فقد نهي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نتخذ شهراً معيناً عيداً، أو يوماً معيناً عيداً طالما أن الشرع لم يعين ذلك
وكان ابن عباس – رضي الله عنهما – ينهى عن صيام رجب كله لئلا يتخذ عيداً . (مصنف عبد الرازق)
فاتخاذ رجب عيداً هو أن نحتفل به بصيام أو بقيام مخصوص أو ذبح ونفعل هذا في نفس الوقت من كل عام، فهذا نوع من الاحتفال به واتخاذه عيداً، والأصل أنه لا يشرع أن يتخذ المسلمون عيداً إلا ما جاءت الشريعة باتخاذه عيداً، وهو يوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق، وهي أعياد العام (يوم الفطر، ويوم الأضحى) وكذلك يوم الجمعة (وهو عيد الأسبوع)
وماعدا ذلك فاتخاذه عيداً وموسما بدعة لا أصل له في الشريعة .
وقال شيخ الإسلام – ابن تميمة – رحمه الله-:
في صلاة ليلة السابع والعشرين من رجب وأمثالها، فهذا غير مشروع باتفاق أئمة الإسلام، كما نص على ذلك العلماء المعتبرون ولا ينشيء مثل هذا إلا جاهل مبتدع .
قبل أن نطوي هذه الصفحة ونغلق هذا الموضوع أحب أن أُنبِّه
أن الإسراء والمعراج لم تكن في شهر رجب كما يتوهم البعض ، ويعتقدون أنها كانت في شهر رجب ويجعلون لها مراسم واحتفالات وعبادات ما أنزل الله بها من سلطان .
إن الإسراء لم يكن في شهر رجب
قال - رحمه الله-: ذكر بعض القصاص أن الإسراء والمعراج كان في رجب، وذلك عند أهل التعديل والتجريح عين الكذب .
إن الإسراء بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان في سابع وعشرين من رجب .
وأنكر ذلك إبراهيم الحربي وغيره من أهل العلم .
أن الخلاف في تحديد وقته يزيد على عشرة أقوال منها :
أنه وقع في رمضان ، أو في شوال ، أو في رجب ، أو في ربيع الأول ، أو في ربيع الآخر .
وقال الحافظ ابن حجر أيضاً في رسالته " تبين العجب فيما ورد في فضل رجب صـ 6" :
أن أبى دحية ذكر بعض القصص : إن الإسراء كان في رجب ، وذلك كذب .
إن ليلة الإسراء لم يقم دليل معلوم على تحديد شهرها أو عشرها – أي العشر التي وقعت فيها – أوعينها – يعنى نفس الليلة ، بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة ليس فيها ما يقطع به .
وخلاصة أقوال المحققين من أهل العلم أن ليلة الإسراء والمعراج عظيمة القدر ولكنها مجهولة العين .
فالاعتقاد أن ليلة السابع والعشرين هي ليلة الإسراء والمعراج باطل من وجهين:
الأول: عدم ثبوت وقوع الإسراء والمعراج في تلك الليلة المزعومة، بل الخلاف بين المؤرخين كبير في السنة والشهر الذي وقع منه فكيف بذات الليلة .
الثاني: أنه لو ثبت أن وقوع الإسراء والمعراج كان في تلك الليلة بعينها، لما جاز إحداث أعمال لم يشرعها الله ولا رسوله، ولاشك أن الاحتفال بها عبادة، والعبادة لا تثبت إلا بنص، ولا نص حينئذ فالاحتفال بها من المحدثات في الدين، فكيف إذا انضم إلى ذلك أوراد وأذكار مبتدعة ؟ وفي بعضها شركيات وتوسل واستغاثة بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مما لا يجوز صرفه إلا لله تعالى .
ولتبسيط هذه المسألة يجب أن تعرف:
1-أن بعض العبادات تتعلق بوقت معلوم لا تتعداه ولا نتخطاه كالصلاة المكتوبة: { إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً }(النساء:103)، والحج: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} (البقرة:197)
والصيام: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}(البقرة:185)
2- وهناك بعض العبادات أخفى الله وقتها عنا وأمرنا بالتماسها؛ ليتنافس المتنافسون ويجتهد المجتهدون، كليلة القدر في ليالي الوتر في العشر الأواخر من رمضان، وكذلك ساعة الإجابة في يوم الجمعة.
3- وهناك أوقات جليلة القدر عند الله، وليس لها عبادة مشروعة ولا صلاة ولا صيام ولا غير ذلك، ولذلك أخفى الله علمها عن عباده، ولم يأمرنا بالتماسها كليلة الإسراء.
والصيام: { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } (البقرة:185)
وعلى هذا فالاحتفال بليلة الإسراء والمعراج في ليلة السابع والعشرين من رجب بدعة ، وتخصيص بعض الناس لها بالذكر والصدقة والصيام والصلاة والذبح لا أصل لها .
وتتمة للفائدة نُورِد الأحاديث الضعيفة والموضوعة المتعلقة برجب:
1
وبعد هذه الجولة حول شهر رجب وما فيه من العجب يتبين لنا :
أنه ليس هناك عبادات مخصوصة في رجب ، لكن لا نقلل من شأن رجب فهو من الأشهر الحُرم .
والتي قال عنها ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ:
" اختص الله أربعة أشهر جعله حرماً، وعظم حرماتهن، وجعل الذنب منهم أعظم والعمل الصالح والأجر أعظم " .
وهذا يدعونا للاجتهاد في هذا الشهر لكن نجتهد بالمشروع .
وتزيد من الطاعات دون الاجتهاد فيما لا يأذن فيه الشرع ,, والله أعلم .




رد مع اقتباس

المفضلات