السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
قيل :[أكبر منك بيوم أعلم منك بسنـة].
وهذا قولٌ لا خِلافَ فيه بين عامةِ الناس والظاهِرُ لي واللهُ أعلم أنّ هذا القول بهِ عِلـة
وإن كانَ المقصد صحيحًا إلا أن استغلال هذا القول بينّ العامة وفي أي موضع يعد خطئًا واضِحًا .
كأن يأتي ذلك الشخ الكهل ويُفتي بأمر ويُنظرُ له وما إن تكلم ذلك الشاب الورِع في نفس الأمر ولكن بوجهة مُغايرة طُلب منه أن يضع صمغًا من نوع "باتكس" بين شفتيه !
كُنتُ ذاتَ مرة أَجلسُ مع "س" أمام التلفاز نستمع لبرامج الإفتاء وكان الشيخ المُفتي رجلًا لم يطأ الشيب لحيته ، كانَ ثلاثيني -في آواخر الثلاثينات أو ببداية الأربعينات !
وأفتى بقولٍ له لا أذكره ، فسمعت "س"تقول : ليتهم بس ما يجيبون إلا ال شيخ والمطلق والشثري والفوزان الكبير وو .... !
قلتُ حينها ::"ليش" ؟
قالت لي : "توّه صغير" .
هل هذا يعني أن ننتظر هذا الثلاثيني حتى يصل إلى الخمسين لنستضيفه في برامج وإذاعات الإفتاء !
أليس العِلمُ عُمرٌ نُعمّره نحن !
عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- حِبر هذهِ الأمة وبحر علمها الزاخم ,فعبدالله أعلمها بكتاب الله وأفقهها بتأويله وأقدرها على النفوذ إلى أغواره وإدراك مراميه وأسراره*
لم يتجاوز الثالة عشرة عِندما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم !
أليس العلمُ هو العُمر الذي يُعمر؟ *
* المقصد هُنا أن الإنسان متى ما تعلم وتعلم كُلما عُمِّر ذِكره في هذهِ الحياة .
{وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً...}
روى أن هؤلاء القوم كان لهم كرم، فنفشت فيه غنم قوم آخرين أي: رعته بالليل، فأكلت شجره بالكلية، فتحاكموا إلى داود عليه السلام فحكم لأصحاب الكرم بقيمته، فلما خرجوا على سليمان قال: بما حكم لكم نبي الله؟
فقالوا: بكذا وكذا.
فقال: أما لو كنت أنا لما حكمت إلا بتسليم الغنم إلى أصحاب الكرم، فيستغلونها نتاجا ودراً حتى يصلح أصحاب الغنم كرم أولئك ويردوه إلى ما كان عليه، ثم يتسلموا غنمهم. فبلغ داود عليه السلام ذلك فحكم به.
العُمرُ ليسَ معيار أبدًا لتلقي الحكم والفتوّى والرأي فهذا داوود عليه السلام يأخذ بحكم ابنه .
,’
الطريف بالأمر أنني أصغرُ الطالبات في مرحلتي عُمرًا وما إن أتّى أمر وتناقشنا صفعني قولهم "أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة"
وكنتُ اسألهم عن المئة سنة التي يسبقنني فيها علمًا وخِبرة !
ولا أجد منهم إجابةً تشفي .
خِتامًا "وجهة نظر":
البشر بينهم سويعات تفصلهم عن بعضهم
فخالد يكبر مُحمد بثلاث ساعات بينما فيصل يصغر راشد بست ساعات !
وفي الجانب المُقابل هُناك سنين ودهور تفصل بين العالم والجاهل !
العُمرُ الذي يدون بشهادةِ الميلاد ليس معيارًا للعلم والثقافة وإنما معيارًا للتجربة التي قد تولّد خُبرة .
فكلما خضت في هذه الحياة كثيرًا كُلما منحت خِبرة .
والسلام عليكم .
عن أَبي أُمَامَة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أدْنَاكُمْ) ثُمَّ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأهْلَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِي النَّاسِ الخَيْرَ). رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
المفضلات