شكراً " اسسووم" ، و أرجو أن تروقك القصة..
نتابع...
================================================== ====================
.. ها هي ذي معلمة أخرى، كم بقي على جرس النهاية يا ترى ؟!
.................................................. ......
" قبل عامين، كان "مازن" و "سياف" في مهمة لهما كبيتا و جاما في جنوب السودان، حيث وصل بيان إلى ألفا أن السياح العوام و حتى المتحولين يذهبون لمشاهدة المناطق العشبية (السافانَّا) و لا يعودون، و قد حاول المركز الفرعي التابع لألفا العرب أن يحقق في الأمر لكن عملاءه لم يعودوا كذلك، و بما أن المراكز الفرعية محدودة المهام و الإمكانيات و القوة، فقد اضطروا لطلب العون من ألفا العرب لاستعادة جميع المفقودين، و هكذا تم إرسال الشابين اليافعين، و قد كانا آنذاك في الرابعة عشرة و الخامسة عشرة، لكنهما كانا شديدي البأس رغم صغر سنهما، و كانا يسيران بمحاذاة جدول صغير تُرى صخور قاعه القريب، و كانا يسيران عكس اتجاه التيار البطيء، ثم رأيا لوناً مختلفاً يشوب المياه العذبة؛ فتحقق "سياف" من كنه هذا اللون، و طبعاً قطب جبينيه و نظر إلى رفيقه نظرة ذات مغزى من طراز: (المشاكل قريبة..هذه دماء)و قبل أن يعلق "مازن"، سمعا صوت طلقة رصاص، يصاحبه تغريد العصافير (المفزوعة)، و كان الصوت آتياً من بين أشجار متشابكة -لا اعرف إن كانت هناك أشجار متشابكة في منطقتنا هذه- . و هكذا اسرعا ركضاً إلى مصدر الصوت وسط انكسار الأغصان و تفتت الأوراق الذابلة من تحت أقدامهما، لكنهما تصلبا و سكنت حركتهما عندما سمعا صوت الحشرجة الآدمية و الزمجرة الحيوانية، فانبطحا أرضاً يتطلعان من فرجة بين الأشجار إلى مشهد متميز:
رجل ضخم الجثة مشوه الخلقة يرتدي ملابس الصيادين لكنها كانت بقايا ممزقة، و بندقية صيد ملقاة أرضاً تبعد عن الرجل حوالي نصف المتر، كان الرجل لاجئاً بظهره إلى جذع شجرة عريض، و عيناه متسعتان هلعاً متعلقتان بمتحول غاضب دُغل -كما يبدو-، كانت الدماء تنزف بغزارة من جرح في كتف الصياد و آخر في صدره الدامي.كان صوت الزمجرة الغاضبة عالياً، ثم سمعا نهراً و سباباً بلغة إنجليزية سليمة لكنها فظة، المتحول الدُغْل -عرفا أنه كذلك من قائمتيه المكسوتان من الأسفل بشعر بلون الرمال -كلون الأسود-، و تموجات ذيله الذي راح يتلوى في غضب كعادة السنوريات، نهاية الذيل مكسوة بشعر أسود فاحم. لم يستطع "مازن" و لا "سياف" أن يريا وجه المتحول بوضوح، فقد كانت الأشجار تحجب الرؤية، فكان أعلى جزء تمكنا من تحديد معالمه هو الخصر المحاط بمئزر داكن اللون، مثبتاً سروالاً قصيراً -حتى أسفل الركبة بقليل-. كان الصياد يائساً، و بدا كأنه غريق يبحث عن رائحة طوف النجاة، فانقض الأحمق على البندقية و قبل ان يصل إليها كان المتحول قد سد عليه الطريق بقدمه اليمنى ثم ركله بقوة في جنبه بالقدم اليسرى، بعدها، قام المتحول بالتقاط البندقية و قام بتهشيمها على نحو معاند غاضب ساخط، طبعاً لم يكف المتحول إياه عن السباب و الإهانات و عبارات الذم و التقريع طوال الوقت.كانت الركلة التي تلقاها الصياد من القوة بحيث اندفع جسمه مصطدماً بجذع الشجرة في عنف، و في لمح البصر انحنى المتحول ثم جذب الصياد من بقايا ملابسه، و رفعه لاعلى و هدده بالإنجليزية قائلاً: - إن رأيتك هنا مجدداً فلن أكتفي بتحطيم ضلوعك و تهشيم عظامك يا ....
قالها ثم طوح بالصياد في الهواء و ألقاه بعيداً قدر ما استطاعت ذراعاه حتى سمع الشابان صوت ارتطام بعيد. و هنا تلألأت أعينهما،"مازن" جذلاً بخصم قوي،و "سياف" سخطاً على عدو طاغٍ .
أخيراً هدأت الأجواء قليلاً، و راح المتحول يجول يمنة و يسرة ، بينما يتتبعه الشابان بالأعين..و فجأة توقف عن الحركة و استدار حيث هما، و بحذر تقدم و صوت شهيقه يعلو كأنما يتشمم الهواء، و غريزياً قبض "مازن" على مسدسه، و "سياف" أمسك بمقبض مهنده..تمنيا ألا يراهما، دعوا الله في سرهما..لكن؛ لكن المتحول انحنى برأسه إلى مستوى الفرجة -التي ينظران منها- في حركة مفاجئة، و هكذا تلاقت الأعين..و بان (المستخبي)..."
- ليتك تكف عن هذا الأسلوب يا عمي، أنتَ زعيم زمرة و لستَ راوي قصص ما قبل النوم.
- كف أنت عن التعليق يا ابن أخي و اعلم أنني أفعل ما أشاء هنا حتى لو كان (عجين الفلاحة)*.
- الزعيم لا يصنع (عجين الفلاحة) يا عمي.
- قلتُ انني أصنع ما أشاء، و هذا يتضمن تحويلك إلى (عجين فلاحة) يا ولد.
نظر ابن عمي لوالده الذي طبعاً لم يجرؤ على الرد على أخيه -بَابِي يعني- فأبي أقوى من عمي بمراحل..
و يكمل زعيم الزمرة- "أسامة" :
" و في لمح البصر اختفى المتحول من امامهما، و في نفس اللحظة التي دارا بأعينهما في المكان بحثاً عنه، انقض عليهما من أعلى كالصاعقة..صاعقة سريعة.. "
.................................................. .......................
* صحيح أن تعبير (عجين الفلاحة) مصري قح لكنه انتشر حتى إلى السودان، خاصةً أن "أسامة" قد زار مصر و سوريا منذ سنوات.
المفضلات