الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وسلم تسليما وبعد,
فهذه سلسلة فوائد من كتاب (تقويم اللسانين) للعلامة المجدد الشيخ محمد تقي الدين الهلالي المغربي رحمه الله تعالى نضعها هنا لما لها من أهمية في تقويم لغتنا وتصحيح الأخطاء الآتية من الغزو الثقافي والزخم الإعلامي المحيط بنا من كل جهة. مما يجعل لغتنا تتعرض للتبديل وتجعلنا نبتعد عن الألفاظ الصحيحة الفصحية التي زخرت بها كتب أسلافنا .
وقد سعى الموسومون بالمثقفين والمغتربين إلى تشويه هذه اللغة بكل ما أوتوا من جهد, وسعوا في تنفيذ مخططاتهم تلك بوسائل مختلفة واصطلاحات متنوعة من مثل قولهم (تطوير اللغة وإخراجها من التقليد) وقولهم (إبراز مدى تعايش اللغة العربية مع غيرها من اللغات واللهجات) وغير ذلك من المصطلحات التي ظاهرها الرحمة ومن قبلها العذاب.
وقد جاء هذا الكتاب للعلامة الهلالي كسلسلة للرد على هؤلاء المغتربين الذين عجزوا عن التعبير العربي الصحيح واستسلموا للمد الفكري وغيروا لغتهم لجهلهم بأسرارها وببلاغة العرب وفصاحتهم. ولا يكتفون بجهلهم هذا حتى يصفون من يتمسك بلغته الأصل بالجمود والتخلف والرجعية...إلى ما هنالك من مصطلحات جاهزة وتهم ناضجة.
هذا وسنعرض بحول الله تعالى وقوته بعضا مما جاء في الكتاب راجين من الله تعالى التوفيق والسداد في الدنيا والأجر والثواب يوم القيامة.
إبتدأ الشيخ رحمه الله كتابه هذا بعد التسمية والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بذكر أهمية الكتاب للطالب والأستاذ وسبب تأليفه له. حيث ذكر أنه نقض فيه اعتراضات أديب هجم عليه عدوا بغير علم ولا برهان. ثم ذكر أنه يهدي مؤلفه للملك (خالد ابن عبد العزيز آل سعود) ومجده بالإطراء والثناء....
ثم شرع في بيان معنى اللسانين فقال في (ص 9): (المراد – اللسان والقلم, فإن العرب تقول:
القلم أحد اللسانين. والمقصود هنا إصلاح الأخطاء التي تفاقم أمرها في هذا الزمان حتى أصبحت مألوفة عند أكثر الخاصة بله العوام, فشوهت وجه اللسان العربي المبين, وَرَنَقَت صفو زُلالِه المَعين, مما يسوء كل طالب علم, يحرص على حفظ لغة القرآن وصيانتها من الإفساد والتشويه, والعبارات الجافية التي تُشين جمالها, وتذهب ببهائها.)
ثم ذكر جهد العلماء في الدفاع عن اللغة العربية وتنقيتها من الألفاظ الدخيلة والتعابير الثقيلة.. وذكر جملة من العلماء الذين ألفوا في ذلك, من مثل : (درة الغواص في أوهام الخواص) لأبي محمد القاسم بن علي الحريري و (شفاء العليل في العامي والمولد والدخيل) للشهاب الخفاجي. و(لغة الجرائد) للشيخ إبراهيم اليازجي. وغير ذلك.
ثم قال: (ص 9 -10):
(وقد بدا لي أن أكتب مقالات في هذا الموضوع, أداء لواجب لغة الضاد. وصونا لجمالها من الفساد, راجيا أن ينفع الله بما أكتبه تلامذتي في الشرق والمغرب وفي أوربا, وأنا على يقين أنهم يتلقون ما أكتبه بشوق وارتياح وكذلك رفقائي الكتاب المحافظون سيستحسنون ذلك. أما الكتاب الذين يكرهون التحقيق ويُرخُون العنان لأقلامهم بدون تبصر ولا تمييز, بين غث وسمين, وكدر ومَعين فإنهم سيستثقلون هذا الإنتقاد, وقد يعدونه تكلفا وتنطعا, وتقييدا للجرية – بزعمهم – فلهؤلاء أقول: إني لم أكتب لكم فما عليكم إلا أن تمروا على ما أكتب مرور الكرام, وتدعوه لغيركم الذين يقدرونه حق قدره. وهذا أوان الشروع في المقصود, وبالله أستعين فهو نعم الناصر ونعم المُعين).
الفائــــــــــدة: 1
قال الشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله: (ص 10 - 13)
أولا:الكاف الدخيلة الإستعمارية
أما تسميتها دخيلةً فلا إشكال فيه, لأنها لا توجد في الإنشاء العربي الذي قبل هذا الزمان. وأما تسميتها استعمارية, فلأنها دخلت في الإنشاء العربي مع دخول الإستعمار البلدانَ العربية, فإن جهلة المترجمين تحيروا في ترجمة كلمة تجيئ في هذه اللغات قبل الحال, وهي في الإنجليزية (AS) وفي الفرنسية (Comme) وفي الألمانية (ALS).
مثال ذلك: فلان كوزير لا ينبغي له أن يتعاطى التجارة.
وفلان يشتغل في الجامعة كمحاضر, وفلان مشهور ككاتب.
وهذا الإستعمال دخيل لا تعرفه العرب, ولا يتسيغه ذوق سليم, وليس له في قواعد اللغة العربية موضع, ودونك البيان. قال ابن مالك:
شَبهْ بِكَافٍ وَ بِهَا التعليل قَدْ *** يعني وزائدا لتوكيد ورد.
(واستعمل اسما)
تأتي الكاف في كلام العرب لأربعة أمور:
التشبيه كقول المتنبي في ممدوحه
كالبحر يقذف للقريب جواهرا *** جودا, ويبعث للبعيد سحائبا.
كالشمس في كبد السماء وضوئها *** يغشي البلاد مشارقا ومغاربا
وأركان التشبيه أربعة: المشبه والمشبه به وأداة التشبيه. ووجه الشبه.
فالمشبه في البيتين المذكورين هو: الممدوح, والمشبه به, الشمس والبحر, وأداة التشبيه الكاف, ووجه الشبه, حصول النفع للقريب والبعيد. فالشمس على فرط بعدها من الأرض, ينتفع أهل الأرض بضوئها ودفئها وإنضاجها للثمار إلى غير ذلك فكذلك الممدوح يصل إحسانه إلى من كان بعيدا منه, ولا يقتصر على من كان قريبا منه.
والمشبه في البيت الأول هو الممدوح, والمشبه به هو البحر, وأداة التشبيه هي الكاف, ووجه الشبه, وصول الإحسان إلى القريب والبعيد. فالقريب يستخرج الجواهر من البحر, والبعيد ينتفع بمطر السحائب الناشئة من البحر, فكذلك الممدوح يعطي – من كان حاضرا عنده- الجوائز والصلات, ويبعث بها إلى من كان بعيدا عنه.
وبهذا تعلم أن (الكاف) الإستعمارية لا يجوز أن تكون للتشبيه البتة, لعدم جواز أركانه.
هو التعليل: تجيء الكاف للتعليل, كقوله تعالى في سورة البقرة(198) (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم, فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام, واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين). أي اذكروا الله لأنه هداكم.
أن تكون زائدة إذا دخلت على كلمة بمعناها, وجعل منه قوله تعالى في سورة الشورى (11) (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) فإن قلت: إن كانت زائدة لا فائدة في ذكرها, فلماذا جاءت في القرآن ؟ فالجواب, أن فائدتها التوكيد, وإنما سميت زائدة, لأن الكلام يتم بدونها, كما تزاد (من) للتوكيد كقوله تعالى في سورة المائدة (19) (أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير): فمِن هنا زيدت لتوكيد النفي, ولو حذفت لكان الكلام تاما.
أن تكون إسما بمعنى مثل, كقول الشاعر
أتنتهون ولن ينهى ذوي شطط *** كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل.
الإستفهام هنا إنكاري. يقول الشاعر لأعدائه: كيف تنتهون عن ظلمكم وبغيكم, ولن ينهى ذوي الظلم شيء مثل الطعن المبيد, المهلك الذي لا يترك لهم شئيا, لا أنفسا ولا أموالا, فإن ذهاب الزيت والفتيلة كناية عن الهلاك التام, وهذا ينبغي أن يقال للمستعمرين, إذا كانت الرماح التي يطعن بها حاضرة, وهي في هذا الزمان القنابل المحرقة التي لا تُبقي ولا تذر. فهذه معاني الكاف عند العرب, وما سواها شاذ لم يجئ في الكلام البليغ.
وإنما وقع جهلة المترجمين في هذا الإستعمال الفاسد لضعفهم في اللغتين أو إحداهما, فلا يستطيعون إدراك معنى الجملة مجتمعة ليصوغوا في اللغة الأخرى جملة تؤدي المعنى المطلوب بألفاظ جيدة الإستعمال واقعة في مواضعها التي يقتضيها النظم الفصيح. وهذا العجز هو الذي يلجئهم إلى أن يبدلوا كل مفرد في إحدى اللغتين بمفرد آخر في اللغة الأخرى, فيجيئ التركيب فاسدا معوجا, لا تستسيغه أذواق الفصحاء في اللغة التي ينقل إليها المعنى: وسيأتي في هذه المقالات, إن شاء الله أمثلة عديدة توضح ذلك.
وليس المترجمون العرب وحدهم هم الذين يقعون في أخطاء الترجمة, بل يقع فيها كبار العلماء الأوروبيين. وقد أحصيت الأخطاء الموجودة في ترجمة (جورج سيل) للقرآن الكريم بالإنجليزية, فوجدت في الجزء الأول وحده, وهو حزبان بتجزئة المغاربة ستين خطأ. و(جورج سيل) مستشرق إنكليزي كبير, وقد تبعه من بعده من المترجمين في أخطائه حتى الأستاذ محمد (مار ماديوك بكثال) المسلم الإنكليزي, رحمه الله, تبعه في أول خطأ كبير ارتكبه, وقد ناظرته في ذلك مناظرة طويلة حتى اقتنع ورجع عن خطئه, وكان ذلك في ترجمة قوله تعالى في سورة البقرة (13) (ألا إنهم هم السفهاء, ولكن لا يعلمون). فإنهما ترجماها بما معناه (أليسوا سفهاء ؟ ) وسبب وقوعهما في هذا الخطأ عدم التمييز بين (ألا) الإستفتاحية البسيطة, و(ألا) المركبة من همزة الإستفهام ولا النافية, فإن (ألا) في قوله تعالى (ألا إنهم هم السفهاء) استفتاحية خالية من النفي يجب أن تترجم بلفظ إنكليزي يدل على التوكيد. ومثال المركبة الذي أوردته على الأستاذ الإنكليزي المذكور فاقتنع بوجود الفرق بين الكلمتين قوله تعالى في سورة الملك ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير):
وليس كل الكتاب البلغاء في العصر الحاضر يتورطون في استعمال الكاف الإستعمارية, فإن فيهم طائفة من عليتهم لا تُشين إنشاءها بذلك الإستعمال.)اهـ
قلت: وينتشر في عصرنا في أوساط كثير من المسلمين قولهم مثلا : (أنا كمسلم لا يحل لي فعل كذا) وهذاخطأ لا ينبغي بل الصواب أن يقال: (أنا بصفتي مسلم)
الفائــــــــــدة: 2.
قال الشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله (ص 14) :
2)-فترة
شاع استعمال الفترة في هذا الزمان في وقت العمل. فيقولون: فترة الصباح, وفترة الظهيرة, وفترة المساء ويريدون بذلك زمان العمل. قال البيضاوي في قوله تعالى في سورة المائدة (19) (يا أهل الكتاب قد جاءكم رَسولنا يبين لكم على فترة من الرسل) أي جاءكم على حين فتور من الإرسال وانقطاع من الوحي. اهـ.
قال ابن منظور في لسان العرب: والفترة: ما بين كل نبيين. وفي الصحاح: ما بين كل رسولين من رسل الله عز وجل من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة. وفي الحديث: فترة ما بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام. اهـ.
ومن ذلك تعلم أن الفترة ليست وقت العمل, بل هي ما بين عملين: فالوقت الذي لا يكون فيه عمل هو الذي يجب أن يسمى فترة, وقد عكسه عامة الكتاب والمذيعين. ومن سوء الحظ أن أكثر الناس في هذا الزمان لا يتعلمون الإنشاء في مدارس اللغة العربية ولا في كتب اللغة العربية وإنما يتلقونه من الإذاعات والصحف, فكل خطأ يشيع في هذين المصدرين, تنطلق به الألسنة والأقلام بدون تفكير ولا تمييز, وربما استعمله بعض كبار الأساتذة الذين يرجى منهم المحافظة على صحة الإستعمال وجمال اللغة العربية, وتنقيتها من المولد والدخيل الذي لا حاجة إليه.).اهـ
الفائــــــــــدة : 3
قال الشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله: (ص 14 -16)
(3 – الخلق:
كثر استعمال الخلق في هذا الزمان بمعنى الإنشاء أو الإيجاد. يقال مثلا: يجب علينا أن نسعى لخلق نهضة ثقافية وهو استعمال فاسد, جاء من جهلةالمترجمين لكلمة في اللغات الأوربية مشتركة, تستعمل في إنشاء الله تعالى المخلوقات وإيجادها على غير مثال سابق, وتستعمل في تلك اللغات أيضا في معنى الإنشاء المطلق.
أما في اللغة العربية فإن الخلق بمعنى الإيجاد والإنشاء خاص بالله تعالى. ومن أسمائه سبحانه: الخالق والخلاق. قال تعالى: في سورة النحل (17) (أفمن يخلق كمن لا يخلق, أفلا تذكرون) وقال تعالى في السورة نفسها (19 – 20) (والله يعلم ما تسرون وما تعلنون, والذين تدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهو يخلقون) وقال نعالى في سورة الرعد (16) (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم, قل الله خالق كل شيءو وهو الواحد القهار).
أما في هذا الزمان الذي اختلت فيه الموازين والمقاييس, وصار الناس فوضى في الإنشاء العربي, فلم يبق الخلق خاصا بالله تعالى, بل صار الناس كلهم خالقين وخلاقين.
قال في لسان العرب: خلق: الله تعالى, وتقدس الخالق والخلاق: وفي التنزيل: (هو الله الخالق البارئ المصور) سورة الحشر آية 24.
وفيه: (بلى وهو الخلاق العليم) سورة يس آية 81: وإنما قدم أول وهلة لأنه من أسماء الله تعالى:
قال الأزهري: ومن صفات الله تعالى الخالق والخلاق. ولا تجوز هذه الصفة بالألف واللام لغير الله, عز وجل, وهو الذي أود الأشياء جميعها, بعد أن لم تكن موجودة: وأصل الخلق التقدير, فهو باعتبار تقدير ما منه وجودها, وبالاعتبار للايجاد على وفق التقدير: خالق:
والخلق في كلام العرب: ابتدع الشيء على مثال لم يسبق إليه. وكل شيء خلقه الله فهو مبتدئه على غير مثال سبق إليه: (ألا له الخلق والأمر, تبارك الله رب العالمين) اهـ
ويطلق الخلق أيضا على التقدير. قال في اللسان: وخلق الأديم يخلقه خلقا, قدره لما يريد قبل القطع, وقاسه ليقطع منه مزادة أو قربة أو خفا. قال زهير يمدح رجلا.
ولأنت تفري ما خلقت **** وبعض القوم يخلق ثم لا يفري.
يقول: أنت إذا قدرت أمرا قطعته وأمضيته, وغيرك يقدر ما لا يقطعه, لأنه ليس بماضي العزم, وأنت مضاء على ما عزمت عليه. اهـ.
أقول: وقد رأيت أهل البادية في الصحراء يدبغون جلد البعير ويقطعونه نعالا, فكلما احتاج أحدهم إلى نعلين يضع قدمه اليمنى على قطعة كبيرة من الجلد المذكور, فيأتي الشخص الذي يقطع النعلين ويخط إلى جانب القدم دائرا بها, وذلك هو الخلق, ثم يقطع النعل على ذلك التخطيط, وذلك القطع وهو الفري. ثم يفعل ذلك بالقدم الأخرى, فتجيء النعلان على قدر القدمين بلا زيد ولا نقص: فقول الشاعر:
ولأنت تفري ما خلقت **** وبعض القوم يخلق ثم لا يفري.
يريد أن ممدوحه متى عزم على شيء نفذ عزمه, وغيره يعزم ويقدر, ثم لا ينفذ شيئا’ لأنه خائر العزيمة, ضعيف الإرادة.
والمعنى الثالث للخلق هو الكذب. قال تعالى في سورة العنكبوت (17) (إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا) أي تكذبون. وقال الشاعر:
لي حيلة فيمــــن ينم **** وليس في الكذاب حلية.
من كان يخلق ما يقول**** فحيلتي فيه قليلة.) اهـ
الفائــــــــــدة : 4
قال الشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله: (ص17):
(4- بينما:
لقد اعتاد عامة كتاب العصر عل هذه الكلمة, فشوهوا جمالها, وسلخوها عن معناها الحقيقي, وألبسوها معنى مكذوبا, فإنهم يستعملونها في معنى (على حين) كقول بعضهم: كما أن هذه المحاولات قد اتخذت أشكالا مختلفة, بعضها اقتصادي صرف, وبعضها سياسي صرف (بينما) البعض الآخر اتخذ الشعارين معا.
فهذا الإستعمال فاسد مختلق, لا أصل له في كلام العرب, وهو أيضا من جنايات جهلة المترجمين, فإنهم ترجموا كلمة (while) الإنكليزية فوضعوا مكانها (بينما) فظلموها جميعا. والترجمة الصحيحة لهذه الكلمة (على حين, أو في حين).
أما الإستعمال الصحيح لـ (بينما), فإنها تكون في صدر الكلام, ولابد لها من جملتين كأدوات الشرط. فمن ذلك ما جاء في صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب, شديد سواد الشعر – الحديث.
وكقول الشاعر:
وبينما المرء في الأحياء مغتبط **** إذ هو في الرمْسِ تعفوه الأعاصير.
يبكي الغريب عليه ليس يعرفه **** وذو قرابته في الحي مسرور.
وشواهد ذلك في كلام العرب لا تحصى. )اهـ.
الفائــــــــــدة : 5
قال الشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله (ص 17 – 18).
(5- وتحدثوا لبعضهم البعض:
هذا أيضا استعمال فاسد ناشئ عن فقدان الملكة في اللغة العربية. والصواب: وتحدث بعضهم إلى بعض, كما قال تعالى في سورة القلم (30) (فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون) والذي أوقعهم في هذا الخطأ جهلهم بالنحو, فإن من كان عالما بالنحو في أي لغة كانت, يتخذه مصباحا, يضيء له طريق إنشائه سواء أكان كاتبا أم متكلما, فلا يضع قدمه إلا بعد أن يبصر موطئها. أما الجاهل بالنحو, فإنه يمشي كلأعمى يضع قدمه دون أن يرى موطئها, فتزل به القدم ويسقط في حُفر الأخطاء.)
الفائــــــــــدة : 6
قال الشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله (ص18).
(6- والأدهى من ذلك.
هذا الخطأ أيضا ناشئ عن الجهل بالنحو, فكل من يعرف أحكام اسم التفضيل أقل معرفة لا يقع في هذا الخطأ. قال ابن مالك في الألفية:
وأفعل التفضيل صله أبدا***تقديرا أو لفظا بمن إن جردا.
قال ابن عقيل في شرحه لألفية ابن مالك: لا يخلو أفعل التفضيل عن أحد ثلاثة أحوال. الأول أن يكون مجردا, الثاني: أن يكون مضافا, الثالث: أن يكون بالألف واللام, فإن كان مجردا, فلابد أن تتصل به (من) لفظا أو تقديرا, جارة للمفضل عليه نحو: زيد أفضل من عمرو. ومررت برجل أفضل من عمرو, وقد تحذف (من) ومجرورها للدلالة عليها كقوله تعالى: )أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا( أي أعز نفرا منك.
وفهم من كلامه: أن أفعل التفضيل إذا كان (بأل) أو مضافا, لا تصحبه (من) فلا تقل: زيد الأفضل من عمرو, ولا زيد أفضل الناس من عمرو اهـ.
فتبين أن قولهم: والأدهى من ذلك خطأ, لأن أفعل التفضيل إذا دخلت عليه (أل) لا تلحقه (من). ومن العجيب أن أفعل التفضيل في الإنجليزية والألمانية جار على هذا المنوال.).
--------------------------
هذا وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا
وحقا فإن كتب الشيخ تقي الدين الهلالي كلها ممتعة لا يملها القارئ وله أسلوب رائع جدا يجذب القارئ ويحبب القارئ في القراءة ويبسط الصعب رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جناته
وهذا ملخص بسيط لبعض الصفحات الأولى من الكتاب ، والكتاب ممتع وشيق وهو بعنوان : "تقويم اللسانين"للشيخ محمد تقي الدين الهلالي رحمة الله عليه
أتمنى أنها أعجبتك أخي جمر من سمر أو قطرب وجزاك الله خيرا لإتاحة هذه الفرصة فقد كنت من قبل أنوي أن أطرح شيئا مثل هذا
والآن حان وقت اختيار الضحية الجديد
امممممم
كنت سأختار عبد العزيز ولكنه اختير، وكنت سأختار بعده المشاكس هيمو " إبراهيم" ولكنه هو من اختارني -__-، إذن فليكن الضحية القادم أخانا العزيز إبن الفاتح
تعال يا ابن الفاتح لتشرب شايا هنا
المفضلات