كما وعدتكم هاذي هي التكملة
ثم فتحت خزانة ملابسها, وأخرجت حقيبةً كبيرة ووضعتها على الأرض, لكي تجهز أشياءها فيها.. ووضعت يدها على ثوبٍ
بنفسجي اللون ولامعٌ قصير, وأحضنته بقوة, كان هذا الثوب هو الذي أرتدته في عيد ميلادها السابع عشر...
فوضعته في الحقيبة, ثم سمعت رنين هاتفها الموجود على مكتبها.. فتوجهت نحوه ورأت إسم "لونا" وأجابت قائلة:
ـ مرحباً "لونا".
ردت عليها "لونا" في مرح:
ـ أهلاً "ماريكو".... أريد منك المجيء إلى منزلي غداً.
سألتها بجفاء:
ـ وما المناسبة؟
أخفضت "لونا" حاجبيها وقالت في إستياء:
ـ هل يجب أن تكون هناك مناسبة.. على أية حال فكرت في دعوة الجميع لنستمتع قليلاً, ما رأيك بهذا؟
هزت "ماريكو" رأسها ببطىء وهي تجيب:
ـ حسناً.
وأغلقت الهاتف وبقيت تحدق فيه, ثم ضغطت عليه بقبضتها, ووضعت رأسها على الوسادة ووجهها شاحبٌ وحزين
ولم تستطع منع دموعها أبداً عن الإنهمار من عينيها حتى أحمر خدها.
*********************************
بدأت "لونا" بالتجهيز للحفلة بمساعدة الخدم في منزلها.... وعلقت الزينة في سقف الغرفة وقام الخدم بترتيب الطاولات
في أرجاء الغرفة, وقاموا بوضع الزهور على كل طاولة, كانت "لونا" توجه الأوامر والإرشادات لهم وتحدد مكان كل
شيء بنفسها لأنها أرادت أن تكون هذه الحفلة أروع حفلةٍ في الوجود.
وفي تلك الأثناء ذهب "ريك" إلى محل الهدايا ليشتري هديةً لـ "ماريكو" بمناسبة عيد ميلادها ولم يستطع منع نفسه
من التفكير في الخبر الذي سمعه من "لونا" ويشعر بالإكتئاب الشديد كلما تذكر ذلك.
وضع أحدهم كفه على كتف "ريك" وهو شارد فألتفت بسرعة إلى الخلف ورفع حاجبيه وقال في إندهاش:
ـ آنسة "سارا"!
"سارا" شخصيةٌ جديدة في القصة, وهي فتاةٌ عنيدةٌ جداً ومغرورة, ذو شعر أحمر طويل, وعيناها تتألق باللون البني الغامق
وتطارد "ريك" كثيراً لأنها تحبه.. لكنه لا يباذلها هذا الشعور.
إبتسمت "سارا" وقالت بنبرةٍ هادئة:
ـ نادني "سارا" فقط يا "ريك".
حاول "ريك" الإبتسام بالرغم من شحوب وجهه وقال:
ـ كما تشائين.... ما الذي تريدينه الآن؟
وقفت أمام رف الألعاب وأخذت دباً أبيض جميل, ودلكته وهي تقول:
ـ لقد أتيت لشراء هدية لـ "ماريكو" بمناسبة عيد ميلادها.
تفاجىء "ريك" بمعرفتها للأمر ففضل أن يسأل بنفسه:
ـ وكيف عرفتي هذا؟
أجابته وهي ترمقه بعيناها اللامعتين:
ـ لقد دعتني "لونا" لحضور الحفلة غداً.
أخفض رأسه وقال:
ـ آه .. فهمت.
سألته "سارا" في لهفةٍ وسرعة:
ـ هل أنت هنا لشراء هديةٍ لها أيضاً؟
هز رأسه مجيباً:
ـ نعم.
فأمسكت بيده وأحضنتها بين ذراعيها وقالت:
ـ إذن لنبحث عن هديةٍ مناسبة لها.
ثم سارت به في المحل, شعر "ريك" بالضيق منها حتى أنه لم يستطع شراء هديةٍ لها من هذا المحل, فذهب برفقة
"سارا" إلى محل بيع المجوهرات.
وبالصدفة رأته "ماريكو" وهو يسير مع "سارا" ويبتسم في وجهها ويمسك بيدها, فتسمرت في مكانها ولم تصدق ما رأته
عيناها ... فنبض قلبها بسرعة جنونية وركضت عائدة إلى المنزل.
****************************
عادت "مار يكو" للمنزل راكضة بكل سرعتها, والدموع تتطاير من عينيها, هي حزينة .. وأزداد حزنها بعدما رأت
"ريك" مع "سارا" ولم تعلم أنه قلقٌ عليها كثيراً ولا يستطيع منع نفسه من التفكير بها .. لكنها لم تدرك هذا حتى الآن..
دخلت "مار يكو" إلى غرفتها وجلست على الأرض وقالت في حسرةٍ وألم:
ـ لمـاذا؟ ... لماذا؟....
وغطت على عينها بكفها الأيمن ولم تستطع منع دموعها من السيلان على خذها ... فاستمرت بالبكاء ...
***************************
في مساء ذلك اليوم ... عاد "ريك" للمنزل وهو يحمل كيس زهري جميل الشكل ومزخرفٌ بالورود الحمراء ونظر إليه
وظهرت ابتسامة على شفتيه وهو يقول:
ـ سوف تكون "مار يكو" سعيدةً جداً بهذه الهدية.
ثم أخرج هاتفه المحمول من جيب بنطا له الأيمن ليتصل على "مار يكو" ...
رن هاتف "مار يكو" المحمول وأخرجته من الحقيبة وحين رأت أن المتصل هو "ريك" رمته بعيداً وجلست على مكتبها
لتقرأ كتاباً ولم تبالي برنين الهاتف المستمر..
أبعد "ريك" سماعة الهاتف عن أذنيه وقال في استغراب:
ـ هذا غريب ... إنها لا تجيب ! ربما تكون نائمة.
ونظر إلى الساعة وكانت عقارب الساعة تشير إلى السابعة مساءً فهز كتفيه وقال في حيرة:
ـ ربمـا...!
وأعاد الهاتف إلى جيبه وصعد إلى غرفته, وحين دخل وضع الهدية على مكتبه وجلس على الكرسي ووضع رأسه
على المكتب وقال:
ـ "مار يكو".... عزيزتي.
وضرب بيده على المكتب وهب بسرعة وقال:
ـ لن أرتاح حتى أراها اليوم.. وأفهم الموضوع منها.
ثم أسرع بالخروج من المنزل وركب سيارته وقادها بسرعةجنونية ومن حسن حظه أن الشوارع لم تكن مزدحمة بالناس
في ذلك الوقت .. وكان يردد في أعماقه
لمـاذا ستغادر؟؟
ألن نستطيع الدخول إلى الجامعة سويةً؟؟
هذا مستحيل!!!!
وأخيراً, وصل إلى منزلها ونزل من السيارة بهدوء ونظر لنافدة غرفتها في الأعلى ثم أخفض رأسه وتقدم
حتى وصل إلى باب المنزل ودق الجرس ونبضات قلبه تتسارع في كل ثانية, ففتحت الخادمة الباب له ووقفت باحترام
وانحنت أمامه وقالت:
ـ نعم سيدي؟
سألها في سرعة:
ـ هل "مار يكو" هنا؟
هزت رأسها مجيبة:
ـ أجل.. إنها في غرفتها.
فأسرع إليها وركض على الدرج وأتجه نحو غرفتها ودق الباب فأجابه صوتها الرقيق قائلاً:
ـ تفضل بالدخول.
ففتح الباب بهدوء وحين دخل رآها تجلس على المكتب ... فالتفتتبابتسامة وتغيرت ملامح وجهها بسرعة حين
رأته ونهضت بسرعة وقالت في ذهول:
ـ "ريك"؟؟؟
تقدم نحوها وهو يقول بصوتٍ حزين:
ـ ما الأمر؟ لماذا تفاجئتي هكذا عندما رأيتني؟
قالت في ارتباك:
ـ لا ... لأنني...
وأبعدت عينيها عن عينيه وأمتلئت بالدموع فاستدارت للخلف وحاولت منع دموعها من النزول .. فوضع يده على كتفها
ووقف أمامها ووضعها رأسها على صدره بكل حنان وقال لها بحنان:
ـ أنا أعرف كل شيء.
رفعت رأسها ونظرت إليه في ذهول وقالت وهي تنظر لبريق عينيه المملوء بالحزن:
ـ كيف عرفت؟
أجلسها على السرير وجلس بجانبها ووضع كفه على كفها وقال وهو يبتسم:
ـ لقد أخبرتني "لونا" بالأمر.. وأردت التأكد بنفسي منك أنتِ , هل هذا صحيح؟
هزت رأسها إيجاباً بهدوء وقالت:
ـ هذا صحيح.. لقد انتقل عمل والدي إلى بريطانيا ورفض أن يتركنا هنا لوحدنا لأنه لا يعلم إلى متى سيبقى هناك
لهذا قرر أن يأخذنا معه .. وسأكمل دراستي هناك.
سألها بوجهٍ شاحب:
ـ ألا توجد طريقةً تجعلك تبقين هنا؟
بدأت بالبكاء وهي ترد عليها:
ـ لو كانت هناك طريقة لما رأيتني في هذه الحال...
ورمقته بوجهها الباكي والذي يملئه الألم وتابعت :
ـ "ريك"... أنا لم أتخيل يوماً بأنني سأكون بعيدةً عنك وعن بقية أصدقائي.. لا يمكنني تخيل الأمر.
واستمرت بالبكاء ... بقي "ريك" صامتاً ولا يعرف ماذا يقول لها... إنها المرة الأولى التي يرى فيها "مار يكو" بهذه الحالة السيئة ... إنهما صديقان منذ الطفولة ويعرفان بعضهما جيداً , وقد تعاهدا على البقاء معاً طوال العمر لكن القدر غير كل شيء.
والآن, "مار يكو" ستغادر إلى بريطانيا مع والديها وهي لا تعلم ...
ما الذي سيحدث لها هناك؟
وكيف ستكون حياتها؟
اكتفى "ريك" باحتضانها وهي تبكي لكي يخفف عنها قليلاً ... لكن هذا زاد من حزنها أكثر ...
لكنه بقي معها طوال الليل حتى توقفت وهدأت قليلاً ..
نهض "ريك" من على السرير ونهضت معه .. ثم تنهد بعمق وقال بارتياح:
ـ حسناً... لا داعي لأن تبكي بعد الآن..
ثم تابع وهو يبتسم في وجهها:
ـ أريد منك وعداً...
سألته في حيرة:
ـ ما هو؟
أجابها بكل رقة:
ـ عديني بأنك لن تبكي بعد الآن ... مهما سآت الأمور كوني قوية ولا تجعلي الحزن يتغلب عليك
مهما حصل.
ابتسمت "مار يكو" ابتسامة باهتة وقالت:
ـ أعدك .. أعدك يا "ريك".
في تلك اللحظة شعرت "مار يكو" بالقوة, وكأن "ريك" زرع في قلبها الأمل والشجاعة وتحمل كل المواقف الصعبة التي ستواجهها في حياتها ... سواءً كانت هنا أو في بريطانيا...
********************************
المفضلات