مِصر سيظلُ عشقُكِ في دمي...دوماً إليكِ سأنتمي..يوماً سيُخبركِ الهوا..أني زرعتُكِ في دمي..
لا أعلمُ كيفَ أبدأ فتلكَ كانت البداية..
فجأةً وجدتُني أتذكرُ ذلك البيتَ الشعري الذي سمعتهُ قديماً فأخذتُ أتأملُ فيه وأتذكرُ دولتي..
لكنني فجأة سمعتُ خطواتاً كسيرة التفتُ خلفي فإذا بي أراها تجرُ ذيول الخيبةِ والعار..
اقتربت مني فهالني منظرُها فقلت:
مِصر..مابكِ..؟!
كانت الهالاتُ السوداء قد تحجرت تحت عينيها وقالت بألم:
و بعد كُل هذا تسألين مابي..؟
قلتُ بخجل:
لا أقصدُ شيئاً ولكنكِ..
وصمتُ قليلاً فقد خانتني الكلمات ولكني عدتُ فقلت:
ولكنكِ مُجرد دولة..!
لم تُعرني جواباً فقلتُ مُعتذرة:
آسفة..لم..
قاطعتني قائلة:
كُلكم تظنوني كذلك..ليس لي مشاعر..؟!
ماذنبي أنا صدقيني إنني مجروحة وبشدة ألا تشعُرين بي..لأنني..
وصمتت فأكملت:
لأنكِ جماد..
وأردفتُ:
كما يظنُ البعض..أليس كذلك..؟!
نظرت إلى عيني وحينها تمنيتُ لو مُت فقد كانت عيناها تلمعانِ ببريقٍ حزين آلمني كثيراً فقُلتُ مُعترفة:
أنا أعترف فأنا أخجلُ بذكركِ أمام أحدٍ فقد أصبحتِ عاراً ولا شيء غير ذلك..!
علمتُ حينها بأني زدتُ من جُرحها الغائر وطعنتُها في الصميم لُمتُ نفسي فسارعت قائلة:
لا تلومي نفسكِ فهذه هي الحقيقة وأنتِ لا تكذبين..
أدارت وجهها بعيداً فقلتُ بمرحٍ مُصطنع:
ألا تذكُرين كيف كُنتِ في الماضي...؟
لقد كُنتِ عظيمةً يُشارُ لكِ بالبنان..
وصمتُ فقالت:
لقد قُلتِها في الماضي..والآن..؟!
لم أُعرها جواباً فهمست وكأنها تُحدثُ نفسها:
لا أعلمُ لمَ أصبحتُ هكذا..؟!
أهو بسببِ غروري بأن صلاحاً حكمني يوماً أم بسببِ أن طاغيةً ظلمني دهراً..؟!
خفضتُ رأسي فتابعت:
أنا لم أركِ بداخلي فأينَ أنتِ..؟
خجلتُ من سؤالها فقُلت ببُطئ:
في بلدٍ أحبُها..
وتابعتُ:
أطهر بقاعِ الأرض..
قالت بحُب:
ليتني يوماً مثلها..!
فهتفتُ قائلة حين رأيتُ عبراتها:
أتعلمين كم أُحبُكِ وأدعو لكِ..؟
لم تُجبني فقد ظنتني كاذبةً كالبقية فقُلتُ بحُب:
سأظلُ أدعو فأمني..
قالت بحسرة وكأنها لم تسمع عبارتي السابقة:
ليتني بشراً لأصرُخ فيستيقظَ النائمون..!
حدقتُ فيها لوهلة وقلتُ بهدوء:
ولم يجبُ أن يستيقظَ النائمون..؟
أنتِ يُمكنُكِ أن تتحدثي دون أن تكوني بشر..
التفتت إلي وفي عينيها نظرة تساؤل فسارعتُ أروي ظمأ حيرتها:
إن الله يسمعكِ لأنهُ خلقكِ ولا تحسبي بأنكِ ستظلُين هكذا أبداً..
لا فاللهُ يُمهلُ ولا يُهمل ثقي بذلك فكما أنتِ مملوءة بالشر فإن الله لا يُضيعُ أجرَ من أحسنَ عملَ..
ظلت غارقةً في الصمت ثُم قالت:
أأنتِ بداخلُكِ موقنةٌ بذلك..؟
نظرتُ إليها وأنا أعلمُ أن عيشَ الدياناتِ الأُخرى قد أثر بها فقلت:
لا ألومُكِ على جهلك..ولتعلمي أنني سأظلُ هكذا حتى آخرِ نفس..!
ونظرتُ مُباشرةً إلى عينيها وقلتُ وغُصةُ الألمِ تخنقُني:
يوماً سأُحاولُ أن أُقدمَ أفضلَ ما أملكُ لكِ سترينني بداخلُكِ وحينها ستبتسمين سأكونُ نِعمَ الصالحةُ الوفية صدقيني..!
نظرت إلي وقد بدأت بالتلاشي ثُمَ ابتسمت بأملٍ قائلة:
عزيزتي..وأنا أيضاً..وأنا أيضاً..سأنتظر..
راقبتُ اختفائها وأنا أمسحُ عبراتي وأقولُ بأمل:
وأنا أيضاً..سأنتظر..
وأردفتُ بعد أن اختفت تماماً:
أُحبُكِ..صدقيني..!
حينها فقط انتهت كلماتي و تبعثرت أفكاري فقُلت:
هنا ننتهي..
مُجرد كلمات عابرة من مواطنة بائسة لا تملكُ شيئاً لوطنها سوى الدُعاء لهُ في كُلِ حين..
رجاء عدم التدخُل في السياسة فنحنُ لا نملك سوى الدُعاء فهو سِلاحُنا الوحيد..
كُتبَ في:
28 / 12 / 2008 م


رد مع اقتباس




المفضلات