مدينة طوكيو اليابانية
- البوذية والشنتو مجرد طقوس تؤدى عند الولادة والموت فقط.
- قبل إسلامي قرأت الفلسفات الوضعية وقارنتها بالأديان.
- عرفت أن هناك إله من خلال الإنجيل ولكن في الكنيسة شعرت بقلق وحيرة.
- في المسجد الكبير بباريس وجدت إجابة على كل تساؤلاتي.
- أهلي لم يقفوا ضد إسلامي ولكنهم وقفوا ضد حجابي.
حبيبة كا أووري – داعية يابانية – تتولى إصدار جريدة "مسلم شن بون" وتقوم بالاشتراك مع زوجها وهو رئيس جمعية مسلمي اليابان بالعديد من الخدمات والأنشطة الإسلامية داخل وخارج اليابان. وحول رحلتها الإيمانية وأحوال المسلمين باليابان والعديد من القضايا الأخرى كان لنا معها هذه الحوار أثناء وجودها في رحلة عمل بالقاهرة.
* أين نشأت وكيف كان تفكيرك وعقيدتك قبل اعتناقك للإسلام؟
** ولدت وعشت في منطقة "شيزواكا" بين طوكيو وأوساكا لأسرة بسيطة حيث يعمل الأب وكذلك الأم في مجال التعليم، الجميع من حولي بلا دين أو عقيدة، فالبوذية والشنتو ما هما إلا مجرد طقوس تؤدى فقط عند ولادة الأطفال أو عند جنائز الموتى فالمجتمع الياباني عامة لا يهتم بالأديان، وقد نشأت عكس ذلك، فقد كنت شغوفة منذ صغري بالقراءة والبحث في مجال الأديان، وقرأت في الإنجيل والكتب المقدسة، ولأول مرة أعرف من خلاله أن هناك إله. صحيح أن صورة هذا الإله كانت غير صحيحة لكن إدراكي لوجود إله خالق للكون كان خطوة طيبة، وللتأكيد على هذا المعنى بداخلي التحقت بقسم الأدب الفرنسي بالجامعة والتي أوفدتني بعد ذلك لدراسة الماجستير في الأدب الفرنسي بفرنسا. درست الفلسفة الوجودية وقرأت لسارتر، والبير كامي، وهما ملحدان، وكانت تلك الدراسة هامة بالنسبة لي، ولتحقيق المقارنة بين الدين والإلحاد، ولكي يكون اختياري عن يقين وعلم، وبعدما درست الإنجيل أيضا واستوعبت بعقلي وجود إله خالق للكون، ذهبت للصلاة في الكنيسة، لكنني لم أشعر براحة في قلبي، بل نفور وقلق وغم. وفي الكنيسة لم أجد إجابات كافية لتساؤلاتي، فبدأت ابتعد عن المسيحية مرة ثانية. ولم أجد غير البوذية التي حاولت أن أتعمق فيها وأذهب إلى معابدها لعلني أجد ما يشفي صدري ويريح عقلي من تلك الحيرة وهذه التساؤلات.
وأثناء وجودي بفرنسا في فترة الدراسة التقيت بزميل جزائري مسلم ولد في فرنسا، ولم يكن يعرف شيئا عن الإسلام، بما يعني أنه لم تكن لديه معلومات كثيرة عن دينه، وبالرغم من ذلك كان يتحدث بقوة وعزة عن الإسلام، قائلا إنه هو الدين الوحيد الحق، وتعجبت من هذا الشاب الذي لا يملك معلومات كافية عن دينه لكنه يعتنق الإسلام بعمق وقوة. أما أنا فقد كانت لدي معلومات كثيرة عن الأديان وليس لدي عقيدة، وكانت تلك هي البداية، بدأت اشتري مجموعة من الكتب الإسلامية، وكذلك القرآن المترجم إلى الفرنسية. ولأنني لم أستطع قراءتها وحدي فقد ذهبت إلى المسجد الكبير بباريس، وهناك التقيت بداعية جزائرية مسلمة وبدأت أحضر دروسها وانشرح صدري لحديثها وكان هذا متزامنا مع قراءاتي في الإسلام، وبدأت أدرك بأن هذا هو الدين الحق الذي كنت أبحث عنه، فأشهرت إسلامي بفرنسا في أحد المراكز الإسلامية هناك وعدت إلى اليابان مسلمة.
* ماذا عن موقف الأهل والمجتمع الياباني منك بعد إسلامك؟
** "شيزواكا" التي كنت أعيش فيها مدينة صغيرة أقرب إلى الريف، ولا يوجد بها مسلمون إطلاقا، ومنذ عدت مسلمة من فرنسا وأنا متمسكة بإسلامي وحريصة أكثر في غربتي وسط أهلي وأصدقائي على التمسك بهويتي التي بحثت عنها طويلا. وكانت الصلاة ملاذي والسجود لله راحتي وسكينتي، وكذلك ارتديت الحجاب وصرت متمسكة به رغم معارضة وتعجب كل من حولي. فالأهل لم يمانعوا مطلقا من أن أغير عقيدتي، ولكن المعارضة الشديدة كانت للحجاب الذي يمس الإطار والشكل الاجتماعي للأسرة ولكنه كان بالنسبة لي التزام عقائدي وهوية إسلامية.
* كيف كانت رحلتك للمعرفة ودراسة الإسلام وكذلك الدعوة إليه؟
** أهم شيء لمعرفة وفهم الإسلام والدعوة إليه هو دراسة اللغة العربية، مفتاح الفهم الحقيقي للقرآن الكريم، وقد توجهت إلى جمعية مسلمي اليابان وأرشدني رئيسها للتوجه إلى مصر لدراسة اللغة العربية والعلوم الإسلامية وفعلا تحقق ذلك من خلال دورات تعليمية بالمعهد العالي للفكر الإسلامي بالقاهرة. وفي القاهرة تزوجت بالشيخ حسن كوناكاتا، وهو ياباني وداعية مسلم وقد توجهنا بعد ذلك في رحلة عمل للسعودية وهناك درست القرآن وعلومه وبعض العلوم الشرعية الأخرى. وقد عدت مع زوجي لليابان وبدأنا في الدعوة من خلال الجمعية والتعرف على المسلمين الجدد. والمعروف في اليابان أن الموتى يتم حرقهم ولذا كان من المهم إيجاد مكان لدفن موتى المسلمين، وبجهود ذاتية اشترينا قطعة أرض لتكون مقابر للمسلمين وحصلنا من الحكومة اليابانية على تصريح بذلك ونحن نركز في دعوتنا أيضا على المقربين من أهلنا وأصدقائنا. والحمد لله أسلم بعض من أهل زوجي وأصدقائنا، هذا إلى جانب الدور الذي تقوم به الجمعية.
* كيف قمت بإصدار جريدة "مسلم شن بون"؟
** لقد بدأت الفكرة عندما كنت أراسل بعض الصديقات اليابانيات حديثات العهد بالإسلام، وكانت لديهن تساؤلات في العقيدة والقرآن والسنة، وكنت مع زوجي نبحث تلك المسائل ونرسل إليهن ما يتيسر لنا من إجابات لتساؤلاتهن، ومن هنا بدأت فكرة إصدار مجلة محدودة، قائمة على اشتراكات المسلمين والمسلمات داخل وخارج اليابان، وكنت أقوم بنفسي بإعداد أبواب الجريدة التي تطورت بعد ذلك لتشمل القضايا والأخبار المتعلقة بالعالم الإسلامي. ونأمل أن تتطور أكثر من ذلك وخصوصا أنه ليس هناك ثمة إعلام إسلامي موجه باللغة اليابانية إلى المسلمين أو غير المسلمين، بل هناك تشويه ومعلومات مغلوطة نقرأها في كثير من وسائل الإعلام، سواء أكانت تكتب بسوء نية أو عدم معرفة، ومن ذلك ما قرأته مؤخراً في إحدى النشرات من أن المسلمين لا يأكلون لحم الخنزير لأنه مقدس عندهم!
* هل يوجد انتشار للإسلام باليابان؟ وما هي أهم المرتكزات الدعوية المؤثرة في الشعب الياباني؟
** السمات الثقافية والاجتماعية للشعب الياباني هي أحد أسباب تأخر انتشار الإسلام وقلة عدد المسلمين اليابانيين، لأن المجتمع الياباني مغلق على لغته، كما أنه غير منفتح في تعاملاته مع الآخرين، هذا إلى جانب أن حركة الترجمة المباشرة من العربية إلى اليابانية تكاد تكون منعدمة وخاصة في مجال الكتاب الإسلامي. والشعب الياباني من أكثر شعوب العالم حبا للقراءة، والمنفذ الحيوي إليه هو الكتاب. والآن توجد بعض الجاليات الإسلامية باليابان تقوم بدور دعوى طيب، وعلى رأسهم الأتراك والباكستانيون، خصوصا أنهم يجيدون الإنجليزية وبعض اليابانية. لكن عموما صورة الإسلام عبر وسائل الإعلام والتي غالبا ما تكون منقولة عن الإعلام الغربي سيئة ومنحصرة في الإرهاب والفقر والحروب على الرغم من أن الحقيقة غير ذلك.
* ما هي أهم التحديات التي تواجه المسلمين الجدد باليابان وخاصة بالنسبة للمرأة؟
** بعض العاملين أو المبعوثين للدراسة في اليابان قادمون من مختلف البلدان الإسلامية، وعلاقة بعض هؤلاء المسلمين بالإسلام مجرد اسم ووراثة فقط، وهؤلاء لا يعطون انطباعا مؤثرا بالإيجاب على المسلمين الجدد من اليابانيين، وخصوصا أنهم يكونون متعطشين لمعرفة وتطبيق الإسلام. ومن القضايا الهامة في هذا الصدد أن نسبة اليابانيات اللواتي يدخلن في الإسلام أكثر من الرجال، وهؤلاء اليابانيات قد يتزوجن برجال مسلمين مهاجرين غرضهم فقط الحصول على فرص عمل أفضل، هؤلاء الرجال لا يمثلون بسلوكهم وثقافتهم وعلاقاتهم الأسرية المبادئ الحقيقية للإسلام وبالتالي يصبح تأثيرهم سلبيا على المسلمين الجدد وعلى النساء، وخصوصا أن الدعوة الإسلامية أساسها القدوة الحية، هذا إلى جانب غياب المؤسسات والمراكز العلمية والدعوية التي تقوم بدور التعريف بالإسلام.
* كيف ترين مستقبل الإسلام في اليابان؟
** المسلمون في اليابان يتحركون ويعملون بحرية، الدعوة الإسلامية في اليابان لا تلقى أي اضطهاد أو تضييق، واليابان ربما تكون أحسن مكان لنشر الإسلام حاليا؛ لتقارب العادات والتقاليد اليابانية مع الخلق والسلوك الإسلامي. والتاريخ يؤكد أن الوثنيين في كل العصور كانوا أكثر إقبالاً وأسرع اقتناعًا بالإسلام من النصارى واليهود.
إن هناك أكثر من 15 مليون ياباني يخرجون للسياحة في مختلف أنحاء العالم كل سنة، وكثير منهم يزور تركيا والبلاد العربية، ويعتنق كثير منهم الإسلام هناك، ويتحولون إلى سفراء ودعاة لدينهم الجديد، مما يعد إضافة جيدة لرصيد الدعوة الإسلامية.
وكبار الأساتذة البوذيين والمفكرين في اليابان يقولون: إن مستقبلنا هو الإسلام، حيث إن الإندونيسيين والماليزيين كانوا مثلنا، وهاهم قد تحولوا للإسلام.
المصدر: مفكرة الإسلام
المفضلات