{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)}
وهي مدنية {كما أنها تعدل رُبُعَ القرآن في الأجر عند قراءتها}
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال قال لي ابن عباس يا بن عتبة أتعلم آخر سورة من القرآن نزلت؟ قلت : نعم إذا جاء نصر الله والفتح قال صدقت.
عن ابن عمر قال أنزلت هذه السورة ( إذا جاء نصر الله والفتح ) على رسول الله أوسط أيام التشريق فعرف أنه الوداع فأمر براحلته القصواء فرحلت ثم قام فخطب الناس فذكر خطبته المشهورة.
قال البخاري عن ابن عباس قال كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال : لمَ يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله فقال عمر إنه ممن قد علمتم فدعاهم ذات يوم فأدخله معهم فما رأيت أنه دعاني فيهم يومئذ إلا ليريهم فقال ما تقولون في قول الله عز وجل ( إذا جاء نصر الله والفتح ) فقال بعضهم أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا وسكت بعضهم فلم يقل شيئا فقال لي: أكذلك تقول يا ابن عباس ؟ فقلت : لا ، فقال : ما تقول ؟ فقلت : هو أجل رسول الله أعلمه له قال ( إذا جاء نصر الله والفتح ) فذلك علامة أجلك ( فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ) فقال عمر بن الخطاب لا أعلم منها إلا ما تقول .
وأما ما فسر به ابن عباس و عمر رضي الله تعالى عنهما من أن هذه السورة نعي فيها إلى رسول الله روحه الكريمة ، وأعلم أنك إذا فتحت مكة وهي قريتك التي أخرجتك ودخل الناس في دين الله أفواجا فقد فرغ شغلنا بك في الدنيا فتهيأ للقدوم علينا والوفود إلينا فالآخرة خير لك من الدنيا ولسوف يعطيك ربك فترضى
ولهذا قال ( فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا )
قال النسائي عن ابن عباس قال لما نزلت ( إذا جاء نصر الله والفتح ) إلى آخر السورة قال : نعيت لرسول الله نفسه حين أنزلت فأخذ في أشد ما كان اجتهادا في أمر الآخرة وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام بعد ذلك { جاء الفتح وجاء نصر الله وجاء أهل اليمن فقال رجل يا رسول الله وما أهل اليمن قال قوم رقيقة قلوبهم لينة قلوبهم الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان}
وقال البخاري عن عائشة قالت كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن
عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: لما نزلت على رسول الله ( إذا جاء نصر الله والفتح ) كان يكثر إذا قرأها وركع أن يقول : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الرحيم ثلاثا
والمراد بالفتح ها هنا فتح مكة قولا واحدا فإن أحياء العرب كانت تتلوم بإسلامها فتح مكة يقولون إن ظهر على قومه فهو نبي فلما فتح الله عليه مكة دخلوا في دين الله أفواجا فلم تمض سنتان حتى استوسقت جزيرة العرب إيمانا ولم يبق في سائر قبائل العرب إلا مظهر للإسلام ولله الحمد والمنة.


رد مع اقتباس


المفضلات