{{العبادات مبناها على الشرع والإتباع، لا على الهوى والابتداع، فإن الإسلام مبني على أصلين:
أحدهما:أن نعبد الله وحده لاشريك له.
والثاني: أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عيله وسلم،لانعبده بالأهواء والبدع، قال تعالى: (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولاتتبع أهواء الذين لايعلمون{18}إنهم لن يعنوا عنك من الله شيئاً)وقال تعالى: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)
فليس لأحد أن يعبد الله إلا بما شرعه رسوله عليه الصلاة والسلام، من واجب ومستحب، لانعبده بالأمور المبتدعة، كما ثبت في السنن من حديث العرباض بن سارية قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وفي مسلم أنه كان يقول في خطبته: (خير الكلام كلام الله،وخير الهدى هدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها،وكل بدعة ضلالة) }}

المجموع{1/80}





{{ومن ذلك أمره بطلب الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود كما ثبت في صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي مرة صلى الله عليه عشراً،ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها درجة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن اكون أنا ذلك العبد، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه شفاعتي يوم القيامة) فقد رغب المسلمين في أن يسألوا الله له الوسيلة،وبين أن من سألها له حلت له شفاعته يوم القيامة،كما أنه من صلى عليه مره صلى الله عليه عشراً، فإن الجزاء من جنس العمل.
ومن هذا الباب الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وابن ماجه أن عمر بن الخطاب أستاذن النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن له ثم قال: (لاتنسنا يا أخي من دعائك) فطلب النبي صلى الله عليم وسلم من عمر أن يدعو له كطلبه أن يصلي عليه، ويسلم عليه،وأن يسأل الله له الوسليلة والدرجة الرفيعة، وهو كطلبه أن يعمل سائر الصالحات ،فمقصوده نفع المطلوب منه والإحسان إليه، وهو صلى الله عليه وسلم أيضاً ينتفع بتعليمهم الخير وأمره به، وينتفع أيضاٍ بالخير الذي يفعلونه من الأعمال الصالحة ومن دعائهم له.
ومن هذا الباب قول القائل: إني أكثر الصلاة عليك،فكم أجعل لك من صلاتي؟قال: ( ماشئت) قال:الربع؟ قال: ( ماشئت، وإن زدت فهو خير لك ) قال: النصف؟ قال: (ما شئت، وإن زدت فهو خير لك) قال أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك)رواه أحمد في مسنده والترمذي وغيرهما.
وقد بسط الكلام عليه في { جواب المسائل البغدادية} : فإن هذا كان له دعاء دعو به، فإذا جعل مكان دعائه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كفاه الله ما أهمه من أمر دنياه وآخرته، فإنه كلما صلى عليه مرة صلى الله عليه عشراً، وهو لو دعا لآحاد المؤمنين لقالت الملائكة: (آمين ولك بمثله) فدعاؤه للنبي عليه الصلاة والسلام أولى بذلك.
ومن قال لغيره من الناس: ادع لي ـ او لنا ـ وقصده أن ينتفع ذلك المأمور بالدعاء وينتفع هو أيضاً بأمره ويفعل ذلك المأمور به كما يأمر بسائر فعل الخير فهو مقتد بالنبي عليه الصلاة والسلام مؤتم به ليس هذا من السؤال المرجوح.
وأما إن لم يكن مقصدوه إلا طلب حاجته لم يقصد نفع ذلك والإحسان إليه، فهذا ليس من المقتدين بالرسول المؤتمين به في ذلك، بل هذا هو من السؤال المرجوح الذي تركه إلى الرغبة إلى الله ورسوله أفضل من الرغبة إلى المخلوق وسؤاله، وهذا كله من سؤال الأحياء السؤال الجائز المشروع}}

المجموع{1/192}

ـــــــــــــــــــــ