{{وفسرت (الشفاعة الحسنة)) بشفاعة الإنسان للإنسان ليجتلب له نفعاً، أو يخلصه من بلاء، كما قال الحسن ومجاهد،وقتادة وابن زيد، فالشفاعة الحسنة إعانة على خير يحبه الله ورسوله،من نفع من يستحق النفع ودفع الضر عمن يستحق دفع الضرر عنه. و(الشفاعة السيئة))إعانته على مايكرهه الله ورسوله، كالشفاعة التي فيها ظلم الإنسان، او منع الإحسان للذي يستحقه.
وفسرت الشفاعة الحسنة بالدعاء للمؤمنين،والسيئة بالدعاء عليهم، وفسرت الشفاعة الحسنة بالإصلاح بين إثنين، وكل هذا صحيح،فالشافع زوج المشفوع له إذ المشفوع عنده من الخلق إما أن يعينه على بر وتقوى، وأما أن يعينه على أثم وعدوان، كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا اتاه طالب حاجة قال لأصحابه: ((اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ماشاء)).

المجموع{7/64}




{{ولما كانت سورة البقرة سنام القرآن، ويقال : إنها أول سورة: نزلت بالمدينة، افتتحها الله بأربع آيات في صفة المؤمنين، وآيتين في صفة الكافرين وبضع عشرة آية في صفة المنافقين، فإنه من حين هاجر النبي صلى الله عليه وسلم صار الناس (ثلاثة اصناف)): أما مؤمن، وأما كافر مظهر الكفر، وأما منافق، بخلاف ماكانوا وهو بمكة، فإنه لم يكن هناك منافق، ولهذا قال أحمد بن حنبل وغيره: لم يكن من المهاجرين منافق، وإنما كان النفاق في قبائل الأنصار، فإن مكة كانت للكفار مستولين عليها، فلا يؤمن ويهاجر إلا من هو مؤمن ليس هناك داع إلى النفاق، والمدينة آمن بها أهل الشوكة، فصار المؤمنين بها عز ومنعة بالأنصار، فمن لم يظهر الإيمان آذوه، فاحتاج المنافقون إلى إظهار الإيمان، مع أن قلوبهم لم تؤمن، والله تعالى افتتح البقرة ووسط البقرة وختم البقرة بالإيمان بجميع ماجاءت به الأنبياء، فقال في أولها ماتقدم وقال في أوسطها{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ()فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاق}
وقال في آخرها{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}

المجموع{7/200}