كنت اليوم أطالع ديوان الإمام علي كرم الله وجهه
حقيقه لم أشاهد مثله في حياتي رغم ولعي بدواوين الشعر القديمه من أيام عنتره بن شداد و زهير و حسان وغيرهم
من ذلك النسق إلا أنني عندما إطلعت على هذا الديوان شعرت أنني أقرأ الشعر لأول مره لا أدري كيف أوصف لكم هذه
الحقيقه لأنني مهما قلت و مهما تكلمت لن أوفيه حقه و لن يصلك ما أنوي إيصاله فليس من سمع كمن قرأ .
إليكم أكثر ما شد إنتباهي من مفردات ذلك البطل الصنديد و لست أنا من أزكي من هو بمرتبه الإمام علي كرم الله وجهه
عليك بتقوى الله ان كنت غافلا .. يأتيك بالأرزاق من حيث لا تدري
فكيف تخاف الفقر والله رازقا .. فقد رزق الطير والحوت في البحر
ومن ظن أن الرزق يأتي بقوة .. ما أكل العصفور شيئا مع النسر
تزول عن الدنيا فإنك لا تدري .. إذا جن عليك الليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة .. وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
وكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكا .. وأكفانه في الغيب تنسج وهو لا يدري
فمن عاش ألفا وألفين .......فلا بد من يوم يسير إلى القبر
****
الصداقة.. قصيدة من أبيات الإمام علي ...
تغيـــرت المــودة و الـــوفــــاء و قل الصدق و انقطع الرجـاء
و أسلمني الزمانُ إلى صديق كثير الغــدر ليس له رعـــاء
و رب أخ وفــيــت لـه وفـــــيٍ ولكــن لا يــدوم لـه الوفـــاء
أخِــلاء إذا استغنيــت عنهـم واعــداء إذا نــزل البـــــــلاء
يُــديمــون المـودة ما رأونـــي ويبقى الود ما بقي اللقـــاء
و إن غُيّبت عن أحـــد قلانــي و عاقبنـــي بما فيـه اكتفـاءُ
سيُغنينـي الذي أغنـاه عني فلا فقــرٌ يــدوم ولا ثــــراء
و كــــل مـــودةٍ للــه تصفـــو ولا يصفو مع الفسق الإخاءُ
و كــــل جراحــــةٍ فلهـــا دواءٌ و سوء الخلق ليس له دواء
و ليس بــدائم أبــداً نعيـــــم كذاك البــؤس ليس له بقاء
إذا أنكرت عهداً من حميـــمٍ ففي نفسي التكرم والحياء
إذا ما رأس أهل البيت ولـى بداً لهُــمُ من النــاس الجفاء
****
و هذه الأبيات توثر في كثيرا رغم أظن أنني كنت قد وضعتها من قبل
النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت ** أن السعادة فيها ترك ما فيها
لا دارٌ للمرءِ بعد الموت يسكُنهـا ** إلا التي كانَ قبل الموتِ بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنُـه ** وإن بناها بشر خاب بانيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعُها ** ودورنا لخراب الدهر نبنيها
أين الملوك التي كانت مسلطــنةً ** حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
فكم مدائنٍ في الآفاق قـــد بنيت ** أمست خرابا وأفنى الموتُ أهليها
لا تركِنَنَّ إلى الدنيا وما فيهـا ** فالموت لا شك يُفنينا ويُفنيها
لكل نفس وان كانت على وجــلٍ ** من المَنِيَّةِ آمـــالٌ تقويهـــا
المرء يبسطها والدهر يقبضُهــا ** والنفس تنشرها والموت يطويها
إنما المكارم أخلاقٌ مطهـرةٌ ** الـدين أولها والعقل ثانيها
والعلم ثالثها والحلم رابعهــــا ** والجود خامسها والفضل سادسها
والبر سابعها والشكر ثامنها ** والصبر تاسعها واللين باقيها
والنفس تعلم أنى لا أصادقها ** ولست ارشدُ إلا حين اعصيها
واعمل لدار ٍغداً رضوانُ خازنها ** والجــار احمد والرحمن ناشيها
قصورها ذهب والمسك طينتها ** والزعفـران حشيشٌ نابتٌ فيها
أنهارها لبنٌ محضٌ ومن عسـل ** والخمر يجري رحيقاً في مجاريها
والطيرتجري على الأغصان عاكفةً ** تسبـحُ الله جهراً في مغانيها
من يشتري الدار في الفردوس يعمرها** بركعةٍ في ظــلام الليـل يحييها
****
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم= غلب الرّجال فلم تنفعهم القلـل
واستُنزلوا بعد عزّ من معاقلهم = وأُسكنوا حفراً يا بئس ما نزلوا
ناداهـم صارخ من بعد دفنهـم = أين الأساور والتّيجان والحلـل
أين الوجـوه الّتي كانت منعّمـة = من دونها تضرب الأستار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين سائلهم = تلك الوجوه عليها الدّود تقتتـل
قد طال ما أكلوا دهراً وقد شربوا= وأصبحوا اليوم بعد الأكل قد أكلوا
****
بدأت بذكر الله في أول الذكرِ
مقر بنعماه وبالحمد والشكرِ
وبعد صلاة الله مني على النبي
محمد ثم الآل والصحب في الأثرِ
فيا طالباً عيشاً رخياً ونعمةً
وخيراً وعزاً وابتعاداً من الضجرِ
تفقه بما قد قلت واقبل نصيحتي
تعش رخياً في سرور وفي بشرِ
عليك بتقوى الله واعلم بأنه
رقيباً على الأفعال من أول الدهرِ
نهاك فلا يلقاك فيما نهى ولا
تقنط فهو يلقاك في معضل الأمرِ
وكن ذاكراً لله في كل حالة
دواماً مدى التي فيك تجري
وفاتحة القرآن حصن فإنها
لمشهور البرهان من أعظم السرِ
ترتلها في مقتضى كل مغرب
وبعد العشاء والصبح والظهر والعصرِ
فتقرأها تسع وتسعين مرة
وواحدة أخرى خفياً بلا جهرِ
ترى من نعيم الله ما لم تكن ترى
وتدري بما تدري إذا لم تكن تدري
فخذ الحكمة ممن تسمى بحيدرِ
تجرع من الدنيا من الحلو والمرِ
إذا ما اعتزلت الناس طرا سلمتهم
وخففت أثقال من الذنب والوزرِ
فإن لم تكن غراً فكن حذر لهم
بأحسن أخلاق وبالزهد والصبرِ
وعاشر ذوي الإيمان منهم ومن ترى
مودتهم تأتيك بالخير والبشرِ
يوافيك منه القول بالفعل ناصحاً
يزيدك عنده حظاً عالي القدرِ
ولا تصحب الأشرار مادمت يافتى
فإن البخيل الذي مشورته تزري
ولا تأمنن مكر الملوك فإنهم
يواشون فيك الغدر من حيث لاتدري
ولا تأمنن كيد النساء ولا تبح
اليهن بسرٍ إنهن لذو فجرِ
وما استطعت لا تبدي لهن مودة
فتصبح في هم أحر من الجمرِ
***
ذهب الشباب فما له من عوده
و أتى المشيب فأين منك المهرب
دع عنك ما قد فات في زمن الصبا
و ذكر ذنوبك و أبكها يا مذنب
و أخشى مناقشه الحساب فإنه
لابد محصي ما جنيت و يكتب
و غرور دنياك التي تسعى لها
دار حقيقتها متاع يذهب
و جميع ما حصلته و جمعته
حقا يقينا بعد موتك ينهب
و الروح فيك وديعه أودعتها
ستردها بالرغم منك وتذهب
و الليل فأعلم والنهار كلاهما
أنفسنا فيها تعد و تحسب
تبا لدار لا يدوم نعيمها
ومشيدها عما قريب يخرب
لا تحرصن فالحرص ليس بزائد
في الرزق بل يشقى الحريص و يتعب
و أختر قرينك و أصطفيه تفاخرا
إن القرين إلي القرين ينسب
و أحرص علي حفظ القلوب من الأذى
فرجوعها بعد التنافر يصعب
إن القلوب إذا تنافر ودها
شبه الزجاج كسره لا يشعب
و أحفظ لسانك و أحترس من لفظه
فالمرء يسلم باللسان و يعطب
و كذاك سر المرء إن لم يطوه
نشرته ألسنه تزيد و تكذب
واجه عدوك بالتحيه لا تكن
منه زمانك خائفا تترقب
و أحذر من المظلوم سهما صائبا
و أعلم بأن دعاءه لا يحجب
و إذا أصابك في زمانك شده
و أصابك الخطب الكريهه الأصعب
فألجا لربك إنه أدنى
لمن يدعوه من حبل الوريد و اقرب
فلقد نصحتك إن قبلت نصيحتي
فالنصح أغلى ما يباع و يوهب
*****
جمعنا الله به في جنات الفردوس



المفضلات