تنفس عمر الصعداء
عندما عبر الجنود من أمام باب البيت ولم يتوقفوا ..
بل استمروا فى سيرهم
وعندما ابتعدت أصواتهم خارت قواه
وانزلق جسده الى الأرض وظهره للجدار ..
أسند رأسه الى الجدار وأغلق عينيه وهو يلهث بقوه
وجلست زهره الى جواره
وهى لاتزال ممسكة بيده وبيدها الأخرى
مسحت حبات العرق التى تناثرت فوق جبينه
وهى تقول بحنان :
عمر ..هل أنت بخير الآن؟
أخذ نفس عميق ...وهز رأسه موافقا
و قال بعد تردد :
نعم ..ولكن عليك أن تغادرى جروزنى الليلة
هتفت باعتراض : ولكن...
قاطعها بانفعال : ألا تدركين الخطر المحدق بك؟
انهم يبحثون عنى كالكلاب المسعورة..
وأنا...أنا...
صمت قليلا وأدار وجهه بعيدا عنها
حتى لا ترى الضعف فى عينيه
قالت بصوت بالغ الحنان :
عمر..ما بك؟
قال بعد تردد :
..أخشى ..أخشى..
أن يحترق قلبى وأفقد زهرة فؤادى ..
قد أتحمل كل عذابات الحياه
لكنى لن أستطيع أن أتحمل أبدا أن تذبل زهرة روحى ..
نظر فى عينيها من جديد
محاولا أن يستمد منهما القوه
فقالت بعد تفكير :
عمر.. ان احترقت زهرة ,
فجبال بلادنا تنبت أجمل واندر الزهور
قال بحنين : ولكن قلبى لا يسع سوى زهرة واحده
ابتسمت بحب :
وستظل تحيا فى قلبك ترتوى من حبك لهذه الأرض
أكملت فى شجاعه :
لا تقلق علىّ ..سيصبح كل شئ بخير ان شاء الله
قال برجاء :
زهره, يجب أن تغادرى جروزنى من أجلى,
لن أتحمل أن أكون هناك
وقلبى يتمزق من القلق عليكى فى كل دقيقة
عدينى أنك سترحلى مع قوافل المهاجرين
أنت وأمك وأخوتك...
ولا تنسى أنك على وشك وضع طفلنا الأول
تنهدت باستسلام ثم قالت وهى تبتسم بحب :
ماذا أقول ...لا أستطيع أن أخالف أمر زوجى,
سأغادر غدا مع قوافل المهاجرين
ابتسم ابتسامة كبيرة وهو ينظر الى بطنها المتكور
الذى يحمل طفلهما الأول ووضع كفه عليها وقال :
وانت أيها الولد الشقى ..كن رجل البيت ,
ولترعى أمك فى غيابى..هل تفهم؟
كن ولدا مطيعا
خفتت ابتسامته وتنهد بقوه وهو يقول :
لن يطول الأمر ,
سأعمل على أن نعود الى بيتنا سريعا
اشتعلت عينيه ببريق غاضب شديد الشراسه :
لن ندعهم يهنئون فيها...سنخرجهم منها صاغرين
.
.

رد مع اقتباس

المفضلات