في العقد الثاني من القرن العشرين اندلعت حرب لم يشهد تاريخ البشرية من قبل
مثيلاً لها، لا من حيث مساحة رقعة عملياتها،ولا من حيث نوعية الأسلجة المستعملة فيها،
ولا من حيث عدد القتلى والجرحى الذين سقطوا فيها، لذلك أطلق عليها بحق اسم الحرب الكبرى،
أو الحرب العالمية الأولى (1914- 918 م)
التنافس الاستعماري: عُرف القرن التاسع عشر بقرن الاستعمار. فقد سعت الدول الصناعية الكبرى
خلاله إلى مزيد من المستعمرات للحصول على المواد الأولية، والأيدي العاملة، والأسواق
الاستهلاكية لمنتجاتها. فنشأ بينها سباق محموم إلى التسلح.
الصراع الفرنسي-الالماني: بدأ هذا الصراع عندما احتلت ألمانيا مقاطعتي الآلزاس واللورين
(مقاطعتان فرنسيتان تقعان على الحدود مع المانيا) سنة 1870. وفي بداية
القرن العشرين أرادت فرنسا ضم المغرب على مستعمراتها في أفريقيا الوسطى.
وكادت الحرب تنشب بين الدولتين عام 1911 م (الأزمة المغربية الثانية) لو لا تدخل
برطانيا والولايات المتحدة، ومنح ألمانيا قسمًا من الكونغو (دولة في وسط أفريقا)،
مقابل حصول فرنسا على المغرب.
في أواخر القرن التاسع عشر تحررت معظم أراضي البلقان
(مجموعة بلدان في جنوب شرقي أوروبا وهي: يوغسلافيا سابقًا- اليونان- بلغاريا- ألبانيا- رومانيا وتركيا الأوروبية)،
من السيطرة العثمانية. غير أن الدول المستقلة التي قامت فيها على أساس قومي
، لم تستطع منح الأمبراطوريات الكبرى المحيطة بها من التدخل في شؤونها.
وعندما قامتالنمسا بضم منطقة البوسنة- الهرسك إلى أراضيها (1908م)،
برغم اعتراض الصرب، انقسمت أوروبا إلى معسكرين : التحالف الثلاثي
(النمسا- ألمانيا- إيطاليا) والوفاق الودّي (فرنسا- برطانيا- روسيا).
في 28 يونيو 1914م اغتال طالب صربي وليّ العهد النمسا
فرنسوا فردناند وزوجته في سراييفو عاصمة البوسنة، فاندلعت الحرب
اقتصرت العمليات العسكرية خلالها علىالجبهة الأوروبية.
فبعدما اجتاح الألمان بلجيكيا وشمال فرنسا، تمكن الانكليز والفرنسيون
من إيقاف زحفهم في معركة المارن
(رافد من روافد نهر السين الذي يمر في وسط مدينة باريس) (1915م)
تميزت في الثبات في المواقع (حرب الخنادق)، وكان من أبرز الأحداث
فيها دخولتركيا وبلغاريا الحرب إلى جانب ألمانيا والنمسا، وانتصار الإنكليز
والفرنسيين على الألمان في معركة فردان(1916م)، والمحاولة الفاشلة التي
قام بها الأتراك لحرير قناة السويس، ومصر من قبضة الاإنكليز. وقد برزت في
هذه المرحلة أيضًا ثورة الشريف حسين في الحجاز بدعم من الإنجليز.
شهدت هذه المرحلة انسحابًا روسيًا من الحرب بعد قيام الثورة
الشيوعية فيها (1917م)ودخول الولايات المتحدة في القتال إلى جانب
الحلفاء، مما أدى إلى هزيمة ألمانيا في معركة
المارن الثانية (1918م) وانتهاء الحرب.
أسفرت الحرب العالمية الثانية عن وقوع ملايين القتلى والجرحى، عدى الدمار الهائل
الذي حل بالأراضي الزراعية والتجمعات السكنية. فشُلّت الحركة الاقتصادية في العالم
كله وعلى الصعيد السياسي أدت هذه الحرب إلى تغييرجذري في خريطة أوروبا السياسية.
إذ قامت فيها دول جديدة على حساب أمبراطوريات ألمانيا والنمسا وروسيا الشيوعية.
أما الوطن العرب فتخلص من السيطرة التركية ليقع في قبضة الاستعمار،
أو الانتداب. وقد أمِلَت الشعوب المستضعفة خيرًا بإعلان مبادئ الرئيس الأمريكي ولسون
وبتأسيس عصبة الأمم. غير أن مؤتمر الصلح الذي عُقد
في باريس (1919م) أعطى الطول المنتصرة،
مكاسب استعمارية جديدة
تصميم الفواصل: rain bird
المفضلات