صحيح مسلم بشرح النووي
قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال )
قال العلماء : في هذا الحديث تحريم الهجر بين المسلمين أكثر من ثلاث ليال , وإباحتها في الثلاث الأول بنص الحديث , والثاني بمفهومه . قالوا : وإنما عفي عنها في الثلاث لأن الآدمي مجبول على الغضب وسوء الخلق ونحو ذلك ; فعفي عن الهجرة في الثلاثة ليذهب ذلك العارض . وقيل : إن الحديث لا يقتضي إباحة الهجرة في الثلاثة , وهذا على مذهب من يقول : لا يحتج بالمفهوم ودليل الخطاب .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لمسلم ) قد يحتج به من يقول : الكفار غير مخاطبين بفروع الشرع , والأصح أنهم مخاطبون بها , وإنما قيد بالمسلم لأنه الذي يقبل خطاب الشرع , وينتفع به .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( يلتقيان فيعرض هذا , ويعرض هذا )
وفي رواية ( فيصد هذا ويصد هذا ) هو بضم الصاد , ومعنى ( يصد ) يعرض , أي يوليه عرضه بضم العين , وهو جانبه , والصد بضم الصاد , وهو أيضا الجانب والناحية .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( وخيرهما الذي يبدأ بالسلام )
أي هو أفضلهما , وفيه دليل لمذهب الشافعي ومالك ومن وافقهما أن السلام يقطع الهجرة , ويرفع الإثم فيها , ويزيله , وقال أحمد وابن القاسم المالكي : إن كان يؤذيه لم يقطع السلام هجرته . قال أصحابنا : ولو كاتبه أو راسله عند غيبته عنه هل يزول إثم الهجرة ؟ وفيه وجهان : أحدهما لا يزول لأنه لم يكلمه , وأصحهما يزول لزوال الوحشة . والله أعلم .
رد مع اقتباس

المفضلات