بسم الله الرحمن الرحيم
فى كلَّ مجتمعٍ كثيرٌ من ذوى الطباعِ الشاذة ، والخصال البغيضةِ المرذولة ، يُشتهرون بها بين الناس ، وتَقتَرنُ بِذكرهم فى كل مجال ومقال فَليَلحَقهُم بها دائماً السُّبة والزِّرايةُ والعار ، ومن هؤُلاءِ أصحاب الكذب وأربابُ النفاق ، والسفهاءُ ، والجبناءُ ، والبخلاءُ ، وغيرُهم ممن حادوا عن الخلق القويم أو العُرف السليم .
كيف حال أعضاء مسومس الكرام عسى تكونوا بخير
صراحة لم يكن لدى أمل فى كتابة أى موضوع وتحجرت الأفكار والحمدلله
وأمل أن يكون هذا بداية لكسرها >>فعلاً يدى تكسرت من الكتابة
هو أحد موضوعات المطالعة درسناها فى الصف الثانى الأعدادى ولكم أحببت هذا الدرس لما يدخله من سرور على النفس أتركم معه
مقدمة الكاتب
.
ولكن يمتازُ البخلاءُ ، بأَن الحديثَ عنهم مُحَببٌ إِلى النفوس ، خفيف على الأَسماع ،و قَصَصهم دائماً موضع التندر والفكاهاتِ ، تنبسط النفس لها ، وتَهشُّ لسماعها ، لما فيها من عَرض الطبيعة البشرية فى مظهر الجمود والكرازة "أى :الانقباض" وتصوير الغريزة الإنسانية فى مجالى الحِرص والشراهةِ ولما يَبهَج النفسَ فى هذه القصص من ألوانِ الشذوذ ، وطرائفِ الحِيل ، وخَرق العُّرف المألوفِ بين الناس.
وإَِذا كانت سِيَرُ البخلاءِ حديثَ المجتمعات ، ومادةً للسَّمر الشائق فى المنتديات فقد كانت كذلك مادةً للأدب والأدباء ، شغلوا بها وأَلَّفوا فيها واتخذوا منها نواة لأشهى القصص ، وأعذب الروايات ، كما وَجَد فيها الشعراءُ مغامز جارحة لخصومهم ، فنظموا فيهم أَقذع الهجاء.
مؤلفات الجاحظ فيهم
ومن أَعظم الأُدباءِ الذين عنوا بسِير البخلاءِ "الجاحظ" فقد جمع كثيراً
من سَيرهم وقصصهم فى كتاب سماه بأسمِهم ، تُطالعُك فيه صورٌ من حياتهم التى كانوا يَحيونها بين الناس ، واستطاعَ " الجاحظُ " بما وَسعة عقلُه من دراية بنوازع النفس وميولها وأَطماعها ، ومن إحاطة بأَساليب الحياة فى بلادِهِ وعصره ، أَن يعالجَ نفسيَّاتِ البخلاءِ ، وأَهواءَهم وفَلسفته ، على غِرارٍ عجيبٍ ونَظم فائق ، واستيعاب باهر ، حتى ليخيل إِليك وأَنت تقرأُ هذا الكتاب ، أَنك ترى هؤُلاءِ الذين درجوا وطَوَتُهُمُ الأَيَّامُ أَحياءً متكلمين ، ومجادلين مناضلين ، يفهمون الحياة على نحو من الفهم غريب عجيب .
ويٌعَدّ كتاب" البخلاءِ "هذا من عيون الكتب الأدبية ، ومن أَنفس ما تركه "الجاحظُ" من أثارٍ ومؤَلفات .
من طرائف البخلاء
وهذه طائفةٍ من نوادر البخلاء :
قال رجلٌ لبعض البخلاءِ :لم لا تدعونى إلى طعامك ؟ قال : لأنك جيد المضغ ، سريع البلع إذا أكلت لقمة هيأت أخرى قال : يا أخى أتريد إذا أكلت أن أصلى ركعتين بين كل لقمنين ؟!
وقال آخر لبخيل : لم لا تدعونى إلا طعامك ؟ قال : لأنك تُعلِّق وتُشَدِّق وتُحَدِّق ،"أى تحمل واحدة فى يدك ، وأخرى فى شدقك ، وتنظر إلى الأخرى بعينيك".
وطبخ بعض البخلاء ، وجلس يأكل مع زوجته ، فقال : ما أطيب هذا الطعام ، لولا كثرة الزحام . فقالت : وأى زحام ، وما ثم إلا أنا وأنت. قال : كنت أحب أن أكون أنا والأناء.
وعزم بعض أخوان أشعب عليه ليأكل عنده ، فقال : إنى أخاف ثقيل يأكل معنا فَيُنَغِّصُ لذتنا ، فقال : ليس عندى إلا ما تحب ؛ فمضى معه فبينما هما يأكلان ، إذا الباب قد طرق ، فقال أشعب : ما أرانا إلا صرنا لما نكره ، فقال صاحب المنزل إنه صديق لى ، وفيه عشر خصال ، كرهت منها واحدة ، لم آذن له ، فقال أشعب : هات ، قال: أولها أنه لا يأكل ولا يشرب ، فقال : التسع لك ودعه يدخل ، فقد أمنا منه ما نخافه.
وكان بعضهم إذا صار الدرهم فى يده يخاطبه ويقول : بأبى أنت وأمى كم أرض قطعت ، وكيس فارقت ، وكم من خامل رفعت ، ومن رفيع أجملت ، الأن استقر بك القرار ، وأطمأنت بك الدار ، لك عندى ألا تعرى ولا تضحى ثم يلقيه فى كيسه ويقول : اسكن على اسم الله ، فى مكان لا نزول عنه ولا إنزعاج منه.
ممن أشتهروا بالبخل
وممن أشتهروا بالبخل "خالد بن صفوان " ، كان إذا جائزته قال للدرهم : طالما سرت فى البلاد ، والله لأٌطيلن حبسك ، ولأٌديمنَّ لُبثك ، وقيل له : لم لا تنفق وإن مالك عريض ؟ فقال: الدهر أعرض منه ، قيل : كأنك تؤمل أن تعيش الدهر كله ، قال : ولا أخاف أن أموت فى أوله.
ومنهم " أبو الأسود الدؤلى"، ومن قصصه أنه عمل دكانا عاليا يجلس عليه ، فكان إذا أكل عليه لا يناله المجتاز فمر به أعرابى على جمل ، فعرض عليه أن يأكل معه ، وظن أنه لا يناله ، فأناخ الأعرابى بعيره ، حتى وازى الدكان وأكل معه ، فما جلس بعد ذلك على الدكان ، وكان يقول : لو أطمعنا المساكين فى أموالنا ، كنا أسوأ حالا منهم ، وقال لبنيه : لا تطعموا المساكين أموالكم ، فإنهم لا يقنعون منكم ، حتى يروكم فى مثل حالهم .
ولم يقف لبخل عند أدنياء الناس وأوسطهم ، بل تجاوزهم إلى الملوك والخلفاء .
ومن هؤلاء الخلفاء البخلاء " عبدالملك بن مروان " وكان لبخله يلقب برشح الحجر ولبن الطير كناية عن شدة بخله
ومنهم أبنه" هشام " وكان ينظر فى بيع الهدايا التى تهدى إليه ، وحكى عنه : أن أعرابيا أكل عنده ، فرفع اللقمة إلى فيه ، فقال هشام : فى لقمتك شعرة يا أعرابى . فقال : وإنك تلاحظنى ملاحظة من يرى الشعرة والله لا أكلت عندك أبدا . ثم قام وانصرف .
مما قيل من شعر عنهم
ونظم الشعراء فى البخل والبخلاء شعرا كبيرا . جمع إلى الرقة ، وخفة الدعابة ومرارة التنديد ولذع الهجاء .
فيقول بن الرومى:
يُقتِّرُ عيسى على نفسه
وليس بباق ولا خالد
فلو يستطيعُ لتَقتيره
تنفَّس من مَنخَر واحد
رضيتُ لِتَشتِيت أَمواله
يَدى وارث ليس بالحامد
لك الله يا بن الرومى ، ما أقذع هجوك وما أقسى سخريتك ! أمن الناس من يبخل بالهواء ، فلا يتنفسسه إلا بأحد منخريه ، توفيرا له وإبقاء عليه ؟ !
وإنظر قول الشاعر يهجو بخيلا:
إذا كُسر الرغيف بكى عليه
بُكَا الخنساءِ إِذ فُجِعَت بِصخرِ
ودونة رغيفه قَلعُ الثَّنَايا
و حَربٌ مِثل وقعة يومِ بدرِ
أرءيت كيف كانت فجيعة الخنساء بموت أخيها صخر ؟ ! وكيف كان مصابها فيه ، وبكاؤها عليه ؟!! لقد كان على على رغيف ذلك البخيل مثل هذا البكاء وهذا العويل ، فإن طمعت فى شئ منه فتأهب لتضحية جسيمة ، تتنازل فيها عن بعض أسنانك ، أو وقعة عنيفة تلقى فيها خصما شديد البأس ، قوى المراس .
حقاً إن حديثهم من ألطف الأحاديث وأكثرها سروراً
شكرا لفريق تسالى بلاس على الفواصل
أدام الله إبتسامتكم
وحرر الله أرضنا من المغتصبين
اللهم أمين
المفضلات