بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .. حمدًا كثيرًا .. طيبًا .. مباركًا فيه .. و الصلاة و السلام منه أبدًا على خير البرية و نور البشرية .. سيدنا محمد بن عبد الله - صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم - .. و على آله الأشراف .. و صحبه الأخيار .. و التابعين لهم بإحسان .. إلى يوم الدين ..
.:!:.
هو لم يكن على حق في كل شيء .. و هو لم يكن على باطل في كل شيء .. و إنما مثله - و الله أعلم - ذاك الثقفي ابن يوسف !!! ..
.:!:.
~*~*~*~*~*~*~*~
جلس بلحيته الكثيفة محاكيًا أسدًا هصورًا من جراء طول الأمد و شظف المدة .. باسمه المُوحِي بالغلظ و الجلافة .. في تلك المحكمة .. مع أعوانه القدامى و سواعده في فترته الحديدية ..
تكلم القاضي صاحب الاسم المُوحِي بكل رفق و حنان موضوعًا بذلك في مكان خطأٍ أفضح خطأ .. مُخاطبًا محاميَ الأول قائلاً :
" هل لديك ما تدافع به عن موكلك ؟!؟ " ..
قال المحامي شاعرًا بأنه إنما هو في وادٍ يَبُون عن وادي المحكمة أَبْوَن بَوْن :
" أيها القاضي .. أنت تكلمني في فرع من فروع قضيتكم .. و إني داخل عليك فيها من الأصل .. و ما الفرع إلا بالأصل .. و لو ما كان أصل ما كان فرع ..
أيها القاضي .. أنتم تحاكمون موكلي في شأن حكمه .. و في شأن دولته .. و هو ما فعل ذاك إلا بشعب يعلمه و سجاياه .. و يعرف مدخله و مخرجه .. و مُؤْتَلفه و مَخُوفَه .. و هو ما فعل ذاك إلا لما يرى من أنه أصلح للحال .. و آمن للحكم .. و أقرّ للدولة .. و أسكن للهائجين .. و أوعظ للخارجين ..
ثم أيها القاضي .. هل سألتم أنفسكم .. " هل أنتم تحاكمون موكلي نيابةً عن المتضررين ؟!؟ " .. " هل أنتم تحاكمون موكلي نيابة عن أمتكم و شعبكم ؟!؟ " .. " أم أنتم تحاكمونه عندما طالبت دولة كذا .. و ثارت دولة كذا - مما لا يمت لكم بصلة و لا عروة - ؟!؟ " ..
ثم أيها القاضي .. إن حاكمتم موكلي هذا .. فمن يحاكم من أبادوا مدينتين كاملتين بقنبلتين ذريتين .. ما في المدينتين إلا مدنيون أبرياء .. ليس في الحرب لهم ناقة و لا جمل - و ما الحكومة بتينك القنبلتين بمتضررة و لا بمقتول رئيسها - ؟!؟ ..
و من يحاكم دولة شعبها ليسوا بذوي دولة .. شدوا رحالهم .. و استجدوا عطف بعض رؤوس العالمين – و ما هم بالرؤوس و لكن باطلاً – بنفاقهم و خبث طواياهم .. ثم عاثوا فيما استوطنوا فسادًا و أهلكوا الحرث و النسل .. و يتَّموا الوِلدان و رمَّلوا النِّسوان - و ما ذاك كله إلا بباطل محض معلوم البطلان عند كل سفيه و عاقل - ؟!؟ ..
بل من يحاكمكم أنتم و من أنتم عملاؤهم .. إذ دخلتم بلادًا غير بلادكم .. و فزعتم الآمن .. و خوفتم الساكن .. و قَلَبتم الدولة .. و نزعتم الحاكم بُغْيةً من أصلاب أهوائكم .. و ما ذاك إلا لأنه أصبح " يطمح " أن يصبح مساويًا لكم في القوة – و ما قوتكم في الأمر الرشيد – ؟!؟ ..
ثم من يحاكم ... "
في هذه الأثناء قام أحد أعضاء المحكمة فقال :
" أعترض .. حضرة المحامي لم يجاوب على قدر السؤال " ..
ثم غير نبرته .. مُعلِنًا عن الفصل قبل الأخير من المهزلة السوداء .. قائلاً :
" حكمت المحكمة على المُتَّهم ... بالإعدام شنقًا .. بتُهَم جرائم حرب .. و انتهاك لحقوق الإنسان .. و إبادة جماعية " ..
ثُمَّ أُغْلِقَتِ القضية ..
و تم " تطهير " و " تنقية " البلاد من العوالق و الشوائب .. و " تنوير " الأمة بالفكر المتحرر و انفلات " الديمقراطية " ..
و تمت إضافة بعض الألوان و المحليات إلى شكل و طعم المذلة و المهانة المُرَّين .. فأصبحا سائغين للـ" بالِعِين " .. بل و للماصِّين المتمزمزين أيضًا !!! ..
و ما زال هناك بعض " الشوائب " .. و ما زالت هناك بعض " الظلمة " ..
ألا فبقاءً لتلك الشوائب و الظلام .. و فناءً أبديًّا لذاك الطهر و النقاء !!! ..
~*~*~*~*~*~*~*~
سبحان ربِّك رب العزة عما يصفون .. و سلام على المُرسَلين .. و الحمد لله رب العالمين ..
المفضلات