secret_88
جزاك الله خيرا، وبارك الله فيك
ومستمرين مع خواطر ابن الجوزي رحمه الله:
متاع الغرور
من تفكر بعواقب الدنيا ، أخذ الحذر، ومن أيقن بطول الطريق تأهب للسفر. ما أعجب أمرك يا من يوقن بأمر ثم ينساه، ويتحقق ضرر حال ثم يغشاه، وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه.
تغلبك نفسك على ما تظن، ولا تغلبها على ما تستيقن. أعجب العجائب، سرورك بغرورك، وسهوك في لهوك عما قد خبئ لك. تغتر بصحتك وتنسى دنو السقم، وتفرح بعافيتك، غافلا عن قرب الألم. لقد أراك مصرعُ غيرك مصرعَك، وأبدى مضجع سواك- قبل الممات- مضجعَك. وقد شغلك نيل لذاتك، عن ذكر خراب ذاتك:
كأنك لم تسمع بأخبار من مضى*** ولم تر في الباقين ما يصنع الدهر
فإن كنت لا تدري فتلك ديارهـــم*** محاها مجال الريح بعدك والقبــــــر
كم رأيت صاحب منزل ما نزل لحده، حتى نزل، وكم شاهدت واليَ قصر وَلِيَه عدوه لما عُزل، فيا من كل لحظة إلى هذا يسري، وفعله فعل من لا يفهم لو لا يدري.
وكيف تنام العين وهي قريرة؟*** ولم تدر من أي المحلين تنزل؟
الحذر طريق السلامة
من قارب الفتنة بَعُدت عنه السلامة. ومن ادعى الصبر، وُكِل إلى نفسه.
ورب نظرة لم تناظر، وأحق الأشياء بالضبط والقهر: اللسان والعين. فإياك إياك أن تغتر بعزمك على ترك الهوى، مع مقاربة الفتنة، فإن الهوى مكايد.
وكم من شجاع في صف الحرب اغتيل، فأتاه ما لم يحتسب ممن يأنف النظر إليه واذكر حمزة مع وحشي ( سشير هنا إلى مقتل سيدنا حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم على يد وحشي في غزوة أحد.
فتبصر ولا تشم كل بــــــــــــــــرق*** رُب برق فيه صواعق حيــــن
واغضض الطرف تسترح من غرام*** تكتسي فيه ثوب ذل وشيــــــن
فبلاء الفتى موافقة النفـــــــــــــــس*** وبدء الهوى طموح العيـــــــن
البصر في العواقب
من عاين بعين بصيرته تناهي الأمور في بداياتها، نال خيرها، ونجا من شرها، ومن لم ير العواقب غلب عليه الحس، فعاد عليه بالألم ما طلب منه السلامة، وبالنصب ما رجا منه الراحة.
وبيان هذا في المستقبل، يتبين بذكر الماضي، وهو أنك لا تخلو، أن تكون عصيت الله في عمرك، أو أطعته. فأين لذة معصيتك؟ وأين تعب طاعتك؟ هيهات رحل كل بما فيه.
فليــــــــت الذنــــــــــــوب إذ*** تخلــــــــــــــت خلـــــــــــت
وأزيدك في هذا بيانا مثل ساعة الموت، وانظر إلى مرارة الحسرات على التفريط ، ولا أقول كيف تغلب حلاوة اللذات، لأن حلاوة اللذات استحالت حنظلا، فبقيت مرارة الأسى بلا مقاوم، أتراك ما علمت أن الأمر بعواقبه؟ فراقب العواقب تسلم، ولا تمل مع هوى الحس فتندم.
دمتم في رعاية الله، وانتظروا المزيد إن شاء الله عز وجل

رد مع اقتباس


المفضلات