لنا العبرة في الحكاية التي حدثت مع أبي جعفر المنصور حينما بويع للخلافة، وذهب الناس يهنئونه بإمارة المؤمنين، ودخل عليه سيدنا مقاتل بن سليمان وكان أحد الواعظين.
هنا قال أبو جعفر لنفسه: جاء ليعكر علينا صفو يومنا، سأبدأه قبل أن يبدأني وقال له: عظنا يا مقاتل. قال مقاتل: أعظك بما رأيت أم بما سمعت؟ ذلك أن السمع أكثر من الرؤية، فالرؤية محدودة ومقصورة على ما تدركه العين، لكن السمع متعدد؛ لأن الإنسان قد يسمع أيضاً تجارب غيره من البشر.
قال أبو جعفر: تكلم بما رأيت. قال: يا أمير المؤمنين، مات عمر بن عبدالعزيز وقد ترك أحد عشر ولداً. وخلف ثمانية عشر ديناراً كُفن منها بخمسة، واشتروا له قبراً بأربعة، ثم وزع الباقي على ورثته. ومات هشام بن عبدالملك، فكان نصيب إحدى زوجاته الأربع ثمانين ألف دينار، غير الضياع والقصور. كان نصيب الزوجات الأربع هو ثلاثمائة وعشرون ألف دينار، وهذا هو ثُمن التركة فقط. والله يا أمير المؤمنين لقد رأيت بعيني هاتين في يوم واحد ولداً من أولاد عمر بن عبدالعزيز يحمل على مائة فرس في سبيل الله، وولدا من أولاد هشام بن عبدالملك يسأل الناس في الطريق. [انظر: تفسير الشعراوي 762].
المفضلات