إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، شهادة من لا غنى به طرفه عين عن رحمته ، أشهد أن محمداً عبدالله ورسوله ، أرسله الله رحمة للعالمين ، فشرح به الصدور وأنار به العقول ، وفتح به أعيناً عمياً وآذاناً صمَّا ، وقلوباً غُلفا ، اللهم اجزه عنا أفضل ما جزيت به نبيا عن أمته ، اللهم وأعلِ على جميع الدرجات درجته ، واحشرنا تحت لوائه وزمرته ، وأصحابه وأتباعه ومن اهتدى من أتباع سنته وشرعته ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن اهتدى بسنته واهتدى بسيرته ، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه فى قلوبنا ، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، واجعلنا من الراشدين ، اللهم أرنا الحق حقا ،ً والباطل باطلاً ، اللهم وفقنا لاتباع الحق والعمل به، والدعوة إليه .
{ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنّا سيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ }
وبعد :
فهذه مقدمتى لكتاب { مُحَرَّمات اسْتَهان بهَا النَّاسُ يَجب الحذر منْهَا }
لمؤلفه فضيلة الشيخ
" محمد بن صالح المنجد "
كان قد راجعه وعلق عليه سماحة الشيخ
" عبدالعزيز بن عبدالله بن باز"رحمه الله رحمة واسعه ونفعنا بعلمه ، وضعته بين أيديكم لما فيه من النفع والفائدة التى أجاد فيه مؤلفه وأفاد فجزاه الله خيرا ، وجعله فى ميزان حسناته .
فياعباد الله هلا أرعيتمونى عقولكم ، وسمعكم وأبصاركم ، وقلوبكم فهذه المحرمات ليست بجديدة ، ولا أدعي أني أتيت بخفي أو دقيق ، ما أظن أحداً منكم إلا وقد سمعها أو سمع بعض منها ، فإن كانت قد مرت بكم وبها ما يثقل عليكم ولا يعجبكم فلا تصعروا لها خدكم ، ولا تعرضوا بوجوهكم ولا تسل ألسنتكم ولا تجلبوا بخيلكم ورجلكم , وخذوها واعملوا بها فهى من حدود الله .
اعْملْ بعلمي وغَض الطرْفَ عنْ ذَلَلَي *** يَنفَعْك قَوْلي ولا يضْرُرُُك تَقْصيرِي
ولا يصدنكم عن الحكمة قائلها ، فقد يقول الحكمة غير الحكيم ، وتكون الرمية من غير الرامي ، ورب حامل فقه إلى من هو أفْقَهُ....
وأترككم مع مقدمـــة الشيخ حفظه الله :
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه ... أما بعد :
فإن الله سبحانه وتعالي فرض فرائض لا يجوز تضييعها وحد حدوداً لا يجوز تعديها ، وحرم أشياء لا يجوز انتهاكها .
وقد قال صلى الله عليه وسلم :
" ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عافية ، فاقبلوا من الله العافية ، فإن الله لم يكن نسياً ثم تلا هذه الأية :
" وما كان ربك نسيا "
( رواه الحاكم (2 / 375) ، وحسنه الألبانى فى غاية المرام (ص 14)
والمحرمات هى حدود الله عز وجل :
{تِلْلكَ حُدُودُ الله فَلا تَقْرَبُوهَا} 187 البقرة
وقد هدّد الله من يتعدى حدوده وينتهك حرماته ، فقال سبحانه :
{وَمن يَعص الله ورَسُولهُ ويتَعدَ حُدُوده يُدخِلهُ نَاراً خَالداً فِيهَا وَلَهُ عَذَاب مُهين}
14 النساء
واجتناب المحرمات واجب لقوله صلى الله صلى الله عليه وسلم :
" ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم "
رواه مسلم : كتاب الفضائل حديث رقم 130ط . عبدالباقى .
ومن المشاهد أن بعض متبعى الهوى ، ضعفاء النفوس قليلي العلم إذا سمع بالمحرمات متوالية يتضجر ويتأفف ويقول : كل شيىء حرام ، ما تركتم شيئاً إلا حرمتموه ، أسأمتمونا حياتنا ، وأضجرتم عيشنا ، وضيقتم صدورنا ، وما عندكم إلا الحرام والتحريم ، الدين يسر ، والأمر واسع ، والله غفور رحيم ، ومناقشة لهؤلاء نقول : -
إن الله جل وعلا يحكم ما يشاء لا معقب لحكمه وهو الحكيم الخبير فهو يحل ما يشاء ويحرم ما يشاء سبحانه ، ومن قواعد عبوديتنا لله عز وجل أن نرضي بما حكم ونسلم تسليماً .وأحكامه سبحانه صادرة عن علمه وحكمته وعدله ليست عبثاً ولا لعباً كما قال الله :
{ وتمت كلمتُ ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم } 115 الأنعام
وقد بين لنا عز وجل الضابط الذي عليه مدار الحلّ والحرمة فقال تعالى :
{ ويحل لكم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث } 157 الأعراف .
فالطيب حلال والخبيث حرام ، والتحليل والتحريم حق لله وحده فمن ادعاه لنفسه او أقر به لغيره فهو كافر كفراً أكبر مخرجاً عن الملة .
{ أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } 21 الشورى
ثم إنه لا يجوز لأي أحد أن يتكلم في الحلال والحرام إلا أهل العلم العالمين بالكتاب والسنة ، وقد ورد التحذير الشديد فيمن يحلل ويحرم دون علم فقال تعالى :
{ ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب }116 النحل .
والمحرمات المقطوع بها مذكورة في القرآن وفى السنة كقوله تعالي :
{ قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق ..... } 151 الأنعام.
وفي السنة كذلك ذكر لكثير من المحرمات كقوله صلى الله عليه وسلم :
{ إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والصنام } رواه أبو داود
وقوله صلى الله عليه وسلم :
" إن الله إذا حرم شيئاً حرّم ثمنه "
رواه الدارقطنى وهو حديث حسن صحيح .
وقد يأتى في النصوص ذكر محرمات مختصة بنوع من الأنواع مثلما ذكر الله المحرمات فى المطاعم ، وفى النكاح ، وفى المكاسب .
ثم إن الله الرحيم بعباده قد أحل لنا من الطيبات ما لا يحصي كثرة وتنوعا ، ولذلك لم يفصل المباحات ، لانها كثيرة ولا تحصر وإنما فصل المحرمات لإنحصارها وحتي نعرفها فنجتنبها فقال عز وجل :
{ وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ...} 119 الأنعام .
أما الحلال فأباحه على وجه الإجمال مادام طيباً . فكان من رحمته أن جعل الأصل فى الأشياء المباح حتي يدل الدليل على التحريم وهذا من كرمه سبحانه وتعالي ومن توسعته علي عباده ، فعلينا الطاعة والحمد والشكر .
ونبدء بذكر عدداً من المحرمات التي ثبت تحريمها فى الشريعة من بيان أدلة التحريم من الكتاب والسنة ( وقد صنف بعض العلماء في المحرمات أو في بعض أنواعها كالكبائر ، ومن الكتب الجيدة فى موضوع المحرمات كتاب " تنبيه الغافلين عن اعمال الجاهلين " لابن النحاس الدمشقى رحمه الله تعالى ) وهذه المحذورات مما شاع فعلها وعم ارتكابها بين كثير من المسلمين وقد أردت بذكرها التبيان والنصح ، أسال الله لي ولكم ولإخواني المسلمين الهداية والتوفيق والوقوف عند حدوده سبحانه وأن يجنبنا المحرمات ويقينا السيئات ، والله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين .
واستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه حتي ألقاكم مع أولى هذه المحرمات
وأتقدم بالشكر للأخ dr-anime على فواصله الرائعة
المفضلات