المهدي يخرج في زمان ساد فيه الجور والظلم، فيقيم هو بأمر الله العدل والحق، ويمنع الظلم والجور، وينشر الله به لواء الخير على الأمة، حيث يسقيه الله الغيث فتمطر السماء كثيرا لا تدخر شيئا من قطرها، وتؤتي الأرض أكلها لا تدخر عن الناس شيئا من نباتها، وتكثر المواشي بسبب الخيرات، ويفيض المال فيقسمه بين الناس بالسوية.
- أما مكان خروج المهدي ، وزمانه ومدة مكثه في الأرض ليست هناك روايات صحيحة صريحة تدل على مكان خروجه، أو الزمن الذي يخرج فيه، ولكن استأنس أهل العلم في بيان ذلك من مفهوم بعض الروايات وإن لم تكن قطعية ...
فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقتتل عند كنزكم ثلاثة، كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم )) ، ثم ذكر شيئا لا أحفظه، فقال: ((فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي)) رواه مسلم .
قال ابن كثير رحمه الله : "والمراد بالكنز المذكور في هذا السياق كنز الكعبة، يقتتل عنده ليأخذه ثلاثة من أولاد الخلفاء، حتى يكون آخر الزمان فيخرج المهدي، ويكون ظهوره من بلاد المشرق لا من سرداب سامرا، كما يزعمه جهلة الرافضة من أنه موجود فيه الآن وهم ينتظرون خروجه في آخر الزمان، فإن هذا نوع من الهذيان، وقسط كبير من الخذلان، شديد من الشيطان؛ إذ لا دليل على ذلك، ولا برهان لا من كتاب ولا سنة ولا معقول صحيح ولا استحسان" إلى أن قال: "ويؤيده بناس من أهل المشرق ينصرونه ويقيمون سلطانه ويشدون أركانه، وتكون راياتهم سودا أيضا، وهو زي عليه الوقار؛ لأن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سوداء يقال له العقاب" إلى أن قال:"والمقصود: أن المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان يكون أصل خروجه وظهوره من ناحية المشرق، ويبايع له عند البيت كما دل على ذلك نص الأحاديث" أهـ .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة فينزل عيسى فيقول أميرهم: تعال صلّ لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة)) رواه مسلم.
وهناك رواية أوردها ابن القيم رحمه الله في "المنار المنيف" حدد فيها اسم الأمير الذي يصلي إماما وأنه المهدي بلفظ: «فيقول أميرهم المهدي: تعال صلّ بنا» . . . إلى آخر الحديث. ثم قال ابن القيم رحمه الله بعد أن أورد الحديث: وهذا إسناد جيد .
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم، فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان كارها؟ قال: يخسف به معهم، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته)) رواه مسلم .
وعن حفصة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((سيعوذ بهذا البيت -يعني الكعبة- قوم ليست لهم منعة ولا عدد ولا عدة، يبعث إليهم جيش، حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم)) رواه مسلم .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "عبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه، فقلنا: يا رسول الله، صنعت شيئا في منامك لم تكن تفعله؟ فقال: ((العجب أن ناسا من أمتي يؤمون بالبيت برجل من قريش، قد لجأ بالبيت، حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم)) ، فقلنا: يا رسول الله ، إن الطريق قد تجمع الناس، فقال: ((نعم، فيهم المستبصر والمجبور وابن السبيل يهلكون مهلكا واحدا، ويصدرون مصادر شتى يبعثهم الله عز وجل على نياتهم)) رواه مسلم .
ففي هذه الروايات الثلاث عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن جميعا ، إشارة صريحة للعائذ بالبيت وأنه من قريش، وأنه يؤيد بنصر الله، فيهلك الله أعداءه بالخسف.
وقد ورد أيضا في الأحاديث الصحيحة ؛ ذكر خليفة يكثر الخير في زمانه حتى إنه يحثو المال حثوا ولا يعده عددا ويعطيه للناس بدون عدد ، ولكن الروايات هنا أيضا لم تحدد اسم هذا الخليفة.
فعن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده)) .
وفي رواية: ((يكون في آخر أمتي خليفة يحثو المال حثوا)) رواه مسلم.
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج من بني هاشم فيأتي مكة فيستخرجه الناس من بيته بين الركن والمقام، فيجهز إليه رجل من قريش، أخواله من كلب، فيجهز إليه جيش فيهزمهم الله، فتكون الدائرة عليهم، فذلك يوم كلب، الخائب من خاب من غنيمة كلب، فيستفتح الكنوز ويقسم الأموال، ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض، فيعيشون بذلك سبع سنين أو قال: تسعا)) رواه الطبراني .
وفي رواية أبي داود: . . . ((فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة، فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه بعث من الشام)) . . . .
● ومن مجمل الروايات السابقة يتبين لنا ؛ أن المهدي رجل صالح يخرج في آخر الزمان، ويأوي إلى مكة هاربا من المدينة، فيبايع بين الركن والمقام عند الكعبة المشرفة، فيبعث إليه جيش لقتله فيخسف بهم، وينصره الله ويؤيده فيحكم بالإسلام، وينشر العدل بين الناس، ويعم الرخاء والنعمة بزمانه، ويلتقي مع نبي الله عيسى عليه السلام فيؤم الأمة وعيسى عليه السلام يصلي خلفه، ويخرج معه ويساعده على قتل الدجال، ويعيش سبعا أو تسع سنين، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون.
من علامات ظهوره على ما ورد ’’ كسوف الشمس والقمر ونجم الذنب والظلمة وسماع الصوت برمضان وتحارب القبائل بذي القعدة وظهور الخسف والفتن‘‘ .
وروي عن كعب الأحبار : "يطلع نجم بالمشرق وله ذنب يضيء كما يضيء القمر ينعطف حتَّى يلتقي طرفاه أَوْ يكاد".
وإلى هنا تنتهي حلقتنا الثانية ، وإلى ان نلقاكم وحلقة أخرى الأسبوع القادم ، نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه





رد مع اقتباس


المفضلات