لا حاجة لذكر مناقبه فالكل يعرفها وهي مغمورة في بحر ذنوبه
ولماذا أكف عن عرض أقوال العلماء وهم القدوة وهم من يتكلمون في الباب وليس نحن من نتكلم بآرائنا في الشخص وبعواطفنا فنمدح من نشاء ونطعن فيمن نشاء بلا حجة ولا بينة منقادين وراء عواطفنا لسنا بذلك يا رجل .
أما قولك عن الذهبي فعجيب وأنه يعجبني النقل عنه فأبدا فراجع ردودي وسترى أني نقلت ليس فقط عن الإمام الذهبي بل نقلت عن فطاحل العلماء وليس فقط الذهبي وجمهور العلماء كلهم في ذلك على قول رجل واحد .
أما قد يخطئ فنعم ، ولكن الإجماع لا يخطئ وقد ثبت الإجماع والتواتر على ما بينت .
أما بالنسبة للحجاج فكما قلت سابقا نحن لا نكفره فهو مسلم مات على الإسلام لكننا نشهد على أنه ظالم ونبغضه في الله على ما قام به مما ثبت عنه قولا واحدا لجمهور علماء أهل السنة .
وكما قلت سابقا نحن لا نتحدث هنا عما افتراه الرافضة كما في كتاب الأصفهاني ، إنما نتحدث عما ثبت بل منه ما ثبت في الصحيحين البخاري ومسلم وكل ما ذكرت لم تطله أيدي الرافضة بل قاله علماء أهل السنة ممن شهدوا وعرفوا ورأوا وأثبتوا ذلك في كتبهم بالحجج والأسانيد والبراهين .
والشيخ الألباني ليس من علماء القرن الأول والثاني يا رجل ، وجمهور العلماء كلهم قول واحد ، ولا يسعني إلا اتباعهم في هذه المسائل لأن تحكيم العواطف في مثل هذه الأمور لا ينبغي .
وأضيف كذلك وأتمنى ألا يطول النقاش فوق هذا فقد وعدت الإدارة ألا يكون هناك نقاش.
وكما في إتحاف الجماعة للتويجري أن الشعبي أو غيره قال: " يأتي على الناس زمان يترحمون على الحجاج"
وذلك لما يكون من الفتن التي يرقق بعضها بعضا.
وقال الحسن البصري رحمه الله : "إن الحجاج عذاب الله ، فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم ، و لكن عليكم بالاستكانة والتضرع ، فإنه تعالى يقول { ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون }[المؤمنون /76] . الطبقات لابن سعد (7/164) بإسناد صحيح .
وكما قلت لك نحن لا نكفره ولا نلعنه ولا يجوز ذلك لكننا نشهد على ظلمه وبطشه ونبغضه في الله لذلك وأجاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن هذا فقال:
هل يُلعنُ الحجاج بن يوسف :
قد يقومُ بعضُ الناسِ بلعنِ الحجاجِ بنِ يوسف كلما ورد اسمهُ عليه ، فهل هذا الفعلُ من الشرعِ في شيءٍ ؟
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ : فَلِهَذَا كَانَ أَهْل الْعِلْمِ يَخْتَارُونَ فِيمَنْ عُرِفَ بِالظُّلْمِ وَنَحْوِهِ مَعَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ لَهُ أَعْمَالٌ صَالِحَةٌ فِي الظَّاهِرِ - كَالْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ وَأَمْثَالِهِ - أَنَّهُمْ لَا يَلْعَنُونَ أَحَدًا مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ ؛ بَلْ يَقُولُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : " أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ " فَيَلْعَنُونَ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَامًّا . كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَبَائِعَهَا وَمُشْتَرِيهَا وَسَاقِيَهَا وَشَارِبَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَآكِلَ ثَمَنِهَا " وَلَا يَلْعَنُونَ الْمُعَيَّنَ .
أما حديثك عن يزيد بن معاوية وهو ليس موضعنا فقد لعنه قوم من العلماء الأجلاء ولا يجوز لنا الإنكار عليهم ، وهذا مذهب يسوغ فيه الإجتهاد.
ويقول الدكتور عبد الله الفقيه عن ذكر مثالب الحجاج: "وأما ذكر مثالبه وظلمه وفجوره، فلا مانع من ذكر ذلك وإن كانت له حسنات وفتوحات، وقد ترجم له الذهبي فقال: الحجاج أهلكه الله في رمضان سنة 95 كهلاً، كان ظلوماً جباراً ناصبياً خبيثاً سفاكاً للدماء.... فنسبُّه ولا نحبه بل نبغضه في الله، فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان، وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه وأمره إلى الله...." انتهى.
فسبحان الله قول الذهبي الذي لم يعجب حضرتك هو القول الفصل العدل وكل العلماء يستشهدون به وكلامه جامع .
تأخيرُ الحجاجِ للصلاةِ عن وقتها :
عُرف عن الحجاجِ تأخيرهُ للصلاةِ ، وجاءت الأحاديثُ المصرحة بذلك .
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ : قَدِمَ الْحَجَّاجُ فَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ ، وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ ، وَالْمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ ، وَالْعِشَاءَ أَحْيَانًا وَأَحْيَانًا إِذَا رَآهُمْ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ ، وَإِذَا رَآهُمْ أَبْطَوْا أَخَّرَ ، وَالصُّبْحَ كَانُوا أَوْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ . رواه البخاري (560) ، ومسلم (646) .
وجاء في روايةِ مسلم : " كَانَ الْحَجَّاجُ يُؤَخِّرُ الصَّلَوَاتِ " .
قال الحافظُ ابنُ حجر في " الفتح " (2/50) : وَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي عَوَانَةَ فِي صَحِيحه مِنْ طُرُق أَبِي النَّضْرِ عَنْ شُعْبَةَ : سَأَلْنَا جَابِر بْن عَبْد اللَّه فِي زَمَن الْحَجَّاجِ وَكَانَ يُؤَخِّرُ الصَّلَاة عَنْ وَقْت الصَّلَاة .ا.هـ.
وأهلُ الوسطِ حقق ومحص في النقلِ ، واعتمد على ما ثبت بصحيحِ السندِ من خلالِ كتب السنةِ المشهورةِ ، والكتبِ التي اشتهر أصحابها التحري والدقة كابن كثير وغيره.
وفي مقدمةِ تجاوزاتِ الحجاجِ الشرعيةِ إسرافهُ في القتلِ ، وهو المُبِيرٌ الذي أخبر عنه النبي صلى اللهُ عليه وسلم ، وقدمنا الحديث في ذلك من صحيحِ مسلم . وهذا الأمرُ بناءً على رؤيتهِ في وجوبِ الطاعةِ العمياءِ من الرعيةِ له ، وأن مخالفةَ أمرهِ في أي شأنٍ كبر أو صغر تبرر له القتل .
عَنْ عَاصِمٍ قَالَ سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، يَقُولُ : اتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ لَيْسَ فِيهَا مَثْنَوِيَّةٌ ، وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا لَيْسَ فِيهَا مَثْنَوِيَّةٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ الْمَلِكِ ، وَاللَّهِ لَوْ أَمَرْتُ النَّاسَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ فَخَرَجُوا مِنْ بَابٍ آخَرَ لَحَلَّتْ لِي دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ ، وَاللَّهِ لَوْ أَخَذْتُ رَبِيعَةَ بِمُضَرَ لَكَانَ ذَلِكَ لِي مِنْ اللَّهِ حَلَالًا ، وَيَا عَذِيرِي مِنْ عَبْدِ هُذَيْلٍ يَزْعُمُ أَنَّ قِرَاءَتَهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَاللَّهِ مَا هِيَ إِلَّا رَجَزٌ مِنْ رَجَزِ الْأَعْرَابِ مَا أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَام ، وَعَذِيرِي مِنْ هَذِهِ الْحَمْرَاءِ يَزْعُمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَرْمِي بِالْحَجَرِ فَيَقُولُ : إِلَى أَنْ يَقَعَ الْحَجَرُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ فَوَاللَّهِ لَأَدَعَنَّهُمْ كَالْأَمْسِ الدَّابِرِ قَالَ : فَذَكَرْتُهُ لِلْأَعْمَشِ فَقَالَ : أَنَا وَاللَّهِ سَمِعْتُهُ مِنْهُ .
رواهُ أبو داود (4643) ، وصححه العلامةُ الألباني في " صحيح سنن أبي داود " (3879) ، ووردت آثارٌ بنفس المعنى في سنن أبي داود (4644 ، 4645) ، وصححها العلامةُ الألباني أيضاً (3880 ، 3881) .
الجرأةُ التي كان عليها الحجاجُ تطاولهُ على الصحابةِ ، وسوءُ نظرتهِ للعلماءِ ، وتعاملهِ معهم ، ونقلنا جملةً من ذلك ، وكذلك ما قالهُ في حقِ قراءةِ ابنِ مسعودٍ عندما قال : " وَيَا عَذِيرِي مِنْ عَبْدِ هُذَيْلٍ يَزْعُمُ أَنَّ قِرَاءَتَهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَاللَّهِ مَا هِيَ إِلَّا رَجَزٌ مِنْ رَجَزِ الْأَعْرَابِ مَا أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَام ... " .
علق الإمامُ ابنُ كثيرٍ في " البداية والنهاية " (9/135) : وهذا من جراءة الحجاج قبحه الله ، وإقدامه على الكلام السيئ ، والدماء الحرام . وإنما نقم على قراءة ابن مسعود رضي الله عنه لكونه خالف القراءة على المصحف الإمام الذي جمع الناس عليه عثمان ، والظاهر أن ابن مسعود رجع إلى قول عثمان وموافقيه ، والله أعلم .ا.هـ.
وقال الذهبي في " تاريخ الإسلام " (6/320) : قاتل اللهُ الحجاج ما أجرأه على الله ، كيف يقولُ هذا في العبدِ الصالحِ عبد الله بن مسعود .ا.هـ.
وأقول للأخ سراب أن إقحام الروافض الخبثاء في موضوعنا غير مقبول والذين تكلموا في الحجاج هم من أهل السنة والجماعة وممن عاشوا تلك الفترة وبعدها
والذي يحاول أن يبحث عن حسنات هذا الرجل كمن يسرق المليارات ثم تجده يتصدق ببضعة ريالات فهل من المنطق أن نحاول أن نتمسك بهذه الريالات التي تصدق بها متناسين المليارات التي سرقها!!
حتى الكعبة المشرفة لم تسلم من عبث هذا الطاغية كما روى الإمام مسلم في كتب الحج باب نقض الكعبة
قول المبير الحجاج عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه (لو ادركته لضربت عنقه) ثابتة عن المبير الحجاج
قال أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب الإشراف في منازل الأشراف ص 135 مكتبة الرشد تحقيق نجم خلف رقم (63)
حدثني أبو القاسم واصل بن عبد الأعلى الأسدي ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، قال : سمعته يعني الحجاج بن يوسف ، وذكر هذه الآية فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا قال : هذه لعبد الملك لأمين الله وخليفته ليس فيها تنويه والله لو أمرت رجلا يخرج من باب المسجد , فأخذ من غيره لحل لي دمه وماله , والله لو أخذت ربيعة بمضر لكان لي حلالا يا عجباه من عبد هذيل زعم أنه يقرأ قرآنا من عند الله , فوالله ما هو إلا رجز من رجز الأعراب , والله لو أدركت عبد هذيل لضربت عنقه يا عجبا من هذه الحمر يعني الموالي ، إن أحدهم يأخذ الحجر فيرمي به ويقول : لا يقع حتى يكون خير ، قال أبو بكر : فذكرت هذا الحديث للأعمش , فقال : " سمعته منه " *
وإسناده صحيح
وقال ابن أبي الدنيا ص 254
واصل بن عبدالأعلى ثقة تبت
من الأمور التي أحدثها هذا الطاغية بدعة أيمان البيعة والتي أصبحت سنة عند الخلفاء والأمراء بعد ذلك
قال ابن القيم : ومن الإلزامات التي لم يلزم بها الله ولا رسوله لمن حلف بها الأيمان التي رتبها الفاجر الظالم الحجاج بن يوسف وهي أيمان البيعة .
وكانت البيعة على عهد رسول الله صلى اله عليه وسلم بالمصافحة وبيعة النساء بالكلام وما مست يده الكريمة صلى الله عليه وسلم يد امرأة لا يملكها فيقول لمن بايعه : بايعتك أو أبايعك على السمع والطاعة في العسر واليسرالخ قال : فهذه البيعة النبوية التي قال الله عز وجل ( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله الخ
فأحدث الحجاج في الإسلام بيعة غير هذه البيعة تتضمن اليمين بالله تعالى والطلاق والعتاق وصدقة المال والحج فاختلف علماء الإسلام في ذلك على عدة أقوال:
فإن كان مراد الحالف بقوله ( أيمان البيعة تلزمني ) البيعة النبوية التي كان رسول يبايع عليها أصحابه لم يلزمه الطلاق والإعتاق ولا شيء مما رتبه الحجاج وإن لم ينو تلك البيعة ونوى البيعة الحجاجية فلا يخلو : إما أن يذكر في لفظه طلاقاً أو عتاقاً أو حجة أو صدقة أو يميناً بالله أو لايذكر شيئا من ذلك فإن لم يذكر في لفظه شيئا من ذلك فلا يخلو : إما أن يكون عارفا بمضمونها أو لا : وعلى التقديرين فإما أن ينوي مضمونها كله أو بعض ما فيها أو لاينوي شيئا من ذلك فهذه تقاسيم هذه المسألة
إعلام الموقعين [3/ 76]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما أيمان البيعة فقالوا أول من أحدثها الحجاج بن يوسف الثقفي وكانت السنة : أن الناس يبايعون الخلفاء كما بايع الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم : يعقدون البيعة كما يعقدون البيع والنكاح ونحوهما : إما أن يذكروا الشروط التي يبايعون عليها ثم يقولون بايعناك على ذلك كما بايعت الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة
فلما أحدث الحجاج ما أحدث من الفسق كان من جملته : أن حَّلف الناس على بيعتهم لعبد الملك بن مروان بالطلاق والعتاق واليمين بالله وصدقة المال فهذه الأيمان الأربعة هي كانت أيمان البيعة القديمة المبتدعة ثم أحدث المستخلفون عن الأمراء من الخلفاء والملوك وغيرهم أيماناً كثيرة أكثر من ذلك وقد تختلف فيها عاداتهم ومن أحدث فعليه إثم ما ترتب على هذه الأيمان من الشر. القواعد النورانية [ 247]
إنتهى النقاش
المفضلات