نتحدث اليوم عن أشهر المذاهب والفرق النصرانية المنتشرة حالياً في العالم ، ثم نُخصص الحديث عن إصلاح مارتن لوثر وكالفن , ولا أعرف بعدها هل نختار طريق ماكس فيبر , ونربط المذاهب الجديدة بـ الإصلاح الإقتصادي ، أم نتكلم عن نظريات الإقتصاد اللادينية أولاً !
المهم لـ ننتهي من هذا الدرس اولاً , ودعونا نبدأ بـ أهم الكنائس الموجودة في العالم في الوقت الحاضر ..
تختلف المذاهب والفرق النصرانية ، وتنشق الكنائس عن بعضها , وتكفر كل منها الأخرى .. وكل ذلك بـ سبب الإختلاف في فهم طبيعة الدين لديهم وفلسفته المتداخله ، ويمكن حصر الإختلافات بينهم في تساؤل من عبارة واحدة :
هل للمسيح طبيعة واحدة أم طبيعتين ، ومشيئة واحدة أم مشيئتين ، والروح القدس هل هو من الآب أم من الآب والإبن معاً ؟
يمكنك الآن أن تختار هل تجعل للمسيح طبيعة واحدة أو طبيعتين ، ومشيئة أو مشيئتان ، وتحدد كيف جاءت الروح القدس ، وإن إختلف تحديدك وفهمك لـ نقطة واحدة من تلك النقاط عن الكنائس الأخرى ، فـ هذا يعني أن لدينا مذهب نصراني جديد على وشك الظهور .. وحتماً هناك أتباع ، وكنسية جديدة بـ مسمى جديد وستُعاديها كل الكنائس وتكفرها !!
وأشهر كتائس النصارى في العالم الآن هي :
الرومانية الكاثوليكية ( الفاتيكان )
وتؤمن بـ أن للمسيح طبيعتين ( لاهوتية , ناسوتية ) , ومشيئتين ، والروح القدس منبثق عن الآب والإبن .
الرومية الأرثوذكسية ( البيزنطية )
كانت أول الكنائس المنشقة عن الكاثوليكية ، وإنتشرت في شرق أوروبا ( روسيا والبلقان ) , وتختلف مع الكاثوليكية في أنها تعتقد بـ أن الروح القدس من الآب فقط ، ولا يعترفون بـ السيادة لـ بابا روما .
الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
مقرها مصر , ويؤمنون بـ أن للمسيح طبيعتين اتحدتا في طبيعة واحدة ، وكذلك مشيئة واحدة !!
ولا تختلف ثوابتها عن الرومية الأرثوزكسية !
الكنيسة المارونية
مقرها لبنان , ويؤمنون بـ أن للمسيح طبيعتين ومشيئة واحدة ، إنشقوا في البداية عن كنيسة روما , ثم أعلنوا الولاء لها عام 1182 م مع بقاءهم على مذهبهم ، وفي لبنان عام 1943 .. تم الإتفاق مع المسلمين على أن يكون رئيس لبنان ماروني بـ شكل دائم !
( في الوقت الحالي إختلفت نسبة السكان عما كانت عليه سابقاً , ولم يعد المارونيين أغلبية )
وبـ الطبع الكنيسة الإنجيلية ( البروتستانتية ) , والتي سنتحدث عنها الآن !
وهي في النهاية لا تختلف ثوابتها عن الكاثوليكية .. فقط عارضت الكثير من البدع التي فيها , وبذلك كان خروجها عن الكنيسة الكاثوليكية مميز عن خروج الكنائس الأخرى !!
ننتقل الآن للإصلاح الديني , الذي بدأه مارتن لوثر , إحتجاجاً على كل خرافات المسيحية التي ظهرت مع القرن الثالث .. والتي تم ذكرها في الدروس السابقة !
يقول مارتن لوثر في كتابه – المسيح ولد يهودياً – :
" اليهود هم أبناء الرب , ونحن الضيوف الغرباء ، وعلينا أن نرضى بـ أن نكون كـ الكلاب التي تأكل مما يتساقط من فتاة مائدة أسيادها " !!!
تكفي جداً هذه العبارة لـ ندرك مدى التعظيم الذي كان يعظمه مارتن لليهود ، بعد أن كان شعارالكنيسة في أوروبا " إقتلوا اليهود أعداء المسيح " !!
وفي المقابل نجد له أقوال بشعة عن الإسلام , أقلها وصفه إياه بـ أنه دين الشيطان !!!
بدأ مارتن لوثر حياته كاثوليكي , يعمل أستاذ لـ علوم الدين بـ جامعة ويتنبرج بـ ألمانيا ، وشاعت مشكلته مع البابا .. حين أعلن أن الباباوية ليست ذات مصدر إلهي ، فحرمه البابا وأمر بـ حرق كتبه ..
بدأ إصلاحه بـ الإعتراض على مساوئ النصرانية كـ حق الغفران والحرمان ، والإستحالة ، والزيت المقدس ، وأهم إعتراضاته كانت أنه ليس من حق الكنيسة أن تحتكر تفسير الكتاب المقدس ، وأن على النصارى العودة إلى العهد القديم !
العهد الجديد : هي الأناجيل الأربعة التي ظهرت بعد القرون الثلاثة الأولى – متى , لوقا , مرقص , يوحنا - ، وتتكون من 27 سفر .
العهد القديم : هو الجزء الأكبر من الكتاب المقدس ، وتشمل جميع كتب اليهود بما فيها التوراة .
من هذه الإعتراضات وكـ أي صاحب دعوى ، إدعى أن الله إختاره لـ يصلح للناس دينها فأسس مذهب مستقل له سُميّ أتباعه بـ ـ الإنجليليون ـ أو – الأصوليون - , وتسمى مذهبهم بـ البروتستانت أي المعترضين ، وعُرفت كنائسهم بـ إسم الكنيسة الإنجيلية .. ويمثل البروتستانت حالياً أكثر من 60 % من سكان أمريكا !
أما مذهبه الجديد فـ يؤمن بـ :
1 – العهد القديم هو مصدر الدين وليس الباباوات .
2 – الكتاب المقدس يُفسر حرفياً , ومن حق أي نصراني أن يُفسره .
ولأن النصرانية هنا اختلطت مع اليهودية .. فقد ظهر لنا مذهب يعتقد بـ أن :
1 – اليهود شعب الله المختار على الأرض , والنصارى الشعب المختار في السماء !!
2 – هناك ميثاق ووعد إلهي بين اليهود وفلسطين .
3 – عودة المسيح متوقفة على عودة اليهود إلى فلسطين ، وإقامة دولتهم .
كما يرى لوثر أن النصارى بـ معادتها لليهود وإضطهادهم ، قد عطلت الوعود الإلهية ، وأخرت عودة المسيح في أن يحكم الأرض ألف عام !!
نستنتج من هذا أن إصلاح " مارتن لوثر " , قدم حلاً سحرياً للمشكلة اليهودية في غرب أوروبا عن طريق إصلاح الكنيسة الكاثوليكية ، وتبديل شعار " إقتلوا اليهود أعداء المسيح " بـ شعار " اليهود شعب الله المختار " !!
وحتى هذا المفهوم تبنته الكنيسة الكاثوليكية نفسها فيما بعد ، ووصل ذروته حين إعترفت الفاتيكان بـ إسرائيل عام 1993 م، ثم مؤتمر 97 .. الذي دعى إلى تعديل بعض النصوص الدينية في العهد الجديد ، والتي تعادي اليهود وتُسيء إليهم ، وتنقيته منها !!
عموماً .. كان إنتشار البروتستانتية في أوروبا والمستعمرات الجديدة ( أمريكا )، والمذاهب التي خرجت منها كـ الكالفينية أكبر تمهيد لسيادة طبقة اليهود المرابين , الذين سيُعرفوا فيما بعد بـ الطبقة الرأسمالية ، وعلمنة الإقتصاد !
الدرس القادم
الكالفينية .. ماكس فيبر .. نظريات إقتصادية لا دينية ..




رد مع اقتباس

المفضلات