part 6
جون ووكر يتأهب لعملية جديدة..
مضت خمسة أشهر من المراقبة ، لم يصل خلالها رجال المخابرات إلى أي دليل يمكنهم به إدانة ووكر ، واتهامة بالجاسوسية ، حتى جاء اليوم الموعود..
يوم17 مايو 1985 ، والظريف في الأمر أنه في اليوم ال17 من نوفمبر أبلغت عنه زوجته.
في ذلك اليوم ، استطاع ضابط المخابرات ، روبرت هنتر ، المكلف بمراقبة ووكر اثناء تلك الفترة ،
أن يسجل مكالمة هاتفية دارت بين ووكر وآرثر ، كانت تشير إلى قيام ووكر برحلة عمل إلى
تشارلوت بواشنطن دي سي في صباح اليوم التالي. وفيما بدا |لروبرت هنتر| أن ووكر كان مخمراً
أثناء تلك المكالمة الهاتفية ، التي ظهر فيها الوضوح عن باقي مكالماته ، فمما ذكره
أصدقاء ووكر عنه ، أن شخصيته كانت تتغير إلى حد كبير حين يكون مخموراً ..
كانت تلك الرحلة هي الفرصة الذهبية التي طالما انتظرها الرجال لتتبع ووكر ، والكشف عن خفاياه ،
وها هي الفرصة قد جاءت.
منذ سماع خبر تلك المكالمة ، كان منزل ووكر تحت رقابة مشددة من رجال المخابرات ، حتى جاء اليوم
التالي ، وخرج ووكر من منزله لبدء رحلته.
ففي صباح ذلك اليوم ، وفي الساعة السابعة صباحاً ، خرج ووكر من منزله يحمل لفافة كبيرة بيده ،
وضعها بسيارته ، ثم توجه بالسيارة إلى محلات ماك دونالد لتناول طعام الإفطار.
كان في تعقبه أثاء ذلك روبرت هنتر ، الذي دخل وراءه المحل وجلس على إحدى الموائد يتابعه
من على بعد ، وفي حذر شديد ، حتى خرج ووكر من المحل فخرج وراءه هنتر
بعد عدة دقائق.
مضى بعد ذلك ووكر بسيارته إلى الطريق السريع لبدء رحلة السفر إلى واشنطن وتبعه هنتر ورجاله في عدة سيارات ..
مطاردة على الطريق إلى واشنطن..
لم يكن ووكر أبداً رجلاً سهلاً حتى يمضي بسيارته مباشرة إلى هدفه المراد ، بل كان شديد الحرص
على ألا تنجح في تتبعه أي سيارة قد تكون في ملاحقته من الخلف ، لذلك كان يتوقف بسيارته من وقت
لآخر على جانب الطريق ، ثم يعود مرة أخرى للقيادة ، بل إنه عند أحد المنحنيات استطاع أن يختفي
عن هنتر ورجاله بعد أن قام بالدوران إلى الاتجاه المضاد وسلك الطريق الآخر لعدة دقائق ثم عاد
مرة أخرى إلى اتجاهه الأصلي ..
أي دار بسيارته بشكل الحرف (U) ثم عاد مرة أخرى لاتجاهه الأصلي ، وهذه هي إحدى طرق التضليل الشهيرة التي يقوم بها بعض الجواسيس المهرة أثناء القيام بعملياتهم ..
لكن لم ينجح ووكر في الاختفاء عن أعين هنتر ورجاله لفترة طويلة ، فسريعاً ما استطاعت إحدى سيارات المراقبة اقتفاء أثره من جديد وتتبعه مرة أخرى.
وإن قد ذُكر على لسان بعض رجال المخابرات أن الفضل في تتبع ووكر من جديد ، بعد اختفائه عنهم
لفترة ، كان يرجع في الحقيقة إلى وجود مراقبة جوية كانت تشارك في تتبع ووكر من الجو
في خفاء ، لكن لم يشأ أحد منهم أن يذكر كيف تمت تلك المراقبة ..!
الجواسيس يفضلون (سفن أب)!!
بعد أن مضت سيارة ووكر من جديد إلى اتجاهها الأصلي ، ومضت خلفها بعض سيارات المراقبة ،
أندهش رجال المخابرات من التصرف الغريب الذي قام به ووكر بعد ذلك ، فعند منطقة معينة
على جانب الطريق ، قام ووكر بإلقاء علبه صفيح فارغة من علب سفن أب ، كانت تحمل علامة
مميزة باللون البرتقالي!.
فسّر الرجال ذلك الفعل على أنه بمثابة إشارة اتفق عليها ووكر مع الروس حتى يشير لهم بشروعه
في أداء العملية ، واقترابه من المكان المتفق عليه لتسليم المعلومات.
من هو العميل الروسي ؟؟
كانت غلطة العمر التي وقع فيها رجال المخابرات أنهم التقطوا علبة الصفيح من مكانها حيث القاها ووكر ،
فقد ذكر بعض رجال المراقبة ، بعد ذلك أنهم قد شاهدوا |مساعدي القنصل السوفييتي
أليكس تكاشينكو| يأتي بسيارته إلى نفس المكان الذي ألقى فيه ووكر بالعلبة الصفيح ، وظل يجول
بنظره في أرجاء المكان ، ثم انصرف بعد ذلك بسيارته.
فمن المؤكد أن ذلك الرجل هو العميل الروسي لجهاز المخابرات السوفيتية(KGB) ، والذي يعمل
ووكر لحسابه.
وقد ذكر ايضاً رجال المراقبة أنه قد حضر للمكان بصحبة زوجته وابنتيه بشكل يوحي بأنهم خرجوا
في ذلك اليوم ـ يوم الأحد ـ لقضاء عطلة نهاية الأسبوع ، وفي الغالب أن تكاشينكو قد أراد بذلك
المظهر تضليل أي عيون قد تلاحقه.
لكن للأسف ضاعت الفرصة على رجال المخابرات ، فلو ظلت العلبة مكانها لأمكنهم بعد ذلك تعقب
تكاشينكو إلى أن يقوم باستلام المعلومات ، مما يدينه بالجاسوسية ويمكنهم من إلقاء القبض عليه.
صورة أليكس تاكاشينكو
ذلك المكان المهجور ..
كان اعتقاد رجال المخابرات صحيحاً تماماً بشأن مدلول تلك الإشارة التي قام بها ووكر ،
فبعد مسافة قصيرة ، انحنى ووكر بسيارته متجهاً إلى منطقة مليئة بالأشجار ،
وخالية تماماً من الناس ، ثم توقف بسيارته ، وخرج منها حاملاً معه تلك اللفافة التي كان قد خرج بها
من منزله في الصباح.
كان تتبع ووكر أثناء تواجده في تلك المنطقة الهادئة هو أخطر وأدق مرحلة من المراقبة ، فأي صوت ،
أو أي حركة ، أو حتى أي نفس قد يشعر به ووكر ، سيكون كفيلاً بفشل مهمة الرجال بعد تلك
الرحلة الطويلة.
لذلك رأى | هنتر قائد المجموعة| أن يكتفي هو وأحد زملائه بمراقبة ووكر في تلك المنطقة ،
وأعطى إشارة لباقي الرجال بالانصراف بعيداً عن ذلك المكان.
اختبأ هنتر و زميله وراء الأشجار ، وراحا يتابعان ووكر أثناء سيره بحذر شديد ، إلى أن توقف عند
شجرة ضخمة ، وراح يلتفت حوله في قلق ليتأكد من خلو المنطقة ثم قام بفض اللفافة الكبيرة
التي كان يحملها ليخرج منها في النهاية حقيبة سوداء صغيرة.
قام ووكر بعد ذلك بوضع الحقيبة بإحكام على جذع سميك من أفرع الشجرة ، ثم مضى إلى سيارته
لينطلق بها بعيداً عن ذلك المكان.
لم يشأ هنتر أن يلقي القبض على ووكر في أثناء ذلك ، فرأى أنه من الأفضل أن يظل مرابطاً بالمكان حتى يحضر الروس لالتقاط الحقيبة فيتعرف تماماً على حقيقة مايجري.
بدون اي عنوان ..
فقط تابعونا في الجزء السابع
المفضلات