المظفر سيف الدين قـطــز [رَجُــلٌ بــِـــــأمَّـــــــة][6]

[ منتدى نور على نور ]


النتائج 1 إلى 13 من 13

العرض المتطور

  1. #1

    الصورة الرمزية aboalwleed

    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المـشـــاركــات
    2,967
    الــــدولــــــــة
    الفلاح
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: المظفر سيف الدين قـطــز [رَجُــلٌ بــِـــــأمَّـــــــة][6]




    مع إشراقة شمس يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة 658هـ كان اللقاء الحاسم بين المسلمين والتتار على عين جالوت بفلسطين بين نابلس وبيسان في الضفة الغربية لنهر الأردن، وكان في قلوب المسلمين وهم عظيم من التتر، وفي صباح يوم المعركة امتلأ الوادي بالجنود والناس الذين كانوا قد توافدوا متطوعين أو للقيام بالخدمات التي يحتاجها الجنود عادة، واتخذ جيش المغول موقعه صوب الجبل، على حين كان جيش المسلمين بقيادة سيف الدين قطز في الوادي، تجمّع الجيش المصري عند مدينة عكا حيث عقد السلطان سيف الدين قطز مؤتمراً حربياً حضره رؤساء الفرق العسكرية لعرض خطة قرار المعركة، ولم ينسَ السلطان قطز أن يلهب حماسة جنوده بخطبته وقد امتلأ الوادي، وكثر صياح أهل القرى من الفلاحين.


    تحيز التتر إلى الجبل، وبدأ القتال بحملة كاسحة للتتار على المسلمين وتلك هي طريقتهم فلم تثبت ميسرة المسلمين وكادت أن تنهار فأردفها الملك المظفر بنفسه وألقى خوذته على الأرض وصاح بصوت جهوري: وا إسلاماه، وتبعه المسلمون، فانجبر الصدع، وثبتت الميسرة والتهبت الحماسة في نفوس الجميع، وصار كل واحد منهم يحاول أن يصنع بطولة بنفسه، واشتد القتال وحمي الوطيس وقاتل الجميع من المسلمين والتتار قتالاً مريراً، وقُتل قائد التتر وانهزم باقيهم ومنح الله ظهورهم للمسلمين يقتلون ويأسرون وأبلى الأمير بيبرس بلاءً حسناً بين يدي السلطان، وانجلت المعركة ذلك اليوم عن نصر ساحق للمسلمين وتراجع التتار نحو بيسان، ثم عادوا وقد نظموا صفوفهم فقاتلهم المسلمون من جديد وصاح المظفر: وا إسلاماه، وتبعه الأمراء والجنود وسط بكاء الفلاحين وتهليلهم وصياح الجند واستبسالهم، وانجلت الجولة الثانية وكانت الأخيرة من المعركة عن نصر مؤزر للمسلمين، وهزيمة نكراء للتتار لأول مرة في تاريخهم، وقتل منهم الآلاف، ولاذ الآخرون بالفرار، فتعقبهم الأمير بيبرس يقتل ويأسر وتخطفهم الفلاحون من كل مكان، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وطار الحمام بأخبار النصر المبين، وكان النصر الحقيقي في هذه المعركة هو مصرع قائد التتار وجزع هولاكو لمقتله وتأسّف عليه وفقد التتار بمقتله قوة لا تعوض، وظهرت في أثناء المعركة بطولات خارقة تذكر بأيام القادسية واليرموك.
    فلما انكسر التتار الكسرة الثانية، نزل قطز عن فرسه، ومرّغ وجهه على الأرض، وصلى ركعتين شكراً لله تعالى، ثم ركب وأقبل على العسكر وقد امتلأت أيديهم بالغنائم.
    وصل خبر هزيمة المغول إلى دمشق يوم الأحد السابع والعشرين من رمضان سنة 658 هـ وبدأ النواب والولاة الذين كان التتار قد عينوهم لحكم بلاد الشام في الفرار خوفاً من بطش الناس، فامتدت إليهم أيدي أهالي الضياع ونهبوهم، فكانت مدة استيلاء التتر على دمشق سبعة أشهر وعشرة أيام، وغادر السلطان عين جالوت لكثرة الجيف، ونزل في سهل طبرية، وكتب رسالة يبشر الناس في دمشق بالنصر الذي حققه المسلمون على المغول وهزيمتهم أمام بسالة جيشه.
    وفي يوم الأربعاء آخر شهر رمضان من تلك السنة وصل السلطان المظفر سيف الدين قطز إلى ضواحي دمشق، حيث عسكر هناك حتى ثاني شوال، فدخل دمشق وأقام بقلعتها.
    وهكذا استولى المظفر قطز في غضون عدة أيام على عاصمة الشام واستتب الأمن والنظام بسرعة، وفي غضون أسابيع قليلة تمكن من الاستيلاء على سائر بلاد الشام، حيث أقيمت له الخطبة في مساجد المدن الكبرى حتى حلب ومدن الفرات.






    كان من أهم نتائج معركة عين جالوت أن تبدّد الخوف من التتار، وتلاشت الأسطورة القائلة بأنهم قوة لا يمكن هزيمتها، وأكثر النتائج السياسية والعسكرية أهمية على الإطلاق تجسّدت في ظهور دولة سلاطين المماليك، وريثاً شرعياً لكل من الأيوبيين والعباسيين على السواء، فبعد عين جالوت مباشرة، استولى السلطان الملك المظفر سيف الدين قطز على بلاد الشام كلها من الفرات إلى مصر وكان قطز هو أول من ملك البلاد الشامية واستناب بها من ملوك الترك.
    كان انتصار المسلمين بقيادة سيف الدين قطز في عين جالوت بمثابة المسمار الأخير في نعش الوجود المغولي ببلاد الشام من ناحية، كما كان نذير شؤم بالنسبة للوجود الصليبي في هذه البلاد من ناحية أخرى.



    ومن مفارقات التاريخ في تلك الفترة أن السلطان المظفر سيف الدين قطز أعاد ملوك الأيوبيين أصحاب العروش الصغيرة إلى عروشهم ملوكاً تابعين لسلطان مصر المملوكي، بعد أن كانوا يحاولون محاولات مستميتة في عزل سلاطين المماليك، وهكذا قام قطز بترتيب حكم الشام وأعاد إلى ربوعها الأمن والاستقرار الذي كان مفقوداً منذ غزاها المغول.
    إن انتصار قطز في عين جالوت أنقذ العالم الإسلامي من خطر فادح لم يواجه مثله من قبل، ذلك أن المغول إذا استولوا على مصر لم تكن هناك دولة إسلامية كبيرة أخرى يمكن أن تواجههم، وما حدث بالفعل هو أن معركة عين جالوت أسفرت عن هزيمة ساحقة للمغول من ناحية، ومن ناحية أخرى جعلت سلطة المماليك في مصر وبلاد الشام القوة الرئيسية في المنطقة على مدى القرنين التاليين على الأقل، أي حتى ظهور الإمبراطورية العثمانية في القرن الخامس عشر الميلادي.


    نهاية حياة أسد عين جالوت:
    وفي اليوم السادس والعشرين من شهر شوال توجه قطز بجيشه الظافر صوب مصر وبينما كانت القاهرة تتزين لاستقبال القائد المنتصر، فإن أمراً كان يدبر في الخفاء على يد أبرز قادة جيشه وهو الأمير ركن الدين بيبرس. لقد وصل الأمير بيبرس إلى منـزلة عالية في الدولة بحيث أصبح الرجل الثاني فيها بعد السلطان وصار يضمر السوء لقطز حتى تمكن من قتله في النهاية.
    خرج قطز ليسري عن نفسه وهو يمارس هواية الصيد فانفرد عن أصحابه وحرسه وتبعه الأمير بيبرس واصطاد المظفر ولم يدر أنه سيكون هو نفسه أكبر صيد. اجتمعوا عليه من جميع الجهات وضربوه بسيوفهم تم لهم ذلك يوم السبت 16 من ذي القعدة سنة 658هـ وقد اشترك سبعة أمراء في قتله.
    وكانت القاهرة قد زُينت لاستقبال الملك المظفر والناس في سعادة وسرور فلما أسفر الصبح وطلع النهار لم يشعر الناس إلا والمنادي ينادي: يا معشر الناس رحمكم الله ترحموا على الملك المظفر وادعوا لسلطانكم القاهر ركن الدين بيبرس.
    بقي قطز ملقى على الأرض مضرجاً بدمائه، دون أن يجرؤ أحد على دفنه إلى أن دفنه بعض غلمانه وصار قبره يُقصد بالزيارة والدعاء والناس يترحمون عليه ويدعون على قاتليه وكان الملك الظاهر بيبرس قد شارك في قتله فلما بلغه ذلك سيّر من نبشه ونقله إلى غير ذلك المكان وعفى أثره، وهكذا سقط الفارس صريعاً مظلوماً لا يعرف الناس من أمره إلا القليل، وأُسدل الستار عليه، بعد أن سجل اسمه في أنقى وأزكى صفحات التاريخ.

    المرئيات

    [h=1]الفيلم المميز ( أسد عين جالوت ) من أفضل ما تم إنتاجه عربياً من (آلاء للإنتاج الفني) لتوثيق حياة قطز [/h]


    [h=1]قاهر التتار ـ سيف الدين قطز ـ خلاف ما يعرضه الأفلام - محاضرة للدكتور ناصر الأحمد ..[/h]



    ختاماً فإننا نستلهم من قصص هؤلاء الأبطال والعظماء دروساً في الشهامة والبطولة وتحدي المستحيل، فقد حطّم قطز كل أساطير قوّة التتار على صخور عين جالوت، وكسر كبريائهم في تلك المعركة التي سجلت في صفحات التاريخ كإحدى لحظات الأمة الفارقة والتي انتصر فيها الحق على الباطل، ونصر الله جنده نصراً عزيزاً ، وأذل عدوّهم وكسر شوكته ، وأعاد قطز بمعركة عين جالوت عزَ أمة كاد أن يفقد ، ومن هذا نستلهم من هذه المعركة أن الحق منصور مهما جال الباطل وصال .. ومهما قويت شوكته فلابد أن يأتي اليوم الذي يخسر فيه الجولة ، وتقام للحق بإذن الله دولة!


    دعوة صادقة للبطل الشهيد بإذن الله جوليان أندري (أبو عبدالله البلجيكي)
    رحمه الله رحمة واسعة صاحب فكرة هذه السلسلة
    الشكر موصول لشباب المركز الإسلامي في بلجيكا جزاهم الله خيراً
    وللأخت مصممة الفواصل ليـان .. جزاها الله كل خير

    التعديل الأخير تم بواسطة aboalwleed ; 15-11-2013 الساعة 02:43 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...