لهذا فإن هذا الكلام غير صحيح.
ثم كيف تنفع وصية أو تضر من دون الله؟
ان الذي يملك أن يضر أو ينفع هو الله تعالى فقط وأي اعتقاد بأن غير الله يضر أو ينفع إنما هو من الشرك والله تعالى لا يغفر الشرك إلا أن يتوب منه العبد وينيب قال تعالى ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )
فإن قال قائل أن الكاتب قصد بأن الذي سوف يضر من لم ينشر الوصية هو الله فسيكون الرد بأن الله تعالى لم يعجل بعقوبة أناس أمثال أبي جهل وهو فرعون هذه الأمة على الرغم من أذاه الدائم للرسول صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه بعد إيذائه لهم مباشرة، رغم أن الله تعالى يعلم تمام العلم بأنه سيموت على الكفر ولن يؤمن به ومع ذلك فقد أخر عذابه الى أجل غير مسمى ولم يعجل بعقوبته في الدنيا أو يترك له مهلة ثلاثة أيام كما ادعى كاتب الوصية ثم ان الرسول عليه السلام لم يدعو على أبي جهل على الرغم من كل ذلك رغم أنه لو دعى عليه ولو لمرة لاستجاب الله تعالى له ومع ذلك فقد رأف به ولم يدعو وذلك تصديقا لقوله تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )
افبعد كل هذا يأتي الان ويهدد ويتوعد بأن من أذنب ذنبا قد يكون أذنبه التباسا عليه، حيث لو افترضنا صحة الوصية فعلا فهذا معناه ان افضل الصالحين من الناس لو لم يصدقوا هذه الوصية فسوف يموتون أو يبتلون؟
هل يعامل الناس سواسية الصالح فيهم كالطالح؟
اننا لو نظرنا في قصة حاطب ابن أبي بلتعة لوجدنا في ذلك عبرة حيث أن الرسول عليه الصلاة والسلام لما عزم على فتح مكة لم يخبر قريشا بذلك اعتمادا على عامل المفاجأة ولكن حاطبا لم يكن عنده من يحمي أهله وأولاده وماله فأراد أن يكون له يدا على قريش حتى يحموا أهله وماله فأرسل اليهم مع امرأة رسالة يخبرهم فيها بعزم النبي عليه الصلاة والسلام على غزوهم فعلم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق الوحي فأرسل من جاء بهذه الرسالة قبل وصولها إلى قريش فلما علم عمر ابن الخطاب رضي الله عنه بذلك قال للرسول صلى الله عليه وسلم دعني أقطع عنقه فأنه قد نافق فقال له دعه يا عمر فلعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم حيث أن حاطب من أهل بدر
وهكذا نرى أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد غفر فعلة شنعاء هي نوع من الخيانة لواحد من الصحابة بسبب مكانته الدينية أفبعد ذلك يتوعد جميع المؤمنين بأن من لم يفعل ذلك خلال ثلاثة أيام سوف يحدث له ويحدث؟
هذا غير منطقي بالمرة ولو أراد الرسول أن يفعل شيئا كهذا فالأحرى به أن يقول أن من لم يعتبر بالوصية يصيبه كذا و كذا وليس أن يقول من لم يوزع الوصية فلربما أرسلها أنا مثلا ثم لا أكترث بها بعد ذلك وهذا معناه أن الوصية وقتها ستكون مجرد ورقة متبادلة بين الناس دون أي فائدة مرجوة منها
وهنا سيسأل شخص ما اذا ماذا سيستفيد الكاتب من فعلته هذه وما الذي سيجنيه من ذلك والإجابة بسيطة جدا
هناك عدة احتمالات يكتب من أجلها أحد الأشخاص رسالة كهذه أولها أن يرى فعلا فساد الناس في الأرض ومعاصيهم وانتشار ما ذكره الكاتب من معاصي فيتضايق ويحاول أن يجد طريقة ترد الناس الى دينهم ردا جميلا فابتكر هذه الطريقة دون أن يعلم أن ضررها عليه أكبر من منفعتها المنتظرة بل وأكبر مما يراه من ذنوب الناس التي تحدث عنها حيث أنه قد كذب على رسول الله عليه السلام وقد قال عليه الصلاة والسلام ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) أو كما قال علي السلام ولا يقل انه كذب في حلال فلو فعل كل شخص مثله لامتلأت الدنيا من الأحاديث والأقوال والأفعال المكذوبة على رسول الله
وقد فعل أناس بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك فكثرت الأحاديث المكذوبة على رسول الله على الرغم من أنه قد ظهرت أحاديث كتيرة ترغب في فعل الخير وترهب من فعل الشر كتبها بعض الناس بحجة انغماس الناس في الشهوات واللذات وابتعادهم عن الآخرة - كما فعل هذا كاتب الوصية ونسبه إلى الشيخ أحمد زورا وبهتانا - فحدث ان اختلطت الأحاديث الصحيحة بالمكذوب منها وحدث الضرر من هذه الفعلة بدلا من المنفعة المرجوة ولولا عناية الله أن سخر لنا أمثال الإمام البخاري والذي جمع أصح الأحاديث في كتاب واحد بعدما كانت محفوظة فقط في الصدور غير مكتوبة؛ لاختلطت الأحاديث الصحيحة بغير الصحيحة ولذلك يجب أن نتروى قليلا قبل نشر أي رسائل كهذه وأن نفكر بعقولنا لا بعواطفنا ومشاعرنا وأن نتحرى صحة هذى الكلام بصدق كما كان يفعل الإمام البخاري رحمه الله تعالى عندما يتحرى عن حديث.
فمن ذلك أنه لما سأل عن حديث معين قيل له لن تجد على الأرض أعلم من فلان بهذا الحديث وكان في بلد يبعد كثيرا عن بلد الإمام فلم يكترث بذلك وسافر اليه فلما وصل اليه وجده يجر ناقة له وهي ترفض التحرك فضم يده بطريقة ما ليوهمها أن في يده طعاما حتى تتحرك معه فتحركت فلما رأى منه البخاري ذلك ولى عنه دون سؤاله عن الحديث فسأله ما خطبك فأخبره بالخبر ثم قال ما كان لي أن أسأل من يكذب على مخلوق لا يعقل فكيف لي أن أضمن أنه لن يكذب على أشرف الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
بقي أن أشير أنه قد تم نشر وصية مشابهة لهذه الوصية من فترة ليست بالطويلة بالمملكة العربية السعودية وكنت هناك تلك الفترة وعايشت الموقف بنفسي وكانت مختلقة على السيدة عائشة رضي الله عنها وقد كان رد فعل العلماء وهيئة كبار العلماء هناك عليها عنيفا حيث تم رفضها بالإجماع واستعظام بشاعة وشناعة هذه المعصية وكيف تختلق مثل هذه الأكاذيب على السيدة عائشة -فما بالنا بالنبي صلى الله عليه وسلم- وكانت وقتها حديث الساعة على منابر المساجد في الجمع التالية لهذا الحدث حيث كان الأئمة يحذرون من تصديق هذا الخبر.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن يثبتنا على الطريق القويم دون أن نحيد عنه الى الباطل انه ولي ذلك والقادر عليه واعذروني على الإطالة عليكم ولكن أردت النصيحة حتى لا يتأثر أحد بكل ما هو مكتوب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا رد الشيخ على الوصيه ( الوصيه نصها مختلف قليلاً عن الموجوده هنا ) وضعته لكى تعم الفائده : http://www.ibnbaz.org/mat/8187
المفضلات