بعد يومٍ متعب وجهاد بالصيام.. كنتُ في المطبخ أعد قدحاً من " النسكافيه" XD
فإذ بأخي الذي يصغرني يحدثُ أمي عن القصفِ الليلة الماضية والذي لم أعرف أين كان حتى حيثُ أني مشغولةٌ بوظيفتي وبدراستي وأموري الشخصية الأخرى... وفي خضم حديثه استوقفتني كلمة قالها " وايش بدهم أحسن من هيك وهم ماتوا شهداء"..
سكبت "النسكافيه" XD في المّغْ وحدقتُ به منكرة " ومين حكالك إنهم شهداء ؟! بلكي ربنا ما تقبلهم عنده ؟! الواحد بيحكي نحتسبهم شهداء مش انهم شهداء دغري"
فرفع حاجبه وأنزل الآخر قائلا " ماش احنا في أرض رباط ؟! وحولينا خوف ورعب ومفش أمن"
وذقت النسكافيه وكان طعهما حلوٌ جداً.. وبدأت حديثاً علمياً مع أخي الذي نلقبه بـ " وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في المنزل"
- لن تقنعني يا أخي بأنّ اللي مات وهو يرغبً بشدة أن يخرج من فلسطين بأنه شهيدٌ الآن ومرابطٌ في سبيل الله
- معكِ ولكننا في حصارٍ واليهود يحيطون بنا من كل مكان.. سواءٌ من الحدود الشرقية والشمالية والجنوبية براً ومن الغرب بحراً وعلى مد السماء جواً.. والواحد بأي لحظة ممكن يصيبه صاروخ من حيث لا يدري!
- والناس المصرة على مغادرة البلد مرابطين أيضاً ؟!
- مساكين يا أختي، لما أقابل أحد يتأفف من العيش هنا بحزن عليه.. ضيّع على حاله أجر الرباط..
- ماشي، رابط يا أخي..
- وشو بعمل كاين ؟! كل ثانية بتمر بحتسب أجر الرباط وأنا صابر.. هاي نعمة من جوا الابتلاء..
وتركته.. وفي غرفتي أعدتُ الأمر على عقلي كي نتشاور حقاً.. فالأمر لا يقف على الرباط وحسب.. بل في كل شيء.. كل شيء في العالم.. طالما لا أحتسبه أجراً عند الله.. فلمَ أفعله ؟! من يسقطون قتلى في الشام مثلاً.. هل هم حقاً يحتسبون الأجر ؟!.. أجر الموت في سبيل الله.. ؟!أم من كان يرتكب معصية وآخر يصلي وقتلا في آن واحدٍ في صاروخٍ مفاجئ.. هما سواء ؟!
الأمر سيّان في كل مناطق الخوف والرعب والجوع وانعدام الأمن.. هل هم محتسبون أجر الصبر في سبيل الله أم هم ضجرون من قضائه ؟!
ليس هذا وحسب.. حين يصابُ المسلم بأمر جلل.. حين يفقد عزيزاً.. حين يُجرح في جسده.. ويتجرأ على قضاء الله ويتأفف.. أله أجر الصابر المحتسب ؟!
..
يقول صلى الله وعليه وسلم.. " مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ""
ولذلك... مع حملة صفّوا النية.. فلنصفي النية.. ونجعلها خالصةً لله ولنرضى بما كتب الله لنا.. فأمر المؤمن كله له خير...
..
ويقول صلى الله عليه وسلم : إنَّ عِظم الجزاء من عظم البلاء،وإنَّ الله عز وجل إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط"
ولم أتحدث مع أخي بعدها لانشغالي عنه وعن العائلة السعيدة : )
المفضلات