فليقفل هذا الموضوع بماساته واحزانها .. ويفتح باب اخر
لشمس الحرية والنور
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
" بعيدا عن الجانب السياسي برمته .. هنا انثر مذكراتي الصعبة التي عشتها الايام الماضية
احضرت تقويمها الخاص لتدون اهم الملاحظات للايام المقبلة ... فوقعت يديها
على ذلك التاريخ "25/1/2011
سكتت لبرهة لتتذكر ما قد قيل انه سيحدث في هذا اليوم على شبكة الفيس بوك ..
ولكنها قالت .. "ما عساي ان اكتب .. فلست انوي فعل شيئ وليس لي بالسياسة اي اهتمام مطلقا "
ثم قفزت الى تاريخ 27/1/2011 " لتكتب بكل شغف .." اخر يوم امتحاناتي النصفية وبداية
العطلة الشتوية" ... ويليها بيومين دونت رحلتها الى ..... !! وبعدها تجمع الاهل في ..... !!
بل واخر مهام كل ليلة ... كتبت هناك بالاسفل " لا تنسي قراءة جزء لا باس به من كتابك المفضل عند الساعة ...!! "
تلك الفراغات وعلامات التعجب قد تبدو مالوفة لها الان ولكن قبل اليوم الموعود ... لم تكن فارغة بالتاكيد
كان لكل ساعة هدف منشود يراد تحقيقه .. لم تكن قد تشابهت الساعات بعد ...
***************
*****
***************
بعد ان خرجت من لجنة الامتحان في اخر يوم ... نظرت لاعلى الافق بابتسامة ملؤها السعادة قائلة
"حمدا لك يارب .. مضت الايام الموحشة بسلام " ولم تكن تعلم حينها انها اخر مرة ترمق بها سماء مصر
الصافية .. والايام الموحشة قد بدات للتو .......
وفي طريق عودتها للمنزل .. تنظر لتلك الوجوه الضاحكة .. " يبدو الجميع مسرور لبدا العطلة .. ولكنا ثمة لهجة
غريبة خلف تلك الضحكات ... لا اكاد افهمها .. احقا صار قبل الامس شيئا ما .. اوان غدا يترقبه الناس لحادث مهم "
تجاهلت تلك الاحاسيس لوهلة ومضت الى منزلها مسرعة لتبحث عن قناة الاخبار التي لا تعرف حتى رقمها
في تسلسل القنوات .. "ما هذا .. !! الجميع يتحدث .. الجميع يتابع عدا انا ...!! فلأخصص وقت
لسماع نشرة الاخبار يوميا .... ولكن هل اتابع اخبار الثالثة عصرا ام التاسة مساءً.. ام ... ..؟ !
ما هذا .. .. .. تبدو نشرة لاخبار هذه بوقت غير مالوف لها .. لا اظن الحدث
بهذه الاهمية ليتم تغطيته بفترات خارج المعتاد"
...
ظنت وكما كانت دوما ان تجاهلها لامور السياسة سيحميها من الوقوع في المشاكل وامور اخرى لا تحمد عقباها
.. ولكن اليوم .. باتت جاهلة قاصرة عن فعل شيئ .. عندما تعلق الامر بمصيرها ومستقبل بلادها ....
.......
وتمر الايام ويطوى التقويم صفحة بعد صفحة .. لتفتح صفحات مذكراتها البائسة على اريكتها الباردة .. تنظر لمرءاتها
" من تلك صاحبة الوجه الشاحب ... أهي أنا .... ؟"
فيما يلي . بعض من صفحات مذاكرتها الشخصية .. التي باتت جزءا اساسيا في نشاطاتها اليومية
...
" مذكراتي العزيزة .. فلتحملي عني القليل .. لست اقوى بمفردي
لعلي اشعر بحال افضل .. او يغلبني النعاس فأهرب لعالم اخر بعيدا عن هذا الواقع
......
ما بالك يا ليلي اصبحت شديد البرودة ؟! أوجعت ضلوعي وعظامي ... ضلامك يقتلني بوحشته
وصخبك يسلب مني أجمل لحظات النوم .. فلتهدا قليلا ... لست اقوى السهر ودموعي تنهال علي تحرقني
ارحم فتاة كانت تامل فقط ان تحيطها بهالة من السكون لتقرا صفيحات من ذلك الكتاب ..ثم تخلد للنوم
حتى الشروق ........
صياح النساء والاطفال في كل مكان .. وهلع الرجال
الذي لم ار له مثيلا من قبل .. قد سرق قلبي وبت التقط انفاسي بصعوبة ..
لمن اشكوك وليس بجانبي احد .....أأشكوك اليك ؟؟!!
ولكن ... كيف ولم تعد بي رحيما كما عهدتك ؟!
عندما انظر لسمائك اصرخ ...
" ليست سمائي ... باتتت نجومها اشباحا وبدرها اختفي خلف الضباب القاتم "
اين انا الان ؟ أأبيت بعالم اخر .. أم ان الارض بي تدور ....؟
فليكف احدكم عن الصياح ... ويجاوببني " أين أنا ؟!"
اغلقت مذكرتها ... وظلت تبكي ... حتى اتاها الفرج ... ونامت
***************
*****
***************
وفي أرجاء ركن اخر من مذكراتها كتبت
"وبعد نهار طويل مروع .. كاد يسويني بالأرض .. ماذا تنوي أن تفعل بي هذه السويعات المظلمة
كفاك يا ليل .. ابق على ما لدينا من ذكريات ولحظات عشناها قديما .. كان ملؤها الدفئ والحنان
كفاك فلست حجرا ولا حديدا ...
قلبي يخفق بشدة .. عقلي وشتته الصور ... عيني وتتوق لأحلام الشتاء
كيف تسلمني ليوم جديد بهذه الحالة .....؟ كيف وشمس الغد لا اعرف لها سبيلا ....!
هل سأشعر بدفئها .. أو تكون كشمس الأمس ..كومة ثلج كادت أن تودي بنا جميعا ....!
إن لم تمدني الآن بلحظة دفئ .. فلا أظن اني سأكون قادرة لعيش اللحظة المقبلة
هي دوامة ليس لها نهاية ....
أرجوك يا ليلي .. ارأف بحالي "
ووللاسف لم تنم تلك الليلة ... بل لم بنعم احدا بذلك .. حماية لممتلكاتهم
***************
*****
***************
وفي زاوية اخرى
" اليوم والأمس وأملي أن لا يكون غدا ... عرفت حلاوة الأمن والأمان
أيقنت كم كانت حياتي المستقرة الهادئة .. اغلى و أثمن من ملايين الدنيا
أتذكر قول المصطفى حبيبي ...فيما معناه ... " اذا استيقظ احدكم .. معافا في بدنه .. امنا في سربه .. عنده قوت
يومه .. فكأنما ملك الدنيا وما فيها "
كم كانت دافئة تلك الليالي التي كنت اخلد فيها إلى النوم تحت غطائي الدفئ لأرى أجمل الأحلام
هل أحسست يوما بأني كنت في النعيم بحد ذاته ...؟
هل تذكرت أني املك الدنيا بيداي ....؟
هل تذكرت إخواني وأخواتي في فلسطين الحبيبة .. هل هم قادرون على اغماض
اجفانهم متجاهلين الخطر الذي يحيطهم .. واصوات القنابل فوقهم ....؟
للأسف ما خطر ببالي تلك الحقائق .. لأقولها بملئ فاهي " لك الحمد يا مولاي "
وانما اغمضت جفني حينها ..بل وربما بت متذمرة من حياتي وطريقة عيشي
تباً لك ... كنت تملكين مأوى وموطنا ... فلم تحمدي الله عليه
الان وقد اصبح كل شيء معتما .. غامضا .. فماذا تملكين غير تلك الدموع البائسة ....!! "
***************
*****
***************
"في غرفتي المسلحة ... التي ما عدت اعرف لها ملامح .. بعد أن حشوت كل جزء فيها بآلة حادة ..
أجلس هنا .. حيث أكتب مذكراتي اللعينة ..
لو لم يكن الحال يبكي لضحكت .. لضحكت بأعلى صوتي
ما هذا ...؟! ... عصا هناك ... وسكينةأسفل وسادتي .. ونافذة مغلقة بسلاسل حديدية ..
ههههههـ ... أين أنا بربك ؟!
أأعيش الآن تحت سماء مصر الآمنة ..؟!
أهذا موطني الذي آواني وحماني السنين الماضية ..... !
حتما ..أعيش بعالم اخر ...
لم أكن اشم بهوائه رائحة البارود .. ولم أر نيله الصافي مشوب بدماء ابناءه
بل وما خفت يوما من النظر للسماء لكي لا اراها سوداء بدخان الحرائق ....!
ما بالك يا مصر ... ؟ ليلك كنهارك ... ابنائك يُسلَبون منك كخيوط الحرير ...!
اسمعك تصرخين فاعجز عن النداء .. وكيف اجيبك وصراخي يعلو صراخك ...
عجبا لحالنا .. من كان دوما المجيب يا حبيبتي ؟؟!
من كان يرتمي بأحضان الاخر ويشكو اليه ... ؟
هل قلبت الموازيين ؟ أم بُدٍل أحدنا .. فما عاد يعرف الأخر
................"
***************
*****
***************
تلك كانت بعض من كثير ... فقد تكون القنوات تنقل للعالم احداث الشارع .. ولكن ما من احد تسائل
عما ماذا يشعر به الصامتون خلف الجدران ... وما يجول بخاطرهم ؟؟
واخيرا .. أ بعث برسالتي الى محبوبتي ..
غاليتي ....
منعتني ... فتذكرت عطاؤك
.........روعتيني ... فتذكرت أمنك وأمانك
.................عذبتني ... فتذكرت عطفك وحنانك
قبضت من ترابك قبضة قبل الرحيل .. لأضمن عودتك
.................فلا تخذليني رجاءً
ستبقين في الأعلى ترفرفين ...
وسأبيت يوما بأحضانك الدافئة ..
لنمزق تلك المذكرات سوياً .
إلى ذلك الحين ... حفظك المولى ورعاك
ابنتك المخلصة ..
المفضلات