يا لعجب هذه الدنيا ، يكاد يطيش العقل كلما سرح التفكير والتأمل في أحوالها

والمزعجون فيها أنواع :

نوع مزعج لا يصلح معه إلا أن تكون له باالمرصاد وأن ترد عليه ليكتفي ، لا يصلح معه إلا أن تعطيه ولا يرتاح ولا يكتفي إلا إن تصديت له، ولا يصلح أن تكف شره إلا بالقمع .

ونوع مزعج ، إهمله في سلة المهملات كي ينتهي عن إزعاجه ، أعرض عنه فذلك دواءه، واجعل كلامه يمر من أذن ويخرج من أخرى ثم إلى البحر .

ونوع مزعج لا ينام الليل ويريد أن يفيقك معه كرها ، يا للحمق ، ولماذا يفيقك لأجل ترهات ويحسب نفسه محققا بوليسيا لا يراعي ظروف ولايراعي حال ولا ولا.

ونوع من المزعجين يظنك آلة وليس إنسانا ، فإن لم ترد عليهم ولم تجبهم ، طبلوا وزمروا وأخذوا يغتابون بأن فلانا يتكبر عن الناس، ألا فلتتقوا الله واعلموا أن ثمة هناك إنسان وليس آلة ، ثم يتكلم معك بوقاحة وكأنك خادم عنده .

ونوع من المزعجين يتكالبون عليك في وقت واحد ، لتظطر أن تقسم مخك ومخيخك وبصلتك السيسائية إلى خمسة أقسام لكل منهم جزء مقسوم في نفس الوقت ، فيصبح حينها مخك صناعيا ، تجيبهم في وقت واحد.

ونوع من المزعجين يتملق لأجل مصلحة، ثم ما أن تلبيها يصعر خده لك ، ولا يرضى أنفه المتكبر قصمه الله أن يجيبك ولو بكلمة .

ونوع من المزعجين ، يعطي الناس وقتا كي يعلن عن شيء له فيه مصلحة ثم يشيح بوجهه.

ونوع من المزعجين، يحركه فلان وفلانة يسجدون له وله يركعون ، فإذا قال لهم إلههم قوموا بإزعاج فلان قاموا ، أو قال لهم إتهموا فلانا فعلوا، أو قال لهم قولوا كما قلنا قالوا ، فهم مجرد إمعات لا عقل لهم ، بهائم منقادة وراء أسيادها تأكل الحشيش.

ونوع من المزعجين ، منافق منافق منافق خالص ، ترى فيه النفاق خالصا، ولتعرفنهم في لحن القول، ترى النفاق فيه خالصا، يحدثك بوجهك بأدب المنافقين المعروف، ثم تراه في المكان الآخر يجلس يسبك بأبشع السباب، ويضحك ، ثم ما أن يراك يفر .

ونوع من المزعجين فاضي ما له شغل، فأنت تريد الذهاب للنوم وتقولها له ، وهو يريد السمر وبكل وقاحة يقول فقط لدقيقة فإذا بها ساعة .

مزعجين كالبق أينما حللت وارتحلت يرفعونك من البئر، ويجدونك كالمخابرات حتى لو كنت في عالم الأشباح ليزعجوك.

عجائب تترا يطيش العقل لها

ناموس وهو بحاجة لبايجون مبيد الحشرات .

هدانا الله وإياهم .