السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالكم أعضاء منتديــMSOMS ـــات عامة
ورواد منتدى قلم الأعضاء خاصة
أرجو أن تكونوا بخير وصحة وعافية
ربما سمع الكثير منكم عن ما حدث في جدة يوم الأربعاء 22/2/1432هـ
أمطار غزيرة هطلت على هذه المدينة
ولكن المشكلة ليست بالأمطار
إنما المشكلة ما تبع ذلك
وأنقل لكم ما حدث معي
بدأ هطول الأمطار الساعة العاشرة صباحا ولأن هذه الأيام لدينا أيام امتحانات
فأغلب الطالبات قد غادرن المدرسة ولله الحمد
وطلبت منا الإدارة أن نترك كل شيء بأيدينا وأن نتصل بأهلنا لمغادرة المدرسة قبل
أن يحدث أي سيل ونحتجز في المدرسة ولا نستطيع الوصول إلى منازلنا أو تجتاحنا السيول في الطريق..
طبعا كل واحدة منا قامت بالاتصال بأهلها وقمت أنا كذلك بالاتصال بوالدي وقال: حسنا أنا في طريقي إليك..
في البداية كنا نظن أن الأمر هين وكنا نلعب تحت المطر نحن المعلمات الشابات
وترى البراءة فينا ونستمتع باللحظة وكل واحدة تأتي سيارتها نودعها ونستودعها الله أن يحفظها وأهلها حتى تصل بالسلامة...
بعد مرور ساعتين والأمطار لا تزال تهطل بغزارة بل زادت غزارتها على نحو مخيف جدا...
وقتها تسرب القلق إلى قلوبنا و وكل فترة وأخرى نقوم بالاتصال بأهلنا للاطمئنان عليهم..
ووصلت غزارة الأمطار لحد قمت وقتها بالاتصال بوالدي وطلبت منه أن يوقف سيارته حتى لا تنجرف سيارته مع السيول المتكونة أو يتحطم زجاج السيارة عليه
عندها قال لي أن الوقود قد نفذ منه وأنه بانتظار أن يهدأ الوضع حتى يستطيع أن يتزود بالوقود..
عندها اطمئن قلبي قليلاً والأمطار تزداد غزارة ولا تخف عندها تجمعنا من كان موجود من المعلمات في مبنى الإدارة وبقينا هناك على أمل أن تحضر سيارة كل واحدة منا ونذهب ونصل إلى بيوتنا بسلام..
الساعة وصلت إلى الثانية عشر ونصف والوضع على ما هو عليه ودخل وقت صلاة الظهر فقررنا أن نذهب للصلاة وأن ندعو الله أن يلطف بنا وبالمسلمين..
وذهبنا للمعمل ووضعنا أغراضنا وصلينا بعدها اتصلت بوالدي وقال لي وقتها أنه بدأ التحرك لكن الحركة المرورية متعطلة وبالكاد يستطيع التحرك..
بعد الصلاة قامت إحدى المعلمات بإخراج المئونة وتقول ممازحة وهي تشير إلى صدرها: أرأيتم قلب الأم شعر بالخطر وأحضرت لكم بعض الخبز والجبنة والشيبس
ونحن لدينا شاي وقهوة وسكر وغلاية يعني من الممكن أن ندبر أمورنا إلى أن تصل سيارتنا.
وكان في المعمل بعض المعاطف فاستعملناها لتعطينا بعض الدفء وجلسنا نأكل ونشرب ونتحدث لنخفف على بعضنا بعض التوتر الذي يشملنا..
ولم يتبقى منا سوى 15 معلمة ومعنا مديرة المدرسة وصاحبة المدرسة مع أولادها وكان يوجد معنا عدد من أطفال الحضانة يمكن أربع أطفال تم نقلهم عند الإدارة مع بعض الألعاب والبطانيات..
والأمطار تخف قليلاً ونقول يالله شكله راح تنفرج إلا وتعاود الأمطار أغزر من ذي قبل...
وجاء وقت صلاة العصر والوضع على ما هو عليه ووالدي يقول أن الحركة جدا بطيئة والأخبار تصلنا أول بأول من أهلنا اللي في البيوت ومن البلاك بيري اللي مع إحدى المعلمات..
وكلما سمعنا خبر يزداد توترنا وكله خوف على أهالينا المتواجدين في الطرق..
ونٌشر خبر أنه هناك سيل قادم نحونا وسوف يضرب منطقتنا الساعة الخامسة عصرا
وكأننا ننتظر الموت في هذه الساعة
لم أصدق الخبر وقلت عموما حتى لو ضرب سوف نصعد إلى آخر دور في المدرسة والله الحافظ (قل لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا)
ولأن الحركة كانت شبه مستحيلة في بعض الطرق رجعت مجموعة من المعلمات إلى المدرسة لأنه أفضل لهم من البقاء في السيارة عند المياه الجارية بقوة.
وقامت صاحبة المدرسة بإرسال سائق المدرسة ليجلب لنا وجبة الغداء وبعد ما وصل الغداء كل واحدة أخذت حصتها واقترب وقت صلاة المغرب وعندما اتصلت بوالدي قال أنه قريب من المدرسة لكنه لا يستطيع الوصول إلي لأن الحركة متوقفة واقترح أن يأتي سيرا على الأقدام وبعدها ويأخذني ونعود إلى السيارة وبعدها نذهب إلى المنزل وقلت له حسنا ولكن عندما وصل لقريب من المدرسة قال أنه لا يستطيع القدوم لوجود سيل قوي لا يستطيع عبوره...
فقلت له أرجوك ابحث عن مكان تأوي إليه لحماية نفسي لكنه قال لي ليس أنا المهم الأهم أن تكوني أنتي بخير..
عندها لم أستطع أن أمسك نفسي فاتصلت بأمي والدموع تخنقني وأقول لها أرجوك اخبري أبي أن يحمي نفسه فأنا موجودة في مبنى لكن والدي لا يريد أن يتحرك وأخاف أن يجرفه السيل فقالت حسنا..
وأغلقت وأنا أبكي وقلبي يحترق على أبي..
حل الليل وكل واحدة منا وصل بها حد لم تستطع أن تتمالك نفسها وأخذت لها ركن تفرغ فيها دموعها فأصوات أهالينا أو احتجازهم في الطرق شيء أمر جلل ولم نستطع أن نستوعبه بسهولة وكل واحدة تقول إلى متى سيستمر حالنا وما النهاية لهذه القصة؟؟؟
بعد مدة قالت لنا صاحبة المدرسة أن اتصلوا بأهلكم وأبلغوهم لا تأتوا الآن لأن الأوضاع جدا خطيرة فليبقوا في أماكنهم ولأنهم لن يستطيعوا القدوم ربما ليومين
فاتصلت على والدي وسألته أين أنت فقال أنه دخل مصلى فتح للناس ليحتموا من السيول فقلت له : نعم هذا أفضل حتى تستطيع النوم وأخبرته عن صعوبة الوصول إلي ولو أنك تستطيع أن تنام وترتاح سيكون أفضل لأنه قد يستغرق الموضوع مدة طويلة فقال حسنا.
بعدها ذهبنا جميعا إلى الدور الثاني ومعنا بعض الطعام والشموع تحسبا لانقطاع الكهرباء ولم يبقى معنا سوى طفل واحد يبكي يريد أمه وهي عالقة في الطريق أيضا
طبعا بين الفترة والثانية أبكي على الحال الذي وصلنا إليه..
الساعة العاشرة ليلا ولا زلنا في المدرسة لم يخطر في بالي أن يحدث هذا أبدا
طبعا كل ساعة تمر وأنا أتحدث إلى أمي وما أن أقفل منها إلا والدموع تنهمر مني
وبعد مدة أتذكر أني أفضل حالا من الذين علقوا في الطريق فأحمد الله على ذلك
أيضا صديقتي المقربة مني كانت تتصل بي بين الفترة والأخرى لتطمئن علي وتخفف عني
عموما استطعت أن أنام قليلا وأرتاح إلى أن جاءت إحدى المعلمات وأيقظتني لتقول لي أن الطرق فتحت وبإمكانك جعل أحد من عائلتك القدوم لأخذك من المدرسة.
عندها اتصلت بأبي وأيقظته من النوم وقلت له أن الوضع قد هدأ وأنه بإمكانه القدوم وأخذي من المدرسة ..
وكان بعض المعلمات قد ذهبن فعلا وأخبرونا أن الطرق يمكن السير عليها وعند وصول والدي خرجت ولكنه قال أن الوصول إلى السيارة صعب الآن لوجود بعض السيول في تلك الجهة لذا علينا العودة سيرا على الأقدام..
فقلت لا مشكلة الأهم أن نصل إلى البيت بسلام ونحن نسير في الشوارع الخالية الساعة الرابعة فجرا وفي تلك المناطق التي لم تتضرر كثيرا من السيول والأمطار
وبعض السيارات تمر ولا تفكر حتى بالوقوف لنا وأخذنا في طريقها إلى البيت
وعندما قطعنا نصف المسافة أوقف شابان سيارتهما وسألونا عن المكان الذي نقصده وعندما أخبره والدي قالا له أركبا سنوصلكما في طريقنا..
وعندما وصلنا لم يرضوا أن يأخذوا ريال واحد وقالوا عيب عليك الناس لبعضها
جزاهم الله كل خير ووصلنا إلى البيت الساعة الخامسة فجرا والحمد لله...
ما خرجت به من هذه القصة:
*ما أجمل أن نكون يدا واحدة عند الأزمات ولا نفكر بأنفسنا وحسب
*عرفت قيمة بيتي وأسرتي وكل فرد منهم
*المديرة التي كنت لا أطيقها أصبحت أحبها عندما رأيت حرصها علينا رغم ما ألم بزوجها وأطفالها حينما احتجزوا في الطرق
*لا زال هناك خير في الدنيا والناس وإن كان قليل جدا
*الحمد لله على ما حدث لي فحين أقارنه بما حدث لآخرين ممن احتجزوا أو غرقوا أو لم يستطيعوا الخروج من الطرق أجده هينا
*الحمد لله فأنا لا أزال حية ترزق وإلا فكان اسم (دلوعة صحبتها) من الماضي صحيح أن كل جزء من جسمي يؤلمني لكن أفضل من ذهاب الروح
تساؤلات تدور في ذهني لما حدث في جدة:
وها قد مرت أكثر من سنة على سيول جدة فماذا تغير؟؟
السيول هي السيول بل وأكثر من العام الماضي والفرق أيضا هذه السنة كان يوجد دوام سواء مدرسي أو للعمل
ما ذنب كل من احتجز أو علق في طريق أو غرق
كيف ستحل هذه المشكلة يا من تحملون الأمانة
أم أن الموضوع سيمر كعادتكم
الرعب الذي تسببتم به من سيعوضه
لو أصابنا مثل سيول وفيضانات استراليا ماذا كان سيحدث لجدة هل ستغرق؟
لا أقول سوى حسبي الله ونعم الوكيل على كل من تسبب في هذه المشكلة وأعان الله أهالي جدة على مصابهم ورحم الله من توفى في هذا اليوم
ختاما
أسألكم أن تدعو لنا بأن ييسر حالنا وأن يرحم الله أمواتنا وأموات المسلمين
وأرجو أن لا تعيشوا ما عشته في ذلك اليوم
والحمد لله رب العالمين
وإلى أن ألقاكم استودعكم الله الذي لاتضيع ودائعه
المفضلات