|
|
|
|
,, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
,, كنت أقرأ بصمت ، لكنك شجعتني على الرد ,,
,, سلمت أناملك المبدعة ,,
,, دمت كاتبا في مسومس ,,
|
|
مازلت انتظر التتمه...
تحياتي...
التعديل الأخير تم بواسطة القلب الصافي ; 12-9-2010 الساعة 12:23 AM
|
|
*****- لماذا؟! لماذا لمْ يخبرني أحد؟
كانت نبرة ”مازن“ خليط من الغضب و الحزن، الذل و النحيب و هو ينطق هذه العبارة بينما قبضتاه تضربان المكتب حتى تشقق، و المدير لا يعرف ما ينبغي قوله..يبدو أنه وجد الكلمات المناسبة و ها هو يرفع عينيه إلى ”مازن“ ليقول بصوتٍ رصين:
- لو فقدتَ سيف صديقكَ الجاما ”سياف“ أما خصمٍ لا يحترمك و لا تعرف عنه شيئاً ، هل كنتَ لترغب في مواجهة ”سياف“ بالأمر و تتركه يذهب لاستعادة سلاحه من الخصم الذي هزمكَ و أذلك؟
- سيف ؟! أتشبه شقيقي ”باسم“ بسيف جامد لا حياة فيه؟؟
- ”مازن“!! أجبني، أكنتَ لتقبل بهذه الإهانة ؟؟
- لـ..لا ادري..
قالها ”مازن“ و ازدرد لعابه بينما أخفض عينيه و قال في مرارة:
- أيها المدير، هل هما على قيد الحـ..؟
- والدكَ لم يتدخل و هذا يعني أنهما لا زالا يتنفسان حتى هذه اللحظة.
- أريد أن أذهب ، أين أجدهما؟
- لن أخبرك!!
قالها المدير ببساطة و برود لا يناسبان الموقف، و قبل أن ينفجر ”مازن“ في وجهه أردف قائلاً :
- والدتكَ رحمها الله كانت تكره التهور، و لن أساعد ولدها الأكبر على التهور..
هنا فقد ”مازن“ كل الأدب و قال غاضباً، حائراً:
- هل جننتَ يا رجل؟
راح المدير يدور بكرسيه و هو يبتسم ابتسامة خافتة دون أن يهتم بعبارة ”مازن“ الوقحة، ثم أخيراً ثبت كرسيه على النحو الصحيح و استند بمرفقيه على المكتب ثم قال بنبرة ابوية لمْ تخلُ من الحزم:
- ”مازن“، أنا لمْ أجن. لكنني لن اسمح لك بأن تضخم شعور شقيقتك الدائم بالضعف، ثق بها قليلاً، إنها ”رشا“ الأيل ذو القرن الواحد.
لم يتحمل ”مازن“ و لمْ تسعفه الكلمات ليرد، و هكذا ألقى بنفسه فوق الكرسي المقابل للمكتب، ثم قال في مرارة:
- هل أنتَ واثق أن أبي سيتمكن من إنقاذهما في الوقت المناسب؟
- أجل.
- ماذا عن المسافة؟ كيف سيتمكن والدي من قطع المسافة قبل ان تقع الفأس في الرأس؟؟
- على نفس النحو الذي أنقذكَ به أنتَ و والدتكَ –رحمها الله- قبل عامين..
- لـ..لكنها لم تُكمل..لقد ماتت، فهل تسمي ذلك إنقاذاً؟
- باختيارها ! أنتَ تعلم أن ملكت الاختيار، و فضلت أن تترك هي عالمنا هذا في ذلك الحين.
- لكنها تركت أخويَّ أمانة في عنقي، فهل تريدني أن أدعهما يلحقان بها؟؟
- صحيح أن ”رشا“ و ”باسم“ أمانة في عنقك، لكن ثلاثتكم أمانة في عنق ”فاروق“.لا تنسَ هذا مطلقاً. هيا غادر الآن، سأخبركَ لدى عودتهما مع باقي رفاقك.
و هكذا نهض ”مازن“ متثاقلاً و اجتاز الباب في صمت لكن ملامحه قالت الكثير.. حتى هو لمْ يستطع أن يلتزم التجلد أكثر فما إن أغلق الباب خلفه حتى استند إلى جدار الممر و ارتجفت شفتاه و كذلك يداه عندما همس لنفسه:
- ليس مجدداً..فقدتكِ و ها انا افقد الجميع..ليس مجددا. .ليس مجدداً..
ترقرقت في عينه دمعة شفافة و قبل ان تنحدر من القنوات الدمعية وصل إلى مسامعه صدى صوت خطوات ركض قادمة إليه عبر الرواق، فالتفتَ و قطّب جبينيه – و ده وقته ده ؟!- و ما إن رأى القادم حتى اكتشف أنه أحد العاملين – قصيري القامة- بمعمل التقنيات –الذي كان فيه قبل قليل- ، وقف الرجل أمامه يلتقط أنفاسه و هو يلهث و خرجت الكلمات متقطعة من بين شفتيه :
- أسرع..المستجـ..لقـ.. لا أدري ما أصابهـ..
كان ”مازن“ على أهبة الاستعداد للانفجار في أول أحمق يقدر له أن يقابله فأمسك بياقة قميص الرجل و جذبه إليه و قال بكل ما اعتمل في صدره من غضب و حنق :
- هل تريد أن تجرب غضبي؟..لا أظن! إذاً تحدث بوضوح و إلا جعلتكَ تجربه!!
راح الرجل يتملص من ”مازن“ كالسحلية التي قُطع ذيلها ، و هو يقول و الخوف يملأ كلماته:
- أرجوك لا تفعل..أرجوك..هااا (يلهث و يعب رئتيه بالهواء) ..أسرع إلى المعمل..إن المستجدة قد..إنها على الارض تتلوى و هي تمسك رأسها..أسرع!!
أفلته ”مازن“ ثم علَّق بصوت خالٍ من التأثر بل ملؤه الحيرة:
- هذا فحسب؟! ظننتُ الأمر مهماً !!
ثمّ هزّ كتفيه غير مبالٍ و تجاوز الرجل – اللي يصعب على الكافر- و هو يغمغم :
- يبدو انني سأتخلص منها أسرع مما تصورتُ ،ربما أصابها مرض نادر –دوناً عن باقي الخلق- و سيكون أفضل لو انه بلا علاج!!
- استند الرجل على الجدار و هو يرمق ”مازن“ الذي يبتعد ببطء، وتمتم:
- - يا إلهي!! كنتُ مراهقاً ذات يوم لكنني لم أمسك أحداً بهذه الطريقة. حمداً لله أن بقية البيتا ليسوا وحوشاً مثله و إلا هلكنا..فقط لو لمْ يكن ذاك الوقح من بين أقوى خمسة مقاتلين ألفيين في العالم!! كان زماني وريته شغله كويس !!
- حين وصل ”مازن“ إلى المعمل رأى ”شيماء“ و قد أحاط بها الجميع، و ما إن رأوه حتى أفسحوا له المجال نحوها – و قد كانت جالسة على ركبتيها أرضاً- ، فقال لها :
- ما الأمر؟ هل حان أجلك أخيراً؟!
- (ضاغطةً على مقاطع كلماتها بسبب الألم) أين ”هانز“؟؟
- ليس هنا ، هل معه دواء ما؟
- لا، أين ”هانز“؟
- قلتُ أنني لا اعرف، حافظي على نبرتكِ معي.
- إنه يتألم !! أخي الأكبر يتألم!!
اتسعت عيناه لوهلة ثم قال باهتمام –أخيراً افتكر البيه إنه يهتم- :
- ماذا تعنين؟؟
- .....................
لمْ ترد.. أهذا وقت الصداع؟؟ لحظة.. .إلى أين تذهب ؟؟إنها تغادر المعمل بكل بجاحة بعد أن تركت ”مازن“ يشتعل ! صحيح أنها لا تزال ممسكةً برأسها لكن ..“مازن“ أيضاً يفكر بنفس الطريقة، إنه يجدّ السير خلفها ، يعترض طريقها بأن يقف كالجدار أمامها ، ينظر قليلاً لعينيها الذابلتين، يشعر أنه يفهم مقصدها ، يتنهد في سأم و يبتعد عن سبيلها، تكمل الفتاة سيرها و تشق طريقها بين العلماء و الموظفين المتزاحمين، لا تجيبهم عن أسئلتهم بشأن (هل أنتِ بخير؟ ماذا حدث؟ إلى أين تذهبين؟..) ، تسير نحو المطعم – بعد ممر عبر ممر ثم ممر لا ادري كيف تذكرت الطريق و هي مصابة بهذا الصداع الرهيب- و من خلفها ”مازن“ ، أشارت للموظف أن يعطيها حلوى السكاكر ثم تناولتها في نهم و ”مازن“ يقف أمامها يعد الدقائق حتى تنتهي، إنها تلعق الحلوى قليلاً ثم تفلت يدها الأخرى عن رأسها و يبدو عليها الراحة ثم الاستمتاع ، ”مازن“ يطرق الطاولة بقبضته فتلتفت ”شيماء“ إليه و تقول:
- ما الأمر؟!
يحافظ البيتا على تماسكه و لباقته ثم يرد كمن يمضغ الحروف :
- ماذا قصدتِ بشأن تألم ”هانز“؟
- ماذا تظنني قصدتُ يا قائد؟ إنه يقاتل و هو مصاب بجراح بالغة و يتألم.
- و ما أدراك؟ هل تشعرين بحالة الآخرين؟
ليس دائماً ، لكن عندما تقل الطاقة في جسدي يحصل هذا في بعض الأحيان.
- و.. و هل يمنكِ أن تشعري بحالة ”رشا“ أو ”ميرا“ أو ”سميث“ على الأقل؟
- إممم..لا !
يتراجع ”مازن“ خطوة إلى الوراء مندهشاً و يقرر أنها تستحق ان يهشم رأسها عقاباً لها على الحماسة الزائفة، ثم يعدل عن قراره – يؤجله- و يعود يسألها:
- هل تستطيعين تحديد مكانه؟ أو حتى تخمينه بشيء من الدقة؟
- أجل أستطيع أن أخمن و أن أخرجه من ورطته الحالية أياً تكن.
- إذاً لماذا لا تفعلين الآن ؟
- لأنه سيكرهني، ثم إنني بهذا أهينه كرجل!
- ( فقد أعصابه تماماً) لماذا تتصرفون جميعاً بهذه الطريقة الغبية المستهترة؟
- لأنها الصواب!
- أي صواب؟ أن يفقد حياته ؟!
- لا، بل أن يعرف معنى القتال الحقيقي..
- ماذا لو عرفه متأخراً؟؟ لن يعود حينها.
- -( و هي تخفض عينيها إلى الطاولة..) صحيح.
- لكنها ترفع عينيها فجأة و تبتسم ثم تضيف :
- على كل حال، هو يعرف كيف يتصل بي، إن أصابه مكروه فسيكون هذا و هو يدرك تمام الإدراك موقفه..
- (بهدوء و حيرة) أنتِ مجنونة!
- (و هي تبتسم) الجميع يقولون هذا !!
- تركها جالسةً في المطعم مغادراً ثم أجرى اتصالاً مع والده – السيد/ فاروق- و بعد حوار كسابقَيه – لا داعي لذكره منعاً للملل الممل- و وعده والده أن يتصرف متى احتاج الأمر، و أخبره أن يهدئ أعصابه و يشرب كوباً من الليمون المثلج.. و هكذا قرر ”مازن“ أن لا دخل له و لا ذنب فيما سيحدث .لكن على الجهة الأخرى من الخط ، كان أحدهم متوتراً ، متوتراً للغاية و راح يقول في عصبية :
- - كان ينبغي لي أن أتذكر ”رندا“ حين رأيتها في الشريط.. لقد أضعتُ ابني و أرسلتُ ابنتي إلى المجهول، فلتكونا في رعاية الرحمن..*****ارتجاج غريب هذا الذي أشعر به، كأن رأسي تحت مطرقة حداد.. و أي طعمٍ هذا الذي في فمي؟؟ كأنه دم، لا..إنه دم بالفعل، الحرارة مرتفعة فعلاً و هذه الرمال من تحتي تزيد الأمور سوءاً..ماذا حدث لي يا ترى؟ كنتُ واقفاً ثم رأيتُ صخرة ضخمة تقترب و.. لا شيء، فقط الظلام، الظلام الدامس، آآآي!! أحدهم يضرب رأسي بقوة.آآآه الضرب مستمر، أهو شخص استدنتُ.. آآآآي ..منه و لم أرد المال؟؟ لحظة..هذه الرائحة، لقد شممتها منذ مدة قصيرة، ”رندا“ ! إذاً هي التي تضربني. لنرى إن كان فكاي قويان كفاية مع هذا الشيء الذي يحيط برقبتي، (ععنن) .تباً !! أسناني و أنيابي كالصلصال أمام هذا الشيء! حجر..لابد و أن هذا الجسم حجر..لكن، سمعت صرخة مكتومة حين عضضتُ الشيء، و الآن فتات صخري يتسلل إلى فمي، إنها تلك الـ“رندا“ و لا شك. فلأكـ..آآآآه !! إنها تضربني مجدداً – كفى تفكيراً و لأعش الواقع- . إنها تسبني الآن، لابد أن أنيابي لم تزل قوية، و ها هي تهتف بي :
- أيها التافه.
- لو كنتُ تافهاً فماذا تكونين أنتِ؟!
- بؤساً لك..تألم .
- ماذا تقصـ..؟
” آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه“
يا إلهي! هذا مؤلم حقاً..
”آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه“
ثم ”آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه“ و بعدها ”آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه“
لا أستطيع أن أرى ، كان ينبغي لي أن أجد قطعة الحجر الحقيقي التي تحملها تلك القاتلة ، لا أصدق أنني نسيتُ آنذاك أن تحولها لأي مادة يعتمد أساساً على.. ”آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه“
ألا تستطيعين الانتظار حتى أنهي خواطري؟؟- ما علينا..أين كُنَّا؟آه، إن تحولها يعتمد على المادة التي تمسكها، بحيث إذا لمست حجراً أو رملاً أو ذهباً أو فضة أو حديداً أو حتى فحماً بأي جزء في جسدها فإنها تتحول بالكامل إلى تلك المادة، لكنني لم أعلم أنها تتألم و هي في حالة التحول. لابد أنها تمسك قطعة حجرٍ صغيرة أو تعلقها حول عنقها او ذراعها ، ربما تحمل مواد أُخر.. آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه
يا إلهي..إنني لا أرى أي شيء، الضباب الأصفر في كل مكان، لحظة..ما هذا الشيء؟ هناك جسم أبيض يقترب..لسبب ما أعتقد انها فتاة..إنني أخرف ..ربما مَلَك الموت، يتقدم مني الآن ليقبض روحي..فقط الذين يقتربون من الموت هم مَن يهلوسون برؤية فتاة في الصحراء!! لماذا لا أرى شريط حياتي؟! هه.. إن الجسم –الفتاة- يقترب، و الشريط إياه لم يظهر بعد..هل ستطول هذه الهلوسة؟؟ يبدو أن ”رندا“ تبتعد بجسمها الصخري عني ،ياه..كم هي ثقيلة ! ماذا كانت تأكل طوال هذه السنوات؟! الفتاة تقترب، أهذه هلوسة؟؟ لا أعتقد..إن الرؤية تتضح.هذه الفتاة حقيقية، إن ”رندا“ تتقدم إليها، أهما شريكتان؟؟
و هنا هتفت ”رندا“ بصوت عالٍ مخيف :
- مَن تكونين يا هذه؟؟ لمَ انتِ هنا؟
فأجابت الفتاة بصوت حازم لكنه هادئ:
- دعيه!
|
|
كما تعودنا منك...
ابداع يدوم اثره طويلا...
لكنني الاحظ بأن الجزء يتقلص في كل مرة؟؟
فهل هذا تأثير قلة الردود؟؟
إن كان كذالك فتذكر اخي بأن البراعة لا تقاس بعدد الردود
ولكن تقاس بمن بقي ومن رحل...
فأن اكسب زبونا جديدا شئ وان احافظ على الزبون شئ آخر...
لذا ارجوا ان تكمل بالمستوى ذاته وترقى....
تحياتي...
|
|
ربما تضايقني قلة الردود فعلاً، لكن هذا ليس سبب قِصَر المقاطع، بل لأنني لمْ ألحظ أن الاجزاء تقصر أساساً
لأن مستوى نباهتي عاااااااااااالي
... سأحاول الانتباه لهذا الامر في المقاطع القادمة.
و شكراً على تنبيهي.-yes0" class="inlineimg" />
في امان الله. و سأضع التتمة قريباً - إن شاء الله -.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
|
|
و نعود لنكمل ::
فأجابت الفتاة بصوت حازم لكنه هادئ:
- دعيه!
- ماذا؟! أنا لا أعرف مَن أنتِ لكنني سأقتلكِ لو اقتضى الأمر؟
- (بنفس الهدوء لكن الفتاة تشير إلى ”هانز“ بسبابتها هذه المرة ..)..دعيه!
- مَن تحسبين نفسكِ أيتها المخبولة؟
قالتها ”رندا“ و اندفعت على هيئة رمال باتجاه الفتاة –تحولت إلى رمل لأن قدمها تلمس رمل الصحراء- ،و لمْ يستطع“هانز“ أن يفعل شيئاً بعد أن صارت شفتاه عاجزتان عن فعل أي شيء غير التأوه و الأنين..لكن عينيه اتسعتا عن آخرهما و هو يرى ”رندا“ على بعد خطوة من الفتاة، ثم فجأة تصلبت الرملية عن الحركة لثانية، و دون مقدمات..رأى المستذئب حبيبات الرمل تتفرق في كل الأنحاء في الهواء مرتفعة عن الأرض ، ثم تحرك الفتاة الغريبة يدها إلى أعلى لترتفع حبيبات الرمال المبعثرة حوالي ثلاث أمتار عن الأرض ثم تتساقط قطرات دماء على وجه ”هانز و جبينه...
ما الذي حدث؟؟ لم يفهم المستذئب أي شيء،لكنه أجفل حين رآها تتقدم نحوه، ثم تفرد أصابعها باتجاهه ، لم يدرِ معنى هذا التصرف ، فقط أدرك انه يرتفع عن الارض مع دمائه!!
أخيراً طاوعته شفتاه ليقول بضع كلمات:
- ماذا تريدين؟
لمْ تجبه ، فقط..أشارت إلى معصمه الأيسر ، فتحول ”هانز“ إلى حالته البشرية، و قد أدرك أنها تعني العلامة –نصف نجم و حوله نصفي دائرة- فنظر إليها متسائلاً، لكنه لمْ يستمر في حيرته فقد قالت له بنفس الحزم و الهدوء:
- أين الفتاة التي تحمل النصف الآخر من العلامة؟
- (قطب حاجبيه)..لا شأن لكِ بها.
- (رفعت سبابتها و لوحت بها عشوائياً بينما راح هو يصرخ و يتألم..) لا تكن وقحاً . ستكون نهايتك مؤلمة ما لمْ تفعل كما آمرك.
- ربما آآه ستكون نهايتي و نهايتها آآآه مؤلمة أيضا عندما آآه آخذكِ إليها..آآه.
- أنا لن أؤذيها، و لن أؤذيكَ ايضاً.
- ربما انتِ كاذبة.
لم ترد، فقط فرقت بين أصابعها ببطء ثم قبضتها ببطء ايضاً بينما جحظت عيناه و برزت عروقه ، و بدا كأنه سينفجر في أية لحظة! هنا قالت بهدوئها الحازم :
- أستطيع أن أقتلكَ هنا و الآن لكن هذا سيغضبها.. كن واثقاً من أنني صديقة لها!
قالتها ثم أرخت يدها ليعود إلى هيئته التي كان عليها قبل أن (تفعصه) ، ثم حركت يدها إلى أسفل لتضعه أرضاً ، كل هذا و هو يلهث من فرط الخوف و التعب، لقد رأى الموت هذه المرة..إنه مؤلم حقاً، و مخيف.. أحقاً كان ليضحي بنفسه لو خيرته ”رندا“ بين حياته و حياة أصدقائه؟ هذا..شعور مخيف و مرعب... إنه يدرك الآن قيمته الحقيقية، رما هو ليس سوى مراهق متحول في السادسة عشرة.. رفع عينيه ببطء إلى الفتاة و قال لها بصوته الواهن –من كثرة الضرب-:
- لو أخذتكِ إليها أتقسمين بالله أن تتركي أصدقائي يعيشون؟
- أجل ، أقسم لكَ على هذا؛ كما أن هذين المخلوقين يحتاجان إلى الدفن أو العناية المركزة على أقل تقدير.. على كلٍّ سأساعدكَ في إعادتهم مِن حيث جاؤوا. سأعطيكَ نصف ساعة لتقف على حيلك، و بعدها إما أن تساعدني على إيجاد مَن تحمل العلامة المماثلة أو أفعل بكَ كما فعلتُ بتلك الرملية..
راح يتحامل على نفسه لينهض و اخيراً استطاع ذلك، ثم سألها:
- كيف فعلتِ هذا بـ“رندا“؟
- إنها لا تتحول إلى هواء على ما يبدو ، بينما يُعد –الهواء- جسماً مادياً جداً بالنسبة لي و استطيع ان أؤثر ببراعة في ضغطه و اتجاهه، كما ان طاقتي تجعل جزيئاته تقترب اكثر من بعضها –ليس إلى درجة السيولة- لكنها تجعله قابلاً للإمساك بالنسبة لي..لقد فرقتُ ذراتها في الهواء و ما إن عادت إلى هيئتها البشرية حتى صارت كل (فتفوتة) منها في مكان مختلف، و كل حبيبة رمال فيها كانت تمثل شيئاً من جسدها البشري، بعض تلك الحبيبات كانت الدماء الذي تساقط على وجهك قبل قليل.
- لكن هذا يعني انها عادت على الرمال مجدداً !
- لا تكن غبياً! لقد ماتت ، يمكنك أن تقول انها انفجرت!!
تراجع ”هانز“ خطوة للوراء و عيناه لا تفارقان وجهها، أبيض كالثلج البارد، جامد الصخور الصماء ..أحقاً هناك مَن يتحمل فكرة انفجار الآخرين بهذا الهدوء حتى لو كانوا اعدائه؟؟
لمْ يبدُ عليها التأثر إطلاقاً ، بل إنها قالت له بنفس الهدوء الحازم و هي تشير إلى موضع ”رشا“ و ”سميث“ :
- اذهب و اعنِ بهما ، بعد نصف ساعة سنتحرك.
أومأ برأسه ثم مشى مترنحاً إلى صديقيه. بينما ذهبت الفتاة لتجلس داخل السيارة التي جاء بها المستذئب و الأفعوان.*****قطب القرصان جبينيه و هو ينظر عبر المنظار المقرب ليرى أن ”رندا“ لمْ يعد لها وجود. فالتفتَ إلى أحد أفراد طاقمه –الذي يُلَقّب على السفينة الخشبية القديمة بـ شارك- و أومأ له برأسه بحركة ذات مغزى فابتسم ”شارك“ و التفتَ إلى باقي أفراد الطاقم –الذين هم قراصنة متحولون- ليهتف فرحاً :
- ماتت!! ”رندا“ ماتت!
نظر باقي الافراد إلى بعضهم لحظة ليستوعبوا الموقف، و ما لبثوا أن صاحوا معاً في وقتٍ واحد:
- أجل!!
ارتسمت ابتسامة على وجه القرصان الشاب ثم قال محدثاً رجلاً قريباً :
- نريد وليمة دسمة اليوم. أخيراً تخلصنا من تلك المتأمِّرة السخيفة. سنقيم اليوم حفلاً بهيجاً.
- (الجميع..) أجل!!
عاد القرصان ينظر عبر المنظار –الذي يخرج من كفه!!- كأنما يتحقق من موت ”رندا“ ، فاتسعت ابتسامته و هو يفكر في نفسه :
” لقد أجبرني ”رشيد“ على العمل تحت إمرته، بل و أجبرني على طاعة تلك القاتلة الأجيرة و حمايتها لو لزم الأمر! مِن حسن الحظ أن تلك الفتاة الغريبة قتلتها بهذه السرعة و إلا لاتهمني بعدم تنفيذي لأوامره، و قضى على طاقمي..“
لكنه حدق مطولاً في تلك البقعة الداكنة المتسعة تحت الجزء العميق من المياه ثم أنزل المنظار عن عينيه ليعيد كفه من هيئة التحول- إلى منظار قديم الطراز- إلى هيئتها البشرية ، ثم يتساءل في نفسه عن سبب تحرك تلك البقعة في اتجاه سفينته لكنه ما لبث أن تجاهل خواطره تلك لحظة عندما أحضر إليه أحد الرجال هاتفاً يرن، فأجاب القرصان:
- مرحباً، ”ريك القرصان“ معك. مَن المتحدث؟
- إنه أنا أيها القرصان.. سيدك.
- (جزّ القرصان على أسنانه لمَّا سمع صوت محدثه ..) لا سيد لي يا ”رشيد“ .لمَ تتصل؟
- السبب بسيط، أنتَ لم تحاول حتى أن تحمي ”رندا“ ، ألمْ آمرك بأن تحميها ؟
- (و هو يقبض يده بقوة حانقاً) بلى، لكنها قُتلت بسرعة و بأسلوب لمْ أعهده. لا ذنب لي!
- صحيح..إذن أشكرني لأنني سأتيح لك فرصة تعرف هذا الأسلوب. (صمت لحظة ثم أتبع بصوت صارم ..) تخلص مِن كل المتحولين الذين على الساحل. الآن.
- ثم أغلق الخط في وجه القرصان الذي أطلق زفرة حارة ثم التفتَ إلى ”شارك“ الذي بادره بالسؤال:
- ما الامر أيها القبطان ”ريك“؟
- (و هو يشير إلى الساحل) تخلصوا من الجميع.
- (و هو ينظر إليه متسائلاً ثم يغمغم..) فهمت.
قالها ”شارك“ ثم التفت إلى زملائه ليصيح فيهم:
- ”ميجور“، ”كانون“، ”أوشي“، ”روكيا“ اقصفوا كل مَن شاهد أو شارك في قتل ”رندا“ على الساحل. أسرعوا.
- حاضر.
هكذا صاح الأربعة في نفس واحد و هم يركضون باتجاه فتحة مبطنة بالمعدن في جانب السفينة الخشبية المقابل للساحل ليقفوا جوار بعضهم البعض بحيث يكون ”ميجور“ موجِّهاً للطلقة، بينما ”كانون“ و ”روكيا“ فرجا بين اصابع أيديهما التي توهجت باللون الأزرق البلوري باتجاه الفتحة ، و هكذا بدأت أشعة من نفس اللون تمتد ببطء من راحات أيديهما في نفس الوقت الذي عبّ فيه ”أوشي“ نفساً عميقاً ثم زفره في كتلة الضوء المتجمعة لتنطلق عبر الفتحة.. انطلقت بقوة و سرعة لا مثيل لها، تشق طريقها نحو ”هانز“ المُترنَّح ، و ”سميث“ المغشي عليه و ”رشا“ الجريحة ، و تلك الفتاة، تلك الفتاة التي التفتتْ ترقب الطلقة في ذهول دون أن تحرك ساكناً. كم هي سريعة تلك الطلقة! إنها تكاد تصل.. لتنتشل المستذئب من سعادته بنجاة الجميع..بعد كل هذا، أيموتون هكذا؟
|
|
************
- ”مهمتكِ هي إبعاد القرصان..“
************
- ” مهمتكِ هي تأخيره عن المشاركة..“
************
- ” قد تكون حياتك هي الثمن..لكن لا تدعيه يقتل رفاقك..أيتها الطالبة ”ميرا“
************
شيء ضخم مهول أوقف الطلقة، كأنه سد لردعها، لقد انبثق من تحت الماء في نفس اللحظة التي كادت فيها الطلقة أن تقتل الجميع ! شيء كبير، طويل، مقسوم في نهايته العلوية كأنه ذيل سمكة!
انعقد حاجبا القرصان في ذهول، بينما تعالت أصوات رفاقه :
- ما هذا الشيء؟؟
- إنه يبدو كذيل حوت! لمَ أوقف الطلقة؟؟
- لماذا يوجد حوت هنا؟ المياه ليست بالعمق المناسب لحوت بهذا الحجم!
هتف القرصان ”ريك“ برجاله :
- هذا ليس حوتاً. بل متحول برمائي..و يتجه نحونا! ألقوا الشبااااك .
و دون إبطاء، أسرع خمسة رجال يلقون بشباك الصيد على ذلك المتحول الذي يتقدم نحوهم في سرعة و تحدٍ . كانت الضوضاء الناجمة عن ردع الطلقة كافية لجذب انتباه ”هانز“ الذي وقف يراقب المشهد مذهولاً، حوت صغير يتقدم، و شباك تُلقى، و ذيل الحوت يخرج بين لحظة و أخرى ليضرب سطح الماء كإشارة خفية..هنا فهم ”هانز“؛ لماذا لمْ تتدخل ”ميرا“ منذ البداية، إنها تعطيهم الوقت ليهربوا الآن أياً تكن النتائج....لا وقت للذهول، لقد التفتَ إلى السيارة –حيث خرجت الفتاة- و هتف:
- يا آنسة ، ابحثي عن طفلٍ صغير ثم ساعديني في نقل الجميع إلى السيارة، أسرعي رجاءً.
أومأت الفتاة برأسها إيجاباً و راحت تلوح بيدها عشوائياً بينما عيناها مغمضتان و جفناها مكتسيان بلون أزرق شاحب ، و فجأة توقفت عن التلويح لتثبت يديها في اتجاه واحد ثم تقبض أصابعها و ترفع ذراعيها ، لتنزلهما فجأة مُبعدة إياهما عن بعضهما أفقياً فانزاحت الرمال عن بقعة بعينها ليظهر مكعب حديدي ضخم تحت الأرض، بدا كأنه مخزن قديم و هنا تلاشى اللون الأزرق عن جفنيها لتفتح عينيها ثم تكور قبضتها اليمنى و تضرب بها الهواء ضربةً خفيفة ، جعلت باب المخزن المواجه لها –على بعد بضعة أمتار- ينثني على نفسه ، ثم لكمة أخرى جعلت الباب يطير بمعنى الكلمة لثانيتين أو حتى أقل ثم يسقط في موضعه، فتقدمت هي إلى داخل المخزن بخطوات سريعة لتخرج و بين يديها طفل صغير نائم –بفعل مخدرٍ ما- لتضعه في السيارة على حين كان ”هانز“ يجر الجسدين جراً على الرمال إلى السيارة متجاهلاً : كراك، تك، كرااك، كل هذا و الفتاة تراقبه و في عينيها نظرة ازدراء واضحة، لكنها حوَّلت نظرها إلى البحر حيث ”ميرا“ تدور بسرعة في حلقات حول سفينة القرصان بعد أن لاحظت الشباك المزودة بأشواك معدنية صغيرة كمقدمة الرمح..
كان القرصان ”ريك“ غاضباً و عصابة عينه السوداء –التي يضعها و يزيلها متى يشاء- تشير إلى غضبه بوضوح ، خاصة و هو يرفع يده اليسرى –التي زودها بخطاف معقوف – ليهتف و هو ينزله :
- أخرجوا ”ميرمايد“..اقتلوا الحوت.
ما إن نطقها حتى فُتح باب إحدى القمرات الصغيرة لتخرج منه شابة في العشرينات من عمرها لتتجه نحو جانب السفينة ثم تقفز منه إلى الماء في رشاقة و ما هي إلا لحظة حتى كانت حركة ذيلها بادية واضحة ثم غابت تماماً و هي تغوص لأسفل بسرعة جنونية لتمر من أسفل الشباك! طبعاً لن يرفعوا الشباك حتى لا تسنح و لو رائحة الفرصة لـ“ميرا“ أن تهوي على السفينة بذيلها –مثلاً-. كان المشهد غريباً بالنسبة لـ“ميرمايد“و هي ترى حوتاً صغيراً نسبياً –مقارنة بالحيتان الأخرى- زعنفتيه الجانبيتين غير متطابقتين في الحجم ، طول الحوت هو حوالي 10-12 م ، لكن لا يوجد أي دليل على أن هذا الحوت متحول ؛ إنه صغير لم يكتمل نموه بعد فحسب..لكن ”ريك“ قبطان السفينة يعرف جيداً ما يفعل، كانتا تسبحان في حلقات غير مكتملة،و نظرة الألم و الضعف تبرق في عيني ”ميرا“ لسبب مجهول..لفتَ هذا انتباه ”ميرمايد“ لكنها لم تبالي، بل تقدمت بسرعتها المهولة نحو ”ميرا“ و لطمت وجه الحوت بذيلها المكسو بالحراشف الفيروزية الحادة، كان فارق الحجم كبيراً لكن حراشف الحورية حادة حقاً حتى أنها جرحت ”ميرا“ ، طبعاً الجرح صغير نسبةً إلى حجمها لكنه غائر كفاية ؛ فتحوُّل ”ميرا“ لم يصل بعد إلى ظهور طبقات الشحم السميكة تحت الجلد، المهم أن الحوت سبحت متراجعة قليلاً إلى الوراء لكنها ما لبثت أن غاصت بزعنفتها اليمنى في جسد ”ميرمايد“ الضئيل لترتد الأخيرة إلى الوراء على حين استدارت ”ميرا“ بجسدها نصف دورة لتهوي بذيلها الضخم على ”ميرمايد“، التي انتبهت في اللحظة الأخيرة فتفادت الضربة بصعوبة و ارتفعت سابحةً لأعلى بحركة مباغتة كأنما تستثير ”ميرا“ للحاق بها، و لم تُكَذّب الأخيرة خبراً بل ضربت الماء بذيلها في غضب و جرح رأسها لا يزال يئن، كانت ”ميرمايد“ قد وصلت إلى سطح المياه فالتقطت نفساً عميقاً ثم غاصت بنصفها العلوي في الماء تاركةً ذيلها يتحرك فوق السطح فانعكست أشعة الشمس على حراشفها إلى رفاقها على السفينة ، ففهموا مقتضى رسالتها هذه و رفعوا الشباك، في نفس اللحظة التي ارتجت فيها السفينة كلها على إثر قفزة استعراضية من ”ميرا“ جعلتْ ”ميرمايد“ تبتسم في جذل تحت الماء حيث عادت تغوص بكامل جسدها لكن على مقربة من سطح الماء هذه المرة، و تفادت لطمة أو اثنتين من ذيل الحوت لتمرق نحو موضع البطن فتُعمل ذيلها الحاد في الجسد الضخم لتتلوى ”ميرا“ في ألم و هي لا تدري حلاً لموقفها هذا، إنها بالكاد تستطيع أن ترى الحورية و هي تسبح إلى جوارها، و مهما ضربت المياه بذيلها فهي لا تصيب الخصم أبداً..حقاً إن سفينة القرصان تحمل على متنها مجموعة من أقوى المتحولين من جميع أنحاء العالم، و لا حل للتخلص منهم إلا إلقاء قنبلة هيدروجينية عليهم و هم في عرض البحر. لحظة..كأن سفينة القرصان صارت أقرب؟! لا، بل هي كذلك بالفعل، إن كل هذا التلوي جعل ”ميرا“ تبتعد لا شعورياً عن مصدر الـ(الخربشة) ، لقد كانت ”ميرمايد“ تهاجمها من الجانب المقابل للسفينة لتجعلها تتجه نحوها...لكنها لن تقع في الفخ بهذه السهولة ، لقد غاصت متجاهلة الألم و الدماء رغم أنها قد صارت قريبة من السفينة، و خلفها ”ميرمايد“ لكن على مسافة متوسطة..ترى ماذا تنوي؟ هل تريد أن تترك الحوت لتموت على يد –أسنان- أسماك القرش أم هناك خدعة ما؟ يبدو أنهم واثقون حقاً في قدرات الحورية فقد رفعوا الشباك، و..لـ..لحظة! هذه هي الخدعة، إن ”ميرا“ الآن في البقعة الخطرة من البحر- في مرمى شباك سفينة قرصان البحور ”ريك“.
ما هذا الشيء الذي يهبط من أعلى؟؟ تباً، إنها الشبـ..*****
و نتوقف هنا لنعود قريباً - إن شاء الله - لنعرف ما حدثَ لـ"ميرا" بعد ذلك.
|
|
عاد طول الجزء للاعتدال...
بينما الكتابة فما تزال محافظا على اسلوبك الممتاز...
اقتراح:لما لا تعرض روايتك في احد المنتديات الادبية الشهيرة
او ان تبحث عن مسابقة للقصة او شخص ذو خبرة عميقة لتحصل منه على
تقييم دقيق بنسبة 100% غالبا...
تحياتي...
|
|
لما لا تعرض روايتك في احد المنتديات الادبية الشهيرة
او ان تبحث عن مسابقة للقصة او شخص ذو خبرة عميقة لتحصل منه على
تقييم دقيق بنسبة 100% غالبا...
في الواقع، لا أعرف أياً من المنتديات الأدبية الشهيرة!!
كما أنني لا أعتقد أن الانترنت مناسب للبحث عن شخصٍ ذي خبرة عميقة في هذا المجال أو غيره.
شكراً على النصيحة أختي "القلب الصافي"،،
|
|
نعود للقصة.. و نعرف ما حدث لـ"ميرا".
ما هذا الشيء الذي يهبط من أعلى؟؟ تباً، إنها الشبـ..
و راحت قطرات الدماء تتناثر هنا و هناك ، و صوت الحوت الغنائي الحزين يمزق الآذان بينما الأشواك الصغيرة المثبتة في نسيج الشباك يجرح جسد ”ميرا“ الحبيس. و ها هو ”ريك“ القرصان ، يتأمل المياه و يرى بقعاً من اللون الأحمر تطفو فوق سطح الماء، كان مدركاً تماماً أن أي قرش –على بعد ميل- على وشك الوصول على هنا لالتهام الجثة ، و جاءه من خلفه صوت معاونه ”شارك“ يسأله:
- ما رأيك أيها القبطان؟ إن الرجال قد شحذوا الرماح استعداداً لغرسها في الحوت الصغير! ما هي أوامرك؟
- هذا ليس حوتاً صغيراً – كما أخبرتك من قبل- بل متحول متهور لا أكثر، و نحن لا نأكل المتحولين..
صمت القرصان برهةً ثم التفتَ إلى ”شارك“ و تابع :
- مُر الرجال أن يسحبوا ذلك المخلوق إلى الشاطئ..هيا أسرعوا قبل ان تتجمع القروش و ..
لمْ يكد يلفظ بالكلمة حتى راحت السفينة ترتج بعنف كأنما بركان قد انبثق أسفلها، و قبل أن يسأل أحد أو يدرك ما يحدث كان صوت الحوت الحزين أشبه بالصراخ و الاستغاثة هذه المرة، راحت ”ميرمايد“ تتشبث بجانب السفينة –بعد أن صعدت إليها من جانب لا شباك فيه- في محاولةٍ يائسة لئلا تسقط. ظن القرصان و بعض رجاله أن القروش كانت أقرب مما تصوروا لكنهم ألغوا هذا الاحتمال عندما صاح أحد الرجال بصوت جهور – و كان متحولاً إلى حوت هو أيضاً- :
- مرحلة جديدة من التحول تحدث للخصم..
ارتاع القرصان و اتسعت عيناه و هو ينظر للبحر المهتاج و هتف بصوت كاد ألا يكون مسموعاً بسبب صوت الأمواج المتلاطمة:
- ماذا؟! الآن! إن السفينة قد لا تتحمل بعد معركتنا السابقة عند خليج عدن..
بدا الأمر كأنه نهاية هذه السفينة، صحيح أن جميع من على متنها يجيدون السباحة إلا أن ألواح الخشب العتيقة هذه هي منزلهم و مأواهم..و فجأة..هدأ الموج و سكن البحر كأن شيئاً لم يكن لكن الصبغة الحمراء التي عَلَتْ سطح الماء روت القصة بوضوح، راحت أصوات التعجب تعلو، لكنها انقطعت مع صيحة القرصان :
- القروش ظهرت..ألقوا جثة المتحول على الشاطئ ثم أعيدوا القصف.
تحرك الجميع في نشاط دون أن يسأل أيٌّ منهم عما يجب فعله فالجميع هنا يفعلون ما يستطيعونه و كفى. أربعة رجال أشداء يقتلعون الشبكة من مكانها و يلقونها بقوة مهولة نحو الشاطئ – و قد أثار تساؤلهم أن وزنها اخف من المتوقع- . أربعة آخرون يستعدون للقصف، رجلان يفردان الأشرعة – التي ما هي إلا ذراعي متحول- و ”شارك“ يقفز إلى الماء مع ”ميرمايد“ و عشرة آخرون لمواجهة القروش المفترسة، و بينما العمل في أوجه، صاح المراقب في أعلى الصارية :
- شيء مريب على الساحل..
و بعده هتف رجل الشراع :
- حركة الهواء تتغير..
عاد المراقب يقول و عيناه –الواسعتان للغاااااية – معلقتان باتجاه الساحل:
- أحدهم يلوح بحركاتٍ غريبة.. و آخر يلتقط الجثة ..
أخذ رجل الشراع دوره في الصياح و الهتاف بالتناوب قائلاً :
- الرياح..إنها تزداد قوة و عنفاً، و الاتجاه هو عكس الساحل..كأن العاصفة ستهب.
و هنا علا صوت القرصان –الجميع يصيح ها هنا- :
- أديروا الدفة لتناسب اتجاه الرياح الجديد، فلتتماسك يا ”سايْل“ –يقصد رجل الشراع- . ما إن ننتهي من القروش حتى نقصف الساحل و نغادر هذا المكان العجيب.
أسرع أحد الرجال ليدير الدفة كما تقتضي الأوامر، بينما همس ”ريك“ الشاب لنفسه :
- بؤساً لكَ يا ”رشيد“. سأخسر العدة و العتاد بسببك.
و فجأة نفض القرصان عنه هذه الخواطر و هو يلتقط سماعة الهاتف إياها ليجيب المتصل :
- أجل. مَن معي؟ ... ”رشيد“؟! أهذا انت؟.. أنتَ تعرف الموقف جيداً فلا داعي للشرح... فلتعلم انه لو اقتضى الامر فأنا لن أقـ...لا يهمني إن كنتَ تصر، أنا لن أخسر رجالي لأجل سواد عيونك...ليستا سوداوين؟! غريب ، لكن هذا لا يهم الآن...يا إلهي الرحيم! إن الرياح تشتد... اسمعني جيداً انا لن أقصف... لمَ لم اقصف بالفعل ؟؟ لأن ضباط المدفعية هنا يحتاجون إلى وقت لتجميع طاقتهم... يا لهذه الرياح إنها عاصفة حقيقية... لا تحدثني بهذا الاسلوب الآمِر...لا أسمعك وششش..إن الجو عاصف يصعب الإرسال وششش ...لا تريدني أن أقصف؟!! كما تريد .
قالها في عناد و هو يغلق الخط ، ثم اشار لرفاقه الذين في الماء بعض الإشارات ، أشار بسبابته على الأمام، ثم ضم أصابعه عدا الإبهام فأشار به إلى أعلى، و فهم الرجال ، فأصدر أحدهم صوت الدلفين دلالة على الموافقة، و هكذا صاح القرصان في رجاله:
- لا قصف..فلنغادر الآن!!
و على الفور ارتفعت المرساة –من عرض البحر- و سارت السفينة تدفعها الرياح العاتية التي راحت تضعف كلما زادت المسافة بينها و بين الساحل، و فارت المياه قليلاً – في موضع مقاتلي القروش إياهم – ثم راح دلفينان – أي : متحولان - يتقافزان باتجاه السفينة يتبعهم الآخرون..ثم غابت السفينة تماماً عن أعين المستذئب و الفتاة .....
|
|
أرخت الفتاة ذراعيها و تنفست الصعداء بعد أن تأكدت من ابتعاد السفينة ، بينما ”هانز“ يرمقها في تشكك و فزع ، إنها تشبه وجهاً مألوفاً.. مألوفاً للغاية... وجه أخته العزيزة ”شيماء“ !!
التفتتْ إليه في حركة حادة و قالت بنبرة صارمة قاسية و مخيفة :
- لماذا تنظر إليَّ هكذا؟ ألم ترَ قتالاً حقيقياً من قبل؟ و لماذا لمْ تبدِ أية مشاركة فعلية؟ كل ما فعلتَه كان التقاط هذه الفتاة من الماء..أنتَ لم تضعها في السيارة حتى.أتتوقع لها الحياة هكذا؟
تلعثم ”هانز“ و لمْ يدر ما ينبغي عليه قوله بعد أن أدرك الحقيقة : إن ”شيماء“ مصابة بانفصام الشخصية! يعلم الله وحده كيف تمتلك كل هذه القدرات، لكنها نفس الملامح بالتأكيد! الاختلاف الوحيد هو تلك النظرات القاسية على هذا الوجه و ...
- ألا يمكنك حتى أن تجيب؟
أومأ ”هانز“ برأسه و همهم بكلمات غير مفهومة و هو يجر ”ميرا“ جراً نحو السيارة، و قد هاله كم الدماء التي خضبتها، و هنا فقط أدرك حقيقة ما حدث- لقد قدمت ”ميرا“ حياتها كي ينجو مع الآخرين، و لِمَن؟ لشباك القرصان! و لكن تلك الحركة الغريبة في الماء قبل قليل...لقد كان تحولاً جديداً و لا ريب. يبدو أن ”ميرا“ ستغادر عالم العقلاء إلى عالم الحيتان في الخلجان عما قريب..إنها تقطع الطريق في خطواتٍ حثيثة..
ظل ”هانز“ طوال الطريق يقود متوجساً من هذه المريضة النفسية الجالسة في المقعد الخلفي . لكنه لم يستطع قولاً أو فعلاً بعد تجربة صغيرة و مريرة : لقد حاول أن يسألها عن اسمها في الطريق و كانت النتيجة أنها حركت شفتيها في صوت غير مسموع كالـ(برطمة) و فجأة دوى صوت فظيع عالٍ في أذنيه كهزيم الرعود يقول بوضوح :
اخرس
أطبق المسكين بكفيه على أذنيه و هو يصيح و يصرخ، و ما إن هدأ حتى قالت الفتاة الرقيقة الرفيقة بنفس الصرامة و الحزم :
- لقد قلتُ الكلمة و حبست الموجات الصوتية في حيز محدد من الهواء ثم حركته تجاهك و أطلقته ، لا تسأل عن أي شيء مجدداً و إلا كررتُ لك العذاب.
طبعاً ظل المسكين صامتاً طوال الطريق حتى المركز الفرعي في سيناء، و بعد الحرق – لا اعرف كيف حرقوا و نقلوا ثلاثة جثث تلفظ آخر الانفاس- و حتى التقى المدير بهما ، و جرى الحوار التالي :
رءوف : مرحباً بك يا ”هانز“، لقد عدتَ حياً، أفترض أنك لستَ الوحيد؟
هانز : عدتُ مع الثلاثة و إن كانوا مرضى.
رءوف : مرضى؟! كيف؟
هانز : كانوا ينزفون بلا توقف، و وجوههم شاحبة جداً...
رءوف : ينزفون؟! هل ضمدتَ جراحهم على الأقل؟؟
هانز : و لماذا ؟ فقط المومياوات هي التي تُضمَّد عند الدفن!!
رءوف : مومياوات!! يا لك من أحمق! هذا في أفلام الخيال العلمي فحسب..ألا تعرف شيئاً عن النزيف؟
هانز : إنه عبارة عن خروج الدماء من أماكنها..هذا يؤلم قليلاً فحسب كما أذكر عندما جرحتُ من قبل ، أليس كذلك؟؟
رءوف : ستنضم لدورة تأسيس طبي أيها الأخرق .
هانز : لمَ العقاب؟؟ لقد عدتُ حياً !!
رءوف : اغرب عن وجهي....
يخرج ”هانز“ ركضاً تاركاً المدير يغلي و يثور و يفور و يفعل كما تفعل أمك عندما ترى ورقة امتحانك، ثم أجرى عدة اتصالات لنقل الثلاثة المصابين إلى المستشفى حالاً و إجراء فحص شامل لـ“هانز“ –جسدياً و عقلياً- . ثم التفتَ محدثاً الفتاة :
- مرحباً بك في ألفا.
- مرحباً.
- أرى انكِ مقتضبة في الرد ، و صموتة، كما انك شديدة الشبه بإحدى الطالبات المستجدات هنا، ما اسمك؟
- أدعى ”لما“ و أنا هنا لمقابلة هذه الطالبة التي تشبهني.
- لا بأس ، لكن هل تنضمين لطالبات مدرستنا؟ ما رواه ”هانز“ عن عبثكِ بالهواء يذكرني بتدريبات أكواخ التدريب اليابانية..هل أن محق؟
- نعم. و أنا موافقة بشأن الانضمام. سأحتاج لمكان للمبيت .
- لا بأس ستقيمين في سكن الطالبات، حاولي ألا تموتي كمداً حتى ذلك الحين.
- أي حين؟
- الحين الذي تنضمين فيه رسمياً إلى مقاتلي ألفا..سيرشدكِ الموظف إلى المكان.
- حسناً..عن إذنك.
- قالتها و استدارت لتخرج من غرفة المكتب إلا ان الباب فُتح عنوة و عبره شاب في السادسة عشرة و فتاة في الرابع عشرة تلعق قطعة حلوى (سكاكر) و كلاهما غاضب يتهم الآخر بأنه مزعج و عديم الفائدة و لا يحترم الآخرين و ... توقفت الفتاتان ، ”شيماء“ و ”لما“ ، نفس الوجه لكن الملامح مختلفة، ”لما“ تبدو ثابتة صارمة لا يطرف لها جفن بينما ”شيماء“ مذهولة مشدوهة، و ببطء تحركت مقلتاها في محجريهما إلى اليمين لترى ”لما“ التي بادلتها النظرات ثم أكملت طريقها خارج المكتب و ”شيماء“ تتابعها ببصرها...إنها لا تصدق..لا تصدق أن هذه الفتاة التي -لا تذكرُ منها سوى الملابس البيضاء و القلب الجامد كالثلج الأبيض- قد عادت..إن هذا يفسر الألم المفاجئ، لكن لماذا؟؟ لماذا تركت اليابان لتعود مجدداً بعد سنوات طوال من الغياب؟؟
مبارك عليكم انتهاء العدد الثاني من
||ألفا ~ قصة عالمٍ لا نعرفه||
لمْ يبقَ سوى الملحق، و أقدمه في ردي القادم..
طلب خاص: أرجو أن يزداد عدد الردود و لو قليلاً >< ><
|
|
جزء آخر موفق...
ومازلت اتابع...
بإنتظار الملحق والجزء الثالث...
تحياتي...
|
|
up up
up up
|
|
السلام عليكم
آآآآآآآآآسفة جداً على التأخير في الرد
لقد قرأت الجزء الأول ووضعت رداً عليه (إذا كنت تذكر)
وانتظرت الجزء الثاني بفارغ الصبر ومع إنشغالي لم استطع قراءته مبكراً
كلما تقدمت في قراءة القصة ازداد إبداعك فيها أخي
تابع إبداع قلمك
امضي قدما وسأتابع القراءة حتى النهاية
لو لم أستطع الرد
(أتمنى أن يكون هذا تشجيعاً مناسباً)
وشكراً لقرائتك
|
|
أتابع بصمت كما هي العادة
أرجوا أن تسامحني
|
|
أولاً: كل عام و أنتم بخير.
ثانياً: كل و عام و أنتم جميعاً بخير.
ثالثاً: -من جديد- كل عام و أنتم بخير.
اعذروني على التأخير فالأشغال كثيرة، لكن المهم أن الملحق بين أيديكم الآن، تفضلوا بالهناء و الشفاء
^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^
الملحــــق
n ها نحن أولاء في ملحق جديد . انتهت القصة في هذا العدد، لكن التساؤلات لا تنتهي ، أليس كذلك؟
n أنا لستُ على ثقة من أسئلتكم، لكنني سأبذل جهدي كي أوضح ما أستطيع إيضاحه..
n إذاً...هذه هي القضية –العويصة- التي سأثرثر – بأسلوبي الممل – عنها :
- التحول المتواصل – ميرا.
دعونا نبدأ على بركة الله
التحول المتواصل - ميرا
بدايةً، أذكركم بما قلته في العدد السابق بشأن التحول المتواصل، فهو لا يتوقف عند حد معين بل يمتد ليأخذ العقل و الذكريات من المتحول. المثال الذي سنضربه – ليس بالعصا بل سنأخذ به للشرح !! – هو ”ميرا“.
”ميرا“ متحولة إلى حوت أزرق، الذي يبلغ طوله – غالباً – حوالي 30 م، و لأن تحول ”ميرا“ متواصل ، فهي تتغير يوماً بعد يوم، لقد بدأت أولى مراحل التحول عندها عندما كانت في السابعة من العمر ، و هي سن مبكرة للتحول خاصة لمن هم من أبناء العوام مثل ”ميرا“، كانت تلك المرحلة متمثلة في قدرتها على حبس أنفاسها تحت الماء لمدة تزيد عن الثلث ساعة ! و قد انتبهت ألفا شمال آسيا – روسيا - و هو موطن ”ميرا الأصلي – لهذا الأمر في مسابقات النشء للسباحة ، و قد أبدت صغيرتنا المتحولة براعة منقطعة النظير في هذه الرياضة، و في الغوص كذلك، و بإجراء بعض التحاليل تبين أنها متحولة بشكل متواصل، و لم تلبث أن زاد حجم جسدها على نحو مخيف بعد شهرين، و هو ما اضطر والديها لإرسالها إلى مدرسة ألفا بعد أن كانا رافضَين للفكرة لمَّا لم يثبت أمامهما دليل قاطع على قصة التحول هذه. بعد شهر و نصف بدأ جلدها يأخذ اللون الأزرق عند التحول، و قدرتها على كتم أنفاسها تتطور، و ظلت دون جديد طوال ستة أشهر لكن الزعنفة اليمنى بدأت بالظهور بعد ذلك، لم تكن مكتملة النمو آنذاك، بل احتاجت لعدة أشهر أخرى كي تكتمل و تنضج، ثم بدأ التحول النفسي ؛ لقد صارت ”ميرا“ عصبية، و زادت شهيتها للأسماك كثيراً، و هو ما أقلق مدير فرع ألفا هناك لأنهم لا يملكون تجهيزات ملائمة لـ“حوت“ ، و هكذا حاول عبثاً أن يقنع والديها بالسماح لها بالسفر إلى ألفا العرب، لكن والدها –اليهودي- رفض الفكرة تماماً لعام و نيف؛ لكن حينما صارت ”ميرا“ في الحادية عشرة، جرت أحداث كثيرة لوالديها انتهت بإعدام الأم الروسية و مقتل الأب، و هكذا لم يعد لـ“ميرا“ من مفر من الذهاب إلى ألفا العرب، بعد أن صارت يتيمة تماماً، و يائسة بائسة حزينة. هناك تعرفت على ”رشا“ و البقية و كانت السيدة / ليلى لا تزال على قيد الحياة، و مع مرور الأيام و الأشهر بلغ حجمها عند التحول – ثمانية أمتار كاملة، و اكتمل نمو الذيل في نهاية عامها الثالث عشر، ثم صار التحول وجدانياً؛ حيث زاد حنينها إلى الماء و البحر و المحيط، و صارت ترتعب عند رؤية زيت كبد الحوت، و تهتاج عند سماع أخبار صيد الحيتان..
ملحوظة: كل مرحلة تحول جسدي تعد عذاباً مستعراً بالنسبة لأي متحول بشكل متواصل، و لنا أن نتصور كم الصرخات التي أفزعت الفتيات ليلاً في سكن الطالبات و أثارت لوعة المشرفة و قلق ”رشا“ التي صارت تقيم معها في نفس الحجرة، كانت ”ميرا“ تمضغ الوسادة و تمزق الغطاء و تبكي و هي تتلوى في الفراش بينما ذيلها يبرز فجأة ثم يختفي و مرة تخرج زعنفتها اليمنى أو يتحول جسدها بالكامل ليكسر المكان و الجدار إلا أن الفراش كان مصنوعاً خصيصاً من أجلها فلم ينكسر حتى الآن.
لابد من أن أشير إلى نقطة هامة، يعد تحول ”ميرا“ المتواصل سريعاً جداً مقارنة بغالبية المتحولين، إذ أن المعتاد هو أن تتم المرحلة الأخيرة – وهي التحول الكامل للدماغ- في عمر 30 – 40 عاماً، أما و الحال هكذا فإن ”ميرا“ ستسبح في المحيط المتجمد الشمالي في عمر العشرين!!
خلاصة القول أن التحول المتواصل يبدأ تدريجياً جسمانياً و نفسياً و وجدانياً و ينتهي بتحول الدماغ حيث يفقد المتحول كل قدرة على استعادة الذكريات أو العودة إلى الهيئة البشرية. في التحول العادي تتحدد هيئة التحول مباشرة دون تأخير.
كان الله في عونكِ يا ”ميرا“، لقد امتلأتِ ألماً و حزناً حينما تحولت زعنفتكِ اليسرى قبل تلقيكِ المهمة بقليل و لم يكن المدير على علمٍ بأمر تحولك بعد ، و جاهدتِ لتقاتلي ”ميرمايد“ التي لاحظت نظراتكِ الحزينة المتألمة الواهنة، ثم تحولتِ مجدداً في وقتٍ حرج ؛ تحولت داخل شباك القرصان و مزقت الأشواك الحادة جلدك ، لتمزق صرخاتكِ الآذان و تبكي لأجلكِ حيتان المحيط.... ترى ما كنه هذه المرحلة من التحول؟ هل يمكنكِ أن تعيشي بشكل سليم بعد أن فقدتِ كماً مهولاً من الدماء؟ حقاً ، إن قدركِ أن تشقي و تتألمي ، أكثر مما تألمتِ سابقاً، كان أبوكِ مجرماً مخادعاً و عاشت أمكِ ضحية الخديعة حتى جاءتها طعنة غادرة في الظهر من أقرب الأقربين.. لقد أسلمتِ بعد أن كنتِ يهودية، ربما كان إسلامكِ غضباً على والدكِ و عناداً و انتقاماً منه، و ربما كان إسلاماً عن قناعة..“ميرا“، حاولي ألا تفقدي الأمل، ربما يكون البحر هو مأواكِ الحقيقي، قلبكِ يحن إليه و عقلكِ يحلم به ، لذا لا تحزني أنتِ بين أصدقاء و أحسبكِ ستظلين دوماً مع الأصدقاء...
من/ صديق من البحر
و إلى لقاء آخر في عدد آخر
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
المفضلات