الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا ، وبعد ،،،
قد يحسن إليك شخص أو يعمل لك معروفاً أو قد يكون معلماً لك فتحب هذا المعلم لحسن تعامله وطيب أخلاقه وتحترمه وكتقديراً له تقدم له هدية ، قد تخرج منك هذه الهدية من حسن نيّة ولكن لا تعلم ما قد يحدث لقلب المعلم ، لهذا أنقل إليكم "حكم إعطاء الهدية للمعلم" ( من موقع الإسلام ؛ سؤال وجواب ) ... راجياً النفع والفائدة لي ولكم ولجميع المسلمين ،، أسأل الله أن يهدينا إلى ما يحب ويرضى ...
’’’
السؤال : هل يعد ما أقدمه إلى معلمة القـرآن فـي المسجد من هدية يعد من الرشوة علمــا بأنــه للتعيـلـم فـقــط لامــن أجــل الشهــادة والعلامـات لكــن مـن بـاب الاحترام والتقدير فقط لا غير وهي تقول : أخشى على نفسي من هذا الباب ولا تقبل من الدارسات شيئا ، فما حكم الشرع في الموضوع ؟
الجـواب : الحمد لله ، الهدية لمعلــم القــرآن فيها تفصيل حاصله ما يلي :
أولا: إن كــان المـعـلم يــدرس جماعـة مــن الطــلاب و يمنـحـهـم الشهادات و العلامــات ( الدرجات ) ، فـلا يجوز له قبول الهدية من أحدهم ، لما يفضي إليه ذلك غالبا مــن ميل القلـب إليه ، وتفضيله على غيره ، وإفساد قلوب الآخرين عليه .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - :
بعــض الطالبات تهـدي لمعلمتها هديــة فــي المناسبات فمنهن من تدرّسها الآن ، ومنهن من لا تدرّسها ولكن من المحتمل أن تدرسها فـي الأعـوام المقبلـة ، ومنهــن لا احتمال أن تدرسها كالتي تخرجت .
فما الحكم في هذه الحالات ؟
فأجاب : الحالة الثالثة لا بأس بها أما الحالات الأخـرى فــلا يجوز . حتى ولــو كــانت هدية لولادة أو غيـرها ، لأن هـــذه الهديــة تؤدي إلى استمالة قلب المعلمة .
وسئـل الشيـــخ ابن جبرين حفظه الله :
عــن معلمــة فــي مدارس تحفيظ القــرآن التابعــة للجمــاعــة الخيرية لتحفيظ القــرآن الكــريم لا تأخـذ مقابل تدريسها أجرة في نهاية العام الـدراسي وبعــد توزيعهــا الشهــادات عــلى الطالبات قد يقدمن لها هدية عبارة عن ذهب أوغيره ما حكم قبولها لهذه الهدية ؟
ورفضها للهدية يكسر نفس الطالبات ويحز في نفوسهن خاصة وأنها قـد قدمـــت لهـن الهدايا ؟
فأجــاب : إن كانت الطالبة قد أنهت الدراسـة وســوف تغادر هـذه المدرسة فتنتفي الرشوة هنا ، أمــا إذا كانت العلاقة المدرسية ستبقى بينهـما فيخشى أن هــذه الهدية تسبـب ميــل المعلمــة إلــى هــذه الطالبة والتغاضي عــن أخطائها وعدم العدل بينها وبين غيرها .
ثانيا: إذا لم يكن هناك عدد من الطلاب تجري بينهم المنافسة ، ويتطلب تحقيق العدل بينهم كأن يكون المعلم يدرّس طالبا بمفرده ، فــقـد اختلف أهل العلم في إهداء الطالب إليه حينئذ فمنهم من منعه استدلالا بحديث القوس وهو مـا رواه أبـو داود :
عَــنْ عُبَادَةَ بْــنِ الصَّامِتِ قَالَ : عَلَّمْتُ نَاسًا مِــنْ أَهْــلِ الصُّفَّةِ الْكِتَابَ وَالْقُرْآنَ فَأَهْدَى إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَوْسًـا فَقُلْتُ : لَيْسَتْ بِمَالٍ ،وَأَرْمِي عَنْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَـزَّ وَجَلَّ ، لآتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلأَسْأَلَنَّهُ ، فَأَتَيْتُهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، رَجُلٌ أَهْدَى إِلَيَّ قَوْسًا مِمَّنْ كُنْتُ أُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْقُرْآنَ ،وَلَيْسَتْ بِمَالٍ وَأَرْمِي عَنْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ (( إِنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُطَوَّقَ طَوْقًا مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا )) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
ومنهم من أجازها إذا كانت عــن طيب نفـس من الطالب ، واستدلوا بما يفيد جـــواز أخــذ الأجرة على تعليم القرآن ، كقـوله صــلى الله عليه وسلم في قصة اللديغ (( إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ )) رواه البخاري.
وإذا جازت الأجرة فالهدية من باب أولى .
وحملوا حديث عبادة المتقدم (حديث القوس) على أنه كان في وقت حاجة الناس إلـى مــن يعلمهم القرآن ، حتـى لا تتم المتاجرة بتعليم القرآن ، فيُحْرم منه فقراء المسلمين ، وقـــد يؤيد ذلك أن الحديــث وارد فـي تعليــم أناس مـن أهل الصفة ، وأهــل الصفة قــوم فقراء كانوا يعيشون بصدقة الناس فهم يستحقّون أنيعطوا المال لا أن يؤخذ منهم .
قال ابن مفلح رحمه الله في (الآداب الشرعية) : " قـال أصحابنا فــي المعلم : إن أُعطي شيئا بلا شرط جاز , وإنه ظاهر كــلام أحمد وكرهه بعض العلماء لحديث القوسين" .
وفي (حاشية قليوبي وعميرة) : "الإهداء للمفتي والمعلمِ ولو لقرآنٍ والواعظِ يندب قبوله إن كان لمحض وجه الله تعالى , وإلا فالأولى عدمه ، بل يحرم إن لم يعلم أنه عن طيب نفس" انتهى .
وبناء على ما سبــق ، فـإن هذه المعلمة قــد أخذت بالأفضـل ، وأحسنت فــي عـدم قبــول الهدية مـن الطالبات ، فجــزاهـا الله خيــرا ، وحقَّ لها أن تخشى عــلـى نفسها مــن قبول الهدية ،فإن النفس مجبولة على التعلق بمن أحســن إليهــا ، وهـذا قــد يدعو إلى الإيثار والتفضيل ، شعـر الإنسـان أو لــم يشعــر .
نسأل الله لك التوفيق والسداد والعون على حفظ كتابه والعمل بما فيه .
والله أعلم .
‘‘‘
المصدر : موقع الإسلام سؤال وجواب.
المفضلات