أوضحت دراسات مفادها أن هناك كائنات غريبة تتجول وتحيط حول الأشخاص ذوي التصرفات السيئة.
إنها أشبه بالذباب ولكنها أكبر منه بقليل بالإضافة لكونها لا تقف أو تلتصق بجسم الإنسان مهما كلف
الأمر وإنما تحوم حوله فقط وخصوصًا حول أذنيه وتصدر صوتًا خافتًا حادًا في غاية الإزعاج.
^ إنّ ما كُتب أعلاه محض خيال فقط، ولم تحدث أي دراسة أو ماشابه على هذا الأمر الأشبه بالمستحيل،
والمغزى من كتابة هذه الكلمات.. حسنًا، في الحقيقة لا أعلم لماذا. دعوها كمقدمة فقط
هل جرب أحدكم يومًا أن يقضي كامل يومه يتخيل أن الحياة وما يحدث فيها مجرد مسرحية؟
هل هناك من وضع نفسه بين السحاب، وأخذ يتأمل ويشاهد ما يحدث بالأسفل؟ الكثير من
السيارات تتحرك، أشجار كثيفة هنا، وذئب يهجم على أرنب هناك، تلك الفتاة الأسبانية تستعد للنوم،
وذلك الرجل يبكي وهو ساجد خشية من الله، وآخر يتباكى، بينما تلك الصغيرة تضربها أمها على ساقيها
النحيلتين بعصًا حديدية، وأسرة التفوا حول نار دافئة في شتاء أحد الأعوام الساكنة، ضجيج وضجيج وضجيج،
ضحك، بكاء، صراخ، ومن ثم هدوء ... ، وكوخ في غرب غابة الأمازون يسكنه رجل في الستين من عمرهـ ،
يصرخ ويغني بأعلى صوته: أخصمك آه أسيبك لآ ......!
إن الأغلبية يكره الضجيج في بعض الأحيان ويفضل السكون والهدوء، بينما تجبره الحياة على سماع الصراخ في
كل ثانية وفي أي مكان يذهب إليه: عمله، الحي الذي يسكن فيه، الطريق العام، عند ذهابه إلى أقرب مركز تجاري،
في المطار، وفي الطائرة لا يسلم من بعض الأصوات المزعجة والهمسات المقشعرة، وحتى عند خروجه ليتأمل سكون
الليل في الساعة الثانية صباحًا، يسمع أحد الرجال يتحدث عبر هاتفه إلى أحد أصدقائه بأعلى صوته مقابل منزل الضحية
"محب الهدوء"، وبمجرد انتهاء المكالمة، يصدر أصواتًا أخرى كـ أصوات أشباح أو ما شابه لا تعلم من أين تأتي! وفي النهاية
تكتشف أنه كان يتثاءب، ويسحب قدمه اليسرى في الأرض ليُصدر حذاءه الجديد المميز صوتًا رهيبًا تتلذذ أذنه في سماعه
بينما يكون الضحية قد وضع سدادات لأذنيه مع قطعه يمينًا ألا يُعاود الخروج مرة أخرى في تلك الساعة خصوصًا.
ومع ذلك، فإننا لا نستطيع العيش إن كان الوضع هادئًا في كل لحظة؛ لأن هذا الأمر لا يدل
إلا على الموت، لا حياة، لا وجود لأرواح. بينما الضجيج والفوضى والصراخ والضحك وصوت كراسي تتحرك لوحدها في مطبخ مظلم،
هي التي تخبرنا بوجود الكثير من الأشخاص حولنا سواء كنا نراهم أم لا، وهذا الأمر يدفعنا للعيش رضينا أم أبينا؛ لأنه حتى وإن
لم يعجبنا الضجيج، فهو أحد أهم الأسباب التي تجعلنا وبدون وعي منا أحيانًا نشعر بالأنس والسعادة.
التناقض مبدأ في هذه الحياة، ياللتناقض!
وبالرغم من كل هذا، لا زلت أنتظر اليوم الذي أقول فيه: ياللهدوء !
قنـاع
المفضلات