تابعـ للموضوعـ السابقـ ^^
........
بينما هما يمشيان إذا بامرأة قد وقفت فيـ وسط الطريقـ فجعلت تصيحـ : يارسول الله .. ليـ إليكـ حاجة ..
فانتزعـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ يده من يد عديـ ومضى إليها .. وجعل يستمعـ إلى حاجتها ..
عديـ بن حاتمـ .. الذيـ قد عرف الملوكـ والوزراء جعل ينظر إلى هذا المشهد .. ويقارن تعامل النبيـ صلى الله عليه وسلمـ معـ الناسـ بتعامل من رآهمـ من قبل من الرؤساء والسادة ..
فتأمل طويلاً ثمـ قال :: والله ماهذه بأخلاقـ الملوكـ .. هذه أخلاقـ الأنبياااااء ..
وانتهت المرأة من حاجتها فعاد النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إلى عديـ .. ومضا يمشيان .. فبينما هما كذلكـ .. فإذا برجل يقبل على النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
فماذا قال الرجل ؟!!
هل قال :: يارسول الله عنديـ أموال زائدة أبحث لها عن فقير ؟!!
أمـ قال :: حصدت أرضيـ وزاد عنديـ الثمر .. فماذا أفعل به ؟!
ياليته قال شيئاً من ذلكـ .. لعل عدياً إذا سمعه يشعر بغنى المسلمين وكثرة أموالهمـ ..
قال الرجل :: يارسول الله .. أشكو إليكـ الفاقة والفقر ..
مايكاد هذا الرجل يجد طعاماً يسد به جوعة أولاده .. ومن حوله من المسلمين يعيشون على الكفاف ليسـ عندهمـ مايساعدونه به ..
قال الرجل هذه الكلمات وعديـ يسمعـ .. فأجابه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ بكلمات ومضى .. فلما مشيا خطوات .. أقبل رجل آخر .. قال :: يارسول الله أشكو إليكـ قطعـ الطريقـ ؟!!
يعنيـ أننا يارسول الله لكثرة أعدائنا حولنا لا نأمن أن نخرجـ عن بنيان المدينة لكثرة من يعترضنا من كفار أو لصوصـ ..
أجابه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ بكلمات ومضى .. جعل عديـ يقلب الأمر فيـ نفسه .. هو فيـ عز وشرف فيـ قومه .. وليسـ له اعداء يتربصون به ..
فلماذا يدخل هذا الدين الذيـ أهله فيـ ضعف ومسكنة .. وفقر وحاجة ..
وصلا إلى بيت النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. فدخلا .. فإذا وسادة واحدة فدفعها النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إلى عديـ إكرامآ له .. وقال :: خذ هذه فاجلسـ عليها ..
فدفعها عديـ إليه وقال :: بل اجلسـ عليها أنت .. فقال صلى الله عليه وسلمـ :: بل أنت .. حتى استقرت عند عديـ فجلسـ عليها ..
عندها .. بدأ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ يحط الحواجز بين عديـ والإسلامـ .. ياعديـ أسلمـ .. تسلمـ .. أسلمـ تسلمـ .. أسلمـ تسلمـ ..
قال عديـ :: إنيـ على دين ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :: أنا أعلمـ بدينكـ منكـ ..
قال :: انت أعلمـ بدينيـ منيـ ؟
قال :: نعمـ .. ألست من الركوسية؟!
والركوسية ديانة نصرانية مشربة بشيء من المجوسية .. فمن مهارته صلى الله عليه وسلمـ فيـ الاقناعـ أنه لمـ يقل ألست نصرانيآ ..
وإنما تجاوز هذه المعلومة إلى معلومة أدقـ منها فأخبره بمذهبه فيـ النصرانية تحديدآ ..
كما لو لقيكـ شخصـ فيـ أحد بلاد أوروبا وقال لكـ :: لماذا لا تتنصر ؟
فقلت :: إنيـ على دين ..
فلمـ يقل لكـ :: ألست مسلمآ .. ولمـ يقل :: ألست سنيآ .. وإنما قال :: ألست شافعيآ أو حنليآ ..
عندها ستدركـ أنه يعرف كل شيء عن دينكـ ..
فهذا الذيـ فعله المعلمـ الأول صلى الله عليه وسلمـ معـ عديـ .. قال :: ألست من الركوسية؟
فقال عديـ :: بلى ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :: فإنكـ إذا غزوت معـ قومكـ تأكل فيهمـ المرباعـ؟
قال :: بلى ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :: فإن هذا لايحل لكـ فيـ دينكـ ..
فتضعضعـ لها عديـ .. وقال :: نعمـ ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ:: أما إنيـ اعلمـ الذيـ يمنعكـ من الإسلامـ ..
أنكـ تقول :: إنما اتبعه ضعفة الناسـ ومن لا قوة لهمـ ..
وقد رمتهمـ العرب ..
ياعديـ .. أتعرف الحيرة؟ "الحيرة مدينة بالعراقـ"
قلت :: لمـ أرها وقد سمعت بها ..
قال :: فو الذيـ نفسيـ بيده ليتمن الله هذا الأمر حتى تخرجـ الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت فيـ غير جوار أحد ..
أيـ سيقوى الإسلامـ إلى درجة أن المرأة المسلمة الحاجة تخرجـ من الحيرة حتى تصل إلى مكة ليسـ معها محرمـ .. من غير أحد يحميها ..
وتمر على مئات القبائل فلا يجرؤ أحد أن يعتديـ عليها أو يسلبها مالها .. لأن المسلمين صار لهمـ قوة وهيبة ..
إلى درجة أن أحدآ لايجرؤ على التعرضـ لمسلمـ خوفآ من انتصار المسلمين له ..
فلما سمعـ عديـ ذلكـ .. جعل يتصور المنظر فيـ ذهنه .. امرأة تخرجـ من العراقـ حتى تصل إلى مكة .. معنى ذلكـ أنها ستمر بشمال الجزيرة ..
يعنيـ ستمر بجبال طيء .. ديار قومه ..
فتعجب عديـ وقال فيـ نفسه :: فأين عنها ذُعّار طي الذين سعروا البلاد !!
ثمـ قال صلى الله عليه وسلمـ :: وليفتحن كنوز كسرى بن هرمز ..
قال :: كنوز ابن هرمز ؟؟
قال :: نعمـ كسرى بن هرمز .. ولتنفقن أمواله فيـ سبيل الله ..
قال صلى الله عليه وسلمـ :: ولئن طالت بكـ حياة لترين الرجل يخرجـ بملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحدآ يقبله منه ..
يعنيـ من كثرة المال يخرجـ الغنيـ يطوف بصدقته لا يجد فقيرآ يعطيه إياها .. ثمـ بدأ صلى الله عليه وسلمـ يعظ عديآ ويذكره بالآخرة ..
فقال :: وليلقين الله أحدكمـ يومـ يلقاه ليسـ بينه وبينه ترجمان , فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنمـ , وينظر عن شماله فلا يرى إلا جهنمـ " ..
سكت عديـ متفكرآ ..
ففاجأه صلى الله عليه وسلمـ قائلآ :: ياعديـ .. فما يفركـ أن تقول لا إله إلا الله ؟ .. أو تعلمـ من إله اعظمـ من الله ؟!!
قال عديـ :: فإنيـ حنيف مسلمـ .. أشهد أن لا إله إلا الله .. وأشهد أن محمدآ عبده ورسوله ..
فتهلل وجه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ فرحآ مستبشرآ ..
قال عديـ بن حاتمـ :: فهذه الظعينة تخرج من الحيرة تطوف بالبيت في غير جوار ..
ولقد كنت فيمن فتحـ كنوز كسرى .. والذيـ نفسيـ بيده لتكونن الثالثة لان رسول الله صلى الله عليه وسلمـ قد قالها" ..
فتأمل كيف كان هذا الأنسـ منه صلى الله عليه وسلمـ لعديـ .. وهذا الاحتفاء الذيـ قابله به .. حتى شعر به عديـ .. تأمل كيف كان كل ذلكـ جاذبآ لعديـ للدخول فيـ الإسلامـ ..
فلو مارسنا هذا الحب معـ الناسـ .. مهما كانوا .. لملكنا قلوبهمـ ..
^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..
:: اضاءة ::
بالرفقـ واستعمال مهارات التعامل والإقناعـ ..
نستطيعـ أن نحققـ مانريد ..
المفضلات