السلام عليكم ورحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
فضل العلم وفضل تلاوة القرءان
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " طلب العلم فريضة على كل مسلم "
إن طلب العلم فريضة على كل مسلم هكذا أخبرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فى حديثه وحثنا على طلب العلم ، والمقصود هنا هو العلم الشرعى الذى يأثم تاركه .
والعلوم الشرعية منها ماهو فرض عين على المسلم أى لا يسقط عنه بأى حال من الأحوال ولا يقوم به غيره ، ومنه ما هو فرض على الكفاية اذا قام به البعض يسقط عن الأخرين . وقد مدح الله أهل العلم فى قوله:
" بل هو آيات بينات فى صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون "
"العنكبوت 49 "
وقال ابن القيم رحمه الله : " هذا مدح لأهل العلم وثناء عليهم وشرفهم بأن جعل كتابه آيات بينات فى صدورهم وهذه خاصية ومنقبة لهم دون غيرهم ".
وبين ربنا سبحانه فضل أهل العلم على غيرهم فى قوله : -
" قل هل يستوى الذين لا يعلمون والذين لا يعلمون "
اى هل يستوى العالم والجاهل ، هل يستوى الذى فى جوفه شئ من القرءان كالذى ليس فى جوفه شئ منه ، كما دلنا قوله صلى الله عليه وسلم : -
"الذى ليس فى جوفه شئ من القرءان كالبيت الخرب "
ولنعلم أن حياة الأبدان لا تقوم الا بحياة القلوب ، والعلم هو السبيل الى ذلك فالسعى للعلم وهو غذاء الروح أهم عند العاقل من غذاء البدن .
والعلم بالقرءان أفضل من العلم بالسنة والعلم بالسنة قدم على الهجرة كما جاء فى :
قوله صلى الله عليه وسلم : " يؤم القوم اقرءوهم لكتاب الله فإن كانوا فى القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ، فإن كانوا فى السنة سواء فأقدمهم هجرة " صحيح البخارى.
اذا فلفضل تعلم القرءان وتلاوته أثارا على قارئه وأهله ووالديه ومن حوله ولنفسه أيضا .
أولا : أثره على أهله ومن حوله : حيث يشفعه الله عز وجل فى عشرة من أهله وأقاربه يوم القيامة كل منهم قد وجبت لهم النار .
ثانيا : أثره على والديه " حيث يلبسهم الله تاجا ضوؤه أحسن من ضوء الشمس فى الحياة الدنيا " لذا وجب على الأهل والوالدين أن يدفعوا اولأدهم لتعلم القرءان ويدربوهم على العمل بما جاء فيه .
ثالثا : أثره على القارئ نفسه " لان الذى يشتغل بالقرءان عن مسألة الله عز وجل يعطيه الله أفضل ما يعطيه السائلين .
كماجاء عن أبى سعيد الخدرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال الله تعالى " من شغله القرءان وذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه ".
أكرم الله تعالى الذين يجتمعون على تلاوة القرءان ومدارسته بأن تنزل عليهم السكينه وتغشاهم الرحمة وتحفهم الملائكة بأجنحتها ويذكرهم الله فيمن عنده رضا بما صنعوا "
وجعل رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم معلم القرءان أفضل المعلمين : -
" خيركم من تعلم القرءان وعلمه " .
وجعل أيضا من آتاه الله القرءان وقام به آناء الليل وأطراف النهار من المغبوطين .
ودل ذلك حديثه صلى الله عليه وسلم : -
" لا حسد إلا فى إثنتين رجل آتاه الله القرءان فهو يثقوم به آناء الليل وآناء النهار ، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه آناء الليل وآناء النهار " متفق عليه .
وجعل رسولنا الكريم أيضا الماهر بالقرءان مع السفرة الكرام البررة والذى يقراء القرءان ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران .
و جعل ايضا منزلة صاحب القرءان فى الجنة بقدر ما يحفظ فى الدنيا :
" يقال لصاحب القرءان اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل فى الحياة الدنيا فإن منزلتك عند أخر آية تقرؤها " .
وقال ابن القيم رحمه الله :
إذا اعتلت أبداننا داويناها بالقــــرآن ، وإذا مرضت نفوسنا عالجناهـــا بالقــــرآن
وإذا زلت أخلاقنا قومناها بالقــــرآن ، وإذا وهنـــت عزائمنا قويناهـــــا بالقـــرآن
وإذا نامت ضمائرنا أيقظناها بالقرآن ، وإذا صـدأت قلوبنا صقـلناهــــا بالقـــــرآن
وإذا أظلمت سبـلنا أنرنـاها بالقــرآن ، وإذا قلـت أرزاقنا أكثرناهــــا بالقــــــــرآن
وإذا جمحت غرائزنا كبحناها بالقرآن ، وإذا أقفــرت أوديتنـــا نضرناهــا بالقــــرآن
وإذا ســـاءت لغتنا حسناها بالقــرآن ، وما من أزمة تصيبنا إلا ولها علاج بالقرآن
فالقرءان يرد الى البائس أمله ، وإلى الملهوف سكينته ، وإلى الخائف أمنه، وإلى الشقى سعادته ، وإلى المضطر هدوءه ، ويؤنس قارئه فى الخلوات ، ويهدى الحائر فى الظلمات ويكفكف جيشان المهموم فى الأزمات ، تتفاوت حلاوته فى القلوب بتفاوت إيمان قارئه ، فهو يثرى النفس بالمشاعر الطيبـة ويثـرى القلب بالأحاسيس السمحة ، وثــرى الذهــن بالمعانى الكريمة ، وأينما نظرت فيه تجد الحق ساطعا فى صحفه :
" لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه "
وإذا ظللت أكتـب عن فضائله فلـن تكفى الصفحات ، ولن تساعدنى الكلمات ، ولن تكفينى الساعات فإن فضل القرءان لا يحصى . نسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن تلاوته وتدبره والعمل به مع إخلاص النية لله ، جعلنا ممن يتعلمه ويعلمه ، وأن يجعله شفيعا لنا يوم لقيامة ، وأن يحشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا ..
***************
جزاكم الله خيرا على صبركم فى القراءة ، وأساله أن يتقبل منا صالح الأعمال ،
وأن يجعله فى ميزان حسناتنا ، إنه مولى ذلك والقادر عليه سبحانه .
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
المفضلات