قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله " أي إذا فرغت من أعمالك فانصب لعمل آخر ، يعني اتعب لعمل آخر ، لا تجعل الدنيا تضيع عليك ، ولهذا كانت حياة الإنسان العاقل حياة جد ، كلما فرغ من عمل شرع في عمل آخر ، وهكذا ؛ لأن الزمن يفوت على الإنسان في حال يقظته ومنامه، وشغله وفراغه ، يسير ولا يمكن لأحد أن يمسك الزمن ، لو اجتمع الخلق كلهم ليوقفوا الشمس حتى يطول النهار ما تمكنوا ، فالزمن لايمكن لأحد أن يمسكه ، إذًا اجعل حياتك حياة جد ، إذا فرغت من عمل فانصب في عمل آخر ، فإذا فرغت من عمل الدنيا عليك بعمل الاخرة ، فرغت من عمل الاخرة اشتغلت بأمر الدنيا فإذا فرغنا من شغل اشتغلنا في آخر ، وإذا فرغنا منه اشتغلنا في آخر وهكذا ينبغي أن يكون الإنسان دائمًا في جد فإذا قال قائل: لو أنني استعملت الجد في كل حياتي لتعبت ومللت، قلنا : إن استراحتك لتنشيط نفسك وإعادة النشاط يعتبر شغلًا وعملًا ، يعني لا يلزم الشغل بالحركات ففراغك من أجل أن تنشط للعمل الآخر يعتبر عملًا ، المهم أن تجعل حياتك كلها جدًّا وعملًا ، *وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ * يعني إذا عملت الأعمال التي فرغت منها ونصبت في الأخرى ، فارغب إلى الله عز وجل في حصول الثواب ، وفي حصول الأجر ، وفي الإعانة كن مع الله عز وجل قبل العمل وبعد العمل ، قبل العمل كن مع الله تستعينه عز وجل ، وبعده ترجو منه الثواب ، وفي قوله : *وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ * فائدة بلاغية *إِلَى رَبِّكَ * متعلقة من حيث الإعراب بـ (ارغب) وهي مقدمة عليها ، وتقديم المعمول يفيد الحصر ، يعني إلى الله لا إلى غيره فارغب في جميع أمورك ، وثق بأنك متى علقت رغبتك بالله عز وجل فإنه سوف ييسر لك الأمور ، وكثير من الناس تنقصهم هذه الحال أي ينقصهم أن يكونوا دائمًا راغبين إلى الله ، فتجدهم يختل كثير من أعمالهم ؛ لأنهم لم يكن بينهم وبين الله تعالى صلة في أعمالهم ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممتثلين لأوامره ، مصدقين بأخباره ، إنه على كل شيء قدير ".



المفضلات