أخيتي تيما ...

بارك الله فيك على طرح هذا الموضوع القيم ... فعلا موضوع هام جدا ...

ولكن أنت مجرد معرف هُنآ لانعرفك إلا من أسلوب حوآرك وشخصيتك في المنتدى فكتآبتك هي التي تدل عليك وعلى أخلآقك !
أنت معرّف هنا تعرف من خلال كتابتك . هذا هو الواقع وهذا هو الحال و لكن ...

عندما يستعد أحدهم لمناقشة آخر فإنه يجهز ما لديه من جيوش البيان و يجندهم بأسهم من التجريحات و المفردات و تبدأ المعركة على نوق أخي الكريم و أخي الفاضل و أنت مخطىء و أنت على خطأ و تحمى المعركة وتشتد فتتقدم كتيبة الألفاظ المحترمة و الإساءات البالغة لترتفع حصيلة الخسائر و يكثر عدد القتلى و يشتد الغضب و الحقد بين الإخوة الكرام أو بين الفريقين و يظهرُ متحزبون لهذا أو ذاك حتى إذا اقترب أحدهما من الانتصار على الآخر ظهر آخر لا يريد من المعركة سوى أن يحمل السيف ويطعن به أحدا ... و لا يعرف في المعركة عدوا و لا صديقا ... فإما أن تنتهي المعركة بخسارة جميع الأطراف أو ينتصر أحدهم وينسحب الآخر أو أن يفرجها الله فينزل عليهم من السماء - إغلاق - أو لو كانت المعركة من الدرجة الأولى فحظها من الأمر - حذف - . و ربما يختفي الفريقان من ساحة المعركة و ينتقلان للباحة الخلفية أو خلف الجبل - الرسائل الخاصة - وهناك يحمى الوطيس و يعلو نقاع الحرب و تصبح المعركة بالسيوف و الخناجر طعنة هنا ضربة هناك و في الأخير إما قاتل أو مقتول ... فذاك هو الجدال .

وهذه هي أهم قواعد الجدال أو المعركة :

1) إن لم تكن معي فأنت ضدي، أو بمعنى آخر إما صفر أو مائة في المائة؛ فهناك المفاصلة بل والمقاصلة، بمجرد أن أكتشف أن بيني وبينك نوعاً من الاختلاف أو التفاوت ـ حتى لو كان في مسائل جزئية أو صغيرة ـ نتحول إلى أعداء ألداء، بدلاً من أن نكون أصدقاء أوفياء.

2) الخلط بين الموضوع والشخص؛ فيتحول نقاش موضوع معين، أو فكرة، أو مسألة إلى هجوم على الأشخاص، وتجريح واتهام للنيّات، واستعراض لتاريخ هذا الإنسان أو ذاك، وبالتالي تتحول كثير من الساحات إلى محيط للفضائح والاتهامات وغيرها من الطعون غير المحققة.

3) تدنّي لغة الحوار، وبدلاً من المجادلة بالتي هي أحسن تتحول إلى نوع من السب والشتم، وكما يقول الأئمة الغزالي, وابن تيمية, والشاطبي, وغيرهم أنه لو كان النجاح والفلاح بالمجادلة بقوة الصوت والصراخ أو بالسب والشتم لكان الجهلاء أولى بالنجاح فيه، وإنما يكون النُّجْحُ بالحجة والهدوء، وفي المثل: العربة الفارغة أكثر جَلَبَةً وضجيجاً من العربة الملأى.

4) القعقعة اللفظية؛ التي نحقق بها أوهام الانتصارات الكاسحة على أعدائنا، ونحرك بها مسيرة التنمية والإصلاح لمجتمعاتنا زعماً وظناً، وقد تسمع من يقول لك: كتب فلان مقالاً قوياً، فتنتظر من هذا المقال أن يكون مقالاً عميقاً، أبدع فيه وأنتج، وخرج بنتيجة جيدة، أو أحصى الموضوع من جوانبه؛ فإذا بك تجده مقالاً مشحوناً بالألفاظ الحادة والعبارات الجارحة ، التي فيها الإطاحة بالآخرين الذين لا يتفقون معه؛ فهذا سر قوة هذا المقال عند بعضهم.

5) الأحادية، وأعني بها: " مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ" بحيث يدور الشخص حول رأيه ووجهة نظره، التي ليست شرعاً منزلاً من عند الله تعالى، ولا قرآناً يُتلى، ولا حديثاً، ولا إجماعاً، وإنما هو رأي قصاراه أن يكون صواباً.

6) القطعية؛ وأعني بها قولي صواب لا يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ لا يحتمل الصواب،

7) التسطيح والتبسيط، فالأشياء التي لا نفهمها أو يشق علينا فهمها، أو تحتاج إلى روية وتأمل وتدبر، هي أشياء خاطئة ومخالفة للحق، ومخالفة للسنة، بينما الأشياء البسيطة السطحية السهلة الفهم يُخيل إلينا أن فيها الحق والصواب، وأنها الموافقة للكتاب، وهكذا ما تجده في القنوات الفضائية، فكم من برامج الحوارات التي تُدار, ويتناطح فيها أقوامٌ من كافة الاتجاهات والمذاهب والمشارب؛ فتجد الصخب واللجاج، وانتفاخ الأوداج، والصفاقة والإحراج .

و المفارقة في الأمر ما هو مكتوب في مربع كتابة الرد ، هل نقرأها يا ترى ام أننا نمر عليها و نتجاهلها :

قال الله تعالى : {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }

يااه ، أتدرك ما معنى هذه الآية ... و الله لو أدركت لما تفوهت إلا بخير أو لصَمَتّ .

أما إن كان الحديث عن الحوار فتلك وسيلة راقية للنقاش و سِمَاتُهَا اثنتين ... احترام و أدب ...

جزى الله خيرا جميع المشرفين و المراقبين ووفقهم لكل صلاح ...

و إلى ذلك اليوم الذي نتحاور أو نتناقش فيه بدون جدال ... عسى أن يكون قريبا ...

و أترككم في أمان الله و حفظه ورعايته .