سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات!
معذرة، يا سادةُ يا كرامُ، ومثلكم أهل أن يعذرَ مثلي؛ فلن أردَّ إلا ردًّا عامًّا أردت وضعه من قبلُ فشغلني شاغلٌ عنه، والله خيرٌ مُعينا.
فحمادِ لكم حمادِ!
وباسم الله أبتدي:
جزى الله كاتب المقال خيرا، وغفر له ما زل وما هفا!
رأيت في ذا المقال ملحوظتين عليه: في الشرع،
وشيء متعلق بعلم اللسانيات عرّض له تعريضا، ولن أتكلم فيه؛ لأنه لا يقدم ولا يؤخر في موضوعنا.
الملحوظة الشرعية:
وهذا لا يجوز بأي حال، ولأي غاية!وإذا أردت أن ترى ركاكة هذا الأسلوب أو التركيب الجديد فانظر ما يحدث لو
أنك عبرت به عن معاني الآيات التالية :
{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ
انكَدَرَتْ * وَإِذَا الجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا العِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الوُحُوشُ حُشِرَتْ *
وَإِذَا البِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ
* وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الجَنَّةُ
أُزْلِفَتْ } ( التكوير : 1-13 ) .
كنت ستقول - حماني الله وإياك - :
إذا الشمس تم تكويرها ، وإذا النجوم تم انكدارها ، وإذا الجبال تم تسييرها ،
وإذا العشار تم تعطيلها ، وإذا الوحوش تم حشرها ، وإذا البحار تم تسجيرها ، وإذا
النفوس تم تزويجها ، وإذا الموؤودة تم سؤالها بأي ذنب قتلت ، وإذا الصحف تم
نشرها ، وإذا السماء تم كشطها ، وإذا الجحيم تم تسعيرها ، وإذا الجنة تم إزلافها !
لأن هذا تحريف في الكتاب بغير ما أنزل، وللأسف أجد هذا الأمرَ منتشرا عند كثير من البلاغيين؛ فيأتون بالآيات، ثم يقولون: ماذا لو نزلت هكذ؟ فيحرفون الكلم عن مواضعه. وقد تجد مقصدهم طيبا حسنا، ولكنهم وقعوا في غلط عظيم!
وسأعودُ لأزيدَ، إن شاء الله.
------*------
تعليق آخر:
أما أسيس انتشار (تم) فالكاتب لم يبحث فيه كثيرا، وقد بلغني أسباب كثيرات، فكان الأقربَ إلى قلبي ما ذكره شيخنا "بوارو" -قدس الله سره:
وقد ذكر لي هذا جبل من جبال المدينة، وثقةٌ من ثقاتها؛ فما أبغي وقد صاروا ثقتين جبلين؟!معلومة جانبية: أول من بدأ استخدام تمّ مع المصدر عوضًا عن صيغة المجهول هو المطابع العربية القديمة. بسبب ضعف التقنية في طابعات الحروف العربية آنذاك، لم يكن تشكيل الحروف ممكنًا، وبالتالي صار الخلط بين صيغتي المعلوم والمجهول أمرًا متوقعًا. من أجل ذلك، استعاضوا عن التشكيل باستخدام "تمّ"، بقصد محاكاة أساليب اللغات الأجنبية.
ولكن، بعد مرور السنين والعقود، لا زال استخدام "تمّ" على هذا النحو شائعًا رغم خطئه، وذلك بعد أن تفشى في عروق ما يُسمّى بالفصحى الحديثة - التي لا تشابه الفصحى الأصيلة إلا بالقشور - كتفشي السمّ في الدم.
------*-----
تعليق ثالث: (اجتهاد مني)
استخدام "تم" هذا لا يخطؤه علمُ النحْو، وإنما علم المعاني.
ومعنى تمّ: كَمُل بعد نقصان، إلا ما كان في حق الله - حل وعلا- ككلماته التامات: الكاملات بلا نقص مطلقا!
فكل ما كان على مراحلَ، ويجوز في حقه النقص؛ صح استخدام تمّ معه إذا كمُل.
فيصح أن نقول: تم الحول، وتم الميقات، وتم القمر بدرا، وتمتِ الصلاة، وتم التحميل!
أحيل أخرى لقول سيبويه:
-انتهى-فليس لك في هذه الأشياء إلا أن تجريها على ما أجروها ، ولا يجوز لك أن
تريد بالحرف (يعني الكلمة) غير ما أرادوا
وسأعود-بإذن ربي- لأرد عليكم فردا فردا، لكني سأتأخر قليلا.. قليلا فقط. ( شهر كامل! )
وما لي يد في هذا، ولكنه قسر الظروف!
أراكم على خير!

رد مع اقتباس


المفضلات