قد اختلف العلماء في تفسير هذه الآية ،و إن ذهب أكثرهم إلى تفسير الآية على ظاهرها ،و من بين الأقوال الواردة في تأويلها ،ما نقله الألوسي في روح المعاني :
{ وقل عسى أن يهدين ربى }
وإلى هذا ذهب الزجاج ، وقد فعل ذلك عز وجل حيث آتاه من الآيات البينات ما هو أعظم من ذلك وأبين كقصص الأنبياء عليهم السلام المتباعدة أيامهم والحوادث النازلة في الاعصار المستقبلة إلى قيام الساعة ، وكأنه تهوين منه عز وجل لأمر قصة أصحاب الكهف كما هونه جل وعلا أولا بقوله سبحانه : { أم حسبت } [ الكهف : 9 ] الخ ، وهو متعلق بمجموع القصة ، وعطفه بعض الأفاضل على العامل في قوله تعالى : { إذ أوى الفتية إلى الكهف } [ الكهف : 10 ] كأنه قيل اذكر إذ أوى الفتية الخ وقل عسى أن يهديني ربي لما هو أظهر من ذلك دلالة على نبوتي .
وقال الجبائي : هو متعلق بقوله تعالى : { واذكر ربك } إلى آخره؛ والمعنى عنده أدع ربك سبحانه وتعالى إذا نسيت شيئا أن يذكرك إياه وقل إن لم يذكرك سبحانه عسى أن يهديني لشيء أقرب من المنسي خيرا ومنفعة { فهذا } إشارة إلى المنسي والرشد الخير والمنفعة و { أقرب } على معناه الحقيقي ، ولا يخفى أن هذا أقرب من جهة المتعلق وأبعد من جهات ،
وقيل : إنه متعلق بالمتعاطفات قبله و { هذا } إشارة ما تضمنته من الخير أمرا ونهيا كأنه قيل افعل كذا ولا تفعل كذا واطمع من ربك أن يهديك لأقرب مما أرشدت إليه في ضمن ما سمعت من الأمر والنهي خيرا ومنفعة ، وقد هدى صلى الله عليه وسلم في ضمن ما أنزل عليه عليه الصلاة والسلام بعد ذلك من الأوامر والنواهي إلى ما هو أقرب من ذلك منفعة ولا يكاد يحصى وهو كما ترى ، ولعله على علاته أقرب مما نقل عن الجبائي ،
وقال ابن الأنباري : معنى الآية عسى أن يعرفني ربي جواب مسائلكم قبل الوقت الذي حددته لكم ويعجل لي من جهته الرشاد ، ولا يكاد يستفاد هذا المعنى من الآية ، وعلى فرض الاستفادة تكون نظير استفادة المعاني المرادة من المعميات ويجل كتاب الله تعالى الكريم عن ذلك .
وأخرج البيهقي من طريق المعتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يحدث عن رجل من أهل الكوفة أنه كان يقول : إذا نسي الإنسان الاستثناء فتوبته أن يقول : { عسى أن * يهدينى * ربى لاقرب من هذا رشدا } وحكاه أبو حيان عن محمد الكوفي المفسر ، والظاهر أنه الرجل الذي ذكره المعتمر ، وهو قول لا دليل عليه .
المفضلات