و عليكم السلام و رحمة الله تعالى وبركاته ..
حياكم الله أهل القرآن في شهر القرآن بكل لفظِ محبة و تقدير .. و دعوة مني لكم قد شرعت من قبل ألف و أربعمائة سنة أن سارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض أعدت للمتقين .. وفقنا الله و إياكم لحسن العبادة و الطاعة في هذا الشهر و بلغنا منازل العتقاء من النيران .. و هل أكثر من ذلك نطمع ؟! أي و ربي .. إننا نطمع بالفردوس الأعلى خير مكانٍ فيه خير نزيل عليه أفضل الصلاة و السلام .. اللهم و ارزقنا لذة النظر إلى وجهك الكريم هي الغاية لكل رجاء و المنتهى لكل سؤال ..
ومضة :-
وفقك الله لما تطمحين و يسر لك الدروب و فتح عليك من أبواب العلم و الحلم و الأدب و رزقك اللطف و جميل الخلُقِ و متعك بوالديك و أدام عليهما الصحة و العافية و نفع بكِ أينما كنتِ ..
توطئة :-
أخيتي الكريمة قلب جامح ..
حياك الله دوما و أبدا ..
أقول بعد بسم الله الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين .. أن رب وفقني لما ترضاه و اشرح لي صدري و يسر لي أمري و احلل عقدة من لساني يفقهوا قولي .. و ارزقني فواتح الكلمات و ألهمني القدرة على التعبير في الألفاظ و حسن ورود المعاني و الأفهام .. اللهم آمين ..
قد كانتِ الأنثى قديما و حديثا محطَّ أنظار الفلاسفة و المفكرين و علماء النفس و الاجتماع و نالت من التاريخ حظها فتمرغت في كل عصر من العصور بوحل قصورٍ الأحكام الوضعية و ظلت حبيسة قفص العبودية و الذلة و المهانة لغير الله ربها فترة طويلة من الزمان و لسان حال الجميع .. لأنها أنثى .. إلى أن جاء ذلك التشريع الرباني على يد أعدل الخلق و ألطف البشر على الإطلاق محمد بن عبد الله .. فأفرغ ما بالناس من أفكار جوفاء و استبدل محلها تعاليم الإسلام الرشيدة و كان تلك هي المرة الأولى و الأخيرة التي نالت فيها المرأة حقوقها كاملة و تحررت من قفص العبودية لغير الله إلى قفص العبودية لله تعالى وحده فعزّت و كرمت و جمل بها الأمر و ارتفع شأنها و علا قدرها حتى ارتبط لفظ الأنثى بعد أن كان بكل معاني الذل و الامتهان بألفاظ العز و الشرف و المكانة العالية القديرة .. فسبحانه كيف تبدلت العقول و الأفهام في فترة وجيزة من الزمان إلى أمر مغاير تماما لما عهدته النفوس و ألفته العيون و تواترت على إنفاذه الناس .. و ذاك بالضبط هو ما يسمى بالعادات و التقاليد .. و ما قدمتهِ في هذا الموضوع كان مجرّد نبذة بسيطة عن عودةِ الناس في ظل الإسلام إلى ما قبله من جاهلية و ضعف فهم و تكرارٍ بلا إعمال و لا إمعان .. فليس ذلك بأمر جديد و لا هو بمستحدث في منهجِ الحياة .. إنما هو إعادة لشيء من جاهلية الجاهلية و بعدٍ عن تعاليم الإسلام .. ولا شك أن هناك فئة في أي مجتمع من هؤلاء تحمل في نفوسها تلك العادات و التقاليد بلا إرجاع و لا معايرة لصحتها و خطئها من التشريع الإسلامي السليم و لذا كان ما نراه من بعض أمثلة ضربتِ بعضها ببعض ..
مقدّمة :-
جاء الإسلام ليثبت للعالم ، أن المرأة مخلوق له قيمة مهمة ، وكيان قائم ، ونفس محترمة ، وعقل واع ، وقلب حاضر .
بعد أن كانت المرأة في الجاهلية ، بلا هوية ولا اعتراف ، إهمال لعقلها ، وإهانة لشخصها ، وذوبان لذاتها ، لا يراعى لها إحساس ، ولا يسمع لها صوت ، ولا أثر لوجودها ,.
جاء الإسلام فوجد امرأة مظلومة ، حقوقها مهضومة ، وكرامتها مسلوبة ، وعقلها محجوب ، تؤد في مهدها ، وتهان في حياتها ، تذل كرامتها ، ويعتدى على عفتها ، ويسلب حقها ، ويسرق مالها ، وينتهك عرضها ، ويسكت صوتها ، وتجرد من حيائها .
يوم ولادتها يوم مشئوم ،ويوم وأدها يوم مشهود .
فالرجل في الجاهلية يكرم خيله ، ويئد ابنته ، يغذي كلبه ، ويقتل فلذة كبده .
فجاء الإسلام ليشرق نوره على أرجاء الأرض ، ولينشر الحق والعدل ، ويزيل ظلام الجهل والظلم ، لينير القلوب والعقول ، ويمحو ظلمة النفوس والدروب .
جاء الإسلام ليحقق أمناً منشوداً ، ويثبت حقاً مسلوباً ، وينصر مظلوماً ، ويعز ذليلاً ، ويكرم عزيزاً .
جاء الإسلام ليرفع للمرأة قدرها ، ويثبت وجودها ، ويحترم ذاتها ، ويرد لها اعتبارها ، ويكرم شأنها ، ويعز رأيها ، ويزيل ظلمها ، ويضيء حياتها بطاعة ربها ، ويسعد قلبها بذكر ربها ، ويزين عمرها بهدي خالقها .
جاء الإسلام فاعترف بوجودها ، فأرسل لها السلام ربها ، وبشرها بما يسرها "فأقرأ عليها السلام من ربها ومني ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب " .
واهتم بأمرها ، فسمع صوتها ، وأنزل قرآناً في شأنها ، " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها " .
رفع شأنها ، وأعلى ذكرها ، وبالرجل ساوى أمرها " النساء شقائق الرجال "
صانها عن الأنظار ، وحفظها عن الأشرار ، فزينها بالحجاب وغض عنها الأبصار ، " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم " وقال " ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ".
رد لها حقها المسلوب ، ومالها المغصوب ، ففرض لها إرثاً ، " للنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون " ، وقدّر لها مهراً ، " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة " ، وأوجب لها نفقة ، ففاقت الرجال مالاً.
قوىّ ضعفها ، وراعى حاجتها ، ولبى فطرتها ، فجعل الرجل قيماً عليها ، يتولى أمرها ، ويقضي حاجتها ، ويصلح شأنها ، فهي ملكة وهو حارس عرشها ، وهي أسيرة وهو قائد أسرها ، ومالك قلبها .
أحياها بعد موتها ، وأبقاها بعد فناءها ، وأوصى بها خيراً .
أكرمها أماً ، فجعل الجنة تحت أقدامها .
وأعزها زوجة ، فجعل السعادة على أبوابها .
وأحسن إليها بنتاً ، فبشر بالجنة من ابتلى بها .
حفظها من لهو الرجال ، ولعب الفجار ، فحدد عدد وعدة طلاقها ، وقيد عدد ضراتها .
أنصف أمرها ، ونصّف عقلها ، لئلا يحملها ما لا تطيق ، ولا يكلفها فوق ما تستطيع .
خلقها من ضلع أعوج ، ليلطف بها قيمها ، ويحذر من كسرها ، ويرفق بقلبها ، فإن قسى عليها كسرها ، وإن شدّ عليها علقها ، وإن رفق بها بقي عوجها ، وتمتع بها على نقصها .
عزّ رأيها ، واستشار عقلها ، وعمل بقولها ، فنجى الله بها أمة .
قبل هديتها ، وجبر بخاطرها ، حين شرب كأس لبنها ، فيّسرت على الأمة ، وخففت المشقة .
كرمها وقدّر فيها الذات ، فزوجها ربها من فوق سبع سموات .
طهّر نفسها ، وذب عن عرضها ، واستجاب دعوتها ، فأنزل براءتها ، وأنزل قرآناً يتلى في شأنها .
أكرمها وأسعدها وقرّ عينها ، ولمّ شتات قلبها ، فجعل بيتها لها قراراً ، ومخدعها سكناً وأماناً .
أجزل لها العطاء ، وأغدق عليها الجزاء ، فهي أمة قانتة ، وزوجة طائعة ، وامرأة صالحة .
أم أحمد المكيّة
النقاش :-
عادة عندما يعرض نقاش ما فيجب على المناقش أن يكون حياديا في طرحه موضوعيا في أسلوبه عاما في نظرته إلى القضية مخصصا إن شاء بعد ذلك لقطر أو مجتمع أو ما شابه .. و هذا ما افتقر إليه هذا الموضوع حسب رأيي الشخصي فطرح القضية كان خاصا بمجتمع ما و في هذا المجتمع هو مجرد قفشات لمواقف قد توافق العمومية و قد تظل قاصرة على هذا الموضوع كذلك لم يكن النقاش موضوعيا لنقول بأن هناك نقطة قد طرحت و نريد النقاش حولها بل كان الأمر شبه توجيهٍ إلى تظلم و تأففٍ من واقعٍ قد لا يجزم بصحته لدى الجميع و آخر نقطة هو عدم الرغبةِ في تعرض هذا النقاش للتشريع الإسلامي .. فكيف إذا تقاس صحة هذه العادات و التقاليد من خطئها من غير مرجعية شرعية تبين لنا الصواب مما سواه ؟! .. إذا فقد قصرت النظرة إلى نقاط النقاش إن لم يؤصل لها في الشرع و تبعها بعد ذلك إعمال الفكر فيما شاك فيه عن التصريح .. فإن جزمنا بعدم الحوجة في النقاش لمرجعية تشريعية يبطل عند ذلك لفظ النقاشِ في وصف الموضوع و يغدو مجرد آراء نظرٍ إنسانية لأشخاص تختلف أعمارهم و أفهامهم و مجتمعاتهم و قد تقصر تلك الآراء و قد تروق للبعض .. فيصبح الأمر خبط عشواء بلا هدي و لا نهجٍ .. فإن سلمنا من ناحية أخرى بخطأِ هذه العادات و التقاليد و مخالفتها للشرع الإسلامي مخالفة واضحة يجعلنا لا نحتاج للإستدلال به في جوانب النقاش فليس من داعٍ للنقاش فيه .. فكأننا نقول بأن هذا الأمر خاطىء و نحن نعلم بأنه خاطىء و نتناقش في خطئه .. إذا فما الفائدة من النقاش ؟! إن جزم بخطأ نقاط الطرحِ تماما تم التحول و التوجه من النقاش حول الأمر إلى التوجيه و التوعية فيه و التوجيه الرشيد لما يفترض أن يكون من صحيح و هنا يرجع بنا المطاف لذات النقطة و هي مرجعية الصواب من الخطأ و هو التشريع الإسلامي الكريم إذا فمربض الفرس هنا و مرجعية الصواب من الخطأ لدينا هي التشريع الإسلامي فلا بد من التعرض في كل نقطة من نقاط النقاش إلى نظرة التشريع و حكمه .. و من ثم يعمل العقل و الفكر في تناول النقطة و الحديث حولها خاصة أن الحديث هنا كان عن شبهاتٍ حول قضايا تخص المرأة المسلمة و اختصاص المرأة بالصفة " المسلمة " عامل موجب لتعليق القضية بما تنص عليه الصفة من حكم و نظرة ..
تناولت في طرحك الكثير من القضايا منها ما عرّجت على بابه بالطرق من غير أن يؤذن لكِ و منها ما رمقته بنظرة من على بعدٍ لا تكاد تبين للناظر شيئا.. و أكرر كلمتك تلك التي قلتها فكانت حقا لا لجلجة فيه .. " القضية أكبر من أن يُلَم ويوجز بها في أسطر .. " و أضيف و لا في صفحات أو كتب أو مجلدات .. القضية على بساطتها معقدة و تحتاج إلى إعمال شرعٍ و عقل و تفكير مطّرد متسعٍ خال من ما يسمى بأيديوليجية التفكير المسبق .. كما هو الحال مع تناول الفقه الشرعي حال النظر إلى أحكام الشريعة .. لأن القضايا التي تناولتها هنا تعتبر من مواطن الشبهة في التشريع و التي خاض فيها الكثيرون و ألف فيها المؤلفون كلٌّ بحسب نظرته القاصرة و البعض بحسب علمه الشرعي ثابت .. فكان أن لخصت القضايا بسبعٍ من الشبهات ..
الحجاب .. المساواة .. التعليم .. العمل .. الولاية و القيادة .. الاختلاط .. الميراث ..
و أجزم أنها القضايا الأساسية في كل ما يتعلق بالمرأة المسلمة .. و لا يسع الوقت لتناولها كلها و لن يكفي .. إلا أن أردنا أن نخصص شهر رمضان و شوال بأكمله للحديث عنها و يسعدني بل يشرفني فعل ذلك إن أحببتم في شكل نظرة موسعة عن قضايا و حقوق المراة المسلمة .. و لكم القرار "الأعضاء" إن أردتم أفردنا للقضية موضوعا موحدا موسعا يشمل معظم الجوانب التي تثير شبهة لدى الكثيرين .. لأن الأمر مما يصب في مقاصد الشريعة الإسلامية و ليعلم كل أناس مشربهم و لكي يتضح للجميع ما هو لديهم بمجهول أو غير مفهوم ..
حسنا ، لنعد إلى نقاط النقاش لديكم في الموضوع .. ما سأعقب به على كل قضية هو نتاج بحثٍ مطول عن الأمر و لعل الأخت قلب جامح تدرك ما أقول لما كان من "ضجةٍ" - على حدّ تعبيرها - أثارها هذا الموضوع .. و لا يزال مثار نقاش و اعتراض من الكثيرين حسب ما أرى .. و لعلي سأتناول الأمر بعمومية و من ثم إن وجدت من سبيل للتخصيص فعلت ذلك .. فمحدثكم قديم عهد بالمجتمع السعودي ..
يقول تعالى : [ و ليس الذكر كالأنثى .. ]
تعليم و عمل المرأة المسلمة :-
و أقتبس من كلامٍ راق لي نصه و أعجبني منطقه و تفصيله في النظر قوله :-
لدينا ثلاث حقائق:
1- العلم والعمل في أصلهما وذاتهما، لم يوضعا لضرر أو فساد، كلا، بل لأجل عمارة الأرض، وصلاح الناس، وهذا أمر يعرفه الجميع؛ لذا فلا أحد ينكر على أحد سعيه في علم أو عمل. وما كان كذلك فيستحيل أن يكون في ذاته سببا في تعطيل الزواج؛ إذ من المتفق عليه أن تعطل الزواج ضرر وفساد.
2- العلم، والعمل، والزواج كل هذه من عند الله تعالى، تشريعا وأمرا، وما كان من عند الله تعالى فلا يكون موصلا لفساد قطعا، ولا متناقضا؛ بأن يأمر بأمر فيه نقض وإفساد لأمر آخر.
وأمام هذه الحقائق، أفلا تبطل النظرة القائلة : تعليم المرأة وعملها يعطل من الزواج.
ومن ثم تبطل النتيجة ذاتها: تعليم المرأة وعملها يعطل قيام الأسرة ؟.
الجواب: نعم قد تبطل، لكن بثلاثة شروط، هي:
- الأول: أن يكون العلم والعمل نافعين.
- الثاني: أن تكون وسيلتهما صحيحة
- الثالثة: أن تكون منهجيتهما صحيحة.
3- التجربة تقرر: أن التعليم والعمل لا يعطل من الزواج؛ فالمرأة قادرة على الزواج مع التعلم والعمل، بل امرأة متعلمة أحسن للزواج من جاهلة، وعاملة أحسن من خاملة، والواقع يؤكد هذا.
فهذه الشروط إن تحققت، فالمقطوع به في ضوء الحقائق الثلاث الآنفة: أن التعليم والعمل لن ينتج عنهما أي ضرر، بأية صورة كانت، بل كل نافع. لكن ما الحال فيما لو تخلف شرط أو أكثر ؟.
حينئذ من العسير نفي الضرر، وافتراض النجاح. وهل من الممكن تخلف هذه الشروط ؟.
يقال: نعم، من الممكن، فليس كل علم أو عمل فهو نافع بالضرورة، بل فيهما الضار والنافع، وكذا وسائلها، ومناهجهما.
والميزان الذي يحدد به النافع والضار في هذا الباب هو: الشريعة الإلهية المنزلة، ثم العقل، ثم التجربة. فإذا دلت الشريعة بنص مباشر، على أن هذا الأمر نافع أو ضار: أخذ بها. ولو ظنت بعض العقول أنه غير ذلك، فالعقل معرض للخطأ. ولو أوهمت التجربة ضد ذلك، فالتجربة قد تخطيء.
وإذا لم يكن نص شرعي مباشر في المعنى، لكن العقل والتجربة دلا على أنه نافع أو ضار: أخذ بهما.
فالنافع والضار منهما على التفصيل التالي:
- فالنافع من العلم هو: كل ما أمر الله به؛ كعلوم الشريعة. أو استحبه، أو أباحه كعلوم الطبيعة، المعينة على: إقامة الدين، وعمارة الأرض. وأما الضار منه فهو: كل علم نهى الله تعالى عنه؛ كالسحر، والكهانة، والتنجيم، والموسيقى.. ونحو ذلك، أو ثبت بالتجربة أن ضرره أكبر من نفعه.
- والنافع من العمل هو: كل ما أمر به، أو استحبه، أو أباحه من العمل، المعين على إقامة الدين، وعمارة الأرض، والاستغناء عن الخلق. والضار منه هو: كل عمل نهى الله تعالى عنه؛ كالعمل بالربا، وبيع الخمر، والاتجار بالميسر. أو ثبت بالتجربة أن ضرره أكبر من نفعه.
أما الوسائل الضارة فيهما، بحسب الميزان الموضوع، فمثل:
- سفر المرأة للتعلم والعمل من غير محرم، أو الإقامة في بلد لأجلهما من غير محرم.
- وكذلك الاختلاط في هذين المجالين بالذكور، والتبرج والسفور.
وأما المنهجية الضارة فيهما، بحسب الميزان الموضوع، فمثل: المساواة بين الجنسين:
- بأن تدرس الإناث العلوم نفسها التي يدرسها الذكور، وتعمل العمل نفسه الذي يعمله الذكور.
- وأن تكون مدة وفترة الدراسة والعمل للإناث، كما هي للذكور.
والنافع من الوسائل والمنهجية: اجتناب هذه المضار، ونحوها.
بعد بيان النافع والضار في هذين المجالين: نعود إلى المقولة : (عمل المرأة وتعليمها يعطل من الزواج)
لفحصها، والنظر فيها: إن كانت تتضمن إحدى هذه المضار أم لا ؟.
إن الذي يدرس هذه المقولة يلحظ: أن معرفة مضمونها لم يستمد من إفادة عقلية، ولا من دلالة شرعية. إنما واقع وحال جارٍ؛ فإنها تقوم على رصد ما هو حاصل ودائر؛ وعلى أساس ذلك بنيت، وصدر حكمها. فما الواقع الجاري في عمل المرأة وتعليمها ؟.
لدينا واقع في التعليم، وواقع في العمل، في هذه النطاقات الثلاثة: النوعية، والوسيلة، والمنهجية.
في واقع تعليم المرأة:
- من حيث النوعية: فجملة ما تتعلمه الفتاة علوم نافعة في أصلها.
- ومن حيث الوسيلة: فإن الوسيلة في الأعم الأغلب أنها صالحة، ليس فيها ما يخالف الشريعة، فالفتاة تخرج في حشمة، وتتعلم في بيئة غير مختلطة.. إلا أنه ثمة أمور يسيرة مغايرة للأصل هنا؟! :
- فإن بعض المتعلمات قد يسافرن، ويقمن في بلاد أخرى: من غير محرم.!!.
- وبعض أنواع التعليم فيه نوع اختلاط، في بعض الحالات، كالطب. واختلاط أوضح وأظهر في حال تعلم الفتاة خارج البلاد..!!.
- ومن حيث المنهجية، فالملاحظ فيها: التسوية بين الذكور والإناث:
- فإن الإناث يدرسن ما يدرسه الذكور؛ فالمناهج الدراسية في أصلها موحدة للجنسين، إلا بعض الفروق اليسيرة.
- ومدة الدراسة وفترتها واحدة للجنسين؛ من حيث الحصص اليومية، والسنوات الدراسية.
وفقا لهذا الرصد، فالذي يقال:
- ما تتعلمه الفتاة في أصله نافع، وليس عليه ملحظ واضح.
- لكن في جانب الوسيلة، وإن كانت جيدة وإيجابية في الأعم الأغلب، تحتاج إلى رعاية وعناية، إلا أنه ثمة خلل يسير يحتاج إلى تدارك وإصلاح، هو:
- السفر والإقامة من دون محرم لبعض المتعلمات.
- والاختلاط في بعض مراحل دراسة الطب، والاختلاط الكامل في حال الدراسة في الخارج.
فهذا الخلل وإن كان يسيرا، إلا أنه مرشح للزيادة، ما لم يتدارك، فوجوده دليل وجود خرق، تمكن من خلاله، فوجب سدّ هذا الخرق، بسن قوانين أكثر تحرزا.
أما في جانب المنهجية، فثمة خلل مؤثر على الدور الوظيفي للمرأة في الحياة، يتمثل في:
- دراسة الإناث ما يدرسه الذكور .
- وكون مدة وفترة الدراسة هي نفسها التي للذكور.
وهذا يحتاج إلى نظر وتأمل، واستفادة من تجارب سابقة، فإن التسوية بين مختلفين إضرار بهما.
في واقع عمل المرأة:
- من حيث النوعية: فإن أصل عمل المرأة نافع مباح.
- ومن الوسيلة؛ فإن الأعم الأغلب أنها صالحة، لا تخالف الشريعة؛ حيث لا اختلاط، ولا تهتك وسفور، إلا أن بعض الأمور المغايرة للأصل العام، شرعت في الظهور:
- من اختلاط واضح في الحقول الصحية، منذ زمن ليس بالقريب. واختلاط انتشر في الآونة الأخيرة، حيث بدأ ظهور المرأة في الأعمال التي لا يتعاطاها إلا الرجال، وليس للمرأة فيها شأن؛ فقد أدخلت في شركات ومؤسسات ليس لها علاقة بأي اتجاه نسوي.
- كذلك سفرها من غير محرم، وإقامتها في البلاد من غير محرم، بداعي العمل.
- ومن حيث المنهجية؛ فإن الأصل إلى هذا الوقت، والأعم الأغلب إلى حد ما: أن عمل المرأة مقتصر على الأعمال الملائمة للأنوثة، وحاجة المجتمع النسائي، كالتعليم. غير أنه ثمة أمور خطوات ملحوظة لكل متابع، هي:
- كثرة توظيف المرأة في أعمال الذكور، حتى استأثرت بكثير من الوظائف. وهذه سيما هذه المرحلة الراهنة..؟!!.
- مدة عمل المرأة، ودوامها نفس مدة ودوام الرجل، من الصباح إلى المساء، والأسبوع، والإجازات، إلا يسيرا. فالمساواة في المدة الوظيفية للجنسين أمر ملحوظ.
وفقا لهذا الرصد لوضعية عمل المرأة، فإنه يقال:
- أصل عمل المرأة نافع مباح.
- إلا أنه في جانب الوسيلة شيء من الخلل، يتمثل:
- في سفر المرأة، وإقامتها من دون محرم.
- وفي الاختلاط، في بعض الأعمال، بالتفصيل الآنف.
- وفي جانب المنهجية: فاختصاص المرأة بأعمال يوافق فطرتها وحاجة المجتمع أمر ملحوظ. إلا أن فيه شيء من الخلل، يتمثل:
- في إقحام المرأة في أعمال رجالية خالصة.
- ومساواتها بالذكور في مدة وزمن العمل.
فالوسيلة والمنهجية فيهما شيء من الخلل، يحتاج إلى تدارك بالإصلاح، وإلا فالخرق يتسع.
انتهى كلام الدكتور و بدأ كلامي ..
أتفق معه فيما قال إلا في نقطة المساواة في المناهج :-
هممم ، لا أرى من بأس في التفريقِ بين المناهج في المدارس خارج نطاق تقييم الدرجات كإضافة بعض المواد الأسرية للنساء و ما شابه و هو أمر معمول به في بعض الدول العربية ..
لكن في نطاق الجامعة يصعب فعل ذلك جدا في مجالات التعليم المتاحة كالتربية و الهندسة و الطب و الصيدلة و الآداب و غيرها .. لأن المنهج الموضوع هنا هو واجب لا يصحُّ إكتمال العِلْمِ بدونه و لا يعتبر مؤهلا من نقص تلقيه في هذا المجال عن كل المنهج الموضوع فلا أدري كيف يكون التفريق هنا .. شخصيا لا أرى بانه يصح تغيير مناهج الطلاب عن مناهج الطالبات في الدراسات الجامعية و العليا ..
أما عن ما يتعلق بالعمل فأنقل ضوابط العمل الشرعية للمرأة المسلمة :-
في الحالة التي يباح فيها للمرأة بالعمل خارج البيت، لا يصح أن يكون ذلك حسب ما تريده وتهواه، بل إن الأمر مقيد بضوابط وضعها الإسلام؛ حتى يحفظ للمرأة كرامتها، وهذه الضوابط هي:
1 - أن يأذن لها وليها – زوجاً كان أم غير زوج – بالعمل، وبدون موافقة وليها لا يجوز لها العمل؛ لأن الرجل قوام على المرأة، إلا إذا منعها نكاية بها وظلماً مع حاجتها للعمل، فلا إذن له.
2 - ألا يكون هذا العمل الذي تزاوله صارفاً لها عن الزواج - الذي حث عليه الإسلام وأكده- أو مؤخراً له بدون ضرورة أو حاجة.
3 - كما أن الإسلام يحث على الإنجاب وكثرة النسل، فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تجعل العمل صارفاً لها عن الإنجاب بحجة الانشغال بالعمل.
4 - ألا يكون هذا العمل على حساب واجباتها نحو زوجها وأولادها وبيتها، فعمل المرأة أصلاً في بيتها، وخروجها للعمل لا يكون إلا لحاجة وضرورة.
5 - ألا يكون من شأن هذا العمل أن يحملها فوق طاقتها.
6 - أن يكون عملها لحاجة، وتكون هي في حاجة للعمل، إذا لم يكن هناك من يقوم بالإنفاق عليها من زوج أو ولي، وأما إذا كان هناك من يقوم بالإنفاق عليها، فليست في حاجة للعمل، وإذا لم تكن في حاجة، فلا داعي أن تعمل، إلا إذا كانت هناك مصلحة عامة تستدعي العمل، مثل أن يكون عملها من قبيل فروض الكفاية، كتدريس بنات جنسها ووعظهن، ومعالجتهن، أو أي عمل آخر يتطلب تقديم خدمة عامة للنساء. أو يكون من وراء عملها مصلحة خاصة، كإعانة زوج، أو أب، أو أخ.
7 - كما أنه من الضوابط أن يكون عمل المرأة مشروعاً، والعمل المشروع: ما كان متفقاً مع كتاب الله وسنة رسوله ، مثل: البيع والشراء، والخياطة، والتعليم، والتعلم، ومزاولة الطب – خاصة أمراض النساء -، والدعوة إلى الله، وغير ذلك من الأعمال المشروعة. وأما الأعمال غير المشروعة، فهي: كل عمل ورد النهي بخصوصه في الشريعة الإسلامية. ومثاله: عمل المرأة في المؤسسات الربوية، ومصانع الخمور، والرقص والغناء والتمثيل المحرم، ومزاولة البغاء، وأي عمل يكون فيه خلوة أو اختلاط محرمان، كالعمل مضيفة طيران، أو سكرتيرة خاصة لرجل ليس محرماً لها.
8 - أن يتفق عمل المرأة مع طبيعتها وأنوثتها وخصائصها البدنية والنفسية، مثل الأعمال المشروعة التي ذكرت آنفاً. وأما الأعمال التي لا تتفق مع طبيعتها ولا أنوثتها، مثل: العمل في تنظيف الشوارع العامة، وبناء العمارات، وشق الطرق، والعمل في مناجم الفحم، وغيرها من الأعمال الشاقة، فلا يجوز لها أن تمارسها؛ لأن ممارستها يعتبر عدواناً على طبيعتها وأنوثتها، وهذا لا يجوز.
9 - من الضوابط - أيضاً - أن تخرج للعمل باللباس الشرعي الساتر لجميع جسدها، بأوصافه وشروطه، وأن تغض بصرها.
ومن شروط اللباس الشرعي:
أ- أن يكون ساتراً لجميع البدن
ب- أن يكون كثيفاً غير رقيق ولا شفاف
ج- ألا يكون زينة في نفسه، أو ذا ألوان جذابة يلفت الأنظار
د- أن يكون واسعاً غير ضيق، فلا ُيجسِّم العورة، ولا يظهر أماكن العورة
هـ- ألا يكون معطراً فيه إثارة للرجال
و– ألا يكون اللباس فيه تشبه بالرجال
ز- ألا يشبه لبس الكافرات
ح- ألا يكون لباس شهرة – وهو كل ثوب يقصد به الاشتهار بين الناس، سواء أكان الثوب نفيساً أو يلبس إظهاراً للزهد والرياء .
10 - أخيراً من الضوابط لعمل المرأة ألا تخالط الرجال الأجانب، فلا يجوز للمرأة العاملة أن تخالط الرجال الأجانب، وأي عمل يقوم على المخالطة يعتبر عملاً محرماً، لا يرضاه الله ولا رسوله .
فإذا ما توفرت هذه الشروط جاز للمرأة للمسلمة العمل، وإلا فلا.
نأتي على الأمثلة التي ضربتها :-
لا بد أن الرفض في دخول مجال الطب من والديك كان بسبب النظرة المبنية على ما سيكون من واقع العمل فيما بعد و ليس لأجل التعليم ذاته أو مجال التعليم المعني بالامر و لدي إن وافق العمل الضوابط الشرعية الموضوعة له كان جائزا و إلا فإنه يقبع تحت مظلة الممنوع و المحرّم أما نظرة الآباء و الأمهات و نظرة المجتمع إلى الطبيبة فقد بدأت في التغيّر و إن كانت لدى القليلين هي نظرة مرجفة في حق المجال و الفتاة أحيانا إنما قد يكون لهم وجهة نظر أبصر مني بالأمر من باب التجربة و ما يجري هناك .. على العموم فإن النظرة قد تكون مبررة و قد لا تكون .. من ناحية شرعية فلا مانع من دراسة الفتاة للطب و العمل في هذا المجال ضمن ضوابط شرعية سبق ذكرها .. أما كيف للفتاة أن تقنع والديها بهذا الأمر و تفرض على المجتمع تغيير نظرته لها كطبيبة أو ممرضة عاملة في مستشفى أو مستوصف أو ما شابه فهذا يرجع إلى عقلية الوالدين و تصرف الفتاة و نضج فكرها فإقناع الوالدين بمجال الطب يحتاج إلى جلسة واعية و نظرة حكيمة و طرح للأمر بأسلوب مشجع و مبشر .. أما تغيير نظرة المجتمع فنابع من تصرف المعنية بالأمر في المجتمع و تعاملها مع كافة أجزائه فلم تخل مجتمعاتنا المسلمة من طبيبات أمهات مسلمات هن خير أمثلةٍ لخير نساء و يشاد لهن بالبنان ..
و الحمد لله أن وفقك لإقناع والديك و أسأله تعالى أن يوفقك في مجال دراستك و ينفع بكِ أهلك و أمتكِ و مجتمعك .. و بإذن الله نسمع بكِ أخصائية قديرة في مجال من مجالات الطب العديدة ..
أما عن نظرة المجتمع إلى المرأة العاملة عموما .. فهي نظرة قد امتزج فيها القال و القيل و "سمعت" و "سمعنا" و "الظاهر" و "مما يبدو" .. فلم تقف عند حدّ و لا يمكن البتُّ فيها بصحة أو خطأٍ تامّين فبعضها صحيح و بعضها خاطىء .. و الأمر منوط بذات الفتاة و دينها و خلقها .. فالجانبان وجهان لعملة واحدة ألا و هي المرأة المعنية بالأمر .. فإطلاق الرفض في الزواج من امراة عاملة خاطئ و إطلاق الموافقة من المراة العاملة خطأ .. إنما تعليق الموافقة يجب أن يكون بناء على دين المراة و خلقها .. فإن سلم الدين و الخلق فلا و ربي لا يسوءها عمل أو ما شابه .. عموما فإن الأمر لا يؤخذ من طرف واحد و لا من موقف واحد و إلا فإنه يكون مبتورا ، لذا لا بد من النظر إلى الصورة بأكملها و ليس من طرفها الأيمن أو الأيسر ..
أما ما يتعلق بقرار وزير التعليم لديكم فليس لي خبرة بالأمر و لكن أعلم أن القرارات لا تصدر من غير ما تعليل أو تبرير فهل من تعليل أم أن القرار قد فرض هكذا فجأة ؟! و كيف كان التعامل قبل القرار في قضية الامتحانات ؟! كل هذا يحتاج للنظر فيه إن أردنا الحكم بصحة القرار و موافقته للشرع الإسلامي و لولي الأمر إنفاذ الأمر إن استقر لديه جلب النفع أو دفع الضرر و لكن لا بد من النظر في المعطيات و التقارير و الأرقام حتى نستطيع الحكم بعقلانية و تبصر .. أما أن يطرح الأمر هكذا نص قرار و اعتراض عليه بلا توضيح لظروف إصدار القرار و لا العوامل التي أدت لاتخاذه فهذا ليس من الحكمة .. و بالتسليم فرضا بخطأ القرار فحينئذ نحتاج لإيصال الأمر إلى الوزارة المعنية بالأمر و إثارة الاعتراض عليه و توضيح جوانب الاعتراض لكي ينظر في القرار مرة أخرى ..
و هنا أعتب عليك أخيتي إستدلالك بالآية الكريمة " و قرن في بيوتكن .. " في صورة تهكمية تميل إلى التلويح و شيء من التقليل من قدر المعنى يفهم من نص السياق و أجزم أنكِ ما قصدت هذا و لكن أرجو الحذر في التعامل مع كلام العزيز الجبار .. فما هكذا تؤتى آيات الذكر الحكيم ..
نأتي على المواقف الأخرى ..
خروج المراة من بيتها :-
فالأصل أنَّ المرأة مأمورة بلزوم البيت، منهية عن الخروج إلاَّ عند الحاجة ، إلاَّ أنَّ الفقهاء وضعوا ضوابط لخروجها وهي كالتالي :
الضابط الأول : أن يكون خروجها لضرورة أو حاجة
روى البخاري في صحيحه، عن أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- قالت : قال رسول الله : (( قد أذن الله لكن أن تخرجن لحوائجكن )) .
يقول العيني في شرح هذا الحديث : ( قال ابن بطال : في هذا الحديث دليلٌ على أنَّ النساء يخرجن لكل ما أبيح لهنَّ، الخروج من زيارة الآباء والأمهات وذوي المحارم ، وغير ذلك مما تمسُّ به الحاجة )
وقال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسير قوله تعالى :- (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ )) أي الزمن بيوتكن، فلا تخرجن لغير حاجة )
وأمَّا إذا لم يكن لها ضرورة ولا حاجة، فلا يجوزُ لها بل يحرم عليها أن تترك عملها الأساس - وهو راعية بيتها - ثم تخرج إلى عملٍ لا حاجة لها به .
الضابط الثاني : أن يكون الخروج بإذن وليها :
والمرأة لا تخلو من حالتين :
أن تكون ذات زوجٍ أو غير متزوجة .
فإن كانت ذات زوج فلا تخرج إلاَّ بإذن زوجها :
لقوله صلى الله عليه و سلم : (( ولا تخرج من بيته إلاَّ بإذنه، فإن فعلت لعنتها الملائكة ملائكة الغضب والرحمة حتى تتوب أو تراجع )) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( لا يحلُ للزوجة أن تخرج من بيتها إلاَّ بإذنه، وإذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه كانت ناشزة عاصية لله ورسوله، ومستحقةً للعقوبة )
وإن كانت غير متزوجة :
فلا يجوزُ لها الخروج إلاَّ بإذن الأبوين في حال وجودهما، أو الجد في حال عدم وجود الأب .
الضابط الثالث : أن تلتزم بالحجاب الشرعي
الضابط الرابع : أن يكون خروجها على تبذل وتستر تام
الضابط الخامس : أن لا يفضي خروجها إلى حرام أو ترك واجب
فإن حققت تلك الضوابط كان خروجها من بيتها سليما صحيحا لا خلل فيه و لا اعتراض عليه .
و بالنسبة للموقف الذي ذكرته :-
فخروج المراة من بيتها يكون بإذن وليها و هو أبوها فإن لم يوجد فبإذن أمها أو جدها و هذا الأصل .. أما تعليق الأم موافقتها بموافقة الأخ الأصغر فهذه قد بحثت عنها مطولا و لم أجد إجابة لها إلا أن تحدث أمها فتوافق موافقة غير مشروطة بموافقة أحدٍ آخر .. فالأخ هنا ليس وليا عليها إنما محرمٌ لها في الخروج .. و هنا فالأمر مناط الشرع و العقل .. فأي شرع ذلك الذي يقول بأن كلمة الأخ يؤخذ بها .. الأخ لا حق له في الاعتراض إن وافق أبوها أو أمها على خروجها .. و أزيدك من الأمر حرصا على التبليغ .. فتوى قرأتها و ضاعت بين أوراقي المحفوظة .. أجلبها إن وجدتها .. مفادها :
أحدهم يستفتي فيقول قد هداني الله و لي أم و أخوات لا زلن على ضلال و غواية و حاولت معهن بكل وسائل المعروف و القول الطيب أن أهديهن و أرشدهن فأبين فهل يجوز لي أن أستعمل الشدة " الضرب" معهن لكي أردعهن و أردهن إلى صراط المستقيم ؟!
و رد عليه في الفتوى عدد من الشيوخ أخاف أن أخطأ اسم أحدهم فآثم .. و لكن مفاد الفتوى أنه لا يجوز له بتاتا أن يمسهن بسوء و لا يعاملهن بشدة و إن كنَّ و كنّ .. فما بال من استأذنت أمها بالخروج فأذنت لها و لم يأذن أخوها لها .. أتطيع أخاها أم تأخذ بكلام أمها .. ؟! الشرع يقول أمها و أبوها مقدم على أخيها .. و العادات و التقاليد تقول - على حسب الموقف المذكور في النصّ - كلام الأخ و إن صغر مقدّم و هذا منافٍ للشرع و العقل .. إذا فالعادات و التقاليد تدحض هنا و يؤخذ بكلام الله و رسوله .. فإن عاند الأهل فالأمر يحتاج إلى توعية و إرشاد و مزيد تفقيه في الدين و تعليم بأحكام الشرع الإسلامي الحنيف
و لعل العقدة هنا كانت تعليق الأم موافقتها و قرنها بموافقة الأخ و هذه موافقة مشروطة و هي حالة خاصة جدا .
عن نظرة المجتمع إلى من أتتِ الفاحشة و أنفذ حكم الله فيها :-
ثلاث أسطرٍ لا تكفي أبدا لوصف حتى أبسط ملابسات نقطة النقاش هذه !!
لكن من تهذيب الشرع أقتبس قصتان لعلها تفي بما أردتِ إيصاله و إن كانت آلية تغيير نظرة المجتمع إلى هؤلاء تحتاج إلى مزيد من التفكر و التبصر و التوعية و الإرشاد ..
عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: جاء الأسلميّ إلى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فشهد على نفسه أنّهُ أصاب امرأةً حرامًا أربع مرّاتٍ، كُلّ ذلك يُعرضُ عنهُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فأقبل في الخامسة فقال: «أفعلت كذا؟» - اللفظ المشاع على ألسنة العامةْ - قال: نعم.
قال: «حتّى غاب ذلك منك في ذلك منها؟»
قال: نعم.
قال: «كما يغيبُ المرودُ في المكحلة والرّشاءُ في البئر؟»
قال: نعم.
قال: «هل تدري ما الزّنا؟»
قال: نعم أتيتُ منها حرامًا ما يأتي الرّجُلُ من امرأته حلالًا.
قال: «فما تُريدُ بهذا القول؟»
قال: أُريدُ أن تُطهّرني، فأمر به فرُجم [سنن أبي داود (4428)].
فسمع نبيّ الله صلى الله عليه وسلم رجُلين من أصحابه يقُولُ أحدُهُما لصاحبه: "انظُر إلى هذا الّذي ستر الله عليه فلم تدعهُ نفسُهُ حتّى رُجم رجم الكلب".
فسكت عنهُما، ثُمّ سار ساعةً حتّى مرّ بجيفة حمارٍ شائلٍ برجله، فقال: «أين فُلانٌ وفُلانٌ؟» فقالا: نحنُ ذان يا رسُول الله، فقال: «انزلا فكُلا من جيفة هذا الحمار» فقالا: يا نبيّ الله، من يأكُلُ من هذا؟ قال: «فما نلتُما من عرض أخيكُما آنفًا أشدّ من أكل منهُ، والّذي نفسي بيده إنّهُ الآن لفي أنهار الجنّة ينغمسُ فيها».
جلس الرسول صلى الله عليه وسلم يوماَ في المسجد .. وأصحابه حوله .. جلس كالقمر وسط النجوم في ظلام الليل .. يُعلّمهم ..يُؤدبهم ..يزكيهم ..
اكتمل المجلس بكبار الصحابة ..وسادات الأنصار.. وبالأولياء .. والعلماء ..
وإذا بامرأة متحجبة تدخل باب المسجد .. فسكت عليه الصلاة والسلام، وسكت أصحابه .. وأقبلت رُويداً .. تمشي وجلاً وخشية .. رمت بكل مقاييس البشر وموازينهم .. تناست العار والفضيحة .. لم تخش الناس .. أو عيون الناس .. وماذا يقول الناس .. أقبلت تطلب الموت .... نعم تطلب الموت .. فالموت يهون إن كان معه المغفرة والصفح .. يهون إن كان بعده الرضا والقبول .. حتى وصلت إليه عليه الصلاة والسلام .. ثم وقفت أمامه .. وأخبرته أنها زنت !!! وقالت: (يا رسول الله أصبت حدًا فطهرني) ..
ماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ؟! هل استشهد عليها الصحابة ؟! هل قال لهم : اشهدوا عليها ؟! لا، احمرّ وجهه حتى كاد يقطر دماً .. ثم حوّل وجهه إلى الميمنة .. وسكت كأنه لم يسمع شيئاً ..
حاول الرسول صلى الله عليه وسلم أن ترجع المرأة عن كلامها .. ولكنها امرأة مجيدة .. امرأة بارّة .. امرأة رسخ الإيمان في قلبها وفي جسمها .. حتى جرى في كل ذرة من ذرات هذا الجسد. .. فقالت واسمع ماذا قالت .. قالت : أُراك يا رسول الله تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك .. فوا الله إني حبلى من الزنا ..!! فقال: ((اذهبي حتى تضعيه))
ويمر الشهر تلو الشهر .. والآلام تلد الآلام .. حملت طفلها تسعة أشهر.. ثم وضعته .. وفي أول يوم أتت به وقد لفَّته في خرقة .. وقالت: يا رسول الله .. طهرني من الزنا .. ها أنا ذا وضعته فطهرني يا رسول الله .. فنظر إلى طفلها .. وقلبه يتفطر عليه ألمًا وحزنًا .. لأنه كان يعيش الرحمة للعصاة ، والرحمة للطيور، والرحمة للحيوان .. قال بعض أهل العلم: بل هو صلى الله عليه وسلم رحمة حتى للكافر، قال الله: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}
من يُرضع الطفل إذا قتلها ؟!! من يقوم بشئونه إذا أقام عليها الحد ؟!! فقال: ارجعي وأرضعيه فإذا فَطَمْتيه فعودي إليّ .. فذهبت إلى بيت أهلها .. فأرضعت طفلها .. وما يزداد الإيمان في قلبها إلا رسوًّا كرسوِّ الجبال ..
وتدور السنة تعقبها سنة .. وتأتي به في يده خبزا يأكلها .. يا رسول الله قد فطمته فطهرني .. عجبًا لها ولحالها .!! أي إيمانٍ هذا الذي تحمله .. ما هذا الإصرار والعزم .. ثلاث سنين تزيد أو تنقص .. والأيام تتعاقب .. والشهور تتوالى .. وفي كل لحظة لها مع الألم قصة .. وفي عالم المواجع رواية ..
ثم أتت بالطفل بعد أن فطمته، وفي يده كسرة خبز ..وذهبت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قالت: طهرني يا رسول الله .. فأخذ – صلى الله عليه وسلم – طفلها وكأنه سلَّ قلبها من بين جنبيها .. لكنه أمْر الله .. العدالة السماوية .. الحق الذي تستقيم به الحياة ..
قال عليه الصلاة والسلام : " من يكفل هذا وهو رفيقي في الجنة كهاتين ".
ويؤمر بها فتدفن إلى صدرها ثم ترجم .. فيطيش دم من رأسها على خالد بن الوليد .. فسبها على مسمع من النبي صلى الله عليه وسلم , فقال عليه الصلاة والسلام : مهلا يا خالد " والله لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لقبلت منه " .. وفي رواية أن النبي – صلى الله عليه وسلم – " أمر بها فَرُجمت، ثم صلّى عليها، فقال له عمر – رضي الله عنه -: تُصلي عليها يا نبي الله وقد زنت!! فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: لقد تابت توبة، لو قُسّمت بين سبعين من أهل المدينة لوسِعَتْهُم، وهل وجدتَ توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى" !!..
هذا هو شرعنا و هذا هو نهجنا فمن رغب عنه فليس منا ..
كما أن الشرع الإسلامي هو تشريع وقاية قبل أن يكون علاجا فهو يقطع كل ما يؤدي للفاحشة من وسائل و عوامل فإن وقع في الفاحشة من بعد ذلك كله بدأ في تقديم العلاج الناجع فالأمر فيه بعض تفصيل ليس المقام مقامه .. و من أراد التفصل و التعلم فلينظر إلى فتاوى العلماء في هذا النطاق ..
أما عن قضية المطلقاتِ:-
فأستأذنكم في الحديث عنها إلى قتٍ لاحق بإذن العزيز الكريم .. لا أزال أبحث في الأمر .. لكن الأصل أن التفضيل في الزواج للبكرِ كما نعلم .. ^^
و لي عودة لإكمال الحديث هنا ..
أما عن ما يتعلق بقيادة المرأة للسيارة :-
فقد قرأت للدكتور لطف الله خوجة .. مقالة رائعة في هذه القضية .. و إليك نصها :-
مرة أخرى، تعود قضية القيادة إلى السطح.. تهيج، وتهتز، ثم تصفر، ثم تكون حطاما. ثم تعود، وهكذا إلى أن يتوقف السبب. ولن ننتهي من هذه الدائرة إلا في إحدى حالتين:
- الأولى: إذا ما أقر للمرأة بالقيادة. فحينئذ ينجح المطالبون، ويخيب أمل المعارضين.
- الثانية: إذا ما أدرك المطالبون حقيقة العلاقة بين الجنسين، ودور كل منهما، شرعا، وعقلا، وتكوينا: - أن السعي في الأرض مهمة الرجل، وأما المرأة فسعيها استثناء من الأصل، وعلى الرجل أن يقضي حوائجها، فإذا كان عليه قضاء الحوائج، فهو السائق، ليست المرأة.
- وأن صون المرأة واجب كبير على الأمة، ومن التفريط تعريضها للمخاطر، ومن التعريض تركها ترد وحدها المجامع، خصوصا في زمن يكثر فيه المستهينون بالأعراض.
أما من دون هذه أو هذه، فهي باقية، لا تزال تتردد، بما فيها من صرف عن المهمات..؟!. وإلى أن يحصل ذلك، ويأتي يوم الحسم، ونهاية الجدل، فنحن نعيش هذه القضية، ولن يكفوا، ولن يكفوا؛ كلا الفريقين، فكلاهما يرى الحق ما هو عليه، والذي يجب قوله هنا: إن على كلا الفريقين أن يطرح رأيه ببرهان، ويبتعد عن أسلوب الخطابة والوعظ ( = المعارضون)، وعن أسلوب التهويل والمجازفة ( = المطالبون)، فهذا ما يلاحظ من الجانبين.
- فالأدلة التي يتكئ عليها المطالبون على أنواع:
الأول: يتعلق بالمرأة نفسها، وفيه:
1- أن الأصل المساواة بين الجنسين، فما كان حقا له هو حق لها.
2- حاجة المرأة إلى القيادة، حيث لا يوجد من يقوم بشئونها.
الثاني: يتعلق بالسائق الأجنبي، وفيه:
3- أن في الاستغناء عنه توفيرا للمال، ودعما للاقتصاد.
4- أن السائقين ينتمون إلى ثقافات غريبة عن البلد، وفي ذلك إضرار بالناحية الاجتماعية.
5- أنهم يتسببون في الحوادث وخسارة الممتلكات، لقلة خبرتهم بالقيادة الطرق.
الثالث: يتعلق بالناحية الشرعية، وفيه:
6- أنه لا نص من القرآن أو السنة يمنع من قيادة المرأة.
7- قد أفتى بجوازها جمع من العلماء.
8- أن الخلوة محرمة، وهي حاصلة مع السائق.
9- أن النساء في عهد الصحابة كن يقدن الدواب في الطرقات والأسواق.
وبكل نوع قال فريق وأفراد، وبجميعها قال بعضهم، يقابلهم المانعون بأدلة مضادة، بالتقسيم نفسه:
فيقولون عن النوع الأول:
1- الأصل في الجنسين التمايز، وليس التساوي. والأدلة على ذلك ما يلي:
أولا: من القرآن، قال الله تعالى: {وليس الذكر كالأنثى}، {وللرجال عليهن درجة}، فالحقوق ليست متساوية، فالرجال عليهم السعي، وبذل المهر، والقوامة والدفاع والقتال دون النساء.. والنساء لهن ترك الصلاة والصيام في أحوال، وليس عليهن الجهاد، ولا النفقة.
ثانيا: من التكوين الجسدي والوظيفي، فجسد المرأة مختلف عن الرجل، ومن ثم فلا بد أن يختلف تبعا لذلك أدوارهما في الحياة، فتضطلع المرأة بالمهام الملائمة لتكوينها، والرجل كذلك.
وبهذا تسقط الدعوة إلى القيادة من أصلها، إذا كانت مبنية على مبدأ التساوي المطلق. أما إذا بنيت من جهة التساوي الجزئي، فتكون محل النظر والتحرير، وهذا ما تكفله المناقشات والتحليلات الآتية.
2- أما حاجة المرأة إلى القيادة، فتناقش من وجهين:
الأول: هذا تعميم، فأين الدليل عليه ؟!.. أين الدليل على أن القيادة حاجة عند عامة النساء أو الغالبية ؟!.
مثل هذا الإطلاق يحتاج إلى إجراء استفتاء عام لجميع الإناث البالغات، حتى يثبت.
فهل المطالبون أجروا مثل هذا الاستفتاء ؟.
فإن قالوا: المقصود بعضهن.
قيل: إذن، لم تعد مشكلة عامة، تستدعي هذا الضجيج..!!، فإذا كان كذلك، فحاجة هذه القلة يمكن أن تعالج بطرق بديلة، كما في الوجه الثاني، من دون جر المجتمع كله إلى خطوة، نذرها أكثر من مبشراتها.
الثاني: ثمة حلول أخرى غير قيادتها، فالواجب حمل وليها على العناية بشئونها، ومعاقبته إن قصر، فإن لم يوجد فتطرح طرق بديلة، كالحافلات النسائية، وتيسير مكان عملها وتقريبه.
فإذا كان كذلك، فتسقط هذه الدعوى، ولا يصح أن تكون دليلا، حتى تثبت ببرهان هو:
- الاستفتاء العام على أنها حاجة للمرأة، فإن كانت الأغلبية تقول كذلك، فالأمر كذلك، وإلا فلا.
- أن تنعدم الحلول إلا حل القيادة، فإذا كانت الحلول الأخرى موجودة فلا.
ويقولون في النوع الثاني:
3- عن توفير المال، يجاب عنه من طريقين:
الأول: هذا مبني على فرضية هي: أنه مع إقرار القيادة سيكف الناس عن استقدام السائقين.
وهذا لا دليل عليه:
- فليس كل النساء يقدمن على القيادة، فاستنادا إلى الحال الملموس للمجتمع، فالغالبية لا تحبذ القيادة.
- ولا كل الأولياء يرضون بها لمحارمهم.
- حتى التي تقبل على القيادة قد تبقي سائقها.
وكل هذه أحوال متوقعة وحاصلة.. فأين التوفير إذن ؟!.
الثاني: ليس التوفير مقصودا لذاته، وصون المرأة مقصود لذاته، فإذا تعارضت المصالح، فالواجب تقديم المصلحة الكبرى.. وصون المرأة، ومنع ابتذالها، وتعريضها للمخاطرة بقيادتها، أعظم مصلحة من توفير المال، فليذهب المال، ولتنعم المرأة بالأمن والراحة، وهل وجد المال إلا لجلب الراحة ؟.
فهذه الدعوى كذلك غير مبرهنة، فتسقط، ولا يصح أن تكون دليلا، فإنه لو ثبت التوفير الاقتصادي، فتعارض مع صون المرأة، فيقدم الصون بلا تردد، بإجماع العقلاء.
4- عن انتماء السائقين لثقافات أخرى. يقال:
أغلب هؤلاء السائقين مسلمون، والمسلمون أخوة، فمجيئهم في كل حال خير، يفيد في التعارف، والتقارب، وإذا كان ثمة أخطاء ومشكلات عندهم، فليس مكان أحسن من هذه البلاد، ليتعلموا على أيدي أهلها، وعلمائها، ومفكريها، ففي ذلك: الشرف، والقدوة، والقيادة. أما منعهم وإبعادهم فإنه لا يتلاءم مع روح الإسلام، كما أنه يتعارض مع مفهوم القرية الكونية الواحدة (= العولمة)، المزيلة للحدود والحواجز، الذي يؤمن به، ويروج له، كثير من المطالبين بالقيادة..!!.
إذن تسقط هذه الدعوى، ولا يصح اعتمادها دليلا على القضية.
5- عن تسبب السائقين في ازدياد الحوادث، يجاب عنه من طريقين:
الأول: هذه دعوى، لا تثبت إلا بإحصاءات تجريها الدوائر المختصة؛ لأن للمعارض أن يقول: العكس هو الصحيح، فحوادث السائقين إذا ما قورنت بحوادث المواطنين، فشيء لا يذكر.
الثاني: هو معارض بأن المرأة أقل خبرة وقدرة على القيادة، وهذا مجرب معروف، يشهد به من سبق. إذن لا بد من دراسة للأمرين معا:
- دراسة ما يسببه السائق الأجنبي من خسائر، ومقارنتها بما يسببه المواطنون من خسائر.
- دراسة ما تسببه المرأة إذا قادت، ومقارنته بما يسببه السائق.
وإلى أن تحصل الدراسة، فالدعوى فرضية تحتاج إلى إثبات، ولا يمكن أن تبنى عليها القرارات.
ويقولون في النوع الثالث:
6- عن قولهم: أنه لا نص يمنع من قيادتها. فذلك يقال فيه:
أولا: كذلك لا نص يمنع من شرب الدخان، لكن الجميع يمنعه؛ لتحقق ضرره. فمن اشترط نصا مباشرا للمنع، فعليه أن يبيح: شرب الدخان، وقطع الإشارة الحمراء، وقيادة الطفل للسيارة.. ونحو ذلك. وهذا غير صحيح، لا يقول به عاقل؛ فإن المنع:
- إما بنص مباشر.
- أو حين تحقق الضرر، أو غلبته على المنفعة، وهذا متفق عليه بين العقلاء والفقهاء.
وفي قيادة المرأة: الضرر محقق، وهو غالب. والدليل:
- أنها فتنة الرجل. بالنص النبوي، وبحكم العقل، وإقرار الفطرة.
- وفي الناس من يجري إلى الفتنة.
فإذا ساقت تعرضت للضرر، إذا سلمت في الأولى، ففي الأخرى، كالذي يشرب الدخان، قد يسلم مرارا، لكنه يسقط فجأة.
7- عن فتوى بعض العلماء بجواز القيادة: فذلك يقال فيه:
أولا: العبرة بالدليل، والدليل يأمرها بالحجاب، وبالقرار في بيتها، والبعد عن الرجال.وهذا متعذر في القيادة. ثانيا: إن أهل مكة أدرى بشعابها، وأعلى هيئة علمية شرعية في البلاد، قد أصدرت فتوى بالمنع.
8- عن الخلوة، يجاب عنه من طريقين:
الأول: لا تعالج المشكلة بمثلها، فإذا كان الركوب مع السائق خلوة، فقيادة المرأة فيها مخاطرة لا تخفى، ومن السطحية حصر الحل في: إما الخلوة، وإما القيادة. فالعقل يقول هناك حلول أخرى، مثل:
- قيام محرمها بالمهمة عنها.
- ألا تركب وحدها، بل معها أخرى.
- أن تكفى المرأة حوائجها، فتقر القوانين الكافلة لها، المانعة لها من أن تحتاج إلى القيادة، مثل:
- أن يكون عملها في بيتها بالإنترنت.
- تيسير مكان عملها، وتقريبه.
- إنشاء حافلات نسائية، تتكفل بإيصالها لمبتغاها.
الثاني: هذه كلمة حق أريد بها باطل..!!.
فالخلوة موجودة منذ عقود، من حين مجيء السائق، فأين هذا الحكم حينذاك.؟.
لم لم يعترضوا.؟، هل كانوا غافلين عنه حتى تنبهوا له مع قيادة المرأة ؟!.
بل المعترضون على القيادة، هم أول من حذر من هذه الخلوة، يوم كان المطالبون ساكتين..؟!.
والحاصل: أنه إذا كان ثمة خيارات أخرى غير السائق، هو الذي يدعو إليه المانعون، فحينئذ لا يصح أن يكون هذا دليلا صحيحا يستند إليه المطالبون بالقيادة .
9- عن قيادة النساء للدواب في عهد الصحابة:
فهذه دعوى لا تثبت، وليست المقصود مجرد الركوب، فبينه والقيادة فرق، فالقيادة: أن تستقل بركوب الدابة من غير سائق، ثم تلج كذلك في الأسواق والطرقات، فمثل هذا لم يكن معروفا في ذلك العهد، ومن زعم أنه كان موجودا فعليه أن يأتي بالدليل.
فتسقط هذه الدعوى كذلك، فلا تثبت إلا إذا أتوا بأدلة من التاريخ والآثار، فيها أن المرأة كانت تقود. وإذا كان الفريق المانع قد تشدد في منعه، للاعتبارات الآنفة، فإن الفريق المطالب قد جازف كثيرا، فاستند إلى ما ظنه أدلة، وهي:
- إما فرضيات وأوهام أطلقوها جزافا، من غير دارسة ولا إحاطة (= حاجة المرأة، التوفير الاقتصادي، كثرة حوادث السائقين).
- أو مغالطات ظاهرة لكل ذي عقل ( = الخلوة، ضرر السائقين الاجتماعي والثقافي).
- أو مصادمة للنصوص المحكمة الصريحة ( المساواة بين الرجل والمرأة).
- أو خطأ تاريخي، مع مصادمته للنصوص كذلك (= قيادة المرأة للدواب في العهد النبوي) فكل تلك التي قدمها المطالبون في صورة حقائق وأدلة: لا تفيد القضية، بل تصب في مصلحة المعارضين؛ كونها خالية من: الإثبات، والصدق، والصحة.
وإذا كان الأمر كذلك، فما بقي للمطالبين إلا دليل واحد، يمكن يحتجوا به، ويدعو الباقي، وهو ما استعمله العلماء المجيزون للقيادة: أن الأصل فيها الإباحة، وأما المنع فلأجل العوارض.
فهذا صحيح، لا يختلف عليه أحد؛ ولأجله نحى بعض العلماء إلى تجويز قيادة المرأة، نظرا منهم إلى أصل الحكم، وخالفهم غيرهم، نظرا منهم إلى ما يحتف بها من مفاسد، ترجحت على المصالح، ولا يخفى أن الضرر إذا غلب على المصلحة، فالحكم الشرعي حينئذ هو المنع، وهذا متفق عليه بين العقلاء والفقهاء. فالمعارضون بنوا رأيهم على:
- أن قيادتها حلقة في سلسلة تحرير المرأة من الحجاب والعفة.
فالدعوة إلى القيادة مرتبطة بالدعوة إلى خروجها من البيت، واختلاطها بالذكور، في كل المجالات العلمية والعملية، وزوال الحجاب والحاجز بين الجنسين، مع زوال قوامة الرجال، واستقلاليتها عنه، وفي هذا الحال يحصل أن تترك بعض النساء بيوتهن، ويخرجن عن طاعة الولي الشرعي.. ولما حدث تحرير المرأة في البلدان العربية، تفاقمت مشكلة هروب الفتيات، وامتلأت المحاكم بقضايا أخلاقية لا عهد للمجتمع بها. - ولو فرض أنها ليست حلقة من حلقات التحرير، فإنها تتعارض وصيانة المرأة.
فالذين يدعون إلى القيادة، لا يتذكرون منها، إلا أن المرأة تركب لتصل إلى عملها، أو للشراء، ثم تعود، لا يتذكرون أنها معرضة للتعطل.. لحادث.. وكلها أحوال تضر بالمرأة، وتعرضها لأجناس من الناس، فيهم من لا يوقر الأمانة ولا العرض، وهم موجودون لا يمكن إنكار وجودهم، وهي في غنى عن التعامل معهم، وفي غنى عن هذه المعاناة، التي لا يتمناها الرجال لأنفسهم، فكيف بالمرأة ؟!.
إذن، حتى يتحقق للمرأة الفائدة من القيادة، اضمنوا لها مجتمعا مثاليا، وإلا فأنتم تغرقونها في الوحل..!!. فمنعهم إذن مبناه على التعارض:
- ما بين صونها وقيادتها.
- ما بين حجابها وقيادتها.
- ما بين وظيفتها وقيادتها.
ثم إن المطالبين يرفضون هذه النتيجة، ويقولون: هذا وهم. ليس في هذا دعوة إلى تحرير المرأة، فكم هم النساء في كثير من البلاد، وقد رأيناهن: ملتزمات بالحجاب الكامل مع القيادة، مصونات مع القيادة، قائمات بوظائفهن مع ذلك.
- إذن، فمحل الخلاف بين الفريقين: هل الضرر قطعي، أم ظني..؟.
فمن رأى أنه قطعي منع، ومن رأى أنه ظني أذن.. فما الفيصل بينهما..؟.
- عندما يكون المجتمع مثاليا، يرعى الأمانة والخلق، ويكف عن الأذى، ويرفض العدوان، ويتعاون على البر والتقوى، ليس فيه محل للفاجر، والفاسق، المستهين بالأعراض، والسمة العامة الغالبة: المسارعة للخدمة والعون بكل أدب، واحترام، وصدق، وإذا مرت المرأة تقود سيارتها، فاحتاجت إلى العون: لعطل، أو إصلاح، أو خدمة. عاملها الرجال كما يعاملون محارمهم: فقيادة المرأة لا تمثل مشكلة حينئذ.
- وعندما يكون المجتمع خليطا، فيه البر والفاجر، والصالح والفاسق.. فيه العادل والظالم.. فيه الحافظ للحرمات وحدود الله، والمعتدي المتجاوز: فقيادة المرأة حينئذ تمثل مشكلة.
- فإذا كان المجتمع مع ذلك يصب عليه الفساد صبا، ويدعى إلى خرق الحرمات، والاعتداء على المصونات، بواسطة الوسائل الإعلامية، وعلى رأسها القنوات الفضائية، ثم ما يليها من صحف، ومجلات، وقصص.. إلخ، فالفتن تموج، والرقيب غائب، والرادع ضعيف، والشهوات مستعلية، والناس وراءها يسعون، ودعوات حرية المرأة واستقلالها عن الرجل؛ أي عن المحرم، والخروج عن قوامته الشرعية، هي الرائجة والمتبعة، فالآباء والأولياء عاجزون عن القيام بما أمرهم الله به من القوامة والولاية: فالقيادة حينذاك لا تمثل مشكلة، بل كارثة..!!.
في حال كهذا، إذا خرجت المرأة فهي محل: النظر، والفحص، والقياس، والتلصص، والتلطف، والتتبع، والتقرب، والكلام، والتغزل، والاستمالة، وربما الاعتداء. هذا في حال خروجها فحسب، دع عنك القيادة، فإذا قادت، زادت البلايا والرزايا..!!..
والسؤال المهم هنا: أي المجتمعات نحن:
- مثاليون ؟.
- أم خليط ؟.
- أم خليط يصب عليه الفساد صبا ؟.
في الجواب عنه تحرير لمحل الخلاف: إن كان الضرر قطعيا أم ظنيا ؟. والقصد: أن المطالبين بالقيادة إن أرادوا البرهنة عليه بشكل صحيح أن يتبعوا الآتي:
- أن يستبعدوا فكرة المساواة بين الجنسين من أدلتهم؛ لأنها معارضة بالقرآن.
- أن يتركوا الاستدلال بأن الخلوة محرمة؛ لأن السائق ليس البديل الوحيد لمنع المرأة من القيادة.
- أن يتركوا الاستدلال بأن النساء كن يقدن الدواب؛ لأنه لا مستند لهم في هذا ألبتة.
- أن يستبعدوا فكرة الأثر السيء للسائق؛ لأن السائق موجود في كل حال، ولأن كثيرا منهم مسلمون.
فإذا فعلوا ذلك، كانوا أصدق في دعوتهم، وأقرب إلى: المنطق، والعقلانية، والواقع. وبه يجتازون من الطريق مرحلة، لكنها غير كافية، وإن كانت مفيدة..!!، فإن عليهم مَهمّة عملية، تساعدهم في تحقيق الهدف، هي:
- أن يثبتوا بالبراهين من: استفتاء، وإحصاء، ودراسة ميدانية وتطبيقية:
- أن أغلبية النساء تحتاج إلى القيادة، ويطالبن بها.
- أن أغلبية الرجال، من: الآباء، والإخوان، والأزواج، الأبناء يطالبون بالقيادة، فلا يمكن عزل الرجل عن معرفة رأيه في هذه القضية، التي تخصه مباشرة، لعلاقته بالمرأة. إذن هو استفتاء عام.
- أن في الاستغناء عن السائق دعما للاقتصاد.
- أن السائق الأجنبي يزيد من الخسائر في الممتلكات.
- أن المرأة أقدر على تفادي تلك الخسائر والحد منها، إذا قادت.
إذا أثبتوا هذه الدعاوى بالطرق الآنفة، لا بالكلام الجزاف، فإنهم يضعون أقدامهم على الطريق إلى تحقيق الهدف. ولا يعني ذلك: أن القيادة غدت مشروعة، مقبولة. فإن الحسم الشرعي لا يبنى على مجرد:
أن الأغلبية يريدونه.. أو لأن الجدوى الاقتصادية كبيرة.. أو لمجرد حصول الخسائر.
كلا، بل له اعتبارات أخرى أكبر من ذلك، فأكبر ما يعنى به: حفظ الدين، والأخلاق، والأنفس، والأعراض. حتى لو تعارضت مع رأي الأغلبية، وحكمها، أو مع توفير المال، أو حصول الضرر بالممتلكات.
فإن أرادوا دفع الفكرة إلى الأمام، وإزاحة العوائق الباقية، فعليهم:
- أن يثبتوا بالبرهان الواضح، أن المجتمع مثالي للغاية، أو قريبا منه، وأن المرأة ستكون في غاية الأمن والأمان وهي تقود، لن يلحق بها سوء، ولو كانت في جنح الليل وحدها تقود، فلا خوف على الأعراض، ولا على الأخلاق، وإذا حصل شيء مؤسف، فإنما هو من القليل النادر، الذي لا يخلو منه حتى عهد الصحابة رضوان الله عليهم، وإنما العبرة بالأغلب.
إذا فعلوا هذا، وقدروا على هذا البرهان، وبينهم وبينه مفازة، من الارتقاء بالمجتمع إلى القيم المطلقة، والأخلاق الفاضلة، حتى تضاهي مجتمعات الصدر الأول، وغابر عهود المسلمين، وهذا يحتاج إلى جهد، وتربية، وتزكية: إذا فعلوا هذا، ووفقوا في ذلك، فإنه حينئذ لا نقول سيكون الناس معهم، بل سيلقون حمدا وثناء: أن فعلوا ما هو أهم من القيادة، وهو: قيادة المجتمع ليكون مثاليا، والمدينة لتكون فاضلة.
فإذا أريد لقيادة المرأة أن تتحقق، بما ينفي الضرر عن المرأة والمجتمع، فأولاً: على المجتمع أن يهيأ الأوضاع، لتلائم أوضاع المرأة كما قرر شريعة. والحذر أن تهيأ المرأة لتنسجم مع المجتمع بعلاته وعلله.
لكن، ومع ذلك، تبقى المسألة الكبرى:
لم أعرض المسلمون منذ عهد النبوة والصحابة، عن منح فرصة القيادة للمرأة..؟!.
ولم المرأة نفسها لم يُسمع صوتها مطالبة بالقيادة ..؟!.. لم كان دورها الركوب فحسب، دون قيادة الدواب في المجامع والطرقات كالرجل، سواء بسواء.؟!.
إن أحسن حال عاشته المرأة المسلمة هو: العهد النبوي، وما تلاه عهد الصحابة. وأي تغيير للحال الذي كانت عليه، فبالضرورة يلزم عنه نقص حالها، وتغيره من الأحسن إلى الأدنى.
وهذا النتيجة، المتفق عليها، محصلة من مقدمتين، هما:
- الأولى: أن أحسن تطبيق للشريعة كان في عهد النبوة والصحابة.
- الثانية: أن المرأة عاشت، وعاصرت تلك الفترة.
- النتيجة: أحسن حال عاشته المرأة: عهد النبوة، والصحابة. حققت فيه كيانها، وأخذت حقوقها كاملة.
إذن، هذا العهد يمثل الصورة المثالية لأوضاع المرأة، وما نسج وفقها فهو مثالي، وما خالفها فهو أدنى؛ لأنه ليس شيء أحسن مما كانوا عليه، ولا شيء يماثل ما كانوا عليه، فهم خير أمة أخرجت للناس.
وهنا يرد السؤال التالي المهم: هل كان من الشريعة المطبقة: الإذن للمرأة بقيادة الدواب. لتركب الخيل، أو الحمير، أو الإبل، ثم تجوب بها الطرقات، والأسواق، وتطرق مجامع الرجال، حتى يكون من إلفهم وعادتهم؟.
- إذا كان الأمر كان على هذه الصورة، دون اعتراض، أو توجيه، فهو من الحال الحسن للمرأة، والحق المكفول شرعا.. وحينئذ قيادتها السيارة اليوم: حق يجب أن تعطاه، ولا يجوز أن تمنع منه. وحرمانها منه إنما هو نقص، ونزول عن الصورة المثالية، وسلب لحق مشروع لها.
- أما إذا كان الأمر على غير هذه الصورة، فلا تركب إلا بسائق، وفي هودج، وإن احتاجت للقيادة، لظرف ما، فبعيدا عن مجامع الرجال، والطرقات العامة، والأسواق: في الصحراء، وفي المزارع الخاصة، ونحو ذلك.. فحينئذ الدعوة إلى قيادتها، ما هي إلا استبدال للذي هو أدنى بالذي هو خير، وإقحام المرأة في شأن ليس من شؤونها، وفرض عادة على المجتمع المسلم، ليس من أخلاقه، ولا من دينه.
إذن، على المطالبين بالقيادة أن يوفروا الأدلة التاريخية والحديثية، التي تثبت أن المرأة في ذلك العهد كان تقود، ولا يكفيهم أن يرددوا أنها كانت تقود، دون استناد على أدلة، فالكلام حتى يصدق يحتاج إلى دليل صحيح.
لكن إذا لم يجدوا دليلا، فقالوا: الزمان تغير، ذلك الوقت لم يحتاجوا للقيادة، واليوم الحاجة موجودة.
قيل: هذه دعوى، فمن أين لهم أن المرأة لم تكن تحتاج ؟.
- ألأجل أنها اليوم تتعلم وتعمل؟.. فكذلك كانت: تتعلم، وتعمل. والنصوص شاهدة.
- ألأنها اليوم تخرج للسوق، والصلاة، والعيد؟.. فكذلك كانت: تخرج لكل ذلك. والنصوص شاهدة.
- ألأنها اليوم تسافر ؟.. فكذلك كانت: تسافر في البلاد، وإلى الحج، وللجهاد، والنصوص شاهدة.
فإذا كانت الشريعة طبقت على أحسن وجه في ذلك العهد، وحاجات المرأة اليوم هي حاجاتها بالأمس، والمرأة في ذلك الوقت لم تكن تقود، فكمال تطبيق الشريعة اليوم، وموافقته لعهد النبوة والصحابة، في أي شيء يكون: في قيادتها السيارة، أم عدم قيادتها ؟!. ذلك هو نهاية الجدل في قيادة المرأة للسيارة.
انتهى كلام الدكتور و بدأ كلامي مرة أخرى :-
أظن هذا الكلام كافٍ وافٍ بجوانب القضية ..
آخر ما تعرضت له بالذكر من مواقف .. هي تحرشات و تعرضٌ بالسوء من ضعافٍ دينٍ و سخاف عقولٍ ليس إلا و لا يعني عدم تعرضك لها خارج السعودية بأنها ليست موجودة و لا يعني تعرضك لها في السعودية أكثر من مرة أنها السائد الغالب فهذا هو المجتمع به الصالح و الطالح و به من الخير و الشر .. فهو خليط كما ذكر الدكتور في الأعلى .. لذا يكفيكٍ أن تلتزمي بضوابطِ الخروج مما ذكر بالأعلى و دع عنكِ عناء النقاش في هؤلاء فالخطأ خطأ واضح و قلة الأدبٍ جلية في هذا التصرف .. عافانا الله و إياكم و سلمنا و سلمكم من السوء و من أمثال هؤلاء ..
خلاصة الأمر :-
أن نظرة المجتمع دائما هي خاضعة للشرع الإسلامي فإن وافقته أخذنا بها و وافقنا عليها وإن خالفته دحضناها و ألقينا بها .. و هذا ليس بالأمر البسيط بل هو أمر يحتاج إلى وقفات مطولة و حلول منطقية ناجعة و توعية دائبة و مزيد من التفقيه و التعليم بشرع الله الصحيح ، فالمرء عدّو ما يجهل ..
نسأل الله تعالى أن يعلمنا بديننا و ينفعنا بما علمنا و يرزقنا العمل به و عليه ..
آمل أني قد تمكنت من طرحِ نظرتي بكل وضوح ..
وفقكم الله لكل خير و في أمان الله و حفظ منه و رعاية ..
و لي عودة للوقوف على بعض الردود الفائتة إن شاء الله ..
يقول تعالى : [ من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ]
رد مع اقتباس


المفضلات