ديوان " لو أننا لم نفترق "

رحلة النسيان

الوقت ليل .. و الدقائق بيننا
زمن طويل حين يسكننا الضجر
مازلت أنظر للسماء فلا أرى
غير السحاب..
و رعشة البرق المسافر .. و المطر
فالسحب ترتع في السماء .. فينزوي
ركب النجوم..
و يختفي وجه القمر
ما عدت ألمح أي شيء في طريقي
كلما فتحت عيني
لاح في قدمي حجر
إني لأعرف أن دربك شائك
و بأن هذا القلب
أرقه الرحيل..
و هده طول السفر
إني لأعرف أن حبك لم يزل
ينساب كالأنهار في عمري
و يورق كالشجر
و بأنني سأظل أبحر في عيونك
رغم أن الموج أرقني زمانًا
ثم في ألم غدر
و بأن حبك ..
مارد كسر الحدود..
و أسقط القلب المكابر .. و انتصر
أنا لم أكن أدري
بأن بداية الدنيا لديك..
و أن آخرها إليك..
و أن لقيانا قدر
***
الوقت ليل .. و الشتاء بلا قمر
نشتاق في سأم الشتاء..
شعاع دفء حولنا
نشتاق قنديلا يسامر ليلنا
نشتاق من يحكى لنا
من لا يمل حديثنا
تنساب أغنية
فتمحو ما تراكم من هوان زماننا
نهفو لعصفور..
إذا نامت عيون الناس
يؤنسنا .. و يشدو حولنا
نشتاق مدفأة
تلملم ما تناثر من فتات عظامنا
نشتاق رفقة مهجة تحنو علينا..
إن تكاسل في شحوب العمر
يوما نبضنا
نشتاق أفراحُا..
تبدد وحشة الأيام بين ضلوعنا
نشتاق صدر يحتوينا..
كلما عصفت بنا أيدي الشتاء
و شردت أحلامنا
***
الوقت ليل .. و الشتاء بلا قمر
ماذا سيبقى في صقيع العمر
غير قصيدة ثكلى..
يعانقها كتاب؟؟
و أنامل سكنت على أوتارها
و ترنحت في الصمت بين دفاتر الذكرى
فأرقها العذاب
و بريق أيام
تعثر بين ضوء الحلم أحيانا..
و أشباح السراب
و زمان لقيا..
طاف كالأنسام حينًا
ثم بعثره الغياب
و قصيدة ..
سئمت سجون الوقت .. فانتفضت
تحلق في السحاب
و حكاية عن عاشق..
رسم الحياة حديقة غناء في أرض خراب
و أتى الشتاء..
فأغرق الطرقات
أسكت أغنيات الشمس
أوصد فى عيوني كل باب
الوقت ليل .. و الشتاء بلا قمر
يأتي الشتاء و عطرها
فوق المقاعد و المرايا الباكية
و تطل صورتها على الجدران
وجهًا فى شموخ الصبح
عينًا كالسماء الصافية
أطيافها..
فى كل ركن تحمل الذكرى
فتشعل نارها
أحلام عمر باقية
الكون يصغر فى عيون الناس
حين يصير عمر المرء ذكرى
أو حكايا ماضيه
فى رحلة النسيان
تلتئم الجراح و تنطوى..
إلا جراح القلب تبقى فى الجوانح دامية
***
الوقت جلاد قبيح الوجه
يرصد خطوتي..
و شتاؤنا ليلٌ طويل عابث
ما أسوأه
لا تسأل الملاح
حين يغيب فى وسط الظلام
متى سيدنو مرفأه؟
لا تسأل القلب الحزين
و قد تناثر جرحه
عن أي سر خبأه؟
لا تسأل الحلم العنيد
و قد تعثرت الخطى
من يا ترى .. قبل النهاية أرجأه ؟؟
فالوقت ليل
و القناديل الحزينة حولنا
تبدو عيونًا مطفأه
لا تكتوي بين الشموع
و أنت ترسم صورة الأمس البعيد
على رماد المدفأة
فالعمر أجمل..
من عيون حبيبة رحلت
و أغلى..
من عذاباتِ امرأة!

السفر في الليالي المظلمة

وغدًا تسافر
والأماني حولنا.. حيرى تذوب
والشوق في أعماقنا يدمي جوانحنا
ويعصف بالقلوب
لم يبق شيء من ظلالك
غير أطياف ابتسامة
ظلت على وجهي تواسيه
وتدعو.. بالسلامة
* * *
وغدا سمنضي فوق أمواج الحياة..
لا نعرف المرسى
وتاهت كل أطواق النجاة
لم لم تعلمني السباحة في البحار؟
لم لم تعلمني الحياة بغير شمس.. أو نهار؟
والصبر.. يا للصبر حلم زائف..
وهم يعذبنا ومأوى.. كالدمار
وغدًا تسافر
والمنى حولي تذوب
أتراك تعرف كيف يغتال الهوى
نبض.. القلوب؟
والآن تجمع في الحقائب
عطر أيام.. الهوى
وعلى المقاعد نامت الذكرى
على صدر المنى..
ما كنت أحسب أننا يومًا
سنرجع.. قبل منتصف الطريق
ومع النهاية نحمل الماضي
صغيرًا.. مات منا في حريق..
وتسافر الأشواق في أوراقنا
والحب يبكي كلما اقتربت نهايتنا
ويسرع.. نحونا..
وعقارب الساعات تصمت..
قد يتوه الوقت..
قد يمضي قطار الليل
قد ننسى.. ونرجع بيتنا
الدرب أظلم حولنا..
من يا ترى سيضيء
هذا الدرب.. حبًا مثلنا؟!
الدرب أقسم أن يخاصم
كل شيء.. بعدنا
وهناك في وسط الطريق شجيرة
كم ظللت بين الأماني.. عمرنا
مصباحنا المسكين ودع نبضه..
ولكم أشاع النور عطرا.. بيننا
شرفات مسكننا المسكين تحطمت..
عاشت أمانينا وذاقت كأسنا
وبراعم النوار بين دموعها
ظلت تعانقني.. وتسألني: ترى..
سنعود يوما.. بيتنا؟!
.
.
.


وانتهيتُ أخيرًا! (: