بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إليكم مقتبسات مما كتبه الدكتور راغب السرجاني - بارك الله فيه - في بعض مقالاته عن المقاطعة:
أين قلوب الملهوفين على إخوانهم؟ أين قلوبُ الخائفين من إلهٍ يرقُبُهم، ويحصي عليهم أعمالهم؟
إن لم يكن لنا طاقةٌ نَفُكُ بها حصارَهم عن إخواننا.. لضعف قوتنا وقلةِ حليتنا وهواننا على الناس.. إن لم يكن لنا طاقة بذاك، فليس أقلَ من أن نحاربَهم بسلاحهم.. ولكن بضوابطنا الشرعية كمسلمين..
ليس أقلَ من أن نحاربَهم عن طريق المقاطعة..
المقاطعة لمنتجات اليهود، ومن عاونهم، وأعلن ذلك دون حياء..
المقاطعة لإسرائيل وأمريكا وإنجلترا.. ومن حذا حذوهم وسار على طريقتهم.
ومن عجب أن يتردد بعض المسلمين!!
ألا تقاطعون قومًا قتلوا أبناءكم وإخوانكم وعشيرتكم؟!
ألا تقاطعون قومًا خربوا دياركم؟!
ألا تقاطعون قومًا جرفوا أرضكم؟!
قاطعوهم.. فإنه لمن المرارة أن تشتريَ من قاتلٍ قتلَ أخوتَك، ومازال يقتل.. وليست أفغانستان منا ببعيد..
مع العلم أنني لا أضع المقاطعة بديلاً للقتال.. فإنه لو فتح باب لقتالٍ في فلسطين، أو في أي بلد إسلامي محتل، فإن القتال أوجب.. لكن إن أغلق باب المقاتلة، فباب المقاطعة مفتوح.. ومن الصعب جدًا أن يغلق.
.................................المقاطعة بالضوابط الشرعية تعني أنه إذا عرضت عليّ سلعة مسلمة أو وطنية وأخرى من دولة تعلن العداء السافر لنا أخذت السلعة المسلمة أو الوطنية لأقوي من اقتصاد بلادي، وتجنبت السلعة الأخرى إضعافًا لاقتصاد دولة معادية.. أما إن كانت الدولةُ معاهدةً أو غير محاربة جاز الشراء منها، وإن كان من الأفضل أن ننفع المسلمين.
الضوابط الشرعية للمقاطعة:
المقاطعة بالضوابط الشرعية تعني أنني فقط قاطعت الشراء لكن مازالت السلعةُ سلعته.. ما صادرتها.. وما أتلفتها.. لكن فقط قاطعتها.
من المفيد أن تدرس موقفَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة بعد الهجرة.. كان صلى الله عليه وسلم يعلمُ أنه سيحاصر يومًا ما في المدينة، وستجتمع عليه قريش، وحلفاؤها من القبائل العربية، وسيغدر اليهود كعادتهم.. ماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لقد جهز نفسه لهذا اليوم، فأمنّ الماء بشراء بئر رومة، وأنشأ السوقَ الإسلامي، بديلا عن السوق الأجنبي، وقاطعوا بذلك سوقَ بني قينقاع اليهودي، وشجع التجار والزراع والصناع على العمل حتى يكفوا حاجة المدينة.
لا مجال هنا لقول أن تجار اليهود قد أوذوا.. فإن التجارة عرض وطلب.. والمشتري مخير بإرادته أن يشتري ممن يشاء.. ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصادر بئر رومة، ولم يصادر سوق بني قينقاع.. بل اشترى البئر بالمال.. وأقام السوق البديل.. والناس جميعًا مخيرون.. ولا شك.. أن الصحابة كانوا راغبين في تدعيم السوق الإسلامي بدلاً من اليهودي.. فحولوا تعاملهم معه..
واليهود في المدينة لا يُجبرون على الشراء من أسواق المسلمين.. لهم أن يبتاعوا من حيث يشاءون.. بل قد يتعاملون فقط فيما بينهم.. وهذا مقبول في عرف العالم أجمع.. وكذلك في شرعنا معروفٌ ومقبول..
والمسلمون أن احتاجوا لبضاعة ليست في سوق المسلمين كانوا يشترونها من اليهود بثمنها.. لا يبخسون أحدًا حقه..
إذن المقاطعة الاقتصادية لمنتجات اليهود ومن عاونهم أمر مشروع، بل محمود ومندوب، بل لعله واجب، لكن لا يخرجنا عداؤنا لغيرنا عن ضوابطِنا الشرعية، وحدودِنا الأخلاقية.
"ولا يجرمنكم شنئان قوم (أي عداوة قوم) على ألا تعدلوا.. اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبيرٌ بما تعملون".
كانت هذه خلفية لابد منها، ولننتقل إلى الحديث عن جدوى المقاطعة.
(1)- الخسارة الاقتصادية الحتمية للشركات اليهودية والأمريكية وهي ليست بسيطة، فالعالم الإسلامي سوق استهلاكية ضخمة إذ يقدر المسلمون بنحو المليار وثلث المليار موزعين على أكثر من 60 دولة.
عشر فوائد للمقاطعة:
وإذا قلت أرباح هذه الشركات فإنه بالضرورة سيحدث أمران: الأول: ستقل الضرائب المدفوعة للحكومة الأمريكية، ومن المعروف أن جزءا كبيرا من حصيلة الضرائب في أمريكا يوجه لمساعدة إسرائيل مباشرة فهي أكثر دول العالم تلقيا للمعونات الأمريكية.
ثانيا: بعض هذه الشركات تفرض على نفسها أو يفرض عليها أن تعطي نسبة من أرباحها تبرعا لإسرائيل، فإذا قلت الأرباح ستقل النسبة.
(2)- خسارة هذه الشركات ستؤدي إلى تغيير القرار السياسي في أمريكا من التحيز السافر لإسرائيل إلى غيره.
فلابد أن يعلم الغرب ويتيقن أنه وإن كان له مصالح حيوية في إسرائيل فإن له مصالح أخرى أكثر حيوية في بلاد المسلمين.
(3)- هذه المقاطعة ستؤدي إلى استعمال البدائل الوطنية، مما سيؤدي إلى انتعاش الاقتصاد الوطني.
(4)- إن الحصار الاقتصادي قد يفرض على أي دولة مسلمة وفي أي وقت ولأتفه الأسباب.
فإذا قاطعنا من الآن واعتمدنا على اقتصادنا الوطني نكون قد تجهزنا تجهزا إيجابيا ليوم نحاصر فيه.... هذا التجهز الاختياري أفضل بكثير من هذا الذي يكون وقت الحصار الحقيقي.
(5)- المقاطعة ستؤدي إلى تذكر المسلمين الدائم والمستمر لعدوهم الحقيقي.
فاستمرار المقاطعة يجعلنا في حالة استنفار عام تام ودائم.
واستمرار المقاطعة يعيننا على تربية أولادنا بطريقة يعرفون فيها عدوهم ولا يخفى على عاقل أي فائدة هذه.
(6)- هذه المقاطعة ستقضي على الانبهار المسيطر على الناس بكل ما هو يهودي أو أمريكي أو مستورد.
(7)- سترفع المقاطعة معنويات المسلمين عندما يرون المطاعم الأمريكية مثلا خاوية على عروشه، وقد ازدحمت المحلات الوطنية بالرواد فهذا والله هو النجاح بعينه.
(8)- استمرار المقاطعة سيحدث حالة من الرعب عند أعدائنا مقابل حالة الشعور بالفخار والنصر عند المسلمين، وصدق رسولنا الكريم حين قال : نصرت بالرعب مسيرة شهر .
(9)- المقاطعة تربية عظيمة للنفس بحرمانها من أشياء تعودت عليه، وذلك تماما مثل فكرة الصيام.
فنحن نريد أن نربي أنفسنا و أولادنا على التغلب على شهواتنا ونتدرب على تغليب المصلحة العامة للأمة على المصلحة الخاصة للأفراد.
(10)- مع إخلاص النوايا في نصرة الإسلام والمسلمين وفي مساعدة إخواننا في فلسطين، وفي تقوية اقتصاد المسلمين وفي تربية الأمة المسلمة الأمور فإننا نرجو من الله ثواب، ونسأله عون، ونتوقع منه نصر، وننتظر منه رضا ورحمة وفضلا وكرما.
فما أدراك لعل حسنات المقاطعة تكون هي المرجحة لكفتنا يوم القيامة، يوم لا ينفع مال ولا بنين إلا من أتى الله بقلب سليم.
رد مع اقتباس




المفضلات