حياكم الله ..

حديثنا اليوم عن صفة الوجه لله تبارك وتعالى ..



[3] إثبات صفة الوجه لله عز وجل ..


جاء ذكر وجه لله عز وجل الذي وصفه بالجلال والإكرام والبقاء ونفى عنه الهلاك في أكثر من آية وذكره نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث ، ففي السنن عن حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ينبغي أن يسأل بوجه الله إلا الجنة ) .

وجاء من دعائه صلى الله عليه وسلم : ( أسألك لذة النظر لوجهك والشوق إلى لقائك ) والآيات القرآنية التي جاءت بذكر صفة الوجه لله تعالى كثيرة وكلها تثبت أن لخالقنا عز وجل وجهاً يليق بجلاله ، وليس كالوجوه ، فهو ليس كمثل أحداً من خلقه ولا خلقه مثله ، فنثبت له وجهاً كما أثبته لنفسه وأثبته له نبيه من غير تعطيل ولا تمثيل ، وكذا في سائر صفاته نثبتها له ولا نمثلها بصفات خلقه ، فهو جل وعلا ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ، ونمرر جميع آيات وأحاديث الصفات على ظاهرها ولا نحرفها أو نظن أن لها معنى يخالف مادلت عليه ظاهرها ، فظاهرها مراد .
قال تعالى : [ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ ] .. [ الرحمن اا 27 ] ، [ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ] .. [ القصص اا 88 ] ، [ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ] .. [ الأنعام اا 52 ] ، [ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ] .. [ الكهف اا 28 ] ، [لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ ] .. [ الروم اا 38 ] ، [ وَمَآ آتَيْتُمْ مّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللّهِ ] .. [ الروم اا 39 ] ، [ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ ] .. [ الإنسان اا 9 ] ، [ وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ] .. [ الليل اا 19 ،20 ] ، وذكر الخطابي والبهقي وغيرهما : قالوا : لما أضاف الوجه إلى الذات وأضاف النعت إلى الوجه فقال : [ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ ] صفة للوجه وأن الوجه صفة للذات فتأمل رفع قوله : [ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ ] عند ذكر الوجه وجره في قوله . [ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ] .. [ الرحمن اا 78 ] فذوى الوجه المضاف بالجلال والإكرام في آخر السورة لما كان المقصود عين المسمى دون الاسم فتأمله . انتهى .

ووجه الله عز وجل من صفاته القائمة بذاته وجميع صفاته قائمة بذاته منفصلة عنه .


[ الأحاديث النبوية التي جاء فيها ذكر الوجه لله عز وجل ]



  • عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لما نزل قول الله تعالى : [ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ ] . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعوذ بوجهك ، فقال : [ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ] .. [ الأنعام اا 65 ] فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أعوذ بوجهك ، قال : [ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا ] فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "هذا أيسر " .. [ رواه البخاري في صحيحه ] .


  • عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلاّ رداء الكبر على وجهه في جنة عدن ) .. [ متفق عليه ] . وهذا لفظ البخاري وعند مسلم ( رداء الكبرياء ) .


  • عن أبي عبيدة عن أبي موسى قال : ( قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال : إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور - وفي رواية أبي بكر ( النار ) - لو كشفه لأحرقت سُبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) .. [ رواه مسلم ] . ومعنى سُبحات وجهه أي نوره وجلاله وبهائه ، وهذه الصفات تعود للوجه .




هنا انتهت الحلقة الـ[3] ..

قد قلت ما قلت إن صواباً فمن الله وان خطاً فمن نفسي والشيطان ..