التحريش : تأتي بمعنى القتال والاغراء والتهيج
وكذلك في قصة البغي التي سقت كلباً
.ففي حديث في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعا:
بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني
إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به.
فما سيضرنا إذا ما أطلقنا بعض نفحات الرحمة والإحسان لهذ الكائنات الضعيفة .
واليَعلمُ الكُل بأَنَ من لم يستطع الإحسان للضعيف فلن يستطيعَ الإِحسان للقوي..
وأننا محاسبون على أشياء قد لاندركها ونحتقرها لصغرها
. فيأتي إنسان ويرى كلبا أمامه يلهث فيركله بقدَمِه بلا مبالاة
ألا يعلم أنه محاسب على ذلك
قال تعالى {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَم}
لذا ينبغي علينا أن نلتزم الإحسان ونتمسك به مع هذه الكائنات .
فبِهِ ليس فقط سنتجنب سخطَ الله بل سنحصلُ على عظيم رِضاه وثوابه .
ومن منّا لا يرغب بذلك وهو مُنانا .

الإِحسان للجار :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورِّثه )
وهذا الحديث من الأحاديث المشهورة التي تعلمناها ..
ياااه كم هو عظيم هذا الحديث فالنتمعن بين كلماته والنستكشف المعاني بين سطوره
.فما معنى الوصية ؟ إلاتُقال الوصية للشئ الثمين يقال وصاني بالشئ أي ذكّرني
بأهمية المحافظة والحرص عليه وتأتي هذه الوصية بالحفاظ والحرص
على الجار من الوحي نفسه وهو من أعظم خلق الله .
أفلا نتمسك بهذه الوصية فهي مفتاح الرضا والقبول عند الله فالوحي
لايجلب شئ من عنده ..
وكلنا نعلم كم هو فضل الإحسان للجار وقد ذُكِرت كثيرٌ من الأحاديث للرسول
عليه السلام يوصينا بالإحسان للجار
لكن هل طبقت ذلك ؟ هل تشاركهم أفراحهم وأحزانهم ؟
ربما أنت غفلت عن بعض حقوقك إتجاههم ؟
فالتقرأ هذا الحديث لعلك تتعلم بعض حقوق والإحسان للجار التي لربما غفلت عنها:
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن حق الجار:
(إذا استعان بك أعنتَه، وإذا استقرضك أقرضتَه، وإذا افتقر عُدْتَ عليه (ساعدته)، وإذا مرض عُدْتَه (زُرْتَه)، وإذا أصابه خير هنأتَه، وإذا أصابته مصيبة عزَّيته، وإذا مات اتبعتَ جنازته، ولا تستطلْ عليه بالبناء، فتحجب عنه الريح إلا بإِذِنه، ولا تؤذِه بقتار قِدْرِك (رائحة الطعام) إلاَّ أَن تغرِف له منها، وإن أشتريتَ فاكهةً فأهدِ له منها، فإن لم تفعل، فأدخلها سرًّا، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده) [الطبراني].
وإن أساء إليك فلا تقابل الإساءة بالإساة فالرسول أمرنا بالإحسان وإن كان لمسئ
. فنحن نتكلم عن خُلق عظيم لا إستثناءات فيه .
فقد جاء رجل إلى ابن مسعود -رضي الله عنه- فقال له:
إن لي جارًا يؤذيني، ويشتمني، ويُضَيِّقُ علي. فقال له ابن مسعود:
إذهب فإن هو عصى الله فيك، فأطع الله فيه.
ومن كمال الإيمان الإحسان للجار
قال صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُؤْذِ جاره) [متفق عليه]
فالخلاصة هنا :قرن الرسول عليه السلام الإيمان بالإحسان إلى الجار ؟
ومن المعروف أن الرسول لايأتي بتشريعات من عِندِ نفسِه . إذاً هي من عند الله
لكن لمَ قرن الإيمان بالإحسان للجار ؟
الجواب واضح فذلك دليل على أهمية الجار فطلب منا الإحسان إليه .
قال تعالى :
{وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ
السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً }
وقد يظن البعض أن الجار هو المجاور لبيتك ؟
لا فذلك منظور مقصور فالجار قد يكون زميلك في العمل أو في الجامعة او المدرسة
أو حتى الذي يركن سيارته جوارك .. واجمل معنى للجار هي : من صلى الفجر معك في المسجد
أفأحسنت إلى هؤلاء فالجار من كلمة جوار وهو الجنب .
ولرب كلمة طيبة كانت هي الإحسان عينها فنشرت عبق الإخاء والمودة ورب كلمة
خبيثة أشعلت نار الفتنة والحقد
فصن لسانك بين الكلمة الحسنة لجارك فهي سبيل المحبة والتآلف
قال تعالى :
{وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ }
الإحسان إلى الضعفاء من البشر :
هناك بعض الناس أمرنا الله بالإحسان إليهم وأوصانا بهم
ومن هؤلاء :
الفقراء : وجب علينا الإحسان عليهم والتصدق ويجب أن تكون صدقتنا
خالصة لوجه اللهو ليس رياءً
وعلى الغني الذي يبخل بماله على الفقراء ألا ينسى أن الفقير سوف يتعلق
برقبته يوم القيامة وهو يقول: رب، سل هذا -مشيرًا للغني- لِمَ منعني معروفه
وسدَّ بابه دوني؟
ولابد للمؤمن أن يُنَزِّه إحسانه عن النفاق والمراءاة
كما يجب عليه ألاَّ يمن بإحسانه على أصحاب الحاجة من الضعفاء والفقراء
ليكون عمله خالصًا لوجه الله. قال تعالى:
قـال تعالى :
{قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ }
اليتامى : أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى الأيتام
وبشَّر من يكرم اليتيم، ويحسن إليه بالجنة، فقال:
(أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا)
وأشار بأصبعيه: السبابة، والوسطى، وفرَّج بينهما شيئًا.
[متفق عليه].
فهل أحسنت يوماً ليتيم رغم علمك بفضل الإحسان إليه .. لكن!!
يجب مراعاة أن من الإحسان لليتميم عدم إشعاره بأنه مسكين ويحتاج للرأفة
فإن ذلك يضايقه .. فياحبذا الإحسان إليه بطريقة مرغوبة تشعره بأن هناك من
يهتم به في الحياة ويراعي مشاعره .
نعم المنتدى ثقوا بذلك ..قد يستغرب البعض كيف ذلك أنا سأخبركم
من الإحسان في المنتديات :
-إفشاء ورد السلام: فإذا أقبلت على أحد الموضوع أو في ملفك
ورسائلك فلا تنسى السلام فهو من الإحسان وهو خير لك من أن تبدأ حديثك بكلام فارغ ..
قال تعالى : {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا
إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً }النساء86
- معاملة إصداقك معاملة حسنة وإجتاب المزاح الثقيل
فذلك من سبيل الإحسان إليهم .
بسم الله الرحمن الرحيم {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً}
- الإحسان في الردود وهي من سيبل الإحسان في العمل فالمسلم
يحسن في عمله حتى يتقبله الله منه والتكن تلك الردود بنيَّة مرضاة الله
قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)
فلا تجعلها سخيفة وتافة بلا معنى ولاتبخل على أخيك بالنصح والإرشاد له ..
- فتح المواضيع المفيدة والهادفة فإن ذلك في سبيل الإحسان لك ولغيرك .
فبه تكسب أجراً عظيماً وفبهِ أيضاً تفيد غيرك ..
قال تعالى : {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ
مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً }
فلا نستحقر هذه الأمواضيع ونقول إنها مجرد مواضيع .
بالعكس فما دامت فيها الخير فنحن مثابون عليها ولو كانت فيها مايسيء نحن محاسبون عليها
{ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ /وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }
وكل ذكر هو من سبيل الإحسان للنفس :
فالإحسان للنفس يكون من خلال تجنيب النفس
مايوقعها في الذنب والمعاصي ومايؤذيها ..
وإحلالها للخير والمعروف والإحسان .. قال تعالى
{إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ..}
إن للمحسنون أجر عظيم عند الله تعالى
قال تعالى : {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ }
ومعناها :هل جزاء مَن أحسن بعمله في الدنيا إلا الإحسان إليه بالجنة في الآخرة؟
(وإن الله يحب المحسنين)
لقد ذكر الله هذه الجملة في القرآن الكريم خمسَ للتأكيد على مكانة
المحسنين عند الله تعالى :بسم الله الرحمن الرحيم
{وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }
{الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }
{فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }آل عمران148
{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ
عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ
مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }
{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ
الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }
كذلك أكدَ على الجزاء والثواب العظيم للمحسنين : فقال سبحانه وتعالى :
{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ
وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }
{وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ
وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ }
َ{ولاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ }
{وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ }
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }
{لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ
سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ }
{قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }
{لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ }
وقال سبحانه انه مع وقريب من المحسنين :
{وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً
إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ }
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }
هناك الكثير من مظاهر الإحسان لكن لايسعني إلاَّ الإقتصار على ذلك .
راجي من المولى عزَّ وجل أن أكون قد وُفِقت في طرح الفكرة ومضمونها
مع بعض الشواهد والأمثلة والأدلة.

أسعدكم المولى
المفضلات