اليوم سنأخذ كل النظريات السياسية ..
بداية من نظرية العقد الإجتماعي .. إلى ميكافيللي أساس السياسة الحالية !
سـ أقول بـ أنه درس مهم جداً !!
نظرية العقد الإجتماعي
أصلها يعود إلى مقولة أرسطو : الإنسان حيوان إجتماعي .
وصحيح أن مؤسسها ( هوبنز ) .. يتفق مع أرسطو في أن العلاقات الإجتماعية بين البشر ، مقرونه بـ وجوده على الأرض ..
لكنه يؤسس النظرية على مقولة : الإنسان ذئب الإنسان ( ذئب على أخيه الإنسان )
فهو يرى أن بداية المحتمع الإنساني .. كانت عبارة عن صراع وحرب بين الإنسان وأخيه ، حتى كاد الإنسان أن يفنى .. مما حتم وجود قوة تضمن وجود الإنسان !
ونشأت هذه القوة على مرحلتين :
المرحلة الأولى : عقد إجتماعي بين البشر , يتنازل الإنسان بـ مقتداه لـ أخيه الإنسان عن بعض الحقوق .
المرحلة الثانية : ونشأت بسبب عدم وجود قوة تحمي هذا العقد ، فكانت هذه القوة هي ( الدولة ) , التي تعمل على المحافظة على العقد .. ومُعاقبة من يتجاوزه من البشر .
ويعتبر ( هوبنز ) أن الدولة في سبيل محافظتها على هذا العقد .. فإن لها حقوق وقوة مطلقة .
.
.
طور هذه النظرية من بعده ( جون لوك ) , إذ إتفق مع هوبنز في كل ما تصوره ، إلا أنه خالفه بـ شأن ( قوة الدولة المطلقة ) ، وإعتبر أن بقاء هذه الدولة مقرون ومُقيد بـ قبول الأفراد لها .
.
.
وأخيراً إكتملت النظرية على يد ( جان جاك روسو ) , في مقاله فائق الشهرة ( العقد الإجتماعي ) ، والذي يُلقب بـ ( إنجيل الثورة الفرنسية ) !
وهو يعتبر أن حالة الإنسان الأولى النقية هي ( الحالة الذئبية ) ، حيث لم تكن هناك حدود تمنعه من فعل أي شيء ، لكن الأديان .. أفسدت هذا النقاء الذي كان عليه ، فتحتم وجود دولة تُعيد للإنسان نقاءه وحالته الطبيعية الأولى .
وترتب على تلك النظرية :
خروج فكرة القومية أو الوطنية ، إذ أن العقد هو بين الإنسان والمجتمع الذي يعيش فيه ، والمصلحة تكون بين الإنسان ومُحيطه ..لا مع أفكار وأديان أخرى بعيده عنه !!
فنزعت ولاء الفرد من الكنيسة وحولته إلى الدولة ، وجعلت القيمة العليا للعقد .. هي مصلحة الفرد الدنيوية ، وليس أي مُثل أخرى عليا تدعوا لها الأديان .
نظرية المدينة الفاضلة
هي نظرية سياسية ( أُعتُبرت فيما بعد خيالية ) , تقوم على تصور مجتمع مثالي , خالي من أي فساد ، ويعيش أفراده بـ سعادة ووفاق ، وكان ( أفلاطون ) هو أول من تصور هذا المجتمع المثالي .
لكن هذه المدينة الفاضلة إختلف تصورها من فيلسوف لآخر ، فـ الفارابي في كتابه ( آراء أهل المدينة الفاضلة ) , يُعرفها من خلال المتضادات أي أن عكس كل ما يلوث المجتمع .. هو ما يُكون المدنة الفاضلة !
أما تصور أفلاطون نفسه , فهو يتخيل مجتمع يعيش في الشعب بـ مساواة وعدل ، ويحكم الشعب صفوة مميزة من الفلاسفة والحكام والأثرياء .. ولا يُسئلون أمام الشعب , كونهم أكثر وعياً وإداركاً من الشعب ، كما يُطالب افلاطون بـ إعدام كل من يُنكر وجود الله في مجتمعه الفاضل .
تبلورت تلك النظرية وبُعثت مرة أخرى للمجتمع الأوروبي , من خلال ( توماس مور ) الذي أعاد صياغة النظرية .. في كتابه ( يوتوبيا ) !
وأصبحت النظرية تتلخص في الآتي :
1 – تنحية الدين عن المجتمع .
2 – الإنسجام العقلي بين أفراد المجتمع ، والمصلحة الدنيوية , هما أساس المجتمع المثالي .
وبسببها خرج مُفكرين يرون أن المجتمع المثالي ، هو مجتمع ينحصر فيه الدين داخل الكنيسة فقط .. ولا علاقة له بـ الحياة !
نظرية الحق الإلهي
يُمكن تلخيص فكرة هذه النظرية بـ مقولة للدكتور سفر الحوالي يقول فيها :
" قبل الإسلام كان الملوك يستعبدون الناس ، ويزعمون أنهم من سلالة أعلى منهم , وأحياناً من سلالة الآلهة نفسها ( إذا تحدثنا عن الثقافات الصينية يوماً سنجد العجب هنا ^ ^" ) ، إلى أن جاء الإسلام .. ورد العبودية كلها لله ، لكن أوروبا بقيت لـ قرون تعبد إلهين من البشر "
أما هذين الإلهين اللذان يقصدهما فهما الإمبراطور وبابا الكنيسة ..
فـ الإمبراطور بداية كانت يستعبدهم لأنه من سلالة الآلهة ، ثم حين جاءت المسيحية أصبح حكم الإمبراطور .. هو مشيئة الله ، لأن رجال الكنيسة يُباركونه ، فلم يعد للشعب .. إلا الخضوع لإرادة هذا الإمبراطور , المدعوم من الرب !!
.
.
تطورت هذه النظرية على يد ( هيجل )
( ستحدث عن هيجل هنا , لأن نظرة ماركس للمجتمعات .. خرجت كلها من أفكار هيجل )
تُسمى فلسفته ( فلسفة التناقض والتعقيد ) ، وكل شيء لديه له رموز بدءاً من من الخالق !
والدولة كائن طبيعي ، ولم تنشأ نتيجة عقد .. إذ أنها وفقاً لـ ( قانون الجدلية ) تتطور دون توقف ، وفي كل عصر .. تكون الدولة هي التجسيد المطلق للمعرفة ( إله .. حرية .. أي شيء )
بـ ختصار شديد جداً :
المجتمع يتطور طبقاً للتناقض
فمثلاً : ( يصعب ضرب مثال هنا >.> )
لـ نفرض أن شخص لديه دفتر صفحاته خالية ، نقيض ( الصفحة الخالية ) هي ( الصفحة المكتوب فيها ) ، لذا من الطبيعي أن يتطور الدفتر إلى دفتر بـ ( صفحات مكتوب فيها ) !
لكن لـ نفرض أنه أثناء الكتابة قام بـ شطب الكثير من الكلمات ، حالياً يكون الدفتر الذي به صفحات ( مكتوب فيها ومشخبطة ) هو آخر تطور للدفتر ( ذو الصفحات الخالية ) !
ونقيض الدفتر ( المكتوب فيه مع الشخبطة ) .. هو دفتر ( مكتوب فيه من دون الشخبطة ) ، إذا سيتطور الدفتر بعد ذلك من دفتر ( مكتوب فيه مع الشخبطة ) إلى دفتر ( مكتوب فيه من دون شخبطة ) ، لأن صاحب الدفتر طبقاً لـ قانون الجدلية .. يقوم بـ تنظيفه من الشخبطة ..
المهم أنه بـ رأيه هكذا تتطور المجتمعات .. إلى أن تصل إلى أعلى درجة في الرقي .
( كنت سأذكر شيء آخر لكن لـ نتركها لـ درس آخر تكون فيه ملاحظات .. تذكروا فقط أن لـ هيجل نتيجة لم أذكرها الآن , سنكتفي بهذه الشخبطة الآن ^ ^" )
الميكافيللية
عندما أصدر ( نيقولا ميكافيللي ) كتابه ( الأمير ) , حرمت الكنيسة قراءته !
وحين ننتقل للقرن العشرين , نجد أن كتاب الأمير .. هو موضوع أطروحة موسوليني ، وأنه أيضاً كتاب هتلر المفضل .. الذي كان يتصفحه دائماً قبل النوم ..
وأنه أخيراً أساس السياسة الحديثة .. التي جعلتها بلا أخلاق ، والتي بسببها يدعي العلمانيون .. أن الدين لا يُمكن أن يدخل في السياسة ، لأن السياسة كلها خداع وتقلب .. بينما الدين صريح لا خداع فيه ، لذا يجب إبعاد الدين عن السياسة .. حتى لا يشوه كل منهما الآخر !!
ولذلك أيضاً يُعتبر كتاب الأمير .. واحد من أهم الكتب التي غيرت العالم !
ويُمكن إختصار الميكافيللية بـ أنها :
1 – تعتقد أن الإنسان بـ طبيعته شرير ، وأن رغبته ودعوته للخير مصطنعة يفتعلها لـ تحقيق غرض نفعي ومصالح شخصية له ، ولأن هذه هي طبيعة الإنسان .. لذا لا يوجد حرج عليه حين ينساق خلف رغباته ، بعيداً عن أوامر الكنيسة .. لأن الأصل هو طبيعة الإنسان ، وليس قيود الكنيسة .
2 – يجب الفصل التام بين ( السياسة والدين والأخلاق ) ، لأنه لا يوجد أي رابط بينهم ، ويعتبر أن الحاكم ( في حل عن الدين والأخلاق ) ، وأن الدين والأخلاق مقصورة على الشعوب فقط .
3 – بدلاً من الأخلاق والدين ، فإن الغاية وحدها يجب أن تكون هي مُحرك الدولة ، أي أن ( الغاية تُبرر الوسيلة ) !
لأن الدولة هي بحد ذاتها ( غاية ) – دون أن يعرفها أكثر - ، لذا من حقها أن تستخدم أي وسيلة للوصول لـ غايتها !!
4 – الحق هو القوة .
( عقدة النمر المقنع : القوة هي العدالة × العدالة هي القوة)
أعيدوا الآن قراءة الدرس مرة أخرى بـ تأني أكثر
الدروس القادمة بـ إذن الله , ستكون عن الشيوعية من البداية إلى سقوطها الحضاري !
الدرس القادم
كارل ماركس ..



)
رد مع اقتباس

المفضلات