السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

عدنا ومع خواطر إبن الجوزي نستمر إن شاء الله تعالى :



السبب والمُسبب


مما يزيد العلم عندي فضلا، أن قوما تشاغلوا بالتعبد عن العلم ، فوقفوا عن الوصول إلى حقائق الطلب.

فرُوي عن بعض القدماء أنه قال لرجل: يا أبا الوليد ، إن كنت أبا الوليد . يتورع أن يكنيه ولا ولد له ..

ولو أوغل هذا في العلم لعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم : كنى صهيبا أبا يحيى ، وكنى طفلا فقال : " يا أبا عمير ، ما فعل النغير ؟ " أخرجه البخاري ، كتاب الأدب ، باب : الإنبساط للناس ، ومسلم ،كتاب الآداب من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه .

وقال بعض المتزهدين : قيل لي يوما : كُل من هذا اللبن . فقلت : هذا يضُرني ، ثم وقفت بعد مدة عند الكعبة ، فقلت : اللهم إنك تعلم أني ما أشركت بك طرفة عين ، فهتف بي هاتف ، ولا يوم اللبن؟

وهذا لو صح أن جاز أن يكون تأديبا له ، لئلا يقف مع الأسباب ناسيا للمسبب وإلا فالرسول صلى الله عليه وسلم قد قال : ما زالت أكلة خيبر تعاودني حتى الآن قطعت أبهري " أخرجه البخاري ، كتاب المغازي ". وقال : " ما نفعني مالٌ كمال أبي بكر" صحيح أخرجه ابن ماجة ، كتاب المقدمة .

ومن المتزهدين أقوام يرون التوكل قطع الأسباب كلها، وهذا جهل بالعلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم : دخل الغار ، وشاور الطبيب ، ولبس الدرع ، وحفر الخندق ، ودخل مكة في جوار المطعم بن عدي وكان كافرا ، وقال لسعد : " لأن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس ".

فالوقوف مع الأسباب مع نسيان المسبب غلط .

وكل هذه الظلمات إنما تقطع بمصباح العلم .

ولقد ضل من مشي في ظلمة الجهل أو في زقاق الهوى .


--------------------------

لله در ابن الجوزي رحمه الله ، فكيف يجرأ أن يطعن بهذا العالم أي جاهل مركب ، ولكن كما قيل : والجاهلون لأهل العلم أعداءُ


وانتظرونا إن شاء الله تعالى مع المزيد من خواطر ابن الجوزي رحمه الله تعالى.
ولا تنسونا من صالح دعائكم .
ومن أحب أن يضيف تعليقا فمرحبا به .
ودمتم في رعاية الله .