ها نحن نعود مع رواية أخرى للكاتب التركي عزيز نيسين وهي بعنوان مكان جميل
انتقل جيرانهم إلى مكان جميل ، و صاروا يفخرون بمكانهم الجميل هذا.
هم أيضاً أرادوا أن ينتقلوا إلى المكان الجميل الذي انتقل إليه جيرانهم، و لكن أين سيجدون هذا المكان الجميل ؟!.. و كيف سيذهبون إليه ؟!...
انطلقوا باحثين عن هذا المكان الجميل، مشوا كثيراً، قطعوا الأنهار و التلال, فرأوا رجلاً مسناً، سألوه عن المكان الجميل الذي يبحثون عنه، فقال لهم :
- سيروا ملتزمين اليمين، ثم انعطفوا إلى اليمين، و كلما صادفتم طريقاً على يمينكم امشوا فيه.
مشوا كثيراً... قطعوا الأنهار و التلال، ثم رأوا رجلاً مقعداً، فسألوه عن المكان الجميل الذي يبحثون عنه، فقال لهم :
- انحرفوا إلى اليمين، ثم التزموا اليمين و لا تتركوه أبداً.
فعلوا ما قاله الرجل، و مشوا كثيراً... نزلوا إلى السهول و صعدوا الجبال،حرقتهم أشعة الشمس و بللهم المطر، أمضوا في سيرهم صيفين و شتاءين، و في النهاية رأوا متسولاً، فسألوه عن المكان الجميل الذي يبحثون عنه، فقال لهم :
- التزموا باليمين، ستجدون على يمينكم طريقاً صاعداً، اصعدوا ثم انحرفوا إلى اليمين.
فعلوا ما قاله المتسول، و مشوا أياماً و أسابيع و شهوراً و سنين... ثم صادفوا شرطياً، سألوه عن المكان الجميل الذي يبحثون عنه، فقال :
- إذا ذهبتم يميناً فستجدون ساحة على اليمين، اعبروها، ثم ستجدون منحدراً، سيروا فيه.
فعلوا ما قاله الشرطي، نزلوا كثيراً و صعدوا كثيراً، تسلقوا جبالاً شامخة و عبروا صحارى واسعة، و في النهاية رأوا طفلا,ً فسألوه عن المكان الجميل الذي يبحثون عنه، فقال لهم :
- ارجعوا إلى الزاوية التي على اليمين، فستجدون على يمينكم شجرة، دعوها على يمينكم و تابعوا سيركم.
ذهبوا من الطريق الذي دلّهم الطفل عليه، ثم رأوا بائع أشياء قديمة، فسألوه عن المكان الذي يبحثون عنه, فقال لهم :
- انحرفوا على اليمين و تابعوا سيركم، سترون مفترق طرق، امشوا على الطريق اليميني.
فعلوا ما قاله. أخذوا يمينهم، التزموا باليمين، مشوا على اليمين، نزلوا إلى اليمين، صعدوا إلى اليمين، و في نهاية الطريق رأوا سيارة خاصة يجلس بداخلها رجل بدين، فسألوه عن المكان الجميل الذي يبحثون عنه، فقال لهم :
- لقد وصلتم، إنه هنا.
- فرحوا كثيراً... و أحسوا بالتعب.
أخيراً وصلوا إلى المكان الذي أشاروا لهم عليه، وقفوا فيه، ثم نظروا حولهم، و إذا بهم يدركون أنهم وصلوا إلى نفس المكان الذي انطلقوا منه، فنهضوا و راحوا يبحثون عن المكان الجميل.
سيصلون _ و لا شك _ لأنهم أناس رائعون و طيبون، فهم يبحثون باستمرار، و لهذا فإنهم سيصلون إلى هدفهم.. ربما في يوم من الأيام.
المفضلات