● كان الجنرال غراسياني عند قومه معظماً ومقدماً وقد قام بأعمال عسكرية في فزان شنيعة للغاية واستطاع أن يقضي على حركة الجهاد في فزان بدخوله غات في 25 فبراير 1930م وكان نصرانياً حقوداً على الإسلام والمسلمين لم يرقب في مؤمن إلاً ولا ذمة.هذا هو جزار ليبيا غرسياني الذي جاء محملاً لتنفيذ الأوامر السالفة الذكر من أسياده في روما الكاثوليكية الفاشستية الميكيافلية ومعلناً إنه سوف : يتبع بكل إخلاص تعاليم الدولة الفاشستية ويسير على مبادئها، لأنه وإن كان قائد من قـادة الجيش وأحد الرجال العسكريين إلا أنه يدين بمبادئ فاشستية محضة ويعلن هذه الحقيقة بكل وضوح وصراحة تامة.
● جاء غراسياني من ايطاليا ولديه تعليمات فيها تصميم الحكومة الفاشستية القضاء المبرم على الحركة الوطنية (الثورة) مهما كلف ذلك وبكل الطرق والوسائل لأنها القضية البرقاوية، والتعليمات هي:
1- تصفية حقيقية لكل العلاقات بين الخاضعين وغير الخاضعين من الثوار سواء في قاعدة العلاقات الشخصية أو الأعمال والحركات التجارية.
2- إعطاء الخاضعين أمناً وحماية ولكن مراقبة لكل نشاطاتهم.
3- عزل الخاضعين عن أي تأثير سنوسي ومنع أي كائن منعاً باتاً من قبض أي مبالغ من الأعشار والزكاة.
4- مراقبة مستمرة ودقيقة في الأسواق وقفل الحدود المصرية بكل صرامة بحيث تمنع أي محاولة تموين لقوافل العدو (أي المجاهدين).
5- تنقية الأوساط المحلية التي توجد بها عناصر تدعي الوطنية ابتداءً بالمدن الكبيرة وخاصة بنغازي.
6- تعيين عناصر غير نظامية من الطرابلسيين لكي يكونوا قوة مضادة للمجاهدين وتعني بتطهير الأقليم من كل تمرد أو ثورة.
7- حركة دقيقة وخفية لكل قواتنا (الطليان) المسلحة في المنطقة لخلق جو مذبذب ضد كل (الأدوار)، والمعسكرات، والضغط عليها حتى تتكبد الخسائر وتشعر بأن قواتنا موجودة دائماً وفي كل مكان مستعدة للهجوم.
8- الاتجاه السريع للاحتلال الكامل لكل أراضي مستعمرة الكفرة.
● كان الجنرال غراسياني معروفاً بالعجرفة والطيش وبالجبروت الوهمي، وكان يستفتح خطاباته الطائشة بقوله (صموا أفواهكم وافتحوا آذانكم) ليلقي الرعب في نفوس المستضعفين الذين استسلموا وخضعوا لإيطاليا وكان قد ألقى كلمة تهديدية في جموع حشدتها السلطات في موقع البريقة إستهلها بقوله (ما أنتم إلا مثل سيجارة موقودة من الجانبين تلتهمها النار من هنا ومن هناك حتى تصبح رماداً وهاهو ذا أنا أولع السيجارة من جانبي ويوقدها عمر المختار من جانبه حتى يؤتى عليكم).
● قام غرسياني وحكومته بحشد المجهودات الضخمة للقضاء على عمر المختار بالصورة التي كلفت الخزانة الإيطالية في سنة واحدة مالا يقل عن النفقات التي تتكبدها دولة عظيمة لمجابهة دولة تماثلها في عدة سنوات.
● لم يمض على وصول غراسياني سوى ايام قلائل حتى أنشأ ماعرف في تاريخ الاستعمار الايطالي الاسود باسم المحكمة الطائرة (ابريل 1930م) ، كانت تلك المحكمة تقطع البلاد على متون الطيارات وتحكم على الأهالي بالموت ومصادرة الأملاك لأقل شبهة وتمنحها للمرتزقة الفاشست وكانت تلك المحاكم تنعقد بصورة سريعة وتصدر احكامها وتنفذ في دقائق وبحضور المحكمة نفسها لتتأكد من التنفيذ قبل أن تغادر الموقع الذي انعقدت فيه لتنعقد في نفس اليوم بموقع آخر، وفتحت أبواب السجون في كل مدينة وقرية ببرقة وانتزعت الأموال من المسلمين بدون مبرر، ونصبت أعواد المشانق في كل أنحاء ليبيا.
● بدأ غراسياني ينفذ سياسة عزل الاهالي الخاضعين عن المجاهدين ، وشرع في جمع الاخوان السنوسيين من شيوخ الزوايا وأئمة المساجد ومعلمي القرآن بها مع ذويهم جميعاً، وكل من تربطه بأحد هؤلاء أية صلة، وكذلك بمشايخ وأعيان القبائل، وبكل من يربطه أي نوع من أنواع الصلات بأحد المجاهدين او المهاجرين، جيء بهذه المجموعات يساقون الى مراكز التعذيب ثم الى السجون ولم يشفع في أحدهم سن الشيخوخة الطاعنة، او الطفولة البريئة أو المرض المقعد، او الضرر الملازم.
● انشئت معتقلات جديدة وخصص غراسياني مواقع من الصحراء لتكون مواقع الاعتقال والنفي والتشريد والتعذيب لسكان منطقتي الجبل الاخضر والبطنان بصورة جماعية، وبغير سكان هذين المنطقتين ممن تحوم حولهم أية شبهة، او تلفق ضدهم اقل فرية، وأمر بنقل قبائل هاتين المنطقتين المذكورتين الى هذه المعتقلات الخاصة بهم ثمانين ألفاً، وماهي في الحقيقة إلا مقابر يدفن فيها الاحياء وأداً.
● خصص معتقلات لكل من قبائل البراعصة والدرسا والعرفا والعبيد وأتباعهم وشطر كبير من عائلات الاخوان السنوسييين الذين سبق أن أبعد غرسياني رجالاتهم الى ايطاليا أو فرقهم بين السجون المختلفة، جيء بهذه القبائل التي بلغ تعدادها الثمانين ألف نسمة يساقون زمراً الى المعتقلات المذكورة، فمنهم من جاءها عن طريق البحر حيث حشروا بالمراكب حشراً ومنهم من جاءها عن طريق البر بعد أن أتت إيطاليا على جميع المنقولات حرقاً بالنار، أحرقت الزراعة ومحصولاتها، وأهلكت الحيوانات فيما عدا ما استعملته للنقل، وأحيط القسم المساق عن طريق البر بجنود من الصوماليين والاريتريين ليتعقبوا كل من يتخلف عن المساقين الى حتفهم، ويرمى المتخلف بالرصاص ، وكان الرامي غير مسؤول عن عمله هذا، وأصبحت جميع مناطق الجبل والبطنان هلاكاً تلعب فيه الرياح.
● اراد غراسياني الانتقام من القبائل التي اثبتت الايام انها نعم العون للمجاهدين بعد الله، فجمع النواجع المنتشرة في منطقة الجبل الاخضر في أماكن احاطها بالاسلاك وحدث في تلك المعتقلات الجماعية مالم يصدقه بشر ولا خطر على بال انسان يعقل، لقد اشتدت المحنة واعتدى الايطاليون على الأبدان والاموال والأعراض في تلك المعتقلات.
:
● كانت معسكرات المجاهدين قريبة من نواجع الاهالي حتى يسهل على المختار وصحبه أخذ العشور والحصول على الذخائر والأسلحة والمؤن ولكن بعد حشر القبائل في المعتقلات الجماعية تغيرت خطة عمر المختار وطور اساليبه القتالية لما يتماشى مع المرحلة واعتمد على عنصر المباغتة وركن الى مفاجأة القوات الايطالية بعد كشفها والاستطلاع عليها في اماكن متفرقة.
● في أحد الايام وعقب انتقام الايطاليين من احد المنتجعات التي كانت تقدم مساعدات للمجاهدين تقدم بعض زعماء القبائل باحتجاج الى عمر المختار وطلبوا منه اما ان يسلم الى الايطاليين او أن يرحل عن مواطنهم أو انهم سوف يحاربونه لكي يتجنبوا انتقام الايطاليين، وعلى اثر تسلم هذا الانذار دعا عمر المختار الى عقد اجتماع في منطقة قصر المجاهير وقد ساد هذا اللقاء حالة من التوتر وشدة في النقاش في محاولة لتجنب حرب اهلية بين المجاهدين والليبيين الواقعين في المناطق الخاضعة للاحتلال ، فرأى بعض المجاهدين تجنباً لهذا الوضع الحرج أن يهاجروا الى مصر لكي لا يتعرض الأهالي الى الانتقام وبعد حوار طويل، اظهر المختار مصحفه واقسم عليه بأنه لن يتوقف عن مجاهدة الايطاليين، وانه لن يترك الجبل الاخضر حتى يتحقق النصر او الشهادة، وفي نفس الوقت أعلن للمجاهدين انه من يريد الهجرة الى مصر فله مطلق الحرية في السفر او التسليم للايطاليين وعندما رأى المجاهدون موقف قائدهم عدلوا عن رأيهم واطاعوه وانفض الاجتماع على وحدة صف المجاهدين.
● استمر غرسياني في تدابيره العسكرية، فلم يأت يوم 14 يونيو حتى كان الطليان قد استولوا على منطقة الفايدية، بأجمعها واحتلوها ونزعوا من الاهالي الخاضعين لهم 3175 بندقية ، 60.000 خرطوش.
● نقل عمر المختار دائرة عملياته الى الناحية الشرقية في الدفنا نظراً لقربها من الحدود المصرية وذلك حتى يتمكن من إرسال المواشي التي يأتيه بها الأهالي الى الاسواق المصرية في نظير أخذ حاجته من هذه الاسواق ، مما جعل غراسياني يقرر إقامة الاسلاك الشائكة على طول الحدود الشرقية مايزيد على 300كم من البحر المتوسط وقد كلف الدولة الايطالية عشرين مليوناً فرنكاً ايطالياً.
● استمرت المعارك بين الايطاليين والمجاهدين ومن اشهر تلك المعارك (كرسة) التي وقعت في يوم 20 ديسمبر وقد استشهد في هذه المعركة الساعد الأيمن لعمر المختار الشيخ الجليل والمجاهد الفذ الفضيل بوعمر الذي شارك في مسيرة الجهاد منذ دخول الغزو الايطالي في 1911م وشهد له بالشجاعة والاخلاص في جهاده وقد ذكر عمر المختار تفاصيل هذه المعركة في رسالة له جاء فيها: "هاجم العدو المعسكر، وكان رئيسه السيد فضيل بوعمر وقد استشهد في هذه المعركة الى جانب الفضيل اربعون شهيداً وقد وجدنا في ميدان القتال مايزيد عن 500 من العدو وبينهم ماجور وثلاثة ضباط، وشدد الطليان عملياتهم العسكرية في منطقة الجبل الاخضر بعد هذه الواقعة، واستمرت جموعهم تناوش المجاهدين مدة اسبوعين، ولكن دون الوصول الى نتيجة".
● في اكتوبر 1930م تمكن الطليان من الاشتباك مع المجاهدين في معركة كبيرة عثر الطليان عقب انتهائها على (نظارات) السيد المختار، كما عثروا على جواده المعروف مجندلا في ميدان المعركة؛ فثبت لهم أن المختار مازال على قيد الحياة، وأصدر غراسياني منشوراً ضمنه هذا الحادث حاول فيه أن يقضي على (أسطورة المختار الذي لايقهر أبداً) وقال متوعداً : (لقد أخذنا اليوم نظارات المختار وغداً نأتي برأسه).
● مع شدة قبضة الاستعمار الايطالي على المدن إلا أن ذلك لم يمنع الاهالي من القيام بواجبهم المقدس ، واستطاعت المخابرات الايطالية ان تقبض على عدد من الليبيين الذين يزودون حركة الجهاد بالمؤن والمعلومات وتم اعدامهم .
● في شهر سبتمبر 1930م اكتشفت قوة الامن بمنطقة البركة ببنغازي أن المواطن محمد الحداد أحد اعيان بنغازي ومن تجارها يتعاون مع الثوار وعن طريقه تتم حركة الامدادات من المؤن والأسلحة وكان يستضيف في بيته الثوار ويمدهم بما يلزمهم وفي الوقت والحين حضرت المحكمة الخاصة وحكمت على الأب والابن بالاعدام شنقاً أمام الجماهير التي ارادت السلطات الايطالية إحضارهم خصيصاً لمشاهدة تنفيذ الحكم.
● تجمعت القوات الايطالية يوم 29 شعبان سنة 1349هـ بموقع الهواري، وهناك اشتبكت قواتهم مع المجاهدين في اولى المعارك وكانت معركة غير متكافئة، وقد اشترك قسم من الطائرات الايطالية مكون من عشرين طائرة، واستمرت المعركة ثلاثة ساعات قتل اثناؤها العدد الكثير من الايطاليين ومن المدافعين الذين ماكانوا يفكرون في صد العدوان طويلاً ولكنهم يحاولون إيقافه بعض الوقت ريثما يتمكن من يستطيع الفرار ليأخذ طريقه الى السودان أو مصر، لقد قاتل المجاهدون جميعاً بشجاعة وبسالة نادرة ، فلم يكفوا عن القتال، واستشهد العشرات ووقع في أسر الطليان ثلاثة عشر فقط، وغنم الطليان مائة بندقية، واحتلوا الكفرة، وهتكوا الاعراضن وفعلوا مالم يفعله انسان.
● لما احتلوا واحة الكفرة في 13 يناير من سنة 1931م استباحوا قراها ثلاث أيام فقتلوا ماصادفوه من الأهالي وكان من جملة القتلى بعض الشيوخ الأجلاء . ثم اغتصبوا النساء في أعراضهن وقتلوا منهن كثيراً ممن دافعن الى الآخر عن اعراضهن ، وأراقوا الخمور فيها، وداسوا المصاحف الشريفة بالأقدام هذا منظماً الى ما كان بلغهم من قبل من اجلاء 80 ألفاً من عرب الجبل الاخضر عن أوطانهم واماتتهم بالجوع والعطش، وأخذ اطفالهم قهراً الى ايطاليا لأجل تنصيرهم إلى ماكان بلغهم من فظائع كثيرة مثل حمل الشيخ سعد شيخ قبيلة (الفوائد) وخمسة عشر شيخاً من رفاقه بالطائرات وقذفهم بهم من الجو على مشهد من أهلهم حتى إذا وصل احدهم الى الارض وتقطع ارباً صفق الطليان طرباً.● سمح المحتلون لجنودهم أن يعبثوا بالسكان لمدة ثلاثة أيام مطلقي الأيادي في البيوت والأسواق والمساجد وفي كل النواحي تصرفات وحشية لم تخطر على بال احد نهبوا وقتلوا واحرقوا كل مامروا به ولم يتركوا أي جريمة تخطر ببالهم إلا وارتكبوها، قتلوا العلماء والمشائخ، هتكوا حرمات البيوت وبقروا بطون النساء وبلغ عدد العائلات التي قضي عليها عند احتلال الكفرة يزيد عن 70 عائلة من علية القوم.
● 80.000 عربي نقلتهم القوات الغاشمة من أراضيهم الخصبة في الجبل الأخضر الى مناطق جدبة صحرواية لا ماء فيها ولا كلأ، هي منطقة (سِرت) كي تموت المواشي جوعاً، وعطشاً .
● بقية الأراضي استولى عليها الجنود الايطاليون وأصبح أهلها فقراء تدفع لهم الحكومة الايطالية فرنكين عن كل يوم لكل شخص مهما كان عدد عائلته.
● بالنسبة لحلي النساء وملابسهن فقد نهبها الجنود الايطاليون، وأصبحت العائلات في هوة الفقر سواسية، وفي اثناء مرافقة هذا العدد الضخم من رجال ونساء وأطفال، كان الجنود يسومونهم سوء العذاب وكل من يعجز عن المسير مصيره الموت فيقتلونه ويتركونه يتخبط في دمه.
● الرجال والشبان الذين تترواح اعمارهم من 15 الى 40 سنة اجبروا على الانخراط في قوات الجيش. واما الصغار الذين تترواح اعمارهم من 14 سنة فقد اخذوا بالقوة من أهليهم وارسلوا إلى ايطاليا بحجة تعليمهم، ولكن في الحقيقة كان ذلك من أجل تنصيرهم.
● اعتدوا على الحريات اغتصبوا النساء وهتكوا الاعراض.
● زجّ الايطاليون في السجون الكثير من الأهالي ومشايخ القبائل وقد عارضهم وندد بأعمالهم الشيخ سعد الفايدي شيخ قبيلة الفوايد فما كان منهم إلا أن قتلوه ومعه 15 من ابناء قبيلته البعض منهم ألقي من الطائرة من علو 400 متر وكلما كانت الطائرة تلقي بواحد منهم هناك كان الهتاف يعلو وصياح الجنود يزداد.
● الصحفي الدانماركي الشهير (كنود هولمبوي) الذي اعتنق الاسلام وقام بجولة سياحية أثناء هذه الفترة في ليبيا، قد شاهد بنفسه وعينيه كل التعذيب والاضطهاد الذي يقوم به الجنود الايطاليون الفاشيست يقول: "شاهدت 20 عربياً مسلسلين .. شنقهم الجنود بأمر من ضابطهم دون محاكمة ولم تكن هناك محكمة..هذا المنظر البشع أثر في نفسي ولم يكن في اعتقاده ان دول مثل ايطاليا الفاشستية وهي احدى دول البحر الابيض المتوسط تقوم بمثل هذه القسوة وهذه الوحشية إنها جرائم سيسجلها التاريخ في صفحة سوداء ، وستبقى وصمة عار في جبين إيطاليا على مدى الدهر والأزمان".
● وزعت إيطاليا المبشرين في طول البلاد وعرضها وبنت العديد من المعابد والكنائس في كل المدن والقرى لتقضي على الدين الاسلامي .
● صادرت أملاك المواطنين وأوقاف المسلمين والزوايا السنوسية وأوقافها. وبهذه الطريقة الجهنمية عملت ايطاليا الفاشستية على تملك الايطاليين كل الممتلكات الليبية وبالتدريج وابعاد الليبيين من كل المجالات حتى تصبح ليبيا خالية من كل العناصر ولا يبقى بها إلا الايطالي المسيحي الكاثوليكي.
● استحوذت على الملايين من هكتارات الاراضي الزراعية وغيرها بطرد أهلها الحقيقين ونقلهم الى المناطق الهلاك هم ومواشيهم على السواء امام أعين العالم المتمدن.
● اضطر المئات من بني الإنسان ما بين رجال ونساء وأطفال وشيوخ تحت ضغط الجور إلى أن يتركوا أوطانهم تخلصاً من الظلم، وأن يهيموا على وجوههم في القفار، ولولا مروءة مأجور الواحات المصري الذي خرج هو ورجاله للبحث عنهم حتى لقيهم وأنقذهم لهلكوا عطشاً وجوعاً أولئك هم فريق من إخواننا الطرابلسيين الذين خرجوا من قسوة الحكم الإيطالي الذي لايطاق.
● لم تكد أعيننا تكفكف الدموع على هذا المشهد الذي شهدته على اليابسة حتى حملت إلينا أمواج البحر في السلوم مشهداً آخر أفظع من هذا وأشنع، فرمى البحر إلى هذا الساحل المصري أربع عشرة جثة من جثث هؤلاء الطرابلسيين مغلولة في سلسلة واحدة.
● زاوية الكفرة المنقطع أهلها للعبادة ، أمطرتها طائرات الإيطاليين بالقنابل وفتكت بأهلها فتكاً ذريعاً، وبعد ذلك هاجمها الجيش، وكاد يأتي على البقية من أهلها ولم يتعفف عن هتك الأعراض وسلب الأموال وبقر بطون الحوامل.
● لما ذهب كبار شيوخ زاوية الكفرة إلى القائد الكبير يرجونه وضع حد لهذه المذابح أمر بذبحهم فذبحوا أمامه كما تذبح الشياه.
● حدث مراراً أن الحكومة تعلن عن العفو والأمان، فإذا وقع العفو عنهم وغدو في قبضتهم غدرت بهم، وكان المئات ممن ذهبوا ضحية هذا الغدر .
● عبث الجنود الإيطاليين بالمكتبة السنوسية، التي كانت ثروة علمية ضخمة فأخذت أيدي الجنود تبددها ذات اليمين وذات الشمال وتقد بها النيران للطعام.
● اتمام وضعية مد الأسلاك الشائكة التي ستفصل بين برقة ومصر فصلاً نهائياً، فأخذ في سرعة تتميمها مجنداً لذلك كل مالديه من إمكانيات.











رد مع اقتباس


المفضلات